ركز الفريق الذي أجرى الدراسة على اكتشاف الأجسام المضادة الذاتية التي قد تعطل التركيزات المنخفضة وذات الأهمية الفسيولوجيّة من الإنترفيرونات.
28 سبتمبر 2021
أظهرت دراسة حديثة أن الأجسام المضادة التي تهاجم أجزاء من دفاعاتنا المناعية هي المحرك الرئيس للمرض الشديد والوفاة بعدوى فيروس "سارس "CoV-2 لدى بعض الأشخاص. هذه الأجسام المضادة المارقة، المعروفة باسم الأجسام المضادة الذاتية، توجد أيضًا في نسبة صغيرة من الأفراد الأصحاء غير المصابين - ويزداد انتشارها مع تقدم العمر، ما قد يفسر سبب زيادة مخاطر إصابة كبار السن بفيروس COVID-19.
نتائج الدراسة، التي نُشرت في أغسطس 2021 في Science Immunology، تقدم أدلة قوية لدعم الملاحظة التي قام بها نفس الفريق البحثي في أكتوبر 2020. بقيادة عالم المناعة "جان لوران كازانوفا" في جامعة روكفلر في مدينة نيويورك، وجد الباحثون أن نحو 10٪ من الأشخاص المصابين بفيروس "كوفيد -19" الحاد لديهم أجسام مضادة ذاتية تهاجم وتحجب الإنترفيرون من النوع الأول، وهي جزيئات بروتينية في الدم لها دور حاسم في مكافحة الالتهابات الفيروسية.
يقول "آرون رينج"، اختصاصي علم المناعة من كلية طب جامعة ييل بولاية كونيتيكت الأيمركية، والذي لم يشارك في الدراسة: "ربما كان التقرير المبدئي لدراسة العام الماضي من أهم الأوراق البحثية عن جائحة كورونا، وما فعله الباحثون في هذه الدراسة الجديدة هو إجراء استقصاء معمق لمعرفة مدى انتشار هذه الأجسام المضادة بين سكّان العالم، وقد اتضح أنها سائدة إلى حد مذهل".
ركز الفريق الذي أجرى الدراسة على اكتشاف الأجسام المضادة الذاتية التي قد تعطل التركيزات المنخفضة وذات الأهمية الفسيولوجيّة من الإنترفيرونات، كما فحص الفريق 3595 مريضًا من 38 دولة مصابين بحالات حرجة من فيروس "كوفيد-19"، أي من أصيبوا بدرجة شديدة من المرض استدعت إيداعهم وحدة الرعاية المركزة، وبوجه عام، حملت أجساد 13.6% من هؤلاء المرضى أجسامًا مضادةً ذاتية، تراوحت نسبتها بين 9.6% لدى المرضى الذين تقل أعمارهم عن 40 عامًا، و21% لدى المرضى الذين تزيد أعمارهم عن 80 عامًا، كذلك وُجدت الأجسام المضادة الذاتيّة في 18% من الأشخاص الذين ماتوا بسبب المرض.
وقد اشتبه "كازانوفا" وفريقه البحثي في أن هذه الأجسام المضادّة المارقة كانت سببًا، لا نتيجة، للحالات الحرجة من مرض "كوفيد-19"، وكان هناك ما أشار إلى أنها السبب، إذ كان قد سبق للفريق البحثي رصدها في نحو 4 من 1000 شخص تمتعوا بصحة جيدة، وجرى سحب عينات منهم قبل الجائحة، كما اكتشف الفريق البحثي أن الأفراد المصابين بطفرات جينية تعطل نشاط الإنترفيرونات من النوع الأول أكثر تعرضًا للإصابة بأعراض المرض التي تهدد الحياة.
و أجرى الباحثون بحثًا مدققًا عن هذه الأجسام المضادة الذاتية في مجموعة ضخمة من عينات الدم المأخوذة من نحو 35 ألف شخصٍ تمتعوا بصحة جيدة قبل الجائحة، ووجدوا أن 0.18% من الأشخاص ما بين سنّ 18 إلى 69 عامًا كانت لديهم أجسام مضادة ذاتيّة ضد الإنترفيرون من النوع الأول، وأن هذه النسبة تزداد مع التقدم في العمر، إذ وُجدت الأجسام المضادة الذاتية في نحو 1.1% من الأشخاص بين سنّ 70 إلى 79 عامًا، وفي نسبة قوامها 3.4% من الأشخاص فوق سن الثمانين.
يوضح "كازانوفا" أن ثمة زيادةً هائلة في انتشار هذه الأجسام المضادة الذاتية، مع التقدم في العمر، وهذا يفسر بشكلٍ كبير ارتفاع خطر الإصابة بالأعراض الشديدة لمرض "كوفيد-19" في كبار السن"، يقول "كازانوفا": "إن هذه النتائج لها تداعيات واضحة من الناحية الإكلينيكية، مشيرًا إلى أنه على المستشفيات فحص المرضى تحسبًا لوجود هذه الأجسام المضادة الذاتية لديهم، من أجل اكتشاف الطفرات التي تُسهم في تعطيل الإنترفيرونات من النوع الأول، وهذا قد يساعد على اكتشاف الأشخاص الأكثر تعرضًا للحالات الحرجة من مرض "كوفيد-19"، وهو ما قد يساعد الأطباء على إيجاد علاجات ملائمة لهم. ويشدد "رينج" على أنه من الصعب تجاهل ما تفيد به عينات أكثر من 30 ألف شخص
ويشير "رينج" إلى أنه على الباحثين الآن دراسة ما إذا كانت الأجسام المضادة الذاتية تؤدي دورًا في تحفيز الإصابة بأمراض معدية أخرى، أم لا؟. وقد وجد الفريق البحثي بالفعل أدلة على وجود أجسام مضادة ذاتية تهاجم مكونات مختلفةً من الجهاز المناعي في الأشخاص المصابين بفيروس "كوفيد-19".
المصدر: scientificamerican
يتوق الناس حول العالم إلى إشارة بحسم المعركة والانتصار على فيروس كورونا، فهل انتهت الجائحة فعلًا؟
أصابع أقدام حمراء أو بنفسجية متورمة، وفي بعض الأحيان مؤلمة.. واحدة من أغرب الأعراض التي صاحبت تفشي الوباء وحيّرت العلماء إزاء ارتباطها فعلًا بـ"كوفيد-19".
هل السلالة الجديدة التي تجتاح العالم الآن تعني أن "كوفيد-19" سيصبح معديًا أكثر من أي وقت مضى؟