طريق الكباش: عودة موكب "الزواج المقدس" إلى طيبة

بحسب علماء آثار فإن اللقاء السنوي بين آمون رع (آله الشمس) وزوجته "موت" كان احتفالًا بالزواج المقدس.

قبل 3500 عام، كان المئات من المصريين القدماء يصطفون على طول طريق "وات نثر" (طريق الإله) في مدينة طيبة "التاريخية" للاحتفال بعيد "الأوبت"وهو عيد زواج المعبود "آمون" من المعبودة "موت" في رمز إلى تجديد شباب ملوك الفراعنة.

كان الاحتفال السنوى بعيد "إبت" في مصر القديمة يتضمن موكبًا مقدسًا لثماثيل آلهة ثالوث طيبة (آمون وزوجته موت وأبنهما خونسو) في رحلة تمتد لنحو 2700 متر في طريق تصطف على جانبيه تماثيل الكباش من قدس الأقداس في معبد الكرنك إلى معبد الأقصر والعكس. وهو ما جعل المصريون يطلقون على المسار الاحتفالي "طريق الكباش". وارتبط هذا الاحتفال – الذي يعد من أهم أعياد التقويم في مصر القديمة-  بموسم الحصاد في عصر الدولة الحديثة خلال شهور سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر للتعبير عن الفرحة بالحصاد والتزاوج. 
وتضمن الاحتفال مواكبًا برًا ونهرًا بما في ذلك مجموعات المراكب المقدسة والراقصين وذبح الأضاحي وتقديم العطور والهدايا. وكان المشهد الأهم هو إبحار القارب الملكي مع قوراب الآلهة المقدسة في النيل بين المعبدين لاستعادة الاحتفال بعيد تتويج الملك وتأكيد أحقيته بالملك. 
يستعيد المصريون هذه الأجواء الاحتفالية بافتتاح طريق المواكب الكبرى المعروف بـ"طريق الكباش" عبر تسير موكب فرعوني ضخم وسط الطريق إيذانًا بفتحه أمام الزائرين والسائحين. وغناء أنشودة آمون التاريخية والتي تقول كلماتها: 


عندما تكون بالزورق مهيب المقدمة 
إنك تبدو جميلًا يا آمون رع والكل يمجدك
لأن البلاد كلها في عيد أبنك البكر أول من أنجبت
يجدف ويبحر بك قدمًا إلى حيث يوجد أوبت
فهو أبنك الحبيب الذي أجلسته على العرش

وبحسب علماء، فإن اللقاء السنوي بين آمون رع (إله الشمس) وزوجته "موت" كان احتفالًا بالزواج المقدس. وخلال هذا العيد كان يتم نقل تمثال آمون رع من قدس الأقداس في معبد الكرنك ووضعه في الزورق المقدس (مقدمته ومؤخرته تزينه رأس الكباش) وتحمل الزوارق المقدسة الخاصة بآمون وزوجته وابنه "خونسو" على أكتاف الكهنة المرتدين ملابس من الجلد وحالقي الرؤوس. وخلال الرحلة يصطف المصريون لمشاهدة الموكب الذي ينشد خلاله العازفون والموسيقيون ترانيم تمجد الأله آمون رع.  

زين طريق "واث نثر" في طيبة أكثر من 1350 تمثال للكباش -التي ترمز للإله آمون. وكانت التماثيل تأخذ 3 هيئات  وتختلف في أشكالها وأحجامها، فهناك تماثيل بجسم ورأس الكبش بهيئة كاملة وأخرى تتخذ جسم أسد ورأس كبش و بعضها كان تتخذ شكل "أبوالهول" بجسم أسد ورأس إنسان. وكان الإله آمون هو البطل الرئيس للاحتفال بعيد "أبت" وبالتالي كان الكباش تحرسه خلال موكبه بين المعبدين. وآمون أصبح المعبود الرئيسي في عصر الدولة الحديثة (بدء من الأسرة الـ18) واندمج مع المعبود رع ليزداد قوة ويصبح أسمه "آمون رع".
ونحت المصريون القدماء تماثيل الكباش من كتلة واحدة من الحجر الرملي، ذات كورنيش نقش عليه اسم الملك والقابه وثناء عليه، مقامه على قاعدة من الحجر مكونة من 4 مداميك من الحجر المستخدم نظرًا لوجود بعض النقوش.

الملك أمنحوتب الثالث أشرف على تنفيذ طريق الكباش قبل أن يكمله الملك نخت أنبو الأول

ويعتقد أن طريق الكباش أشرف عليه الملك أمنحوتب الثالث تاسع ملوك الأسرة الثامنة عشر (1391- 1353 قبل الميلاد). وهو الملك الذي ساهم في بناء العديد من المعابد في الكرنك خاصة معبد الألة "مونتو" والآلهة "موت" زوجة آمون رع قبل أن يبدأ في تشييد معبد الأقصر. ولكن النصيب الأكبر لتنفيذ الطريق يرجع إلى الملك نخت أنبو الأول (مؤسسة الأسرة الـ30) الذي استكمل بناء الطريق في الفترة من 380 و362 قبل الميلاد، وهو طريق يمتد لنحو 2700 متر وبعرض 76 مترًا. وعلى امتداد الطريق من معبد الأقصر إلى معبد الكرنك ضم الطريق كباشًا تعود للأسرة الـ18 والأسرة الـ30 (على هيئة أبي الهول). وعبر مئات السنوات أضاف الملوك المصريون ملحقات للطريق تضمنت استراحات للمراكب ومقياس للنيل ومعاصر وأحواض اغتسال. 

وخلال أكثر من ألف عام اختفى طريق الكباش، قبل أن يتمكن الآثري المصري زكريا غنيم في عام 1949 من اكتشاف 8 تماثيل أبي الهول في الطريق، وبعدها بـ11 عامً اكتشف آثري آخر 14 تمثالًا وفي 1964 اكتشف 64 تمثالًا أخرًا، لتظهر ملامح "طريق الكباش". 

وبدأت الجهود الحقيقة لاستعادة وترميم طريق الكباش في 2007  بإزالة مبان سكنية وأراض زراعية على طول الطريق، قبل أن يتوقف العمل بسبب أحداث 2011. ولكن الدولة المصرية قررت استئناف العمل في 2017 عبر عملية معقد لتمهيد الطريق وجمع الكباش وترميمها بألوانها الأصلية. كما قامت الهيئات الحكومية المصرية بإعادة الهيبة لأرضية الطريق باستخدام الرخام والجرانيت والبازلت. وتستهدف الحكومة المصرية من هذا المشروع الضخم إلى ترسيخ مكانة الأقصر كأكبر متحف تاريخي مفتوح في العالم.

اقرأ أيضًا: 

"المدينة الذهبية المفقودة" تكشف أسرار حياة المصريين القدماء

لماذا هجر المصريون ضفاف النيل قبل 10 آلاف عام؟

طريق الكباش: عودة موكب "الزواج المقدس" إلى طيبة

بحسب علماء آثار فإن اللقاء السنوي بين آمون رع (آله الشمس) وزوجته "موت" كان احتفالًا بالزواج المقدس.

قبل 3500 عام، كان المئات من المصريين القدماء يصطفون على طول طريق "وات نثر" (طريق الإله) في مدينة طيبة "التاريخية" للاحتفال بعيد "الأوبت"وهو عيد زواج المعبود "آمون" من المعبودة "موت" في رمز إلى تجديد شباب ملوك الفراعنة.

كان الاحتفال السنوى بعيد "إبت" في مصر القديمة يتضمن موكبًا مقدسًا لثماثيل آلهة ثالوث طيبة (آمون وزوجته موت وأبنهما خونسو) في رحلة تمتد لنحو 2700 متر في طريق تصطف على جانبيه تماثيل الكباش من قدس الأقداس في معبد الكرنك إلى معبد الأقصر والعكس. وهو ما جعل المصريون يطلقون على المسار الاحتفالي "طريق الكباش". وارتبط هذا الاحتفال – الذي يعد من أهم أعياد التقويم في مصر القديمة-  بموسم الحصاد في عصر الدولة الحديثة خلال شهور سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر للتعبير عن الفرحة بالحصاد والتزاوج. 
وتضمن الاحتفال مواكبًا برًا ونهرًا بما في ذلك مجموعات المراكب المقدسة والراقصين وذبح الأضاحي وتقديم العطور والهدايا. وكان المشهد الأهم هو إبحار القارب الملكي مع قوراب الآلهة المقدسة في النيل بين المعبدين لاستعادة الاحتفال بعيد تتويج الملك وتأكيد أحقيته بالملك. 
يستعيد المصريون هذه الأجواء الاحتفالية بافتتاح طريق المواكب الكبرى المعروف بـ"طريق الكباش" عبر تسير موكب فرعوني ضخم وسط الطريق إيذانًا بفتحه أمام الزائرين والسائحين. وغناء أنشودة آمون التاريخية والتي تقول كلماتها: 


عندما تكون بالزورق مهيب المقدمة 
إنك تبدو جميلًا يا آمون رع والكل يمجدك
لأن البلاد كلها في عيد أبنك البكر أول من أنجبت
يجدف ويبحر بك قدمًا إلى حيث يوجد أوبت
فهو أبنك الحبيب الذي أجلسته على العرش

وبحسب علماء، فإن اللقاء السنوي بين آمون رع (إله الشمس) وزوجته "موت" كان احتفالًا بالزواج المقدس. وخلال هذا العيد كان يتم نقل تمثال آمون رع من قدس الأقداس في معبد الكرنك ووضعه في الزورق المقدس (مقدمته ومؤخرته تزينه رأس الكباش) وتحمل الزوارق المقدسة الخاصة بآمون وزوجته وابنه "خونسو" على أكتاف الكهنة المرتدين ملابس من الجلد وحالقي الرؤوس. وخلال الرحلة يصطف المصريون لمشاهدة الموكب الذي ينشد خلاله العازفون والموسيقيون ترانيم تمجد الأله آمون رع.  

زين طريق "واث نثر" في طيبة أكثر من 1350 تمثال للكباش -التي ترمز للإله آمون. وكانت التماثيل تأخذ 3 هيئات  وتختلف في أشكالها وأحجامها، فهناك تماثيل بجسم ورأس الكبش بهيئة كاملة وأخرى تتخذ جسم أسد ورأس كبش و بعضها كان تتخذ شكل "أبوالهول" بجسم أسد ورأس إنسان. وكان الإله آمون هو البطل الرئيس للاحتفال بعيد "أبت" وبالتالي كان الكباش تحرسه خلال موكبه بين المعبدين. وآمون أصبح المعبود الرئيسي في عصر الدولة الحديثة (بدء من الأسرة الـ18) واندمج مع المعبود رع ليزداد قوة ويصبح أسمه "آمون رع".
ونحت المصريون القدماء تماثيل الكباش من كتلة واحدة من الحجر الرملي، ذات كورنيش نقش عليه اسم الملك والقابه وثناء عليه، مقامه على قاعدة من الحجر مكونة من 4 مداميك من الحجر المستخدم نظرًا لوجود بعض النقوش.

الملك أمنحوتب الثالث أشرف على تنفيذ طريق الكباش قبل أن يكمله الملك نخت أنبو الأول

ويعتقد أن طريق الكباش أشرف عليه الملك أمنحوتب الثالث تاسع ملوك الأسرة الثامنة عشر (1391- 1353 قبل الميلاد). وهو الملك الذي ساهم في بناء العديد من المعابد في الكرنك خاصة معبد الألة "مونتو" والآلهة "موت" زوجة آمون رع قبل أن يبدأ في تشييد معبد الأقصر. ولكن النصيب الأكبر لتنفيذ الطريق يرجع إلى الملك نخت أنبو الأول (مؤسسة الأسرة الـ30) الذي استكمل بناء الطريق في الفترة من 380 و362 قبل الميلاد، وهو طريق يمتد لنحو 2700 متر وبعرض 76 مترًا. وعلى امتداد الطريق من معبد الأقصر إلى معبد الكرنك ضم الطريق كباشًا تعود للأسرة الـ18 والأسرة الـ30 (على هيئة أبي الهول). وعبر مئات السنوات أضاف الملوك المصريون ملحقات للطريق تضمنت استراحات للمراكب ومقياس للنيل ومعاصر وأحواض اغتسال. 

وخلال أكثر من ألف عام اختفى طريق الكباش، قبل أن يتمكن الآثري المصري زكريا غنيم في عام 1949 من اكتشاف 8 تماثيل أبي الهول في الطريق، وبعدها بـ11 عامً اكتشف آثري آخر 14 تمثالًا وفي 1964 اكتشف 64 تمثالًا أخرًا، لتظهر ملامح "طريق الكباش". 

وبدأت الجهود الحقيقة لاستعادة وترميم طريق الكباش في 2007  بإزالة مبان سكنية وأراض زراعية على طول الطريق، قبل أن يتوقف العمل بسبب أحداث 2011. ولكن الدولة المصرية قررت استئناف العمل في 2017 عبر عملية معقد لتمهيد الطريق وجمع الكباش وترميمها بألوانها الأصلية. كما قامت الهيئات الحكومية المصرية بإعادة الهيبة لأرضية الطريق باستخدام الرخام والجرانيت والبازلت. وتستهدف الحكومة المصرية من هذا المشروع الضخم إلى ترسيخ مكانة الأقصر كأكبر متحف تاريخي مفتوح في العالم.

اقرأ أيضًا: 

"المدينة الذهبية المفقودة" تكشف أسرار حياة المصريين القدماء

لماذا هجر المصريون ضفاف النيل قبل 10 آلاف عام؟