المورثات والثقافة والتكنولوجيا.. ثلاثية وقود التطور البشري مذ بدأ الإنسان في مسايرة بيئته وتسخير ظروفه وتحقيق تطلعاته. ما فتئ هذا التغيّر الناتج عن المسايرة يقدم "الجديد" للعنصر البشري، غير أن قياس هذا الجديد "المختلف" واختبار جدواه وجدارته الحقيقية...
المورثات والثقافة والتكنولوجيا.. ثلاثية وقود التطور البشري مذ بدأ الإنسان في مسايرة بيئته وتسخير ظروفه وتحقيق تطلعاته. ما فتئ هذا التغيّر الناتج عن المسايرة يقدم "الجديد" للعنصر البشري، غير أن قياس هذا الجديد "المختلف" واختبار جدواه وجدارته الحقيقية أمر غير قابل للقياس إلا بعد أجيال وأجيال؛ ما يعني أننا نعيش واقعا يرسم مستقبلا باحتمالات غير محدودة، ولكنها واردة بكل تأكيد. يعرض عدد أبريل من مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية موضوع التطور الذي يزحف بلا هوادة ويُنشئ طرقا مختلفة لإحداث التغيير، مُنبئا بظهور "سلالة" بشرية جديدة يحمل أفرادها في أجسامهم تقنيات متطورة تقدم ميزات لأصحابها تفوق قدرات الآخرين الطبيعيين. فهذا يمتلك في جسمه ما يمكنه من رؤية الأشياء في الظلام، وذاك يسمع ما يحدث على بعد كيلومترات، وثالث يستطيع فتح باب منزله وتشغيل سيارته بلا أدنى حركة!
وددت لو كان عنوان غلاف العدد "ما وراء البشريـة"، ليـس فقط لكونـه يثيـر عبـر تحقيـق "البشرية.. إلى أين؟" ما توصل إليه البشر من قُدرات على إحداث تغيرات في إمكاناتهم الطبيعية لتكون أكثر كمالا، وإنما كذلك لطرح العدد عبر تحقيق "أي حياة بعـد داعـش؟" حقيقة أخرى حول التغيّر البشري الذي قد يذهب بنا إلى سلالة بشرية تعود بنا إلى عصور الانحلال والهمجية. ورغم أن هذا الموضوع جيو-سياسي، إلا أنه يؤكد على الدور الثقافي المحرك للتطور البشري؛ فهذا الوقود الثقافي قادر على إحداث تغيّر في المنظومات القيمية التي تحرك البشر، وإن كان ذلك التغيّر يتطلب أجيالا ليترسخ في طبيعة الإنسان. فكلما ترسخت أنمـاط سلوك نظام اجتماعي بعينه، ازدادت قدرتها على الوصول إلى الأجيال اللاحقة.
أرى أن مفردة "التطور" لا تعني بالضرورة أن هناك أمرا إيجابيا سيترتب عن هذه العملية، كما أن الفوائد المحصلة ذات معايير نسبية؛ فما يصلح لنا ليس بالضرورة صالحاً لغيرنا. وهو ما يقدمه بالتحديد تحقيقنا الرئيس عن جموح البشرية نحو استخدام التقنية، وإقحامها في أجسامنا للحصول على ميزات "روبوتية" خارقة. ففي الوقت الذي يسير فيه العالم نحو سلالة "سايبورغ" من دون الالتفات إلى الأثر الأخلاقي الذي قد يترتب عنها؛ هناك أيضا من يجرُّ المجتمعات بلا هوادة إلى الحالة البدائية الأولى، مستخدما الثقافة والتكنولوجيا وقودا لتطور قد يفضي بنا إلى "تغيّر في المورثات".
وددت لو كان عنوان غلاف العدد "ما وراء البشريـة"، ليـس فقط لكونـه يثيـر عبـر تحقيـق "البشرية.. إلى أين؟" ما توصل إليه البشر من قُدرات على إحداث تغيرات في إمكاناتهم الطبيعية لتكون أكثر كمالا، وإنما كذلك لطرح العدد عبر تحقيق "أي حياة بعـد داعـش؟" حقيقة أخرى حول التغيّر البشري الذي قد يذهب بنا إلى سلالة بشرية تعود بنا إلى عصور الانحلال والهمجية. ورغم أن هذا الموضوع جيو-سياسي، إلا أنه يؤكد على الدور الثقافي المحرك للتطور البشري؛ فهذا الوقود الثقافي قادر على إحداث تغيّر في المنظومات القيمية التي تحرك البشر، وإن كان ذلك التغيّر يتطلب أجيالا ليترسخ في طبيعة الإنسان. فكلما ترسخت أنمـاط سلوك نظام اجتماعي بعينه، ازدادت قدرتها على الوصول إلى الأجيال اللاحقة.
أرى أن مفردة "التطور" لا تعني بالضرورة أن هناك أمرا إيجابيا سيترتب عن هذه العملية، كما أن الفوائد المحصلة ذات معايير نسبية؛ فما يصلح لنا ليس بالضرورة صالحاً لغيرنا. وهو ما يقدمه بالتحديد تحقيقنا الرئيس عن جموح البشرية نحو استخدام التقنية، وإقحامها في أجسامنا للحصول على ميزات "روبوتية" خارقة. ففي الوقت الذي يسير فيه العالم نحو سلالة "سايبورغ" من دون الالتفات إلى الأثر الأخلاقي الذي قد يترتب عنها؛ هناك أيضا من يجرُّ المجتمعات بلا هوادة إلى الحالة البدائية الأولى، مستخدما الثقافة والتكنولوجيا وقودا لتطور قد يفضي بنا إلى "تغيّر في المورثات".