يُعد الصيد الجائر من أجل تجارة العاج أكبر تهديد لبقاء الفيلة الإفريقية. فقبل أن يستعمر الأوروبيون أرجاء القارة الإفريقية، كان هناك ما يصل إلى نحو 26 مليون فيل بحسب بعض التقديرات.
24 June 2022
على الرغم من أن الفيلة الإفريقية هي أكبر الثدييات البرية على وجه الأرض، إلا أنها تعرضت خلال العقود الماضية لخطر الانقراض بسبب الصيد الجائر طمعًا في أنيابها. فهذه الأنياب التي تستخدمها الفيلة في التواصل والطعام وحفر التربة والعراك مع الذكور خلال موسم التزاوج جلبت معها لعنة لم تنته حتى يومنا هذا. فقد استهدف الصيادون هذه الفيلة عن طريق الكمائن للإجهاز عليها وقتلها لأجل انتزاع أنيابها التي تُباع بأسعار مرتفعة، لتتحول بعد ذلك إلى تحف فنية تُزين جدران البيوت. فما الذي جرى للفيل الإفريقي خلال الثلاثون عامًا الأخيرة وهل نجحت محاولات حمايته أم أنه ما يزال يعاني؟
تتميز الفيلة الإفريقية بأنها أكبر من أبناء عمومتها الفيلة الآسيوية إذ يصل ارتفاع الذكور إلى 3 أمتار وتزن نحو 6000 كيوجرام، كما أن آذانها كبيرة بشكل ملحوظ. وهناك نوعان من الفيلة الإفريقية هما: فيلة السافانا والغابات. تتميز فيلة السافانا بحجمها الكبير كما أن أنيابها منحنية بشكل ملحوظ إلى الخارج، وهي تجوب سهول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؛ أما فيلة الغابات فإنها أصغر حجمًا وذات أنياب أكثر استقامة وتعيش في غابات وسط وغرب إفريقيا. تتجول الفيلة الإفريقية، في العموم، عبر 37 دولة إفريقية، مستخدمة أنيابها في التواصل والتعامل مع الأشياء، إذ يمكن اعتبار الناب في الواقع أنف طويل يُستخدم للشم، والتنفس والصراخ، وكذا الشرب. ويحتوي الناب لوحده على حوالى 40 ألف عضلة. وتلقي أحدث التقييمات الضوء على انخفاض واسع النطاق في أعداد الفيلة الإفريقية عبر إفريقيا. إذ تراجعت أعداد فيلة الغابات بأكثر من 86 بالنسبة خلال 31 عامًا، بينما انخفض عدد فيلة السافانا بنسبة 60 بالمئة على الأقل خلال الخمسون عامًا الماضية. وقد عانى كلا النوعين من انخفاضات حادة منذ عام 2008 بسبب الزيادة الكبيرة في الصيد الجائر، والتي بلغت ذروتها في عام 2011 . كما يمثل التحول المستمر في الموائل، بشكل أساسي إلى الاستخدامات الزراعية وغيرها من الأراضي تهديدًا كبيرًا آخر.
تُعد الأفيال الإفريقية من الأنواع الأساسية التي تلعب دورًا مهمًا في النظام البيئي؛ إذ تُعرف باسم "مهندسو النظام الإيكولوجي". فخلال موسم الجفاف، تستخدم أنيابها لحفر مجاري الأنهار الجافة وإنشاء حفر ري يمكن للعديد من الحيوانات الشرب منها. فضلًا عن أن روثها مليء بالبذور، مما يساعد النباتات على الانتشار في جميع أنحاء البيئة، وهو يوفر موطنًا مثاليًا لخنافس الروث أيضًا. في الغابات تخلق الفيلة مسارات للحيوانات الصغيرة للتنقل؛ وفي السافانا تقتلع الأشجار وتأكل الشتلات، مما يساعد على إبقاء المشهد مفتوحًا لحيوانات السهول لتزدهر.
تشع آذان الفيلة بالحرارة للمساعدة في الحفاظ على برودتها ولكن في بعض الأحيان تكون الحرارة أكثر من اللازم. لذا فإن الفيلة مغرمة بالمياه وتستمتع بالاستحمام عن طريق امتصاص الماء بواسطة جذوعها ورشها على نفسها. بعد ذلك، ترش جلدها بطبقة واقية من الغبار. تأكل الفيلة الجذور والأعشاب والفاكهة واللحاء؛ إذ يمكن للفيل البالغ أن يستهلك ما يصل إلى 136 كيلوجرامًا من الطعام في اليوم الواحد. ولا تنام هذه الحيوانات العملاقة الجائعة كثيرًا، وتتجول لمسافات طويلة أثناء البحث عن الزاد الذي تحتاجه للحفاظ على أجسامها الضخمة. ونظرًا لأن الفيلة تأكل كثيرًا، فإنها تتواصل بشكل متزايد مع البشر؛ حيث يمكن للفيل تدمير موسم كامل من المحاصيل في ليلة واحدة. لذا تعمل عدد من برامج الحِفظ مع المزارعين لمساعدتهم في حماية محاصيلهم وتقديم تعويضات مالية عندما تداهمهم الفيلة.
الفيلة "أمومية"، بمعنى أنها تعيش في مجموعات تقودها إناث. إذ تترأس الأم قطيعًا متعدد الأجيال يضم إناثًا أخرى، بينما يميل الذكور البالغون، الذين يطلق عليهم الثيران إلى التجول بمفردهم. تتميز الفيلة أيضًا بفترة حمل أطول من أي حيوان ثديي آخر تصل إلى نحو 22 شهرًا، عند الولادة تزن الأفيال حوالى 90 كيلوجرام رطل ويبلغ ارتفاعها إلى نحو متر واحد.
بحلول أوائل القرن العشرين، انخفض عدد الفيلة الإفريقية إلى 10 ملايين، ومع استمرار الصيد انخفضت أعدادها إلى 1.3 مليون، حسب أرقام عام 1970.
يُعد الصيد الجائر من أجل تجارة العاج أكبر تهديد لبقاء الفيلة الإفريقية. فقبل أن يستعمر الأوروبيون أرجاء القارة الإفريقية، كان هناك ما يصل إلى نحو 26 مليون فيل بحسب بعض التقديرات. وبحلول أوائل القرن العشرين، انخفض عدد هذه الفيلة إلى 10 ملايين، ومع استمرار الصيد انخفضت أعدادها إلى 1.3 مليون، حسب أرقام عام 1970. وفي السنوات التي تلت ذلك، استمر الصيد الجائر في تهديد كلا النوعين إذ انخفضت فيلة السافانا بنسبة 30 بالمئة بين عامي 2007 و 2014؛ بينما انخفضت فيلة الغابات بنسبة 64 بالمئة من الأعوام 2002 إلى 2011، مع تفاقم الصيد الجائر في وسط وغرب إفريقيا. وفي عام 2021، صنف "الاتحاد الدولي لصون الطبيعة" هذه الفيلة بوصفها أنواعًا منفصلة لأول مرة، مدرجًا فيلة السافانا على أنها مهددة بالانقراض، والغابات مهددة بالانقراض بشدة.
تفقد الأفيال الإفريقية أيضًا موطنها مع نمو السكان وتحويل الناس مساحات شاسعة من الأراضي إلى الزراعة والتنمية. إذ تحتاج الفيلة إلى مساحة كبيرة، لذا فإن تدمير الموائل وتجزئتها يجعل من الصعب العثور على الطعام والماء، ويضع الفيلة في مواجهة اضطرارية مع البشر. وتتم حماية الفيلة الإفريقية بدرجات متفاوتة في جميع البلدان في نطاقها الجغرافي. كما أنها محمية بموجب الاتفاقيات البيئية الدولية منها، اتفاقية "CITES" واتفاقية "حِفظ الأنواع المهاجرة". وقد كانت هناك جهود مؤخرًا لإعادة تقنين التجارة الدولية في العاج، لكنها ليست بالمستوى المطلوب. في حين عملت مجموعات الحِفظ والحكومات على تخصيص الأرض للحياة البرية، بما في ذلك الممرات التي تربط تلك الأراضي المحمية. ومع ذلك، يعتقد الباحثون أن ما يصل إلى 70 بالمئة من نطاق الفيلة يقع على أرض غير محمية.
وللحد من الصيد الجائر، فإن وقف التجارة غير المشروعة أمر أساسي، إذ أطلق المدافعون حملات تتناول كلًا من جانب العرض (الصيد الجائر) وجانب الطلب (الأشخاص الذين يشترون العاج). وتم تم إحراز بعض التقدم في السنوات الأخيرة، لا سيما في جانب الطلب. ففي عام 2015، وافقت الصين -التي يُعتقد أنها أكبر سوق عاج غير قانوني في العالم- على حظر "شبه كامل" للتجارة المحلية للعاج. وعلى جانب العرض، تتطلب حماية الفيلة من الصيد الجائر أيضًا نهجًا محليًا. في عام 2019، أظهرت دراسة أن معاناة الفيلة مرتبطة بمعاناة البشر الذين يعيشون بالقرب منها، فالمناطق التي ترتفع فيها مستويات الفقر والفساد هي أكثر عرضة لمعدلات الصيد الجائر. ما يشير إلى أن مساعدة المجتمعات على تطوير سبل عيش مستدامة يمكن أن تقلل من إغراءات الصيد الجائر.
بدأت مياه بحر آرال بالجفاف قبل 60 سنة مخلفةً وراءها صحراء مُجدِبة. ما الدروس المستفادة من هذه الكارثة البيئية، وكيف نتجنب وقوعها في أجزاء أخرى من العالم؟
في مرتفعات البيرو المكتنَفة بالغيوم، تبقى أطلال "تشوكيكيراو" -صعبة الوصول- بمنأى عن حشود الزوار المتدفقين إلى "ماتشو بيتشو". لكن ذلك قد يتغير قريبًا.