منكب الجوزاء.. سر تعتيم العملاق الأحمر
يعد منكب الجوزاء واحد من ألمع 10 نجوم في السماء، وقد انشغل العلماء بسبب التعتيم الدراماتيكي للنجم خلال العام المنصرم. وعلى مدى عقود عرف الباحثون أن النجم يخضع لدورات من التعتيم كل 425 يومًا تقريبًا، يفقد خلالها مؤقتًا ربع ذروة سطوعه. ولكن في فبراير 2020، لاحظ علماء الفلك أن سطوع النجم انخفض بمقدار الثلثين بشكل غير مسبوق، وهو ما كان كافٍ لملاحظته بالعين المجردة.
وتوصل علماء إلى أن هذا التعتيم كان سببه سحابة من الغبار يقذفها النجم نفسه، مستخدمين في ذلك التصوير عالي الدقة لمنكب الجوزاء قبل التعتيم وبعده، جنبًا إلى جنب مع محاكاة الكمبيوتر. وغذى التعتيم غير المبرر التكهنات بأن النجم قد يكون على وشك الانفجار. فهذا العملاق الأحمر هو نوع من النجوم أكثر ضخامة وأقصر عمرًا بآلاف المرات من الشمس، ومن المتوقع أن تنتهي حياته في انفجار مستعر مذهل خلال 100 ألف عام. وسيوفر هذا الحدث مشهدًا لم يره أبناء الأرض مثله منذ قرون. فآخر مستعر أعظم في مجرة درب التبانة كان يمكن ملاحظته من الأرض حدث في عام 1604، في حين أن منكب الجوزاء قريب جدًا من كوكبنا (يبعد نحو 548 سنة ضوئية) لدرجة أن المستعر الأعظم سيكون ساطعًا بدرجة كافية تكون مرئية خلال النهار لأسابيع.
العديد من علماء الفيزياء الفلكية حذروا من أن تكهنات المستعر الأعظم كانت مجرد أمنيات. وأشاروا إلى أنه من المحتمل أن يكون التعتيم ناتجًا عن أسباب مختلفة، مثل ظهور مواد باردة بشكل غير معتاد على سطح النجم فيما يعرف باسم خلية الحمل الحراري القادمة إلى سطح النجم، أو سحابة من الغبار. وقد وجد عالم الفيزياء الفلكية "ميغيل مونتارجيس" في مرصد باريس ومعاونيه أن سبب "التعتيم الكبير" ربما كان مزيجًا من هذين العاملين.
والتقط الفريق سلسلة من الصور عالية الدقة للنجم في يناير 2019 وديسمبر 2019 ويناير 2020 ومارس 2020، باستخدام التليسكوب الكبير في صحراء أتاكاما في تشيلي. ووجدوا أن منكب الجوزاء أكثر من 16 ضعف كتلة الشمس، و764 ضعف عرضها، إنه كبير للغاية لدرجة أنه إذا كان موجودًا في مركز النظام الشمسي، فإنه سيغمر مدارات جميع الكواكب حتى المريخ. وقد أظهرت الصور بوضوح أن الجزء السفلي الأيسر من النجم - كما يُرى من نصف الكرة الشمالي للأرض - قد تضاءل بشكل كبير، وأن موضع المنطقة المظلمة لم يتغير بشكل كبير خلال فترة التصوير. ما يشير إلى أن البقعة المعتمة ناتجة عن سحابة من الغبار التي أطلقها النجم نفسه، وكانت تتحرك تقريبًا في اتجاه خط البصر، بدلاً من المرور بها. ويقول "مونتارجيس": "لو كانت سحابة واحدة عابرة، لكانت قد عبرت النجم".
تفسير الفريق للتعتيم هو أن خلية الحمل الحراري الباردة أدت إلى انخفاض حاد في درجة الحرارة في الغلاف الجوي للنجم. مكّن هذا الغاز الذي أطلقه النجم في العام السابق من التكثيف بسرعة في الغبار وحجب الضوء من النجم، وهذا السيناريو يتوافق البيانات بشكل أفضل، كما أكد الباحثون من خلال تشغيل حوالي 10000 محاكاة كمبيوتر. ويؤكد "مونتارجيس" أن النتيجة المستخلصة من النمذجة هي أن كلا الحدثين حدثا في نفس الوقت.
ويقول عالم الفيزياء الفلكية "شياكي كوباياشي"، من جامعة هيرتفوردشاير في بريطانيا،: "سيكون من الرائع أن نعرف عدد الأيام أو السنوات التي يجب أن ينفجر فيها منكب الجوزاء على شكل مستعر أعظم". ومع ذلك، لا يوجد لدى الباحثين حتى الآن فهم واضح بما فيه الكفاية لمنكب الجوزاء - أو العملاق الأحمر - ليكونوا قادرين على توقع توقيت هذا الحدث العظيم.
المصدر: Nature
منكب الجوزاء.. سر تعتيم العملاق الأحمر
يعد منكب الجوزاء واحد من ألمع 10 نجوم في السماء، وقد انشغل العلماء بسبب التعتيم الدراماتيكي للنجم خلال العام المنصرم. وعلى مدى عقود عرف الباحثون أن النجم يخضع لدورات من التعتيم كل 425 يومًا تقريبًا، يفقد خلالها مؤقتًا ربع ذروة سطوعه. ولكن في فبراير 2020، لاحظ علماء الفلك أن سطوع النجم انخفض بمقدار الثلثين بشكل غير مسبوق، وهو ما كان كافٍ لملاحظته بالعين المجردة.
وتوصل علماء إلى أن هذا التعتيم كان سببه سحابة من الغبار يقذفها النجم نفسه، مستخدمين في ذلك التصوير عالي الدقة لمنكب الجوزاء قبل التعتيم وبعده، جنبًا إلى جنب مع محاكاة الكمبيوتر. وغذى التعتيم غير المبرر التكهنات بأن النجم قد يكون على وشك الانفجار. فهذا العملاق الأحمر هو نوع من النجوم أكثر ضخامة وأقصر عمرًا بآلاف المرات من الشمس، ومن المتوقع أن تنتهي حياته في انفجار مستعر مذهل خلال 100 ألف عام. وسيوفر هذا الحدث مشهدًا لم يره أبناء الأرض مثله منذ قرون. فآخر مستعر أعظم في مجرة درب التبانة كان يمكن ملاحظته من الأرض حدث في عام 1604، في حين أن منكب الجوزاء قريب جدًا من كوكبنا (يبعد نحو 548 سنة ضوئية) لدرجة أن المستعر الأعظم سيكون ساطعًا بدرجة كافية تكون مرئية خلال النهار لأسابيع.
العديد من علماء الفيزياء الفلكية حذروا من أن تكهنات المستعر الأعظم كانت مجرد أمنيات. وأشاروا إلى أنه من المحتمل أن يكون التعتيم ناتجًا عن أسباب مختلفة، مثل ظهور مواد باردة بشكل غير معتاد على سطح النجم فيما يعرف باسم خلية الحمل الحراري القادمة إلى سطح النجم، أو سحابة من الغبار. وقد وجد عالم الفيزياء الفلكية "ميغيل مونتارجيس" في مرصد باريس ومعاونيه أن سبب "التعتيم الكبير" ربما كان مزيجًا من هذين العاملين.
والتقط الفريق سلسلة من الصور عالية الدقة للنجم في يناير 2019 وديسمبر 2019 ويناير 2020 ومارس 2020، باستخدام التليسكوب الكبير في صحراء أتاكاما في تشيلي. ووجدوا أن منكب الجوزاء أكثر من 16 ضعف كتلة الشمس، و764 ضعف عرضها، إنه كبير للغاية لدرجة أنه إذا كان موجودًا في مركز النظام الشمسي، فإنه سيغمر مدارات جميع الكواكب حتى المريخ. وقد أظهرت الصور بوضوح أن الجزء السفلي الأيسر من النجم - كما يُرى من نصف الكرة الشمالي للأرض - قد تضاءل بشكل كبير، وأن موضع المنطقة المظلمة لم يتغير بشكل كبير خلال فترة التصوير. ما يشير إلى أن البقعة المعتمة ناتجة عن سحابة من الغبار التي أطلقها النجم نفسه، وكانت تتحرك تقريبًا في اتجاه خط البصر، بدلاً من المرور بها. ويقول "مونتارجيس": "لو كانت سحابة واحدة عابرة، لكانت قد عبرت النجم".
تفسير الفريق للتعتيم هو أن خلية الحمل الحراري الباردة أدت إلى انخفاض حاد في درجة الحرارة في الغلاف الجوي للنجم. مكّن هذا الغاز الذي أطلقه النجم في العام السابق من التكثيف بسرعة في الغبار وحجب الضوء من النجم، وهذا السيناريو يتوافق البيانات بشكل أفضل، كما أكد الباحثون من خلال تشغيل حوالي 10000 محاكاة كمبيوتر. ويؤكد "مونتارجيس" أن النتيجة المستخلصة من النمذجة هي أن كلا الحدثين حدثا في نفس الوقت.
ويقول عالم الفيزياء الفلكية "شياكي كوباياشي"، من جامعة هيرتفوردشاير في بريطانيا،: "سيكون من الرائع أن نعرف عدد الأيام أو السنوات التي يجب أن ينفجر فيها منكب الجوزاء على شكل مستعر أعظم". ومع ذلك، لا يوجد لدى الباحثين حتى الآن فهم واضح بما فيه الكفاية لمنكب الجوزاء - أو العملاق الأحمر - ليكونوا قادرين على توقع توقيت هذا الحدث العظيم.
المصدر: Nature