لا شيء ثابت
لا شــيء ثــابت..
علقَت تلك العبارة في ذهني بعد أن قرأتها في أحد تحقيقات عددكم هذا من مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية؛ والحقيقة أنها تمثل سُنة ثابتة من سنن الكون التي نعلمها جيدا ولكننا لا ندرك كُنهَها تمامًا. إذ نبقى سائرين في هذه الحياة وكأننا باقون فيها أبدا، إلى أن تأتي اللحظة التي تتكرر كل يوم وكل حين مع غيرنا لتخبرنا.. أن لا شيء باق ولا شيء ثابت! بقيت هذه العبارة لصيقة بذهني، حتى أثناء قراءتي أكبر تحقيقات العدد وفكرته الرئيسة التي تشير بتفاصيل دقيقة إلى اللقى الأثرية التي تركها أسلافنا لنا ومعها ما يدلنا عليهم؛ مما سيجعلنا نعرف أنفسنا معرفةً أفضل. رغم أنها لُقى ما تزال باقية، فهي زائلة كأصحابها، ولكن قُدِّر لها أن تبقى في ظروف حفظ معينة زمنًا إضافيا، لتحكي قصة من صنعوها.
مـا الـذي سيتـبقى منـا ويـكـون ذا قيـمة فيستحق أن يحتفظ أبناؤنا به؟
لا إجابة ثابتة عن هذا التساؤل، لا سيما وأن ما سيرغب به أبناؤنا أمرٌ غير معلوم؛ على أن البشرية جمعاء ظلت -على مرّ كل عصورها- تُصرّ على أن ذريتها سترغب بإرث تفتخر به. ولذا استمرت البشرية بلا هوادة في ترك ما تعدّه مفخرة لأحفادها.. فكانت النتيجة هي الآثار واللقى والكنوز المخبأة التي تنتظر من يفك أسرها فتحكي عظمة من كانوا في المكان. ولكن هل سيظل إنسان المستقبل مهتما حقا بأسلافه وما صنعوه؟! لهذا التساؤل أيضا إجابات متباينة وكلها ستكون صحيحة. أما علاقة ذلك بالمؤقت والدائم، فهو في الصميم؛ إذ إن كل ما نقوم به وفي اعتقادنا أنه إرث سيحفظه الآخرون، إنما هو إرث مؤقت، قد يبقى منه فقط ذلك الذي سنتركه في عقول من يرثونا لا ما نتركه في أياديهم.