بماذا تخبرنا فضلات الطيور؟
تلعب تريليونات البكتيريا التي تعيش في أحشائنا دورًا مهمًا في قدرتنا على هضم الطعام ومحاربة الأمراض، وتحتوي جميع الحيوانات الأخرى أيضًا على مجتمعات من البكتيريا تعيش بداخلها، والتي يسميها العلماء الميكروبيوم، ويمكن أن يساعد التعرف عليها في تكوين صورة أكثر اكتمالاً عن كيفية تفاعل تلك الحيوانات مع العالم.
في دراسة جديدة نُشرت في دورية "موليكولار إيكولوجي"، استخدم الباحثون أجهزة تعقب لاسلكية صغيرة لمتابعة تحركات الطيور التي هاجرت بين جزر الباهاما وميتشيغان بأمريكا، ووجدوا أن بكتيريا أمعاء الطيور نفسها كانت مختلفة في الموقعين، ولمعرفة ذلك، كان على العلماء الاقتراب كثيرا من فضلات الطيور. وتقول "هيذر سكين" الطالبة في متحف فيلد وجامعة شيكاغو والمؤلف الرئيس للدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمتحف بالتزامن مع نشر الدراسة "لقد رأينا في الحيوانات الأخرى أن الميكروبات يمكن أن تتأثر بالأماكن التي يعيش فيها مضيفوها، ويهاجر الكثير من الطيور، ويختبرون بيئات مختلفة في نقاط مختلفة من دورة هجرتهم، ولم نكن نعرف كيف أثرت هذه البيئات المختلفة على (ميكروبيوم) الطيور".
وبينما تهاجر الآلاف من أنواع الطيور، اهتمت "سكين" وزملاؤها بطائر "هازجة كيرتلاند"، أحد أندر الطيور في العالم، وهو من الطيور المغردة الصغيرة صفراء الصدر، والتي تقضي فصول الشتاء في جزر الباهاما وتهاجر إلى شمال ميشيغان في الربيع، حيث تتكاثر فقط في غابة الصنوبر الصغيرة، وكاد أن ينقرض في القرن العشرين، إذ انخفض إلى 167 ذكرًا فقط في البرية عام 1987، لكن أعداده استقرت بفضل جهود الحفظ المكثفة، ومع ذلك، فهو نادرة في عالم الطيور، وهذه الندرة جعلته مثاليًا لهذه الدراسة. تقول سكين: "اخترنا هذه الطيور لوجود عدد قليل جدًا بما يمكننا من تتبعها واصطيادها في مناطق تكاثرها، بينما تكون محاولة تتبع أفراد من الطيور الشائعة للغاية والموزعة على نطاق واسع مثل (روبينز) كمن يحاول العثور على إبرة في كومة قش ".
وبدأ الباحثون بالقيام بعمل ميداني في جزر الباهاما، حيث قاموا بإغراء الطيور باستخدام تسجيلات أغانيهم لإصطيادهم، ثم قاموا بتزويدهم بأجهزة تتبع لاسلكية صغيرة. وهذه الطيور صغيرة الحجم، تبلغ نحو نصف أونصة، لذلك كان وزنها أقل من نصف جرام، (بالنسبة للساق، يزن نحو 2.5 جرام)، وبعد إرفاق أجهزة التتبع، وضعت سكين وزملاؤها الطيور داخل أكياس ورقية لبضع دقائق، وقامت الطيور على الفور بتحويل الأكياس إلى حمامات خاصة بها، ثم تم إطلاق سراحهم، وجمعت سكين وفريقها عينات البراز من الأكياس.
بعد بضعة أشهر، عندما هاجرت الطيور من جزر الباهاما إلى ميشيغان، استخدمت "سكين" وزملاؤها شبكة كبيرة من أبراج الراديو الآلية، والمعروفة باسم نظام "موتوس" لتتبع الحياة البرية، لتحديد موقع الطيور نفسها التي أخذوا عينات منها في جزر البهاما. تقول سكين: "كان هناك 12 برجًا لاسلكيًا منتشرة في جميع أنحاء منطقة تكاثر الطيور في ميشيغان، وعندما يدق أحد أجهزة تعقب الطيور لدينا بالقرب من برج، كنا نتجول في النطاق باستخدام هوائي راديو محمول، بحثًا عن الطائر، وبمجرد أن التقطنا الإشارة، نزلنا من السيارة وتجولنا في الأنحاء، محاولين جذب الطيور
باستخدام تسجيلات أغانيهم، وعندما وقع الطيور في الشباك التي أقامها الباحثون، كرر العلماء إجراء الأكياس الورقية قبل السماح للطيور بالذهاب مرة أخرى". وباستخدام ما يقرب من مائتي عينة من فضلات الطيور، بعضها عندما كانت في جزر الباهاما والأخرى بعد قضاء فترة في ميتشيغان، أجرى الباحثون تحليلات جينية للبكتيريا الموجودة في الأنبوب. ووجدوا أن البكتيريا الموجودة في أنبوب ميتشيغان كانت مختلفة عن البكتيريا الموجودة في أنبوب الباهاما، ولكن الأهم من ذلك، أن نفس الطيور لديها بكتيريا مختلفة في قنواتها الهضمية اعتمادًا على مكان وجودها عندما تم جمع البراز. وتقول "سكين" : "أحد أهم أجزاء هذه الدراسة هو أننا كنا قادرين على استعادة الطيور في أجزاء مختلفة من الدورة السنوية في مواقع مختلفة، ولدينا هذه المقارنة الفردية بين نفس الطيور ونفس الأفراد وكيف تغير الميكروبيوم". وتضيف "سكين" :"إذا اختبرنا طيورًا فردية مختلفة، فلن نتمكن من التأكد مما إذا كانت التغييرات التي رأيناها ترجع إلى الموقع أم أنها مجرد اختلافات بين المجموعات المختلفة، ونظرًا لأننا كنا ننظر إلى نفس الطيور بالضبط، فإن هذه النتائج مدعومة أكثر من ذلك بكثير".
يمكن أن تساعد نتائج الدراسة التي تفيد بأن ميكروبيومات الطيور تختلف من مكان إلى آخر ، وحتى داخل نفس الأفراد ، العلماء في حل لغز كيفية عمل ميكروبات الطيور. وتقول "سكين": "نحن نعلم أن الميكروبيوم للطيور يختلف عن معظم الثدييات، لكننا لا نعرف بالضبط كيف ولماذا ؟".
في معظم الثدييات، ترتبط أنواع بكتيريا الأمعاء الموجودة ارتباطًا وثيقًا بأنواع الحيوان والتاريخ التطوري، ولكن مع الطيور، تبدو هذه الروابط أكثر مرونة.وأشارت الدراسات السابقة إلى أن ميكروبات أمعاء الطيور لها علاقة بالمكان الذي تعيش فيه "، وفي الدراسة الجديدة وجد الباحثون أن هناك بعض مجموعات البكتيريا التي من المحتمل أن تكون عابرة، أي تكتسبها الطيور من طعامها، وتخرجها وتختفي، وهذه البكتيريا لا تستعمر الطيور، لأنهم يدخلون ويخرجون.
تلاحظ "سكين" أيضًا أن أزمة المناخ قد تجعل (ميكروبيومات) الأمعاء مهمة بشكل خاص حيث تحاول الحيوانات البقاء على قيد الحياة في البيئات المتغيرة، وتقول: " (ميكروبيوم) أمعاء الحيوان هو مستوى إضافي من التنوع الجزيئي، وبما أن تغير المناخ العالمي يغير النظم البيئية، فقد يكون (ميكروبيوم) الأمعاء أحد السبل التي يمكن للحيوانات أن تتكيف من خلالها مع البيئة المتغيرة".
بماذا تخبرنا فضلات الطيور؟
تلعب تريليونات البكتيريا التي تعيش في أحشائنا دورًا مهمًا في قدرتنا على هضم الطعام ومحاربة الأمراض، وتحتوي جميع الحيوانات الأخرى أيضًا على مجتمعات من البكتيريا تعيش بداخلها، والتي يسميها العلماء الميكروبيوم، ويمكن أن يساعد التعرف عليها في تكوين صورة أكثر اكتمالاً عن كيفية تفاعل تلك الحيوانات مع العالم.
في دراسة جديدة نُشرت في دورية "موليكولار إيكولوجي"، استخدم الباحثون أجهزة تعقب لاسلكية صغيرة لمتابعة تحركات الطيور التي هاجرت بين جزر الباهاما وميتشيغان بأمريكا، ووجدوا أن بكتيريا أمعاء الطيور نفسها كانت مختلفة في الموقعين، ولمعرفة ذلك، كان على العلماء الاقتراب كثيرا من فضلات الطيور. وتقول "هيذر سكين" الطالبة في متحف فيلد وجامعة شيكاغو والمؤلف الرئيس للدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمتحف بالتزامن مع نشر الدراسة "لقد رأينا في الحيوانات الأخرى أن الميكروبات يمكن أن تتأثر بالأماكن التي يعيش فيها مضيفوها، ويهاجر الكثير من الطيور، ويختبرون بيئات مختلفة في نقاط مختلفة من دورة هجرتهم، ولم نكن نعرف كيف أثرت هذه البيئات المختلفة على (ميكروبيوم) الطيور".
وبينما تهاجر الآلاف من أنواع الطيور، اهتمت "سكين" وزملاؤها بطائر "هازجة كيرتلاند"، أحد أندر الطيور في العالم، وهو من الطيور المغردة الصغيرة صفراء الصدر، والتي تقضي فصول الشتاء في جزر الباهاما وتهاجر إلى شمال ميشيغان في الربيع، حيث تتكاثر فقط في غابة الصنوبر الصغيرة، وكاد أن ينقرض في القرن العشرين، إذ انخفض إلى 167 ذكرًا فقط في البرية عام 1987، لكن أعداده استقرت بفضل جهود الحفظ المكثفة، ومع ذلك، فهو نادرة في عالم الطيور، وهذه الندرة جعلته مثاليًا لهذه الدراسة. تقول سكين: "اخترنا هذه الطيور لوجود عدد قليل جدًا بما يمكننا من تتبعها واصطيادها في مناطق تكاثرها، بينما تكون محاولة تتبع أفراد من الطيور الشائعة للغاية والموزعة على نطاق واسع مثل (روبينز) كمن يحاول العثور على إبرة في كومة قش ".
وبدأ الباحثون بالقيام بعمل ميداني في جزر الباهاما، حيث قاموا بإغراء الطيور باستخدام تسجيلات أغانيهم لإصطيادهم، ثم قاموا بتزويدهم بأجهزة تتبع لاسلكية صغيرة. وهذه الطيور صغيرة الحجم، تبلغ نحو نصف أونصة، لذلك كان وزنها أقل من نصف جرام، (بالنسبة للساق، يزن نحو 2.5 جرام)، وبعد إرفاق أجهزة التتبع، وضعت سكين وزملاؤها الطيور داخل أكياس ورقية لبضع دقائق، وقامت الطيور على الفور بتحويل الأكياس إلى حمامات خاصة بها، ثم تم إطلاق سراحهم، وجمعت سكين وفريقها عينات البراز من الأكياس.
بعد بضعة أشهر، عندما هاجرت الطيور من جزر الباهاما إلى ميشيغان، استخدمت "سكين" وزملاؤها شبكة كبيرة من أبراج الراديو الآلية، والمعروفة باسم نظام "موتوس" لتتبع الحياة البرية، لتحديد موقع الطيور نفسها التي أخذوا عينات منها في جزر البهاما. تقول سكين: "كان هناك 12 برجًا لاسلكيًا منتشرة في جميع أنحاء منطقة تكاثر الطيور في ميشيغان، وعندما يدق أحد أجهزة تعقب الطيور لدينا بالقرب من برج، كنا نتجول في النطاق باستخدام هوائي راديو محمول، بحثًا عن الطائر، وبمجرد أن التقطنا الإشارة، نزلنا من السيارة وتجولنا في الأنحاء، محاولين جذب الطيور
باستخدام تسجيلات أغانيهم، وعندما وقع الطيور في الشباك التي أقامها الباحثون، كرر العلماء إجراء الأكياس الورقية قبل السماح للطيور بالذهاب مرة أخرى". وباستخدام ما يقرب من مائتي عينة من فضلات الطيور، بعضها عندما كانت في جزر الباهاما والأخرى بعد قضاء فترة في ميتشيغان، أجرى الباحثون تحليلات جينية للبكتيريا الموجودة في الأنبوب. ووجدوا أن البكتيريا الموجودة في أنبوب ميتشيغان كانت مختلفة عن البكتيريا الموجودة في أنبوب الباهاما، ولكن الأهم من ذلك، أن نفس الطيور لديها بكتيريا مختلفة في قنواتها الهضمية اعتمادًا على مكان وجودها عندما تم جمع البراز. وتقول "سكين" : "أحد أهم أجزاء هذه الدراسة هو أننا كنا قادرين على استعادة الطيور في أجزاء مختلفة من الدورة السنوية في مواقع مختلفة، ولدينا هذه المقارنة الفردية بين نفس الطيور ونفس الأفراد وكيف تغير الميكروبيوم". وتضيف "سكين" :"إذا اختبرنا طيورًا فردية مختلفة، فلن نتمكن من التأكد مما إذا كانت التغييرات التي رأيناها ترجع إلى الموقع أم أنها مجرد اختلافات بين المجموعات المختلفة، ونظرًا لأننا كنا ننظر إلى نفس الطيور بالضبط، فإن هذه النتائج مدعومة أكثر من ذلك بكثير".
يمكن أن تساعد نتائج الدراسة التي تفيد بأن ميكروبيومات الطيور تختلف من مكان إلى آخر ، وحتى داخل نفس الأفراد ، العلماء في حل لغز كيفية عمل ميكروبات الطيور. وتقول "سكين": "نحن نعلم أن الميكروبيوم للطيور يختلف عن معظم الثدييات، لكننا لا نعرف بالضبط كيف ولماذا ؟".
في معظم الثدييات، ترتبط أنواع بكتيريا الأمعاء الموجودة ارتباطًا وثيقًا بأنواع الحيوان والتاريخ التطوري، ولكن مع الطيور، تبدو هذه الروابط أكثر مرونة.وأشارت الدراسات السابقة إلى أن ميكروبات أمعاء الطيور لها علاقة بالمكان الذي تعيش فيه "، وفي الدراسة الجديدة وجد الباحثون أن هناك بعض مجموعات البكتيريا التي من المحتمل أن تكون عابرة، أي تكتسبها الطيور من طعامها، وتخرجها وتختفي، وهذه البكتيريا لا تستعمر الطيور، لأنهم يدخلون ويخرجون.
تلاحظ "سكين" أيضًا أن أزمة المناخ قد تجعل (ميكروبيومات) الأمعاء مهمة بشكل خاص حيث تحاول الحيوانات البقاء على قيد الحياة في البيئات المتغيرة، وتقول: " (ميكروبيوم) أمعاء الحيوان هو مستوى إضافي من التنوع الجزيئي، وبما أن تغير المناخ العالمي يغير النظم البيئية، فقد يكون (ميكروبيوم) الأمعاء أحد السبل التي يمكن للحيوانات أن تتكيف من خلالها مع البيئة المتغيرة".