يمكننا فهم تأثير قراراتنا من خلال البصمة الكربونية؛ لكن فهمها صعب، خصوصًا أن محرك غوغل للبحث يأتينا بمئات الآلاف من الأجوبة على هذا السؤال.
29 أغسطس 2022
الحديث عنها أسهل من قياسها فعليًا.
يزداد الوعي بالتغير المناخي، ومعه تزداد رغبتنا في اتخاذ قرارات إيجابية. لكن حجم المشكلة قد يبدو عصيًا على الحل بسبب ما تسببه من كوارث ومنها، حرائق الغابات وذوبان الجليد والجفاف. وقد يصعب علينا الربط بين خياراتنا وقراراتنا اليومية واستمرار بقاء الدببة القطبية، بل وأن بإمكاننا كأفراد تغيير الوضع الحالي.
ما هي البصمة الكربونية؟
بحسب "مايك بيرنرز-لي"، أستاذ "جامعة لانكستر" بالمملكة المتحدة، ومؤلف كتاب "البصمة الكربونية لكل شيء" (The Carbon Footprint of Everything)، فهي مجموع كافة غازات الدفيئة التي تنبعث كنتيجة لإنتاج منتج أو أداء نشاط معين. وبالنسبة لسكان البلدان المتقدمة، تقع هذه المنتجات والأنشطة ضمن أربعة فئات: استخدام الطاقة المنزلية، والمواصلات، والغذاء، والباقي منتجات نشتريها مثل الملابس أو السيارات أو الأجهزة الإلكترونية. لكل منتج أو نشاط بصمة خاصة، والبصمة الكربونية لفرد هي مجموع البصمات الكربونية لكافة المنتجات التي يشتريها والأنشطة التي يمارسها. لذا فإن الشخص الذي يتناول لحم البقر له بصمة كربونية أعلى من جاره الذي يتغذى على حمية نباتية. لكن الجار النباتي قد تكون بصمته الكربونية أعلى إن كان يستخدم سيارة كبيرة للتنقل يوميًا، فيما جاره عاشق اللحوم يتنقل بدراجة هوائية. وبالطبع تبدو بصمة كليهما ضئيلة مقارنةً برجل أعمال يسافر على الدرجة الأولى مرتين كل شهر.
تزداد البصمة الكربونية عمومًا مع زيادة ثروة الفرد. ففي الكتاب المذكور يقول بيرنرز-لي أن متوسط البصمة الكربونية للفرد عالميًا يقارب سبعة أطنان من ثاني أوكسيد الكربون سنويًا. لكن المتوسط الفعلي للمواطن البريطاني يقارب 13 طنًا، ومتوسط نظيره الأميركي يصل إلى نحو 21 طنًا. ويقول في كتابه: "يضخ المواطن الأميركي العادي من غازات الدفيئة خلال أيام ما يضخه نظيره النيجيري في سنة كاملة".
كيف تُحتسب البصمة الكربونية؟
يقول بيرنرز-لي أن حساب البصمة الكربونية مهم لكنه مستحيل! لنأخذ على سبيل المثال مسافرًا على رحلة طيران. يمكننا احتساب ذلك نظريًا بسهولة من خلال استخدام كم الوقود الذي تحرقه الطائرة خلال رحلتها، وكم الغازات المنبعثة نتيجة لذلك، ونقسمه على عدد المسافرين. لكن البصمة التي يتركها مسافرو الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال أكبر من بصمة ركاب الدرجة السياحية. ذلك لأنهم يشغلون مساحة أكبر داخل الطائرة، لذا فإن تكلفة نقلهم أعلى؛ كما تدخل عوامل أخرى في الحسبة الفعلية، منها وزن الشحن والارتفاع الذي تحلق فيه الطائرة.
ومع كل هذه التعقيدات، يسهل حساب بصمة رحلة طيران مقارنة بصناعة سيارة. إذ تنبعث غازات الدفيئة في مصنع التجميع، وفي محطة الكهرباء، ومن وسائل نقل القطع المكونة للسيارة، وصناعة المكائن التي تصنع تلك القطع، وغيرها. بل ويمكننا العودة إلى المناجم التي تستخرج منها المواد المكونة للقطع التي تتكون منها السيارة. لذا يقول بيرنرز-لي أن الوصول إلى رقم دقيق مستحيل. لكن لحسن الحظ فإن الأرقام التقديرية تؤدي الغرض. إذ أن تخفيض البصمة الكربونية يتوقف على نوعية الحياة التي يعيشها الفرد، ومن خلال قرارات يومية بسيطة يمكن تقليلها بشكل ملحوظ. وعلى سبيل المثال، فإن استخدام سيارة كهربائية أكثر تأثيرًا في "فيرمونت" الأميركية، التي تستخدم الطاقة الكهرومائية، مقارنة بغرب "فرجينيا"، حيث تُولد الكهرباء باستخدام الفحم. وبالنسبة لبعض الأشخاص، قد تكون نسبة بصمة الطيران من بصمتهم الإجمالية 10 بالمئة ولآخرين صفرًا. وبالنسبة لمن يسافرون كثيرًا، فقد يكون التركيز على رحلات الطيران كافيًا لترك أثر إيجابي.
لقد ظهرت على شبكة الإنترنت مجموعة من المواقع التي تحتسب البصمة الكربونية من خلال مدخلات عن استهلاك الطاقة في المنزل، والعادات الغذائية، وعادات السفر، وغيرها. تقدم هذه المواقع أرقامًا تقريبية للانبعاثات التي تنتج عن قراراتنا وخياراتنا اليومية. ويمكننا تقليل بصمة كلٍ منا من خلال التنقل بالسيارة بشكل أقل، وتركيب عزل حراري في منازلنا لتقليل كلفة التكييف، وشراء سيارة تستهلك قدرًا أقل من الوقود، والنظر في عاداتنا الغذائية، وغيرها من القرارات الإيجابية التي تحفظ كوكبنا للأجيال المقبلة. إن كنت تتساءل عما يمكنك فعله للمساهمة في تقليل التغير المناخي، تذكر أن كل قرار تتخذه خلال يومك سوف يترك أثرًا على كوكبنا. ويجب علينا معًا أن نغير العقلية والثقافة السائدة نحو ثقافة مستدامة وخيارات استهلاك واعية.
في بطولة الولايات المتحدة المفتوحة خلال الشهر الماضي، استُخدِمَ نحو 100 ألف كرة تنس جديدة، إذ تُستبدَل الكرات بانتظام أثناء المباريات.
يعرض الإصدار الأول من "دليل الاستدامة" توصيات مدعمة من خبراء مقيمين في دولة الإمارات، ويحفز على الممارسات المستدامة في عدة مجالات مثل الأزياء المستدامة والحد من إهدار الطعام والتشجيع على الأنظمة...
مشهد من الأعلى لـ"المدينة المستدامة" في دبي. تحتضن هذه المدينة، النموذج الواقعي لمدن المستقبل، 500 وحدة سكنية، فضلًا عن منشآت ومبانٍ بُنيت لتراعي البيئة وتصونها.