الشيا والأرجان وعرق السوس وغيرها.. عناصر أساسية لصنع مستحضرات مثل الشامبو والكريمات المرطبة؛ لكن سلاسل التوريد المعقدة تخفي في طياتها مخاطر بيئية واجتماعية جمة.
14 سبتمبر 2022
شريحة كبيرة من المجتمع في الوقت الحاضر تمتلك الوعي وحس المسؤولية للتساؤل حول مصدر الشوكولا التي تتناولها؛ أو مصدر القهوة التي تشربها كل صباح. ولكن ماذا عن عرق السوس في الشاي المثلج أو زبدة الشيا في الكريم المرطب؟ تم التركيز لسنوات على توعية أفراد المجتمع تجاه الأخطار البيئية والمشاكل الاجتماعية المرتبطة بمنتجات معينة أصبحت ذائعة الصيت، لكن انتباهنا يخفت ويتلاشى تجاه عناصر مستخلصة من نباتات برية لا يُلقي أكثرنا لها بالًا.
أنفق المستهلكون في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 11 مليار دولار على المستحضرات العشبية والمكملات الغذائية في عام 2020، فقد دفع تفشي وباء "كوفيد-19" الكثير من الناس إلى تبني العلاجات العشبية والطب البديل.
حصر تقرير صادر عن خبراء بالاتجار في الحياة البرية لصالح الأمم المتحدة 12 نوعًا من النباتات المهددة: اللبان، الشيا، الجوز البرازيلي، نبات العرعر، عرق السوس، الباوباب (شجرة التبلدي)، الأرجان، نبات كانديليلا، الخوخ الإفريقي، عشب الجاتامانسي، الصمغ العربي، نبات خاتم الذهب. العديد من هذه النباتات مهدد بالفعل إثر تقلص مساحات انتشارها وطرق حصادها غير الرفيقة بالبيئة، كما يتضمن حصاد بعضها تهديدات لطبقات اجتماعية مستضعفة من النساء والأطفال والسكان الأصليين.
يُعد الجوز البرازيلي من أكثر أنواع المكسرات انتشارًا في العالم رغم كونه مهددًا بالانقراض. ويوفر هذا النوع دخلًا لنحو 20 ألف برازيلي حيث تتوافد عائلات بأكملها من المناطق المجاورة للمشاركة في مواسم الحصاد. يتم إيواء العاملين في مخيمات مؤقتة تنقصها الخدمات الأساسية كالمياه النظيفة، كما أنها تتوسط الغابة حيث يتعرض الكثيرون للدغات العقارب وإصابات في الرأس إثر تساقط فواكه ثقيلة من الأشجار، وأحيانًا يتعرض بعضهم لهجمات الكوجر. وفي مقابل العمل المضني والمخاطر المحيطة بالعاملين فإنهم يتقاضون أجورًا زهيدة، في حين يباع الجوز البرازيلي لدى الدول المستوردة بأكثر من ضعفي قيمة الشراء. وبالنسبة لعشب الجاتامانسي، فإن جذوره تُستخدم في علاجات الطب البديل لأمراض عقلية. يفترض أن لا يُنتزع الجذر كاملًا حتى لا يهلك النبات، بل توصي الحكومة النيبالية الحاصدين بالإبقاء على ثلث جذر النبتة تحت الأرض كي تتعافى وتتجدد. لكن الحاصدين المثقلين بالديون ينتزعون غالبًا الجذر كاملًا حتى يتمكنوا من الإيفاء بدفعاتهم المستحقة للدائنين؛ وبالتالي تهلك معظم هذه النباتات ويهدد ذلك مستقبل نوعها.
استخدمت المجتمعات المحلية النباتات البرية في العلاجات التقليدية والطقوس الدينية لقرون طوال، لكن الزيادة في الطلب العالمي على هذه النباتات في الآونة الأخيرة وضعها في خطر نتيجة الحصاد الجائر لها. أنفق المستهلكون في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 11 مليار دولار على المستحضرات العشبية والمكملات الغذائية في عام 2020، فقد دفع تفشي وباء "كوفيد-19" الكثير من الناس إلى تبني العلاجات العشبية والطب البديل، لذا ارتفع الطلب على عرق السوس للاعتقاد بقدرته على الوقاية من الإصابة بالمرض، ومن جانب آخر ازداد حصاد لحاء شجر الصابون بشكل مفرط لاستخدامه في صنع لقاح "نوفافاكس" المضاد لفيروس كورونا. وتنطوي صناعة الأدوية العشبية على الكثير من السرية، فلا الشركات تود الإفصاح عن مصادر موادها، ولا المستهلك مهتم بالتساؤل عنها. هذه النباتات البرية التي تدخل في الكثير من أطعمتنا ومستحضراتنا لا نعلم من أين أتت، وكيف استخلصت، وما ظروف العاملين على حصادها. تقول "آن أرمبريخت"، مديرة برنامج الأعشاب المستدامة: "حين دخلت هذا المجال، كان محور الحديث حول مصادر الطعام ومن أين يأتي، ولم يتساءل أحد عن مصدر البابونج في الشاي الذي يشربونه". وتقول "كايتلين شيندلر"، الناشرة الرئيسة للتقرير الصادر عن الأمم المتحدة ومديرة مشاريع في "ترافيك"، وهي مؤسسة غير ربحية تراقب استدامة التجارة بالحياة البرية: "الخطوة الأولى تكمن في أن تدرك أنك اشتريت منتجًا يحتوي على نبات بري". وتنصح شيندلر المستهلكين بالاطلاع على مكونات المنتجات قبل شرائها وملاحظة ما إذا كانت تحتوي نباتات برية، ومن ثم التمتع ببعض الفضول حيال مصدر هذا النبات.
ابحث عن المنتجات التي تحمل شهادات اعتماد من منظمات بيئية مثل، "Forest Stewardship Council" (مجلس أمناء الغابة)، و"Rainforest Alliance" (اتحاد الغابات المطيرة)، و"Union for Ethical Biotrade" (اتحاد التجارة العضوية الأخلاقية) وغيرها. فهذه الجهات تعمل على تقييم وضع النباتات البرية وسلاسل توريدها لضمان استدامتها والظروف التعاقدية للعاملين في حصادها. لا تنصح شيندلر المستهلكين بالابتعاد عن هذه المنتجات، إذ تعد مصدر دخل رئيس للكثيرين حول العالم، لكنها تنصح بالتوجه نحو الشركات الأخلاقية التي تعتمد الاستدامة وظروف العمل الآمنة.
بدأت مياه بحر آرال بالجفاف قبل 60 سنة مخلفةً وراءها صحراء مُجدِبة. ما الدروس المستفادة من هذه الكارثة البيئية، وكيف نتجنب وقوعها في أجزاء أخرى من العالم؟
في مرتفعات البيرو المكتنَفة بالغيوم، تبقى أطلال "تشوكيكيراو" -صعبة الوصول- بمنأى عن حشود الزوار المتدفقين إلى "ماتشو بيتشو". لكن ذلك قد يتغير قريبًا.