أبريل 2024
"ليس ثمة شيء في اليرقة يوحي أنها يومًا ما سوف تصبح فراشة".. مقولة ما زالت منذ عشرة أعوام تزين أحد أركان منزلي، وقد جُعلَت في بروازٍ صغير. تعود القولة للمخترع والمعماري الأميركي "ريتشارد بوكمينستر فولر"، ودائما ما تحثني على الإبداع والابتكار كلما طالعتها. إلّا أن الفراشات -كما كائنات كثيرة غيرها- لم تُخلَق لتُضفي على المشهد الطبيعي بهاءً على بهاء فحسْب، بل تمنحه أيضًا عنصر حيوية ونشاط قلّما تقدمه حشرات ملقِّحة أخرى. فمن ذلك العنصر استُلهم مصطلح "فراشة اجتماعية" (social butterfly) الذي يصف الشخص ذا الحضور المجتمعي الواسع والنشط. لكن نشاط الفراشات لا يقتصر على التنقل بين البساتين سعيًا للرحيق بل يتعداه إلى هجرات أكبر وأبعد وأعقد؛ وذلك ما تفعله الفراشة الملكية على أبدع نحو. تنتشر أسراب هذه الحشرة بالأساس في أميركا الشمالية وتُعرَف بهجرتها الممتدة آلاف الكيلومترات، كما هو مفصَّل في موضوع غلاف عددكم هذا. وما أثارني في التحقيق هو تمركز هجرتها بين الولايات المتحدة والمكسيك، حيث ما فتئ جدار حدودي بين البلدين يلقي بظله المعتم على نفسية المكسيكيين ويؤرّق الرأي العام في الولايات المتحدة. لكنّي حين تمعَّنت في خريطة هجرة الفراشات الملكية (الصفحتان 26 و27) وجدْتُني أبتسم حين تذكرتُ أنها لا تكترث لهموم بني البشر أو نزاعاتهم، وإنْ كانت تتأثر بسلوكهم البيئي المتسبب بالاحترار العالمي. وذلك الاحترار، وما يليه من تداعيات خطيرة، قد يكون سببًا في كبح نشاط هذه الفراشة التي ما فتئت تُلقّن البشر دروسًا في الانفتاح الدائم -من خلال الهجرة- على بيئات أخرى مختلفة ومتنوعة. فهل يفلح أنصار هذه الملكة الحسناء في صونها؟ الإجابة.. على صفحات مجلتكم.
أرجو لكم قراءة ممتعة ومفيدة.