تلسكوب "جيمس ويب" يبدأ مهمة البحث عن أصل الكون
بدأ تلسكوب "جيمس ويب" الفضائي محمولًا بصاروخ "أريان 5" رحلته للوصول إلى مسافة 1.5 مليون كيلومتر من الأرض، في مهمة لسبر أغوار الكون بتقنيات هي الأعلى دقة على الإطلاق.
هذه المهمة التي انتظرها العالم لأكثر من 30 عامًا تسعى للإجابة عن سؤالين رئيسين هما: “من أين نأتي؟" و"هل نحن بمفردنا في الكون؟". ومن خلال المراقبة الفضائية الدقيقة يبحث التلسكوب العملاق عن سبر أغوار ما يعرف بـ"الفجر الكوني"، عندما بدأت أولى المجرّات تضيء الكون منذ الانفجار العظيم قبل 13.8 مليار سنة.
ويأمل العلماء من خلال التعمّق في فهم كيفية تشكّل النجوم والمجرّات ومراقبة الكواكب خارج المنظومة الشمسية في العثور على كواكب أخرى مواتية للحياة. و"جيمس ويب" سيكون على منوال التلسكوب "هابل" الذي أحدث ثورة في تقنيات مراقبة الفضاء واكتشف العلماء بفضله وجود ثقب أسود في قلب كلّ المجرّات أو بخار ماء حول الكواكب الخارجية، على سبيل التعداد.
اقرأ أيضًا: البحث عن حضارات "الغرباء" خارج كوكب الأرض
يتولى "جيمس ويب" مهمة مراقبة الفضاء في مجال الضوء المرئي خاصة، ويتميز عن "هابل" بأنه يسبر أغوار طول موجي ليس في متناول العين، وهو الأشعة تحت الحمراء الوسطى. فكلما كانت الرؤية متاحة لمسافة أبعد في علم الفضاء، وفّرت رؤية لمسافة زمنية أقدم. وفي حين يستغرق وصول جزيئيات أشعة الشمس إلى العين على كوكب الأرض 8 دقائق، تسعى قبة "جيمس ويب" إلى التقاط ضوء المجرات الأولى قبل مليارات السنين، تلك التي ظهرت في الكون الحديث بعد أقل من 400 مليون سنة على "الانفجار العظيم". ومع التوسّع، يجتاز هذا الضوء مسافة أطول للوصول إلى الناظر، وعندها يصبح أحمر. ومثل صوت الشيء الذي حين يبتعد يضعف، تتمدد الموجة الضوئية وتنتقل من التردد الذي تستطيع العين المجردة رؤيته، إلى الأشعة ما دون الحمراء. ونجد أن تلسكوب "هابل" وصل إلى حدود تبلغ 13.4 مليار سنة باكتشاف مجرة "GN-z11"، وهي بقعة صغيرة غير مهمة لكنها "شكّلت مفاجأة لأنّ سطوعها لم يكن متوقعًا ضمن هذه المسافة".
التلسكوب "جيمس ويب" يستهدف اكتشاف الكثير من المجرات وبدايات النجوم بفضل قدرته في مجال الأشعة تحت الحمراء.
من المتوقع أن يوفّر التلسكوب "جيمس ويب" صورًا أكثر دقة بفضل قدرة التقاط أكبر بمئة مرة من "هابل"، ما سيتيح اكتشاف هذه الحقبة بتفاصيلها، وكذلك اكتشاف الكثير من المجرات وبدايات النجوم بفضل قدرته في مجال الأشعة تحت الحمراء. ولن يتمكن "جيمس ويب" من رصد ظواهر قديمة فحسب، بل سيرصد أيضًا سُحُب الغبار بين النجوم التي تمتص الضوء من النجوم وتحجبها عن "هابل". وهذا الضوء غير المرئي يتيح رؤية ما يختبئ بين الغيوم، أي نشوء النجوم والمجرات. وتكمن الأهمية الكبرى لذلك في أنه يتيح تفسير مرحلة رئيسية من تطوّر الكون، وهي المرحلة التي "أُطلق فيها الضوء، أي عندما بدأت النجوم الأولى تتشكّل"، أو ما يُعرف بـ"الفجر الكوني". ودخل الكون بعد مدة قصيرة من "الانفجار العظيم في "عصر مظلم"، في حمام غاز محايد يتكوّن خصوصًا من الهيدروجين والهيليوم، من دون ضوء.
وتشير النظريات العلمية إلى أنّ هذا الغاز تكثّف في "آبار" من مادة سوداء غامضة وغير قابلة للكشف، نشأت فيها النجوم الأولى. وتضاعفت هذه النجوم ككرة ثلج، وبدأت تشحن كهربائيًا الغاز المحايد للكون، وهو ما يسمى التأين. وأدت عملية تسمى "إعادة التأين" إلى إخراج الكون من غموضه وإلى جعله "شفافًا". ومن غير المعروف مع ذلك متى تكوّنت المجرات الأولى. وترجح عمليات المحاكاة أن ذلك حدث خلال مرحلة امتدت ما بين 100 و200 مليون سنة بعد "الانفجار العظيم".
بدأ تشييد التلسكوب "جيمس ويب" عام 2004 ويبلغ وزنه 14000رطل ويعادل عند فتحه مساحة ملعب تنس
ووضعت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" التصاميم الأولى للتلسكوب المعروف اختصارًا بـ "جي دبليو اس تي" بعيد إطلاق "هابل" عام 1990 وبدأ تشييده في عام 2004 بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الكندية. ويبلغ وزن التلسكوب 14000 رطل ويعادل عند فتحه مساحة ملعب تنس تقريبًا.
اقرأ أيضًا: هل يخبئ نظامنا الشمسي كوكبًا تاسعًا مموهًا؟
يتميز تلسكوب "جيمس ويب" بأن مرآته البالغ طول باعها 6.5 متر تجعله أكثر قدرة على الاستشعار بسبع مرّات، ما يتيح له مثلًا رصد الأثر الحراري لنحلة على القمر. كما يتميز "جيمس ويب" أيضا بتقنيته للمراقبة، فتلسكوب "هابل" يجري عمليات المراقبة في ميادين يكون فيها الضوء مرئيًا. أما "جيمس ويب"، فهو يسبر موجات غير مرئية للعين المجرّدة من أشعة تحت حمراء متوسطة المدى وقريبة، وهو شعاع يصدر عن كلّ جسم فلكي، أو نجم أو إنسان أو زهرة. والشرط الأساسي لحسن سير عمليات المراقبة في التلسكوب هو انخفاض الحرارة المحيطة به لدرجة لا تؤثّر على تتبّع الضوء.
وعملية إطلاق هذا التلسكوب محفوفة بالصعوبات والتعقيدات. فقد وُضع التلسكوب "هابل" في المدار على علو يقرب من 600 كيلومتر فوق الأرض، لكن عند هذه المسافة سيكون "جيمس ويب" غير صالح للاستخدام مع تسخينه من الشمس وانعكاسه على الأرض والقمر. وتأجل إطلاق "جيمس ويب" ثلاث مرات بسبب سوء الأحوال الجوية في الساحل الشمالي الشرقي لأميركا الجنوبية، من قاعدة الإطلاق التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية في "غويانا" الفرنسية.
يصل التلسكوب "جيمس ويب" بعد شهر إلى مسافة 1.5 مليون كيلومتر من الأرض
وسيوضع التلسكوب في مكانه المحدد إثر رحلة تمتد شهرًا لمسافة 1.5 مليون كيلومتر من الأرض. وسيحظى بحماية من الإشعاع الشمسي بفضل درع حرارية مكونة من خمسة أشرعة مرنة تبدد الحرارة وتخفض درجتها (وهي 80 درجة مئوية) إلى 233 درجة مئوية دون الصفر عند جهة التلسكوب. وسيحافظ المسار الخاص للتلسكوب على محاذاة ثابتة مع الأرض حيث يدور الكوكب والتلسكوب حول الشمس جنبًا إلى جنب. واتخذت وكالة "ناسا" تدابير مشددة لتفادي أي أضرار قد تلحق بالتلسكوب الذي كلّف تطويره ما يقرب من 10 مليارات دولار على مدى سنوات طويلة.
المصدر: وكالات
تلسكوب "جيمس ويب" يبدأ مهمة البحث عن أصل الكون
بدأ تلسكوب "جيمس ويب" الفضائي محمولًا بصاروخ "أريان 5" رحلته للوصول إلى مسافة 1.5 مليون كيلومتر من الأرض، في مهمة لسبر أغوار الكون بتقنيات هي الأعلى دقة على الإطلاق.
هذه المهمة التي انتظرها العالم لأكثر من 30 عامًا تسعى للإجابة عن سؤالين رئيسين هما: “من أين نأتي؟" و"هل نحن بمفردنا في الكون؟". ومن خلال المراقبة الفضائية الدقيقة يبحث التلسكوب العملاق عن سبر أغوار ما يعرف بـ"الفجر الكوني"، عندما بدأت أولى المجرّات تضيء الكون منذ الانفجار العظيم قبل 13.8 مليار سنة.
ويأمل العلماء من خلال التعمّق في فهم كيفية تشكّل النجوم والمجرّات ومراقبة الكواكب خارج المنظومة الشمسية في العثور على كواكب أخرى مواتية للحياة. و"جيمس ويب" سيكون على منوال التلسكوب "هابل" الذي أحدث ثورة في تقنيات مراقبة الفضاء واكتشف العلماء بفضله وجود ثقب أسود في قلب كلّ المجرّات أو بخار ماء حول الكواكب الخارجية، على سبيل التعداد.
اقرأ أيضًا: البحث عن حضارات "الغرباء" خارج كوكب الأرض
يتولى "جيمس ويب" مهمة مراقبة الفضاء في مجال الضوء المرئي خاصة، ويتميز عن "هابل" بأنه يسبر أغوار طول موجي ليس في متناول العين، وهو الأشعة تحت الحمراء الوسطى. فكلما كانت الرؤية متاحة لمسافة أبعد في علم الفضاء، وفّرت رؤية لمسافة زمنية أقدم. وفي حين يستغرق وصول جزيئيات أشعة الشمس إلى العين على كوكب الأرض 8 دقائق، تسعى قبة "جيمس ويب" إلى التقاط ضوء المجرات الأولى قبل مليارات السنين، تلك التي ظهرت في الكون الحديث بعد أقل من 400 مليون سنة على "الانفجار العظيم". ومع التوسّع، يجتاز هذا الضوء مسافة أطول للوصول إلى الناظر، وعندها يصبح أحمر. ومثل صوت الشيء الذي حين يبتعد يضعف، تتمدد الموجة الضوئية وتنتقل من التردد الذي تستطيع العين المجردة رؤيته، إلى الأشعة ما دون الحمراء. ونجد أن تلسكوب "هابل" وصل إلى حدود تبلغ 13.4 مليار سنة باكتشاف مجرة "GN-z11"، وهي بقعة صغيرة غير مهمة لكنها "شكّلت مفاجأة لأنّ سطوعها لم يكن متوقعًا ضمن هذه المسافة".
التلسكوب "جيمس ويب" يستهدف اكتشاف الكثير من المجرات وبدايات النجوم بفضل قدرته في مجال الأشعة تحت الحمراء.
من المتوقع أن يوفّر التلسكوب "جيمس ويب" صورًا أكثر دقة بفضل قدرة التقاط أكبر بمئة مرة من "هابل"، ما سيتيح اكتشاف هذه الحقبة بتفاصيلها، وكذلك اكتشاف الكثير من المجرات وبدايات النجوم بفضل قدرته في مجال الأشعة تحت الحمراء. ولن يتمكن "جيمس ويب" من رصد ظواهر قديمة فحسب، بل سيرصد أيضًا سُحُب الغبار بين النجوم التي تمتص الضوء من النجوم وتحجبها عن "هابل". وهذا الضوء غير المرئي يتيح رؤية ما يختبئ بين الغيوم، أي نشوء النجوم والمجرات. وتكمن الأهمية الكبرى لذلك في أنه يتيح تفسير مرحلة رئيسية من تطوّر الكون، وهي المرحلة التي "أُطلق فيها الضوء، أي عندما بدأت النجوم الأولى تتشكّل"، أو ما يُعرف بـ"الفجر الكوني". ودخل الكون بعد مدة قصيرة من "الانفجار العظيم في "عصر مظلم"، في حمام غاز محايد يتكوّن خصوصًا من الهيدروجين والهيليوم، من دون ضوء.
وتشير النظريات العلمية إلى أنّ هذا الغاز تكثّف في "آبار" من مادة سوداء غامضة وغير قابلة للكشف، نشأت فيها النجوم الأولى. وتضاعفت هذه النجوم ككرة ثلج، وبدأت تشحن كهربائيًا الغاز المحايد للكون، وهو ما يسمى التأين. وأدت عملية تسمى "إعادة التأين" إلى إخراج الكون من غموضه وإلى جعله "شفافًا". ومن غير المعروف مع ذلك متى تكوّنت المجرات الأولى. وترجح عمليات المحاكاة أن ذلك حدث خلال مرحلة امتدت ما بين 100 و200 مليون سنة بعد "الانفجار العظيم".
بدأ تشييد التلسكوب "جيمس ويب" عام 2004 ويبلغ وزنه 14000رطل ويعادل عند فتحه مساحة ملعب تنس
ووضعت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" التصاميم الأولى للتلسكوب المعروف اختصارًا بـ "جي دبليو اس تي" بعيد إطلاق "هابل" عام 1990 وبدأ تشييده في عام 2004 بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الكندية. ويبلغ وزن التلسكوب 14000 رطل ويعادل عند فتحه مساحة ملعب تنس تقريبًا.
اقرأ أيضًا: هل يخبئ نظامنا الشمسي كوكبًا تاسعًا مموهًا؟
يتميز تلسكوب "جيمس ويب" بأن مرآته البالغ طول باعها 6.5 متر تجعله أكثر قدرة على الاستشعار بسبع مرّات، ما يتيح له مثلًا رصد الأثر الحراري لنحلة على القمر. كما يتميز "جيمس ويب" أيضا بتقنيته للمراقبة، فتلسكوب "هابل" يجري عمليات المراقبة في ميادين يكون فيها الضوء مرئيًا. أما "جيمس ويب"، فهو يسبر موجات غير مرئية للعين المجرّدة من أشعة تحت حمراء متوسطة المدى وقريبة، وهو شعاع يصدر عن كلّ جسم فلكي، أو نجم أو إنسان أو زهرة. والشرط الأساسي لحسن سير عمليات المراقبة في التلسكوب هو انخفاض الحرارة المحيطة به لدرجة لا تؤثّر على تتبّع الضوء.
وعملية إطلاق هذا التلسكوب محفوفة بالصعوبات والتعقيدات. فقد وُضع التلسكوب "هابل" في المدار على علو يقرب من 600 كيلومتر فوق الأرض، لكن عند هذه المسافة سيكون "جيمس ويب" غير صالح للاستخدام مع تسخينه من الشمس وانعكاسه على الأرض والقمر. وتأجل إطلاق "جيمس ويب" ثلاث مرات بسبب سوء الأحوال الجوية في الساحل الشمالي الشرقي لأميركا الجنوبية، من قاعدة الإطلاق التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية في "غويانا" الفرنسية.
يصل التلسكوب "جيمس ويب" بعد شهر إلى مسافة 1.5 مليون كيلومتر من الأرض
وسيوضع التلسكوب في مكانه المحدد إثر رحلة تمتد شهرًا لمسافة 1.5 مليون كيلومتر من الأرض. وسيحظى بحماية من الإشعاع الشمسي بفضل درع حرارية مكونة من خمسة أشرعة مرنة تبدد الحرارة وتخفض درجتها (وهي 80 درجة مئوية) إلى 233 درجة مئوية دون الصفر عند جهة التلسكوب. وسيحافظ المسار الخاص للتلسكوب على محاذاة ثابتة مع الأرض حيث يدور الكوكب والتلسكوب حول الشمس جنبًا إلى جنب. واتخذت وكالة "ناسا" تدابير مشددة لتفادي أي أضرار قد تلحق بالتلسكوب الذي كلّف تطويره ما يقرب من 10 مليارات دولار على مدى سنوات طويلة.
المصدر: وكالات