الأوريغـامي.. وعام الاستدامة

ما الفن؟ وماذا يعني أن تكون فنانًا؟ لهذه الكلمة أبعاد مختلفة باختلاف ثقافات العالم. وفي عالمنا العربي، عاينتُ وما زلت أن لهذه الكلمة أفقًا ضيقًا يَحصر مُمارس هذا الفن أو ذاك في مخرجات جمالية لا أكثر، سواءً أكانت بصرية أم سمعية أم محسوسة.

ما الفن؟ وماذا يعني أن تكون فنانًا؟ لهذه الكلمة أبعاد مختلفة باختلاف ثقافات العالم. وفي عالمنا العربي، عاينتُ وما زلت أن لهذه الكلمة أفقًا ضيقًا يَحصر مُمارس هذا الفن أو ذاك في مخرجات جمالية لا أكثر، سواءً أكانت بصرية أم سمعية أم محسوسة. فضلًا عن العمق الثقافي والمعرفي لكثير من أنواع الفنون التي ترتبط بالجمال بطريقة أو بأخرى، فإن للفنون أبعادًا بمقدورها تطوير سبل حياتنا في هذه الأرض (وفي الفضاء!)، إذا ما أفسحنا لها المجال. أعني بذلك أننا لا ينبغي أن نحصر الفن ومفاهيمه في قالبٍ معين؛ وإلا فلن نستخلص منه إلا "قشورًا" لربما ستبقى على هامش تطورنا الحضاري. يحكي التحقيق الرئيس لعددكم هذا عن الأوريغامي، الذي نشأ في القرن السابع عشر باليابان. لربما تَبادرت إلى أذهانكم تساؤلات عن علاقة هذا الفن بعوالم "ناشيونال جيوغرافيك"، وعن جدوى الخوض فيه، وعن مدى إسهاماته في التراث الإنساني المادي؟ أقول.. ستجدون ضالتكم وأكثر في صفحات هذا التحقيق؛ ومن ثم سوف تتجلى لكم دلالة المقولة الشهيرة لـ "ألبرت أينشتاين": "الخيال أهم من المعرفة. فالمعرفة محدودة، أما الخيال فإنه يحيط بالعالم".  ذلك الخيال نفسه هو ما سافر محلّقًا بأجنحة الأوريغامي ليحط الرحال بأحد أبهى وأهم الطرازات المعمارية في أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة. يتعلق الأمر هنا بـ"أبراج البحر" التي استوحي تصميمها من أشكال الأوريغامي، وقد زَينت غلاف عدد يوليو 2021. وتُجسد هذه الأبراج مثالًا بديعًا على المباني المتأقلمة بذكاء مع بيئتها المحيطة من خلال اعتماد أسلوب العَمارة المستدامة. وأنا أخط هذه السطور، جاء إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن 2023 "عام الاستدامة" في دولة الإمارات. ويأتي ذلك تتويجًا لجهود بعيدة المنشأ أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي لم يهتم بالبيئة فحسب، بل جعلها أهم ركائز التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وها نحن اليوم نرى الشيخ محمد بن زايد يضع هذه الرؤية ضمن أهداف البلد على مرّ العقود المقبلة. إنه عامٌ "مستدام" للإمارات، فيه تستضيف قمة "كوب 28"، وعلى مداره تؤكد التزامها بالتنمية المستدامة ضمن إطار دولي وبتأثير في المنطقة والعالم ككل.