في بدايات العصور الوسطى أصبح استخدام المومياوات من أشهر الأدوية الطبية وأكثرها انتشارًا. وعلى الفور تلقف الغرب ذلك الانتشار، وأصبحت المومياوات المسحوقة من المخدرات في أوروبا.
16 June 2022
خلال العصور الوسطى في أوروبا شاع استخدام المومياوات المصرية بوصفها أحد العلاجات الطبية الناجعة. إذ كان الأوروبيون مهووسون بأكل تلك المومياوات، بعد أن ساد الاعتقاد بأن المومياوات البشرية المصبوغة تُعالج الأمراض بدءًا من الطاعون الدبلي إلى الصداع، كما استخدمت تلك الجثث للترفيه والتسلية خلال حفلات العشاء. وبحسب "ماركوس هارمس" أستاذ لدى "جامعة ساوث كوينزلاند" في مقال له عبر موقع "ذا كونفرسيشن" فإنه بدافع الإيمان بأن المومياوات يمكن أن تشفي من الأمراض فقد أقدم الناس لعدة قرون على تناول شيء ذو مذاق فظيع؛ وهو تناول بقايا الجثث المحنطة التي أُحضرت من المقابر المصرية وجُلبت إلى أوروبا. ووفقًا لهارمس فإنه قد تم استهلاك أجزاء من الجثث على أنها مادة طبية متوفرة واستهلكها الأوروبيون لقرون، منهم الفقراء والأغنياء على حد سواء لمدة 500 عام، ولم تخلو هذه العملية من التحايل، إذ شكك الطبيب الملكي "جاي دي لا فونتين" في أن المومياوات كانت دواءً مفيدًا، موضحًا أنه تم رصد أدوية مزيفة مصنوعة من أجساد فلاحين متوفين في الإسكندرية عام 1564، وأدرك وقتها أنه قد تم خداع الناس، وأنهم لم يكونوا دائمًا يستهلكون مومياوات مصرية قديمة.
ويشير "ماركوس هارمس"، في تصريحه لموقع "مجلة ناشيونال جيوغرفيك العربية" إلى أنه على الرغم من انتشار عادة آكل المومياوات في أوروبا، إلا أنها كانت مرتبطة بالطبقات العليا والنبلاء في ذلك الوقت بشكل أكبر؛ لاعتقادهم بأن هذه المومياوات تعالج الكثير من الأمراض المستعصية؛ ومن شأنها أن تُبقي الجسم شابًا. فقد استخدم "تشارلز الثاني" مسحوق مصنوع من بقايا الجماجم البشرية لغرض تحسين الهضم. والأمر الأكثر صدمة هو أن الكونتيسة "إليزابيث باثوري"، الأرستقراطية المجرية، الملقبة بـ "ملكة الدم"، كانت تستحم بدماء فتيات عذارى خلال القرن السابع عشر لاعتقادها بأن هذه الدماء سوف تحافظ على شبابها وحيوتها لفترة أطول.
وعن هذه الممارسة يوضح الدكتور "حسين عبدالبصير"، مدير "متحف الآثار" بمكتبة الإسكندرية، أن عادة نبش مقابر الفراعنة استشرت في مصر من قبل الأوروبيين إذ كان يُصنع من المومياوات مسحوق له فاعلية فائقة في تجديد حيوية كل شيء، حتى إن الإنجليز أنفسهم قاموا في بلادهم بتشييد "طواحين المومياوات" تلبية للطلب المتزايد على ذلك المسحوق. وفي وقت متأخر نوعًا ما، بدأت المومياوات تكتسب الأهمية عند الغرب الذي كان بعيدًا عن الغرض الأساسي لتلك المومياوات والخاص بدفن أجساد الموتى، والذي من أجله قام المصريون القدماء بتحنيطها. وانصب اهتمام الغرب على المومياوات ليس لأهميتها الأثرية والتاريخية ومعرفة كيف توصل قدماء المصريين إلى أساليب التحنيط الفائقة تلك، بل نظرًا للاعتقاد بخواص المومياوات الطبية الفريدة. ويضيف عبدالبصير أنه حدث لبسٌ بين الراتنجات السوداء المستخدمة في عملية التحنيط وبين مادة القار التي تحتفظ في رأي الغربيين بقوى علاجية، مما دفع الأوروبيون إلى المجيء إلى مصر لجلب المومياوات التي أصبحت السلعة التجارية الأولى في أوروبا، وتصدرت واجهات أشهر محال المنتجات الطبية خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين.
ويذكر المؤرخ العربي الشهير "عبد اللطيف البغدادي" في القرن الثاني عشر الميلادي كيف أن مادة القار التي كان يتم خلطها بالماء ينبعث منها رائحة تُعد مفيدة عند استنشاقها، وتكون أكثر فائدة لأمراض مؤكدة عندما تؤكل. واستمر ذلك الاعتقاد سائدًا على نطاق واسع خلال القرن التاسع عشر. ومما يذكر في ذلك الصدد أن ملك فارس أرسل إلى ملكة إنجلترا الملكة "فكتوريا" كميات صغيرة جدًا من كنز القار المدّخر في جبل المومياء في فارس.
وفي بدايات العصور الوسطى أصبح استخدام المومياوات من أشهر الأدوية الطبية وأكثرها انتشارًا. وعلى الفور تلقف الغرب ذلك الانتشار، وأصبحت المومياوات المسحوقة من المخدرات في أوروبا. ويشير عبدالبصير إلى تبدل الأحوال عند اكتشاف مقبرة الفرعون "توت عنخ آمون" عام 1922، بعد أن لقى الممول الإنجليزي المعروف اللورد "كارنارفون" حتفه ملدوغًا ببعوضة معدية. ومنذ تلك اللحظة، أصاب الذعر والهلع الأوروبيين والأميركيين وخشوا لعنة الفراعنة، وهكذا عانت المومياوات المصرية على أيدي أولئك الأوروبيين المغامرين الذين قاموا منذ وقت مبكر بسحقها واستخدام مسحوقها في العلاجات الطبية، وكطُعم لصيد الأسماك وللحرق بدلًا من الأخشاب وكوقود للقطارات وكثقالات للسفن وزينة للصالونات والمكتبات الخاصة، ولتخصيب الأرض الزراعية، واللهو والعبث بها في حفلاتهم الاجتماعية. ويوضح عبدالبصير أن هدف المصريين القدماء عند تحنيط الجثث كان أن تتعرف الروح إلى الجسد؛ لتعود إليه ثانية في دورة حياتية أبدية لا تنتهي.
خلال فعالية افتتاح المرحلة الأولى من تطوير "المتحف المصري" بالتحرير، عُرضت لأول مرة "بردية وزيري".
الكشف عن مقبرة المدعو "خنوم جد إف" كاهن المجموعة الهرمية للملك ونيس, وكذلك الكشف عن مقبرة "ميسي" كاهن المجموعة الهرمية للملك "بيبي الأول".
لقطة رائعة يظهر فيها تمثال الملك #تحتمس_الثالث شامخًا في "متحف الأقصر"، بينما تنام مومياء هذا الملك المحارب في "قاعة المومياوات الملكية" في "المتحف القومي للحضارة المصرية".