تجربة مثيرة تفيد أن الأفاعي تستخدم "الحاسة الكيمائية"، قد تغير رأينا في هذه الزواحف البطيئة والغبية والبليدة والغريزية والقاتلة في أحيان!
5 ابريل 2022
يواجه العلماء الذين يدرسون سلوك الأفاعي معضلة تتمثل في كيفية الدخول إلى عقل هذه الزواحف. فمثلًا تستخدم الرئيسات إشارات اليدين، وتشير الأفيال بخراطيمها، وتنقر الغربان بمناقيرها استجابة لتجربة معينة. لكن كيف يمكننا أن نفهم الأفاعي؟
لذا صمم العلماء اختبارًا للأفاعي فقط يستهدف مكمن قوتها، وهي حاستها الكيميائية. إذ تعتمد الأفعى على هذه الحاسة، الشبيهة بالشم، لتمييز الطرائد، والهرب من المفترسات؛ وكذا العثور على شريك للتزاوج. وتستخدم حركات لسانها لإرسال إشارات كيميائية، مثل إرسال فيرمونات جنسية إلى شريك تزاوج محتمل. ووجدت دراسة حديثة أُجريت على أفاعي "الرباط" (الشهيرة كذلك باسم أفعى غرطر)، وهي نوع ينتشر في أميركا الشمالية، أنها تميز المواد الكيميائية التي تُطلقها عن المواد التي يُطلقها نظرائها من الأفاعي؛ مع أنها جميعًا تشترك في ذات الغذاء. يقول "غوردون برغاردت"، عالم البيئة والنفس المقارن لدى "جامعة تينسي نوكسفيل": "هذه إشارة إلى القدرة على تمييز الذات، وهي أشبه ما تكون بالتعرف إلى نفسك في المرآة". يُعد تمييز الذات في المرآة قدرة إدراكية متطورة تتميز بها قلة من الأنواع، منها الشمبانزي والأورانغوتان والدلافين. يقول برغاردت: "تُظهر الأفاعي قدرات إدراكية مشابهة، بشرط أن ندرسها بالأسلوب الصحيح ونطرح الأسئلة الصحيحة، ونحترم تكوينها وأسلوبها في التعاطي مع العالم".
اعرف نفسك
درس برغاردت وزملاؤه 24 أفعى من نوع الرباط فقست معًا، ووُضعت في حاويات منفصلة بعد الولادة. وتمت تغذيتها بنظام غذائي كامل من الأسماك أو الديدان فقط، وذلك لتمييز برازها كيميائيًا. وعندما بلغت من العمر أربعة أشهر، عَرضها العلماء على أربعة محفزات: بطانة قفصها متسخة، وبطانة قفص متسخة من نظيرها الذي يتغذى على نفس النظام الغذائي ومن ذات الجنس، وبطانة قفص متسخة نظيرها الذي يتغذى على نظام غذائي مختلف لكنه من نفس الجنس، وبطانة نظيفة. وقاس العلماء مستوى استجابة لسان الأفعى وحركتها داخل القفص في كل تجربة. وقد حركت الأفاعي ألسنتها بدرجة أقل عند تعريضها لبطانة أفعى أخرى، مقارنة بمستوى الحركة عند تعريضها لبطانة قفصها. ويقول برغاردت إن هذا السلوك دليل على أن أفاعي الرباط يمكنها تمييزها الإشارات الكيميائية والتعرف إليها، خاصة التي تفرزها مقابل ما تفرزها الأفاعي الأخرى، حتى وإن كانت الصلة بينها وثيقة وتتشارك في ذات النظام الغذائي.
تفسيرات مختلفة
قبل حوالى 50 عامًا، طوّر عالم النفس "غوردن غالوب" اختبارًا للتعرف إلى الذات في المرآة. ويُعد هذا الاختبار مرجعًا للكثير من الدراسات التجريبية، إذ يضع العلماء علامة على جسد الحيوان في منطقة يمكنه رؤيتها فقط في المرآة. وينجح الحيوان في الاختبار إذا نظر إلى المرآة ثم لمس أو تفحص العلامة على جسده. ينجح البشر في هذا الاختبار منذ الطفولة. وتجتازه الرئيسات الكبرى مثل الشمبانزي والأورانغوتان والبونوبو، بالإضافة إلى حيوانات أخرى قليلة، منها الأفيال والدلافين.
ويشكك غالوب وزملاؤه في نتائج الاختبارات الأخرى التي تستخدم الروائح أو الإشارات الكيميائية. لذا يقول عالم النفس وزميل غالوب من "جامعة كيوتو"، "جيمس أندرسون" أن الأفاعي قد تستطيع تمييز نفسها من خلال الإشارات الكيميائية، لكن ذلك يختلف عن قدرة الإنسان أو القرد على تمييز نفسه في المرآة. يقول برغاردت: "لا أقول إن الأفاعي لديها إدراك بالذات. لكن يبدو أن لديها وعيًا بالنفس يكفي لتعرف أنها مختلفة عن كائن آخر". ويختلف العلماء أيضًا حول معنى قدرة حيوان على تمييز نفسه في المرآة. فذلك قد يعني الوعي بالذات، أو إدراك الذات أو حتى إدراك ذوات الآخرين الفريدة. ويرى بعض الباحثون أن الوعي بالذات درجات، لذا تظهر الحيوانات درجات مختلفة على هذا المقياس.
الزواحف ليست غبية
يشير طوفان من الدراسات إلى أن الأفاعي يمكنها التعلم والتأقلم وتكوين صداقات. فقد رصدت دراسة "أفاعي الجرس" تزيل الأغصان من طريقها قبل مباشرة الصيد، بهدف عمل كمين للطرائد. وقد وجدت دراسة أخرى أن أفاعي الجرس الذكور تعود إلى ذات الجحر عامًا تلو عام، بينما تفضل الإناث الحوامل والصغار النوم في أحضان قريباتها من الأفاعي. يقول برغاردت أن الأفاعي لديها الكثير من الأدوات المشابهة للثدييات، لكن تكوينها يخفي هذه القدرات الفريدة. ويستطرد قائلًا: "أسعى لتغيير نظرة الناس إلى الزواحف، واعتقادهم أنها بطيئة وغبية وبليدة وغريزية فقط".
يدحض بحثٌ جديد الافتراض السائد منذ فترة طويلة بأن مزيج ألوان الظربان -الأبيض والأسود- هو ما يدفع الحيوانات ومن ضمنها القيوط للابتعاد عنها
هل تقول قطتك "أحبك " أم تقول "أريد الطعام"؟ هذا التطبيق الجديد المدعوم بالذكاء الاصطناعي يتعهد بتفسير ما تقوله القطط
بالإضافة إلى التحقيق في مفهوم العلامات المنفرة Aposematism، تعزز الدراسة الجديدة فكرة أن شخصيات الحيوانات من الفصيلة ذاتها تتفاوت ضمن مجموعاتها فعلى سبيل المثال، تم رش أحد ذئاب القيوط الذي يتسم...