كلنا انتقلنا واختلطنا وتغيرنا قبل أن نصل إلى مُستقر؛ قد يتصادف أن يكون هذا الـمستقر هو المكان نفسه الذي انطلقنا منه، أو الذي سننطلق منه فى رحلة جديدة.. وهكذا.وسـواء أكـان هذا الانتقـال زمنـيًا "حتميا" لا سلطة لنا عليه، أم انتقالاً مكانيًا قصدناه مضطرين...
كلنا انتقلنا واختلطنا وتغيرنا قبل أن نصل إلى مُستقر؛ قد يتصادف أن يكون هذا الـمستقر هو المكان نفسه الذي انطلقنا منه، أو الذي سننطلق منه فى رحلة جديدة.. وهكذا.
وسـواء أكـان هذا الانتقـال زمنـيًا "حتميا" لا سلطة لنا عليه، أم انتقالاً مكانيًا قصدناه مضطرين لعدد لا متناه من الظروف؛ فذلك تأكيد أننا مخلوقات رحالة جُبلت على الهجرة.
فـي اللغــة، لكلمــة "هجـرة" متـرادفـات عديدة، منها الرحيل والابتعاد والترك والنزوح والإعراض والبرح والمغادرة؛ ولكل مفردة أحوالها المتغيرة. غير أن الثابت الوحيد في كل تلك الأحوال، هو أن القائم بهذا الفعل لن تبقى ذاته على حالها، إذ سيعاد تشكيلها بشكل أو بآخر.
يحاول هذا العدد من مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية" أن يُخبرنا كم أننا متشابهون جدا، وهذا التشابه "مدعاة" مُلحة لأن نولي إنسانيتنا عناية مُثلى، ونتعامل مع الآخر المهاجر بوصفه مرآة لنا في زمن ما، قد يكون سابقًا وقد يغدو لاحقًا.
في الأول من أغسطس عام 2013، أي في مثل هذا اليوم قبل ستة أعوام كاملة، تصدرت للمرة الأولى كلمتي الافتتاحية مجلةَ ناشيونال جيوغرافيك العربية. كنت حينها قد رحلت عن عملي في صحيفة "الاتحاد" الإماراتية بعد أكثر من عقد ونصف العقد؛ ولطالما توقعت أني لـن أُُقدم على فعل كهذا في حياتي، إذ كانت "الاتحاد" بيتي وملاذي، لكن ذلك الرحيل جعلنـي أتأكد أننا جميعا "ضيـوف عـابرون"، وأن المستقر مـا هو إلا "وهم" نصنعه في مخيلتنا، لنُلطِّف به ألم الرحيل الدائم.
لكـل أنواع الرحيل ألم، ولكن لتلك الرحلة المقدسة إلى بيت الله العتيق في مكة المكرمة، بهجة يدركها المسلمون تماما. وفي هذا العدد نزين غلافنا بصورة للكعبة المشرفة، التي ظل يشد الرحال إليها ملايين من سكان المعمورة عبر قرون عديدة، طالبين بهجة القرب ولذة المستقر في رحاب الله. التقط الصورة وغيرها لـموضوع كسوة الكعبة، المصور الفوتوغـرافي السعـودي "رائــد اللحيــاني"، ضمن ما نعده باكورة أعمال ستتوالى عن قِبلة المسلمين، وهدية للعالم لـمناسبة عيد الأضحى المبارك.
فكل عام ونحن جميعا بخير.