"يا لـها من صور صادمة مرعبة!" "كيف لمجلة ناطقة باللغة العربية أن تنشر مثل هذه الصور؟!".. لعلّ كثيراً منكم سيطرح هذا التساؤل ما إن يطالع التحقيق الرئيس لهذا العدد من مجلتكم "ناشيونال جيوغرافيك العربية"، بل ما إن يرى الغلاف. إن تساؤلات كهذه كانت أيضا محل...
"يا لـها من صور صادمة مرعبة!" "كيف لمجلة ناطقة باللغة العربية أن تنشر مثل هذه الصور؟!".. لعلّ كثيراً منكم سيطرح هذا التساؤل ما إن يطالع التحقيق الرئيس لهذا العدد من مجلتكم "ناشيونال جيوغرافيك العربية"، بل ما إن يرى الغلاف. إن تساؤلات كهذه كانت أيضا محل نقاش لدينا، وخصوصا بشأن مدى ملاءمتها لجمهور قرائنا؛ لكننا ارتأينا في النهاية أن ننشر الصور كاملة من دون نقصان، لكي نبرز -بالكلمة والصـورة- مـا وصـل إليـه التقـدم العـلـمي من معجزات طبية فاقت كل التصورات والتوقعات.
بالتأكيد هي صور مؤلمة، ولكنها ليست أكثر ما جعل أنفاسي تتلاحق بتوتر وخوف وترقب وأنا أقرأ التحقيق الرئيس لهذا العدد. صحيح أن قصة الشابة "كايتي" صاحبة الوجه الجديد فيها الكثير من الألم والمعاناة، وصحيح أن كل ما هو محيط بعملية زراعة الوجه يدعو للتأمل والإجلال والاعتزاز بما وصل إليه تقدم الإنسان، غير أن ثمة حكاية مختلفة على هامش كل ذلك كانت تؤلمني، إنها حكاية "عائلة ستابلفيلد": روب و أليسيا والدا كايتي. سيمر عليهما بعضنا مرورا عابرا أثناء قراءة تحقيق "وجه كايتي الجديد" بوصفهما مرافقين لها في كل التفاصيل منذ لحظة المأساة الأولى، ولكن صمودهما كان بالنسبة لي معجزة أخرى.
31 سـاعـة قضـاهـا الـوالـدان خـارج غـرفة العمليات في انتظار خروج كايتي بوجه جديد، هو أقل ما يمكن الحديث عنه في رحلتهما التي بدأت منذ اللحظة التي فقدت فيها ابنتهما وجهها في 25 مارس عام 2014. فمنذ ذلك الحين، جند الوالدان نفسيهما، متنقلين من ولاية إلى أخرى ومن منزلهما إلى مأوى. عاشا على كرم الآخرين وعملا في مهن لم تخطر قط في بال أليسيا المعلمة ولا روب القس، وصارت ابنتهما شغلهما الشاغل، فأقاما حملات التبرع عبر الإنترنت وانشغلا بمرافقتها وتنظيفها والترويح عنها ومتابعة حالتها الطبية، ومساندتها نفسيا في عز انكسارهما.
لا أعلم إلى أي مدى قد تُحول مأساة كهذه حياة عائلة بأكملها إلى منحى آخر، ولكنني على يقين أن هذا الأمر يفوق أي احتمال.