قصــة انبعــــاث بالهــادي

سرب من أسماك الشعاب الصغيرة، وهي واحدة من أنواع سمك عديدة تعيش في هذه المياه.

قصــة انبعــــاث بالهــادي

تتلاقى الأمواج في جزيرة "فوستوك"، وهي ملاذ بمساحة 24 هكتارًا لأشجار "بيسونيا" (تُعرف أيضًا باسم صائدات الطيور بسبب بذورها اللزجة) والطيور البحرية.. ولكن ليس للبشر؛ إذ تفتقر لمصدر مياه عذبة. شملت حكومة جمهورية كيريباتي (كيريباس) البحر حوالي جميع جزر "الخط الجنوبي" بالحماية ضد الصيد.Steve Spence

قصــة انبعــــاث بالهــادي

يستخدم عالم البيئة البحرية، "إنريك باليستيروس"، شريط قياس ومفكرة لاستطلاع الكائنات الحية التي تعيش على شِعب مرجاني سليم في جزر "الخط الجنوبي". عندما زار المؤلف "إنريك سالا" وفريقه هذا المكان أول مرة في عام 2009، وجدوا هذه الشعاب في حالتها البكر، مع وفرة في أنواع يندر كثير منها.Jon Betz

قصــة انبعــــاث بالهــادي

سمكة "ببغاء" تكشط طحالب العشب وتأكلها من الهياكل المرجانية في جزيرة "ملينيوم" (كارولين). ويعزز ذلك نمو الطحالب المرجانية ذات القشرة الصخرية الزهرية الصلبة، أفضل سطح تستقر عليه يرقات المرجان لتعيد بناء الشِّعب.

قصــة انبعــــاث بالهــادي

الشِعب نفسه في صورة التُقطت خلال أكتوبر 2021. أنواع المرجان الأخرى التي نجت من الاحترار استعادت عافيتها وقامت بترميم الشِّعب.

قصــة انبعــــاث بالهــادي

مرجان "مونتيبورا" الذي يتحمل الحرارة، مع سلائله الأرجوانية.

قصــة انبعــــاث بالهــادي

تحول هذا الشِّعب المرجاني حوالي جزيرة "فوستوك" في وسط المحيط الهادي، من حالة بِكر إلى أخرى منهكة بالحرارة، إلى أخرى مزدهرة.. في غضون خمسة أعوام. إذ قتلت ظاهرة "إل نينيو" في عامي 2015 و2016 جل أنواع مرجان "القرنبيط" هذا، ولكن هذا المورق من جنس "مونتيبورا" تمكن من النجاة.. وأعاد الحياة للشِّعب.Manu San Felix

قصــة انبعــــاث بالهــادي

تتقاطع بحيرة "ملينيوم" مع شعاب مرجان "أكروبورا"، المزدهر مرة أخرى بعد أن تسببت موجة الاحترار خلال عامي 2016-2015 في تدمير معظمها. ولم يتعاف بعد المحار العملاق الذي كان في الماضي يبلّط بعض مناطق قاع البحيرة. بمقدور الشعاب المرجانية البقاء على قيد الحياة، كما يقول "إنريك سالا"، إذا حميناها.. ثم أوقفنا الاحتباس الحراري العالمي.

قصــة انبعــــاث بالهــادي

قنديل البحر؛ نجم البحر ذو التاج الشوكي، وهو مفترس مرجاني يمكن أن يضر بالشعاب، ولكن هنا يتم الحد من وفرته لتبقى شبكة الغذاء في حالة توازن.

قصــة انبعــــاث بالهــادي

في عام 2016، دمر الاحتباسُ الحراري الشعاب المرجانية لجزر الخط الجنوبي، لكنها تعافت على نحو مذهل.

قلم: إنريك سالا

عدسة: إنريك سالا

3 نوفمبر 2022 - تابع لعدد نوفمبر 2022

شهدنا في الآونة الأخيرة أَعجبَ وأشجعَ عملية انبعاث مرجاني في العالم. ولفهم كيف حدث ذلك، دعونا نعود إلى أبريل 2009.

حينها، أشرفتُ على تشكيل وقيادة فريق من علماء الأحياء البحرية الشباب المتحمسين لخوض أول رحلة استكشافية إلى "جزر الخط الجنوبي" النائية غير المأهولة، الواقعة بجمهورية كيريباتي، في وسط المحيط الهادي. هذه الجزر الخمس هي قمم براكين قديمة صعدت إلى السطح قبل زمن يتراوح بين 85 مليون سنة و70 مليون سنة، مُشَكِّلةً حيودًا جبلية مغمورة بالماء تَعبر خط الاستواء (الذي استمدت منه جزءًا من اسمها). كان هدفنا إجراء أول استطلاعات علمية للحياة البحرية حوالي هذه الجزر. لم نكن نعرف أي شيء تقريبًا عن هذا الأرخبيل؛ وقد استغرق وصولنا إليه بالطائرة ثم السفينة وقتًا أطول مما استغرقه رواد فضاء "أبولو" للوصول إلى القمر. على خرائط المحيط الهادي، كانت المياه حوالي الجزر زرقاء معدومة الملامح؛ ولم نكن ندري ما سنجد تحت السطح. ما وجدناه كان الفردوس بعينه: شعاب مرجانية لم يَمسسها بشر، تؤوي غابة مرجانية مزدهرة تموج بالأسماك الكبيرة. وكانت أسماك القرش وغيرها من المفترسات الكبرى وفيرة إلى درجة أن مجموع كتلتها الحيوية فاق كتلة فرائسها. كنا نرى، في كل جولة غوص، أنواعًا مهددة بالانقراض؛ مثل سمكة "نابليون" الضخمة التي يصل طولها إلى 1.8 متر. فلقد غيرَت جزرُ "الخط الجنوبي" فهمنا للشعاب المرجانية. فلم يكن لدى العلماء مثلي أي فكرة عن شكل الشعاب المرجانية البِكر. كان تفسير وفرة الأسماك حوالي الجزر سهلًا: فبسبب موقعها القصي 3200- كيلومتر إلى الجنوب من هاواي- لم يكن بها أي نشاط صيد.

على طول "الحاجز المرجاني العظيم" في أستراليا، كانت الشعاب تخضع للمراقبة في الوقت الفعلي من قبَل العلماء، الذين وجدوا أن ثلثي المرجان قد نفق.

ولكن هل لهذه الشعاب أيضًا القدرة على تحمل ظاهرة الاحتباس الحراري؟ ففي عامي 1997 و1998، تَسبب حدثٌ شديد من "إل نينيو"، وهي ظاهرة دورية تنجم عن الاحتباس الحراري، في نفوق الشعاب المرجانية عبر المحيط الهادي. لكن مرجان جزر "الخط الجنوبي" ظلت بحالة جيدة جدا في عام 2009، إلى درجة أننا آمنّا بقدرتها على مواجهة احترار أشدّ للمحيط.. إنْ حظيَت بالحماية ضد الاعتداءات البشرية الأخرى. هنالك استندت حكومة كيريباتي إلى ما توصلنا إليه من نتائج، لتعلن تنفيذ خطط لحماية مياهها المحيطة بهذه الجزر على امتداد 22 كيلومترًا، من خلال حظر الصيد والأنشطة الاستخراجية الأخرى. كان ذلك مبعث بهجة لنا في "البحار البِكر" (Pristine Seas)، وهو المشروع الذي أشرف عليه؛ وظننا أن هذه الشعاب قد تم إنقاذها إلى الأبد.
ثم حلّت كارثة.

ففي عامي 2015 و2016، زحف أشد حدث "إل نينيو" على الإطلاق عبر المحيط الهادي. ومعلومٌ أن المرجان ينفق حين تتجاوز درجة حرارة المحيط عتبةً معينة فترة طويلة؛ ويقيس العلماء مدى تعرض شِعبٍ لهذا الخطر بأسابيع درجة الاحترار، وتسمى اختصارًا "DHWs" (أ. د. ح.). خلال حدث "إل نينيو" لعامي 1998-1997، كانت جزر "الخط الجنوبي" قد عانت أربعة من (أ. د. ح.). أما حدث "إل نينيو" للفترة 2016-2015، الذي جاء ليتوج عقدين آخرين من الاحتباس الحراري، فرفع عدد (أ. د. ح.) إلى 15. فاجأت هذه القفزة حتى أولئك الذين يدركون جيدًا مخاطر احترار المحيطات. على طول "الحاجز المرجاني العظيم" في أستراليا، كانت الشعاب تخضع للمراقبة في الوقت الفعلي من قبَل العلماء، الذين وجدوا أن ثلثي المرجان قد نفق. ولكن ما الذي حدث للشعاب البِكر في جزر "الخط الجنوبي"؟ انتظرت بفارغ الصبر معرفة ذلك، لكن لم يكن بوسعي سوى التوجس والقلق؛ ذلك أن قلة قليلة من الناس تذهب إلى هناك.

  • قصــة انبعــــاث بالهــادي
    في المياه حوالي جزيرة "فوستوك" وجزر "الخط الجنوبي" الأخرى، تتوافر أسماك الشعاب الصغيرة وتتكاثر بسرعة كبيرة إلى درجة أنها تدعم جحافل مزدهرة من المفترسات العليا. هنا يسبح قرش الشعاب الرمادي فوق مرجان "مونتيبورا" وسط هيجان من سمك "دامزل الصخري" وسمك "أنثياس بارتليت".

ثم في أغسطس 2017 سنحت لي فرصة لا تُصَدق. فقد أتم شريكنا في مشروع "البحار البكر" وعضو مجلس الإدارة، "تيد ويت"، رحلة استكشافية في بولينيزيا الفرنسية، وقدم لنا سفينة أبحاثه مدة أسبوعين. كان لدي التزام في مكان آخر، لكن زميلي "ستيوارت ساندين" من "معهد سكريبس لعلوم المحيطات" كان جاهزًا. وقد كان هو وفريقه ضمن رحلتنا الاستكشافية عام 2009 وعادوا إلى جزر "الخط الجنوبي" في عام 2013. وكانوا في وضع مثالي لتكرار الدراسات المسحية للمرجان، بعد عام واحد على حدث الاحتباس الحراري. وقد رأوا ما كنا نخشى. فما إنْ ارتبط ستيوارت بالإنترنت مجدّدًا حتى أرسل إلي هذا النبأ: لقد نفق نصف المرجان. اعتصرَ قلبي حزنًا. ولكن بعد أن أعطاني مزيدًا من التفاصيل، تحول النبأ الفظيع إلى أسئلة.. ثم إلى احتمالات. كان جل المرجان النافق ينتمي إلى جنس واحد، وهو مرجان قرنبيط "بوكيلوبورا"؛ ولم يُعثَر سوى على مستعمرة حية واحدة فقط. كان مرجان "أكروبورا" متضررًا بشدة أيضًا، لكن لم تعان أي أنواع أخرى بالقدر نفسه: فلقد نجت جميعًا من 15 (أ. د. ح.). ودلّ ذلك على أنه في جزر "الخط الجنوبي"، على الأقل، كان كل ذلك المرجان مقاومًا للاحترار الشديد. هنالك طُرح السؤال: هل سيتعافى "بوكيلوبورا"، وكذلك "أكروبورا"؟ وهل سيثبتان صمودهما؟ في أجزاء كثيرة من منطقة البحر الكاريبي، عندما ينفق المرجان، سرعان ما تنمو على هياكله أعشاب بحرية بُنّية. ولكن في صور ستيوارت لجزر "الخط الجنوبي"، كانت هياكل المرجان مكسوة بقشريات الطحالب المرجانية، والتي تُشكل قشرةً من الحجر الجيري الزهري. عندما يتناسل المرجان، تنجرف يرقاته في الماء أيامًا أو أسابيع أو أطول من ذلك قبل أن تستقر في القاع وتنمو لتصبح مستعمرة مرجانية جديدة. أما الركيزة المفضلة لدى اليرقات للاستقرار فهي قشور الطحالب المرجانية؛ إذ إنها لا تنمو على الأعشاب البحرية. لذلك كانت الظروف مواتية لعودة المرجان في جزر "الخط الجنوبي". لكن هل سيفعل؟ كانت هناك طريقة واحدة فقط لمعرفة ذلك: منح الشعاب الوقت ثم العودة لإجراء دراسات مسحية لها.

اقرأ التفاصيل الكاملة في النسخة الورقية من مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية"
أو عبر النسخة الرقمية من خلال الرابط التالي:  
https://linktr.ee/natgeomagarab

وحيـش يأبى الثبات

وحيـش يأبى الثبات

ترقُّبُ اكتشافات الديناصورات يعني أن وجهة النظر بشأنها لا تفتأ تتغير.

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

استكشاف

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

وُهِبنا في هذه الحياة، نحن البشر وسائر المخلوقات الأخرى، أشياء مجانية كثيرة؛ لعل من أبرزها ضوء الشمس. ولكن هل تساءل أحدٌ منّا يومًا عمّا سيحدث لو أن الشمس اختفت من حياتنا؟

لحظات مذهلة

لحظات مذهلة

يحكي مصورو ناشيونال جيوغرافيك، من خلال سلسلة وثائقية جديدة تستكشف عملهم، القصصَ التي كانت وراء صورهم الأكثر شهرة.