إكسير الخلود!
ذات يوم قبل أكثر من خمسة عشر عامًا، سألني أحدهم عن سبب التزامي بنظام غذاء صحي. كنت حينها في منتصف العشرينات من عمري أتابع دراستي الجامعية في أستراليا. وكما هو حال أشخاص كُثر، علّمني العيشُ بمفردي كيفية تدبير كثير من أمور الحياة؛ لعل أهمها الاعتماد على النفس في إعداد الطعام. لم يكن ذلك حبًا في الطهي، ولكن للحاجة؛ فميزانيتي المحدودة، بصفتي طالبًا، لم تكن تسمح لي بالأكل في المطاعم. كان صاحبي يظن أن اهتمامي بغذاء متوازن هو جزء من نظام أشمل وطويل الأمد أسعى به للعيش عمرًا مديدًا. والحال أنّي كنت أفعل ذلك -وبصورة تلقائية أحيانًا- من باب الوقاية؛ نظرًا لوجود بعض الأمراض الوراثية في عائلتي. وأَذكر أنّي سرتُ على ذلك النهج السليم مُذ كنتُ صبيًا يافعًا. لم أُخبر صاحبي بذلك، بل أجبته قائلًا: "لا أدري كم سأعيش؛ ولربما ألقى حتفي في حادث مروري أو غيره. لكن ما دمت على قيد الحياة، فإنّي أريد التمتع بها إلى أقصى حدّ، وسأفعل ما بوسعي لتحقيق ذلك". جوابي ذاك نابعٌ من قناعتي الراسخة بضرورة ألّا ننسى نصيبنا من الدنيا وأن نعيشها كما ينبغي إلى آخر رمق، وألّا تقتصر ذروة عطائنا وعيشنا على مرحلة الشباب. فلكل مرحلة عمرية طبيعتها ومتعتها وتحدياتها، وعلينا إعطاء كل منها حقها.. حسب طاقة كل منّا.
وإذا ما نظرنا إلى ذلك التصور من منظور آخر، فإننا نجد أنه يُروج لأسلوب حياة متكامل ومستدام. لست ممّن يرفضون المأكولات الدسمة ذات السعرات الحرارية العالية، خاصة إن كان فيها ما أعشق؛ بل وأحرص على تناولها بين فترة وأخرى من منطلق عدم حرمان نفسي من الأطباق التقليدية أو العالمية اللذيذة. على أنّي روّضت نفسي منذ أعوام على عدم الإفراط. فأنا أعتنق مبدأ الاعتدال في النهل ممّا لذّ وطاب. مناسبة حديثي عن الغذاء والصحة والعُمر.. هو موضوع غلاف عددكم هذا الذي نستهل به عام 2023؛ والذي لا يكتفي ببسط السبل الممكنة لجعلنا نحيا حياة أطول، بل يرشدنا إلى حياة أطول وأفضل وأَمتع وأَسلم. وما أسلفتُ ذِكرَه بشأن أسلوب الحياة الصحي ما هو إلا غيض من فيض أسرار التمتع بحياة صحية حتى عند الكِبَر. لن أتقدم أكثر في هذا النقاش، بل سأدعوكم لمتابعة ما كشف عنه العلماء والخبراء من خبايا ومفاجآت سارة في هذا المجال.
أرجو لكم قراءة ممتعة!