موعدنا المريخ!
قبل خمسة أعوام مضت وكأنها بالأمس، كتبتُ على هذه الصفحة تساؤلَهم المستنكِر: "ماذا ستفعلون هناك.. ما هذا الجنون؟!". وكنت أَذكر ردودَ فعل بعض مِمَّن دارت حواراتٌ بيني وبينهم عن مشروع الإمارات الفضائي؛ وكان منهم أشخاص وازنون في مجتمعات عربية، ومؤثرون في اتخاذ القرار، وأصحاب قضايا وطنية تنموية جادون!
أسترجعُ اليوم ذلك بكل امتنان؛ فهذه النوعية من التعليقات تبدو وكأنها ضرورية لتحفيز قدرتنا على الاستمرارية والمضي قُدمًا وتقوية أجهزتنا الدفاعية على نحو استباقي. فلقد أتاحت لي ردودُ الفعل تلك فرصةً للتأمل بواقعية في هذا المشهد "الفضائي" الذي أضفى عليه بعض الجمهور صبغةً عاطفية رومانسية. وقد دفعتني شخصيًا إلى البحث بإصرار وجدية في شأن الجدوى الحقيقية لهذا المشروع، من خلال الاطلاع من كثب على الخبرات البشرية الإماراتية المميزة التي تفانت في الاشتغال عليه من بدايته حتى نهايته.. تلك العقول المتخصصة في العلوم والهندسة والجيولوجيا والبيولوجيا وغيرها. واطّلعت كذلك على حجم ما وُفِّرَ لتلك الكوادر البشرية الإماراتية من بُنى تحتية مجهَّزة وفرص تدريب دولية ليكونوا على قدر تلك المسؤولية، وكل ما صاحب ذلك من استثمارات وطنية في مجالات المعرفة والعلوم. وأدركتُ أيضًا أن تلك الجهود الجبّارة أدت دورًا كبيرًا في رفع الروح المعنوية للمواطن الإماراتي في هذا الوقت العصيب الذي يعيشه العالم أجمع بسبب الجائحة؛ لا سيما أنها تُوِّجت بمُنجَز ريادي غير مسبوق على الصعيد العربي.
اليوم وبعد مرور سبعة أعوام كاملة على انطلاق أولى الخطوات العَمَلية لبناء أول مسبار عربي لاستكشاف المريخ، ونجاحه في بلوغ مدار الكوكب الأحمر يوم 9 فبراير 2021، ما زلنا نسمع تعليقات من ذلك القبيل، بل وما هو أشرس منها. لن يكفّوا عن تعليقاتهم تلك، ولا نُطالبهم بأن يفعلوا؛ لأنها -حسب رأيي الشخصي- وقودٌ سيُبقي على جذوة طموحنا مشتعلةً دائمًا أبدًا، وسيدفعنا دفعًا للبحث عن أمل جديد نسعى له.. نحققه.. ثم نفخر به.