الملاريا المقاومة للعقاقير خطر يحدق بإفريقيا

حذر باحثون من خطر قادم يحدق بقارة إفريقيا، بعد أن اكتشفوا  للمرة الثانية مقاومة طفيل الملاريا لمادة "الأرتيميسينين"، وهي أهم فئة من مضادات الملاريا الحديثة. 

والملاريا مرض تسببه طفيليات من فصيلة المتصوّرات تنتقل بين البشر بواسطة "نواقل الملاريا"، وهي بعوض "الأنوفيلس"، ويوجد 5 أنواع من المتصورات التي تسبب الملاريا للبشر، ونوعان منها تشكلان أخطر التهديدات، وهما: المتصوّرة المنجلية والمتصوّرة النشيطة.

ولوحظ مقاومة طفيليات الملاريا للأدوية منذ تم التعرف على مقاومتها لعقار "الكلوروكين" في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، وتم التعرف على مقاومة أهم فئة من مضادات الملاريا الحديثة، وهي مادة "الأرتيميسينين" في جنوب شرق آسيا منذ أكثر من عقد، ومن دواعي القلق الشديد تطور المقاومة في إفريقيا أيضا ، حيث تحدث أكثر من 90٪ من جميع حالات الإصابة والوفاة بسبب الملاريا كل عام.

وحددت ورقة بحثية نشرت في 14 إبريل 2021 بدورية "ذا لانسيت"، دليلًا قويًا على مقاومة طفيل الملاريا في رواندا لمادة "أرتيميسينين"، وقبل أيام  وتحديدًا في 23 سبتمبر الجاري، وثقت ورقة بحثية جديدة نشرت بدورية "نيو انغلاند جورنال اوف ميديسين"، حدوث نفس المشكلة في أوغندا. وجاء الإكتشاف الجديد عن طريق فريق بحثي تقوده الباحثة الأوغندية "بيتي باليكاجالا"، والتي تعمل في قسم طب المناطق الحارة والطفيليات، بكلية الطب بجامعة جونتيندو باليابان، حيث قام الباحثون بتحليل عينات الدم من المرضى الذين عولجوا بمادة "الأرتيميسينين"، ووجدوا أنه بحلول عام 2019، كان لدى ما يقرب من 20٪ من العينات التي تم جمعها خلال 3 سنوات، طفرات جينية في طفيل الملاريا، تشير إلى أن العلاج غير فعال، وأظهرت الاختبارات المعملية أن هؤلاء المرضى يستغرقون وقتًا أطول للتخلص من الطفيليات المسببة للملاريا.

الملاريا المقاومة للعقاقير تنتشر في جنوب شرق آسيا

وتقول "باليكاجالا" في تصريحات خاصة لموقع "ناشيونال جيوغرافيك العربية": " يمكن أن تسبب العديد من العوامل مقاومة لعقاقير الملاريا، ويمكن أن يكون إحداها من الطفيلي نفسه، حيث تحدث به طفرة في أحد الجينات، لإكسابه مقاومة لمادة الأرتيميسينين". وتضيف: " وثقنا خلال الدراسة الطفرات ( A675V ) و ( C469Y ) في جين ( kelch13 )، والتي أعطت الطفيلي القدرة على مقاومة مادة الأرتيميسينين".

ورغم أن السلالات المقاومة للأدوية ظهرت في أوغندا ولم يتم استيرادها من مكان آخر، إلا أن "باليكاجالا"، أشارت إلى وجود خطر محتمل لانتقالها عبر الحدود إلى دول إفريقيا، وهو ما يقتضي ضرورة تعزيز مراقبة انتشار السلالات المقاومة، وتحسين العلاج الحالي للملاريا وأيضًا إيجاد أدوية جديدة يمكن أن تحل محل الأدوية التي أصبحت مقاومة للعلاج. وتؤكد "باليكاجالا" أن هناك حاجة للبدء من الآن في تطوير عقاقير جديدة، لأن تطوير دواء جديد يستغرق وقتًا طويلاً جدًا، يمكن أن يصل إلى حوالي 14 سنة.

وإلى أن يحدث تطوير لعقاقير جديدة، يخشى الدكتور "فيليب روزنتال"، أستاذ الأمراض المعدية بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، من أن الوقت قد لا يكون في صالحنا، حيث إن النتائج الجديدة في أوغندا, بعد النتائج السابقة في رواندا، "تثبت أن السلالات المقاومة لها بالفعل موطئ قدم في إفريقيا".ويشير "روزنتال" في تصريحات خاصة لموقع "ناشيونال جيوغرافيك العربية" إلى أن هناك خيار آخر قيد الدراسة، وهو استخدام عقاقير إضافية في توليفة من الأدوية تضم أيضا مادة "الأرتيميسينين"، لكنه يشدد على أن هذا لا يغني عن الحاجة إلى أدوية جديدة.

ويقول "روزنتال": "يجري قدر كبير من البحث في هذا الإطار ، لكنه لا يزال بطيئًا، وينتهي المطاف بالعديد من المركبات الواعدة بالفشل لأسباب مختلفة، بما في ذلك الفعالية غير الكافية أو السمية أو تطوير المقاومة".ويضيف أن الجهود النشطة يجب أن تتواصل في هذا المجال ، ولكن يجب معرفة أنه ستمر بضع سنوات قبل أن تتوفر أي أدوية جديدة مضادة للملاريا ، مما يؤكد أهمية السيطرة على مقاومة مادة الأرتيميسينين الآن".