اقتران كوكبي.. إماراتي
في أول أيامي بأسترالـــيا، حيث أمضيت جل سنواتي العشرينية، كان أصدقائي يحرصون على أن نسلك "الطريق السياحية" (Tourist drive) كلما ذهبنا إلى رحلة. تكون هذه الطريق -الموجودة بأسماء مختلفة في أنحاء العالم- السبيلَ الوحيد أحيانًا لبلوغ بعض الوجهات، لكنها في أحيان أخرى تُعد خيارًا ثانيًا -وأطول مسافة- لكل من يهوى التمتع بتجربة خلابة في أحضان الطبيعة. كان ذلك المفهوم جديدًا تمامًا لدي. وعندما عدت إلى أرض الوطن، وبالتحديد العاصمة أبوظبي، ابتهجتُ بجمالية "شارع الشيخ خليفة بن زايد" (E12) الذي يمر عبر مجموعة جُزر؛ وذلك لِما يقدمه من تجربة سياحية بين غابات أشجار القرم (المنغروف) في تلك الجزر. يمثل هذا الشارع الخيار الوحيد للذهاب إلى بعض الوجهات، لكن إذا كان قلب العاصمة غايتكم، فإنه الخيار "الأجمل"؛ بعزفه سيمفونية طبيعية تنتهي عند الجزيرة الأم، أبوظبي.
يُعد وجود هذا النوع من الطرق امتدادًا للبنية التحتية المتينة التي تتيح الاطلاع على الكنوز الطبيعية لمكان ما والإسهام في صونه؛ ومن بين ذلك، غابات القرم. ولقد أبرزنا في عدد مايو 2022 من مجلتكم الدورَ التاريخي والحالي الذي تؤديه أبوظبي في صون هذه الأشجار؛ أما في موضوع غلاف العدد الذي بين أيديكم فنعرض الجهود التي تُبذل على مستوى الدولة عمومًا لزراعة 100 مليون شجرة قرم في أفق عام 2030. يتوافق ذلك مع "المبادرة الوطنية لتحقيق انبعاثات صفرية" في أفق عام 2050، سعيًا إلى تحقيق أهداف مئوية الدولة في عام 2071. عندما تصنع "إماراتنا" قصة نجاح، فإنها قد تحتفي يومًا أو بعض يوم، ثم ما تلبث أن تعود للعمل فتبني على أُسس ذلك النجاح نجاحات أخرى. ويُعد صون القرم من تلك الأمثلة التي أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على مستوى إمارة أبوظبي، وتسير القيادة الرشيدة اليوم على النهج ذاته بتعميمها على مستوى الدولة. ونحن نواكب أحداث "مؤتمر الأطراف" (كوب 28) في دبي، وسط أجواء "عيد الإتحـاد" الـ52 ، فإنــنا نعـيش حـالـةً تُشـبه "الاقتـران الكوكـبي".. حيث يصـطف المـاضي والحـاضر والمستقبل على خط واحد لتشكيل رؤية وطنية واضحة.