فـي التـاسع مـن مارس المقبل، لن يحتفل فقـط أسـاتذة وطـلاب "جـامـعة فاغـنيـنغـن" (‫Wageningen University‬) بالذكرى المئوية لإنشاء جامعتهم، بل سيشارك كل الهولنديين هذا الحفل. وهم بذلك لا يحتفلون برقم ماسي لامع فحسب، إنما بتاريخ عريق من الجدِّ والعمل...
فـي التـاسع مـن مارس المقبل، لن يحتفل فقـط أسـاتذة وطـلاب "جـامـعة فاغـنيـنغـن" (‫Wageningen University‬) بالذكرى المئوية لإنشاء جامعتهم، بل سيشارك كل الهولنديين هذا الحفل. وهم بذلك لا يحتفلون برقم ماسي لامع فحسب، إنما بتاريخ عريق من الجدِّ والعمل والنجاح المستحق والمستمر في تحسين الحياة على الكوكب. لعل هذا الثراء المعرفي العريق يبرر الدور الذي تلعبه "جامعة فاغنينغن" في التجربة الهولندية الرائدة بمجال الزراعة -أحد موضوعات عدد "مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية" لشهر سبتمبر- والذي دفع البلد الصغير (هولندا) ذو الكثافة السكانية العالية إلى أن يصبح نموذجا رائدا يطرح حلولا ويصنعها في دول تقع في قارات بعيدة، عبر مساعدتها في استكشاف إمكاناتها الطبيعية وحسن استغلالها بشكل مستدام.
عبر سنوات المعرفة التي امتدت منذ عام 1918 تعمل "جامعة فاغنينغن" -بفضل ثروتها القيمة الناتجة من أسلوب تعليمي عالي الجودة- على تحديد الخيارات والفرص والاستراتيجيات لتحسين التغذية في هولندا، ومن ثم نشر نموذج استغلالها التطبيقي لنتائج أبحاثها العلمية لتعزيز النظم الغذائية حول العالم بشكل مستدام، عبر شراكات مع القطاع الخاص المحلي والعالمي. وبهذا تفرض تجـربـة "فـاغنينغن" مفـهـومـا مختلفـا للأدوار التقليـدية التي تضطلـع بها بعـض الجـامعات العربية، إذ قدمت مفهوما جديدا ذو أبعاد اقتصادية بجدوى عالمية. ولعل هذا ما يحتاجه النظام التعليمي لدينا؛ فهذا الدور التطبيقي يُحدث فرقا كبيرا بما يستوجبه من حراك واستفادة من إمكانات تتوفر خارج قاعات الدراسة وجدران الجامعة وحدود الوطن.
لقد تمكنت هذه الجامعة خلال السنوات الأخيرة من تقديم ما هو أكثر من تخريج طلبة متميزين في مجال الزراعة والتغذية؛ فعبر آلاف المشاريع الممتدة في كل قارات العالم ساهمت "فـاغنينغن" في تحسين حياة عدد كبير من سكان العالم عبر التطبيق المباشر لنتائج البحوث والدراسات التي تجري في مراكزها وعلى يد أساتذتها وطلابها. ويضع القائمون على "جامعة فاغنينغن" أهدافا استراتيجية من قبيل "صفر جائع" في عالم يعاني فيه الجوع ما يقدر بنحو 800 مليون إنسان، ويواجه فيه ملياري شخص سوء التغذية!
ولهذا يعلم الطالب الذي يدرس في هذه الجامعة تماما، أنه لم يلتحق بها ليحصل على شهادة تؤهله لوظيفة ذات عائد جيد، إنما هو هناك لكي يُحدث فرقا في تحسين حيوات الناس الذين ينتمي إليهم، وحياة الكوكب الذي يعيش فيه.. وهنا يكمن الفرق.