يأتـي مطلع كل عام جديد ليذكرنا أن الأيام تمضي بنا لدرجة لا نكاد نلحظها. تتجمع الدقائق بسرعة لا يمكننا استيعابها لنصل إلى أيام وأسابيع تمضي بلا رجعة. ويبقى الأمر الوحيد القادر على إغناء تلك الدقائق واستعادتها لتتحول إلى سنوات، عندما نتمكن من إمضائها في...
يأتـي مطلع كل عام جديد ليذكرنا أن الأيام تمضي بنا لدرجة لا نكاد نلحظها. تتجمع الدقائق بسرعة لا يمكننا استيعابها لنصل إلى أيام وأسابيع تمضي بلا رجعة. ويبقى الأمر الوحيد القادر على إغناء تلك الدقائق واستعادتها لتتحول إلى سنوات، عندما نتمكن من إمضائها في حضن المعرفة وخبرات المستكشفين الذين يجمعون لنا ساعات حياتهم وسنواتها ويقدموها لنا، لنجعل من حياتنا حيوات مضاعفة بالمعرفة، وممتعة بغرابة الاستكشاف، ومثيرة بقدرات الإنسان على تجاوز نفسه وتحدي محيطه.
كل عام وأنتم بخير.. وكل تمنيات فريق العمل في مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية بعام ممتع مليء.. "بأعوام من المعرفة" الجميلة.
"خزائن الطبيعة" إحدى دلائل قدرة العلماء والمستكشفين على جمع سنوات وعقود مضت وجعلنا نعيشها في ساعاتنا الحاضرة؛ فعبر متاحف التاريخ الطبيعي -التي يعرض عدد يناير موضوعاً مصوراً حولها- نجح الإنسان في جمع مئات ملايين العينات لمخلوقات عبر أزمنة مختلفة ليجعلها حاضرة في زمنه الآني، وليستفيد منها في توصيف الحياة على كوكبنا الآن.. وربما مستقبلا.
"لا نحتاج من ثقافة البِيض سوى الصنادل المفتوحة ومصابيح الجيب والنظارات".. هذا ما يقوله "بوكاتير" أحد زعماء شعب كايابو الأمازوني في البرازيل. وتأتي غرابة هذا القول كوننا نعيش في الزمن الذي تتداخل فيه الأمور بشكل يصعب فصلها، حتى باتت الثقافات تذوب طوعا أو غصبا بعضها في بعض، غير أن لبعضهم محاولات جادة في مجابهة زحف الآخر وثقافته التي تهدد أصالتة وبيئته البكر؛ ورغم صعوبة ذلك لدرجة قد تبدو ضربا من الخيال، إلا أنهم -إلى حد ما- نجحوا في تطويع ذلك الزحف عبر استخدام مقنن لأدوات الحداثة دون المساس بجوهر ثقافتهم التي يحرصون أن يحافظوا بها على اختلافهم عن الآخر، لكي يبقى بعيدا عنهم.. هذا ما يؤكده زعماؤهم. لكن ورغم تأكيداتهم يبقى السؤال مطروحا عن مدى صمودهم أمام زحف المدينة والمدنية.. هل حقا نجحوا في ذلك؟ هذا ما يمكن أن تجد إجابته عبر تحقيق مميز عن ... شجعان الكايابو.
وفي الوقت الذي تحاول فيه شعوب كايابو البقاء بعيدا عن الآخر، يسعى آخرون إلى الاقتراب أكثر من "كهوف مملكة موستانغ" في محاولة غريبة وصعبة لسبر أغوار مقابر معلقة على جبال شاهقة في نيبال، لا يعرف للآن كيف نجح الإنسان في بنائها. وتقرؤون تحقيقاً آخر شيقاً يلقي الضوء على جوانب خافتة من تحركات المارد الروسي الذي يحاول إعادة مجده عبر "سوتشي" المدينة المختارة لإقامة الألعاب الأولمبية الشتوية هذا العام. هذا وغيره من موضوعات مميزة ينجح من خلالها مستكشفو ومصورو ناشيونال جيوغرافيك في اختزال سنوات وأعمار من المعرفة والإثارة في ساعات قليلة عبر صفحات مجلتنا.

als.almenhaly@ngalarabiya.com
alsaadal@