نهاية أسطورة "السُخرة" في بناء الأهرامات
عندما تشاهد أهرامات مصر العملاقة في مدينة الجيزة يدور سؤال رئيسي في عقلك هو: كيف بنى الإنسان الذي كان يعيش في مصر القديمة هذه المقبرة الضخمة قبل أكثر من 4500 عام؟
عشرات النظريات طرحها باحثون وآثريون حول بناة الأهرامات، أهمها ما أشيع عن دور سكان "اتلانتس" المفقودة وغرباء قادمون من مكان غير معلوم، في بناء الأهرامات ولكنها ظلت نظريات دون أي دليل، لتبقى أحد عجائب الدنيا ملكًا للمصريين القدماء.
بالنسبة إلى فرضية مساهمة سكان "اتلاتنتس"، فإن هذه الجزيرة الأسطورية المفقودة لم يُعثر على دليل لوجودها من الأساس وتظل قصة خيالية تحتاج إلى إثبات، فما بالك بمساهمة سكانها في بناء الأهرامات.
إن الحقيقة الثابتة اليوم هي أن المصريين القدماء هم من قاموا بتشييد الأهرامات، ولكن تبقى هناك أسئلة مازال البحث عن إجابتها عن البنائيين العظماء وهي: كيف عاش عمال البناء؟ وكيف كان يتم دفع أجورهم؟ وكيف كانت تتم معاملتهم؟
قد لا يعرف البعض أن هناك أكثر من 100 هرم في مصر، منها هرم زوسر المدرج (2630-2611 قبل الميلاد) وهرم الملك سنفروة (2575-2551 قبل الميلاد) وأهرامات الجيزة الثلاثة "خوفو" (2551-2528 قبل الميلاد) وهرم "خفرع" (2520-2494 قبل الميلاد) وهرم "منقرع" (2490-2472 قبل الميلاد). وتوقف الفراعنة عن بناء الأهرامات في عصر الدولة الحديثة (1550-1070 قبل الميلاد)، واتجه المصريون القدماء إلى دفن مومياوات ملوكهم في وادي الملوك بطيبة القديمة (الأقصر حاليًا).
تتكشف يومًا بعد يوم أدلة تحتويها البرديات والنقوش على مقابر عمال بناة الأهرامات عن هؤلاء البناؤون وكيف عاشوا قبل 4500 عام؟ وكشفت أوراق البردي التي عُثر عليها في عام 2013 بوادي الجرف قرب سواحل البحر الأحمر (119 كم جنوب مدينة السويس المصرية) إلى أن الملك خوفو استخدم ما يشبه "فرق النخبة" لبناء الأهرامات وهي فرق تضم كل واحدة منها نحو 200 عامل يقودها المفتش "ميرير" وتنقسم إلى 4 مجموعات كل مجموعة لها مهمة محددة في جلب الحجارة والمواد اللازمة لبناء الأهرامات، حيث كان وادي الجرف بمثابة ميناء على البحر الأحمر منذ بداية الأسرة الرابعة.
ووفقًا لبرديات "وادي الجرف" فإن كل مجموعة من العمال كانت تنقل الأحجار الجيرية بالقوراب على طول نهر النيل لمسافة 18 كيلومترًا من منطقة طرة (حلوان حاليًا) إلى مكان الهرم الأكبر بالجيزة، وكانت تستخدم هذه الأحجار في بناء الغلاف الخارجي للهرم.
على نقيض ما هو شائع عن أوضاع عمال بناة الأهرامات، فإن البرديات تشير بوضوح إلى أن العمال كان يتم منحهم وجبات غذائية من التمر والخضراوات والدواجن واللحوم. ويقول "بيتر تاليت"، استاذ علم المصريات في جامعة السوربون والذي شارك في فك رموز البرديات، إن "كل مجموعة من العمال كانت تحصل بانتظام على منسوجات وهي كانت بمثابة الأجر في تلك الفترة الزمنية البعيدة". هكذا دللت برديات "وادي الجرف" على أن عمال بناة الأهرامات كانوا يحصلون على أجور ولم يعملوا بدون مقابل أو بـ"السخرة" كما كان يردد البعض، كما أن الفراعنة المصريين كانوا حريصين على توفير الطعام المناسب لهم.
"المومياء الحامل": جدل جديد بين علماء المصريات
ويوضح "مارك لينر"، عالم الآثار الأميركي، أن المدراء أو القائمين على تنظيم الأمور في بناء الأهرامات كانوا يحصلون على مكافأت مجزية نتيجة مشاركتهم في عملية البناء، مشيرًا إلى أن السجلات في مصر القديمة تدلل على منح قطع أرض للمسؤولين وكبار الموظفين في تلك الفترة.
الكشف عن مقابر تعود إلى حقبة الهكسوس في شمال مصر
وكشف فريق آثار أميركي مؤخرًا عن أن سكان المنطقة المحيطة بالاهرامات كانوا يخبزون كميات ضخمة من الخبز يوميًا ويذبحون الألاف من رؤوس المواشي بمتوسط 1800 كيلوغرام من اللحوم يوميًا، مما يوضح توفر الغذاء لعمال بناة الأهرامات. ولا يقتصر الأمر على توفر الغذاء ومنح الأجر للعمال، بل أن الرعاية الصحية كانت متوفرة لمن يساهمون في بناء الصرح العظيم، كما كشفت عظام رفات العمال التي تم العثور عليها قرب الأهرامات. هكذا فإن الحديث عن "السُخرة" واستعباد العمال في بناء الأهرامات يصبح حديثًا مستبعدًا. ولكن هذا لا يعني بالطبع أن الجميع كانوا سواء، حيث إن على العمل الذين كانوا يقطنون مساكن أفخم وأكبر من العمال ولديهم فرصة للحصول على كمية أكبر من اللحوم وبالطبع أجر أعلى.
المصدر: live Science
نهاية أسطورة "السُخرة" في بناء الأهرامات
عندما تشاهد أهرامات مصر العملاقة في مدينة الجيزة يدور سؤال رئيسي في عقلك هو: كيف بنى الإنسان الذي كان يعيش في مصر القديمة هذه المقبرة الضخمة قبل أكثر من 4500 عام؟
عشرات النظريات طرحها باحثون وآثريون حول بناة الأهرامات، أهمها ما أشيع عن دور سكان "اتلانتس" المفقودة وغرباء قادمون من مكان غير معلوم، في بناء الأهرامات ولكنها ظلت نظريات دون أي دليل، لتبقى أحد عجائب الدنيا ملكًا للمصريين القدماء.
بالنسبة إلى فرضية مساهمة سكان "اتلاتنتس"، فإن هذه الجزيرة الأسطورية المفقودة لم يُعثر على دليل لوجودها من الأساس وتظل قصة خيالية تحتاج إلى إثبات، فما بالك بمساهمة سكانها في بناء الأهرامات.
إن الحقيقة الثابتة اليوم هي أن المصريين القدماء هم من قاموا بتشييد الأهرامات، ولكن تبقى هناك أسئلة مازال البحث عن إجابتها عن البنائيين العظماء وهي: كيف عاش عمال البناء؟ وكيف كان يتم دفع أجورهم؟ وكيف كانت تتم معاملتهم؟
قد لا يعرف البعض أن هناك أكثر من 100 هرم في مصر، منها هرم زوسر المدرج (2630-2611 قبل الميلاد) وهرم الملك سنفروة (2575-2551 قبل الميلاد) وأهرامات الجيزة الثلاثة "خوفو" (2551-2528 قبل الميلاد) وهرم "خفرع" (2520-2494 قبل الميلاد) وهرم "منقرع" (2490-2472 قبل الميلاد). وتوقف الفراعنة عن بناء الأهرامات في عصر الدولة الحديثة (1550-1070 قبل الميلاد)، واتجه المصريون القدماء إلى دفن مومياوات ملوكهم في وادي الملوك بطيبة القديمة (الأقصر حاليًا).
تتكشف يومًا بعد يوم أدلة تحتويها البرديات والنقوش على مقابر عمال بناة الأهرامات عن هؤلاء البناؤون وكيف عاشوا قبل 4500 عام؟ وكشفت أوراق البردي التي عُثر عليها في عام 2013 بوادي الجرف قرب سواحل البحر الأحمر (119 كم جنوب مدينة السويس المصرية) إلى أن الملك خوفو استخدم ما يشبه "فرق النخبة" لبناء الأهرامات وهي فرق تضم كل واحدة منها نحو 200 عامل يقودها المفتش "ميرير" وتنقسم إلى 4 مجموعات كل مجموعة لها مهمة محددة في جلب الحجارة والمواد اللازمة لبناء الأهرامات، حيث كان وادي الجرف بمثابة ميناء على البحر الأحمر منذ بداية الأسرة الرابعة.
ووفقًا لبرديات "وادي الجرف" فإن كل مجموعة من العمال كانت تنقل الأحجار الجيرية بالقوراب على طول نهر النيل لمسافة 18 كيلومترًا من منطقة طرة (حلوان حاليًا) إلى مكان الهرم الأكبر بالجيزة، وكانت تستخدم هذه الأحجار في بناء الغلاف الخارجي للهرم.
على نقيض ما هو شائع عن أوضاع عمال بناة الأهرامات، فإن البرديات تشير بوضوح إلى أن العمال كان يتم منحهم وجبات غذائية من التمر والخضراوات والدواجن واللحوم. ويقول "بيتر تاليت"، استاذ علم المصريات في جامعة السوربون والذي شارك في فك رموز البرديات، إن "كل مجموعة من العمال كانت تحصل بانتظام على منسوجات وهي كانت بمثابة الأجر في تلك الفترة الزمنية البعيدة". هكذا دللت برديات "وادي الجرف" على أن عمال بناة الأهرامات كانوا يحصلون على أجور ولم يعملوا بدون مقابل أو بـ"السخرة" كما كان يردد البعض، كما أن الفراعنة المصريين كانوا حريصين على توفير الطعام المناسب لهم.
"المومياء الحامل": جدل جديد بين علماء المصريات
ويوضح "مارك لينر"، عالم الآثار الأميركي، أن المدراء أو القائمين على تنظيم الأمور في بناء الأهرامات كانوا يحصلون على مكافأت مجزية نتيجة مشاركتهم في عملية البناء، مشيرًا إلى أن السجلات في مصر القديمة تدلل على منح قطع أرض للمسؤولين وكبار الموظفين في تلك الفترة.
الكشف عن مقابر تعود إلى حقبة الهكسوس في شمال مصر
وكشف فريق آثار أميركي مؤخرًا عن أن سكان المنطقة المحيطة بالاهرامات كانوا يخبزون كميات ضخمة من الخبز يوميًا ويذبحون الألاف من رؤوس المواشي بمتوسط 1800 كيلوغرام من اللحوم يوميًا، مما يوضح توفر الغذاء لعمال بناة الأهرامات. ولا يقتصر الأمر على توفر الغذاء ومنح الأجر للعمال، بل أن الرعاية الصحية كانت متوفرة لمن يساهمون في بناء الصرح العظيم، كما كشفت عظام رفات العمال التي تم العثور عليها قرب الأهرامات. هكذا فإن الحديث عن "السُخرة" واستعباد العمال في بناء الأهرامات يصبح حديثًا مستبعدًا. ولكن هذا لا يعني بالطبع أن الجميع كانوا سواء، حيث إن على العمل الذين كانوا يقطنون مساكن أفخم وأكبر من العمال ولديهم فرصة للحصول على كمية أكبر من اللحوم وبالطبع أجر أعلى.
المصدر: live Science