رواد الفضاء يفقدون 3 ملايين من خلايا الدم الحمراء كل ثانية
لطالما عرف العلماء أن الحياة في الفضاء تلحق خسائر جسدية بجسم رائد الفضاء. ومع استمرار البشرية في التخطيط لبعثات أطول وأبعد خارج الأرض، فإن فهم كيفية تأثير الفضاء على الصحة أمر ضروري لكل من الرحلات الآمنة والناجحة. منذ مهمات البشر المبكرة، عاد رواد الفضاء من الفضاء وهم يعانون من فقر الدم، إذ يفتقر فيها الجسم إلى ما يكفي من خلايا الدم الحمراء لحمل الأوكسجين إلى أنسجة الجسم. وفقر الدم هو أحد المشكلات الصحية التي لوحظت عند رواد الفضاء، وقد كان خبراء الصحة في حيرة من أمرهم بشأن كيفية حدوث ذلك؛ لكن دراسة جديدة في مجلة "Nature"، بتمويل من "وكالة الفضاء الكندية" (CSA)، كشفت عن الآليات التي تسهم في هذه الحالة الصحية الضارة المحتملة.
يقول "جاي تروديل" المؤلف الرئيس للدراسة، وهو طبيب إعادة تأهيل وباحث لدى "مستشفى أوتاوا": "عندما يعود رواد الفضاء إلى الأرض، يتم التعامل معهم مثل شخص عائد من إصابة لذا نريد أن نعرف مدى سرعة تعافيهم، ومدى اكتمال التعافي". إذ كان يُعتقد سابقًا أن فقر الدم هذا كان مؤقتًا فقط، مع حدوث انخفاض بنسبة تتراوح بين 10 إلى 12 بالمئة في عدد خلايا الدم الحمراء خلال الأيام العشرة الأولى في الفضاء عندما تنتقل سوائل الجسم للتكيف. لكن دراسة "تروديل" تكشف أن هذه العملية لا تتوقف في الفضاء، ولكن فقر الدم يستمر فعليًا خلال الأشهر الستة التالية بعد العودة من المهام الفضائية. وقد أظهر "تروديل" وفريقه سبب الإصابة بفقر الدم الفضائي، لكنهم ابتكروا طرقًا تختلف عن الدراسات السابقة، التي حللت عينات الدم. وبدلاً من ذلك، قام الفريق بتحليل عينات الدم وعينات التنفس.
من بين أكثر من 35 تريليون من خلايا الدم الحمراء في جسم الإنسان البالغ السليم، يتم تكوين وتحلل 2 مليون على الأقل كل ثانية. لكن في الفضاء، يتم تدمير نحو 3 ملايين خلية دم حمراء كل ثانية، ما يتسبب في فقدان رواد الفضاء لنحو 54 بالمئة أكثر من خلايا الدم التي يفقدونها على الأرض.
وقد تم جمع العينات من 14 رائد فضاء من عام 2015 وحتى 2020 (11 رجلًا و 3 نساء) قبل مغادرتهم الأرض، وأثناء إقامتهم في محطة الفضاء الدولية (ISS)، ومرة أخرى عند عودتهم. وقام فريق "تروديل" بقياس تركيز جزيئات أول أوكسيد الكربون المنتشرة في أنفاس رائد الفضاء عندما يتحلل الدم إذا كان مرتفعًا، فهذا يعني زيادة تدمير خلايا الدم الحمراء في الجسم. ووجدوا أن هذا التدمير أو انحلال الدم، كان "تأثيرًا أساسيًا" للجاذبية الصغرى، ما يشير إلى أن فقر الدم ناتج عن بيئة رائد الفضاء. وعلى الرغم من أن العينات تم جمعها من رواد الفضاء في مهمات مدتها ستة أشهر، إلا أن الباحثين استنتجوا أن الرحلات الفضائية الأطول يمكن أن تسبب فقر دم أكثر حدة.
تقول "دوريت دونوفيل"، مديرة "معهد البحث الانتقالي لصحة الفضاء" لدى "كلية بايلور للطب": "إن دراسة الأمراض في الفضاء يمكن أن تكون صعبة، ولكنها طريقة رائعة لدراسة علم وظائف الأعضاء لدينا". وتضيف دونوفيل: "نظرًا لأن الدراسات البحثية حول صحة الإنسان غالبًا ما تركز على المرض، بدلًا من الظروف الأساسية، فقد أصبح الفضاء موقعًا رئيسًا للبحث الطبي؛ ولذا فإن رواد الفضاء يتمتعون بصحة جيدة، وهم أناس عاديون وُضِعوا في بيئة قاسية مثل القمر والمريخ". ومع ذلك، تشكك دونوفيل في جانب واحد من الدراسة، إذ إنه وفقًا لبحث تروديل، استمر رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية في المعاناة من فقر الدم حتى بعد عام كامل بعد مغادرتهم، ما يعني أن عدد خلايا الدم الحمراء لديهم لم يعد أبدًا إلى مستويات ما قبل الرحلة. وتقول: "سأكون أكثر اقتناعًا إذا كان لديهم أكثر من قياس أساسي واحد لهؤلاء الأشخاص". وتوضح "دونوفيل" أنه يجب إجراء المزيد من الأبحاث للتحقق من صحة النتائج قبل الاستنتاج تمامًا أن الفضاء له تأثيرات طويلة المدى على الدم. ولكن إلى جانب المزيد من الاختبارات، هناك شيء واحد يتطلع إليه العديد من الخبراء وهو تطوير تدابير مضادة يمكن أن تساعد في الصحة العامة لرواد الفضاء في المستقبل، والوقاية من الأمراض المرتبطة بالدم أو علاجها.
المصدر: Popular Science
رواد الفضاء يفقدون 3 ملايين من خلايا الدم الحمراء كل ثانية
لطالما عرف العلماء أن الحياة في الفضاء تلحق خسائر جسدية بجسم رائد الفضاء. ومع استمرار البشرية في التخطيط لبعثات أطول وأبعد خارج الأرض، فإن فهم كيفية تأثير الفضاء على الصحة أمر ضروري لكل من الرحلات الآمنة والناجحة. منذ مهمات البشر المبكرة، عاد رواد الفضاء من الفضاء وهم يعانون من فقر الدم، إذ يفتقر فيها الجسم إلى ما يكفي من خلايا الدم الحمراء لحمل الأوكسجين إلى أنسجة الجسم. وفقر الدم هو أحد المشكلات الصحية التي لوحظت عند رواد الفضاء، وقد كان خبراء الصحة في حيرة من أمرهم بشأن كيفية حدوث ذلك؛ لكن دراسة جديدة في مجلة "Nature"، بتمويل من "وكالة الفضاء الكندية" (CSA)، كشفت عن الآليات التي تسهم في هذه الحالة الصحية الضارة المحتملة.
يقول "جاي تروديل" المؤلف الرئيس للدراسة، وهو طبيب إعادة تأهيل وباحث لدى "مستشفى أوتاوا": "عندما يعود رواد الفضاء إلى الأرض، يتم التعامل معهم مثل شخص عائد من إصابة لذا نريد أن نعرف مدى سرعة تعافيهم، ومدى اكتمال التعافي". إذ كان يُعتقد سابقًا أن فقر الدم هذا كان مؤقتًا فقط، مع حدوث انخفاض بنسبة تتراوح بين 10 إلى 12 بالمئة في عدد خلايا الدم الحمراء خلال الأيام العشرة الأولى في الفضاء عندما تنتقل سوائل الجسم للتكيف. لكن دراسة "تروديل" تكشف أن هذه العملية لا تتوقف في الفضاء، ولكن فقر الدم يستمر فعليًا خلال الأشهر الستة التالية بعد العودة من المهام الفضائية. وقد أظهر "تروديل" وفريقه سبب الإصابة بفقر الدم الفضائي، لكنهم ابتكروا طرقًا تختلف عن الدراسات السابقة، التي حللت عينات الدم. وبدلاً من ذلك، قام الفريق بتحليل عينات الدم وعينات التنفس.
من بين أكثر من 35 تريليون من خلايا الدم الحمراء في جسم الإنسان البالغ السليم، يتم تكوين وتحلل 2 مليون على الأقل كل ثانية. لكن في الفضاء، يتم تدمير نحو 3 ملايين خلية دم حمراء كل ثانية، ما يتسبب في فقدان رواد الفضاء لنحو 54 بالمئة أكثر من خلايا الدم التي يفقدونها على الأرض.
وقد تم جمع العينات من 14 رائد فضاء من عام 2015 وحتى 2020 (11 رجلًا و 3 نساء) قبل مغادرتهم الأرض، وأثناء إقامتهم في محطة الفضاء الدولية (ISS)، ومرة أخرى عند عودتهم. وقام فريق "تروديل" بقياس تركيز جزيئات أول أوكسيد الكربون المنتشرة في أنفاس رائد الفضاء عندما يتحلل الدم إذا كان مرتفعًا، فهذا يعني زيادة تدمير خلايا الدم الحمراء في الجسم. ووجدوا أن هذا التدمير أو انحلال الدم، كان "تأثيرًا أساسيًا" للجاذبية الصغرى، ما يشير إلى أن فقر الدم ناتج عن بيئة رائد الفضاء. وعلى الرغم من أن العينات تم جمعها من رواد الفضاء في مهمات مدتها ستة أشهر، إلا أن الباحثين استنتجوا أن الرحلات الفضائية الأطول يمكن أن تسبب فقر دم أكثر حدة.
تقول "دوريت دونوفيل"، مديرة "معهد البحث الانتقالي لصحة الفضاء" لدى "كلية بايلور للطب": "إن دراسة الأمراض في الفضاء يمكن أن تكون صعبة، ولكنها طريقة رائعة لدراسة علم وظائف الأعضاء لدينا". وتضيف دونوفيل: "نظرًا لأن الدراسات البحثية حول صحة الإنسان غالبًا ما تركز على المرض، بدلًا من الظروف الأساسية، فقد أصبح الفضاء موقعًا رئيسًا للبحث الطبي؛ ولذا فإن رواد الفضاء يتمتعون بصحة جيدة، وهم أناس عاديون وُضِعوا في بيئة قاسية مثل القمر والمريخ". ومع ذلك، تشكك دونوفيل في جانب واحد من الدراسة، إذ إنه وفقًا لبحث تروديل، استمر رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية في المعاناة من فقر الدم حتى بعد عام كامل بعد مغادرتهم، ما يعني أن عدد خلايا الدم الحمراء لديهم لم يعد أبدًا إلى مستويات ما قبل الرحلة. وتقول: "سأكون أكثر اقتناعًا إذا كان لديهم أكثر من قياس أساسي واحد لهؤلاء الأشخاص". وتوضح "دونوفيل" أنه يجب إجراء المزيد من الأبحاث للتحقق من صحة النتائج قبل الاستنتاج تمامًا أن الفضاء له تأثيرات طويلة المدى على الدم. ولكن إلى جانب المزيد من الاختبارات، هناك شيء واحد يتطلع إليه العديد من الخبراء وهو تطوير تدابير مضادة يمكن أن تساعد في الصحة العامة لرواد الفضاء في المستقبل، والوقاية من الأمراض المرتبطة بالدم أو علاجها.
المصدر: Popular Science