أكتب اليوم افتتاحية العدد بحال مختلفة؛ فأنا أعيش زهوا مضاعفًا، ليس فقط لكوني أول امرأة تشغل منصب رئيس تحرير النسخة العربية لأهم مجلة في العالم تُعنى بكوكبنا، بل لأن العدد الذي بين أيديكم يمثل لي أكثر أعداد مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية" فرادة وتميزا...
أكتب اليوم افتتاحية العدد بحال مختلفة؛ فأنا أعيش زهوا مضاعفًا، ليس فقط لكوني أول امرأة تشغل منصب رئيس تحرير النسخة العربية لأهم مجلة في العالم تُعنى بكوكبنا، بل لأن العدد الذي بين أيديكم يمثل لي أكثر أعداد مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية" فرادة وتميزا وإلهاما على المستوى الشخصي. كيف لا وهو ويتزامن مع حدثين نسويين تاريخيين سيُسجَّلان في التاريخ الإنساني؛ أولهما إماراتي محلي هو إعلان أول مجلس وطني اتحادي تنال فيه المرأة نصف المقاعد، والآخر عالمي يتمثل في نجاح رائدتي فضاء أميركيتين في أول مَهمة نسائية بالكامل خارج "محطة الفضاء الدولية".
والحقيقة أن لقصة الزهو جذورا أعمق من ذلك بكثير، لعلكم ستكتشفونها بالنظر في إجاباتي عن الأسئلة الستة التي طُرحت على ضيفات "ناشيونال جيوغرافيك".. إجابات ذات بعد آخر ينبع من واقع منطقتي العربية، وقد يكون إضافة نوعية لهذا المحتوى القيم.
الرجل ثم الرجل ثم الرجل. أجل "الرجل". هكذا تتردد هذه الكلمة في إجاباتي عن الأسئلة الستة جميعها:
ما أبرز تحدٍّ تواجهه المرأة اليوم؟
أعتقد أن الرجل هو التحدي الذي واجهته في حياتي، وهو ما تواجهه كل قريناتي في الثقافة العربية؛ ذلك الذي ينظر إلينا حسب جنسنا ولديه قناعة تامة أننا لا نصلح إلا لتلك الأدوار التقليدية.
ما أكبر عائق تجاوزته بنجاح؟
الرجل هو العائق الأكبر الذي تجاوزتُه، عندما أقنعته أني أمتلك قدرات مشابهة لزملائي في العمل، وربما أفضل في بعض الأحيان.
ما اللحظة الفاصلة في حياتك؟
الرجل كان هو البطل الرئيس في كل اللحظات الفارقة في حياتي، عندما سمح لي -بما يمتلك من صلاحيات- بأن أنطلق من عقالي وأذهب إلى مدى لم أكن أتصور أني سأبلغه. وأول الأبطال هو المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عندما أَقرَّ مجانية التعليم وإلزاميته على كل القبائل بناتًا وبنينًا. ثم والدي عندما سمح لي بأن ألتحق بالجامعة في مدينة أخرى، وعندما أصر على أن أتعلم قيادة السيارة. ثم رئيس تحرير صحيفة "الاتحاد" السابق، السيد راشد العريمي، عندما أصر على أن أُنشئَ قسمًا للنشر الإلكتروني في فترة كان فيها هذا المجال يخطو خطواته الأولى، وعندما أصر على تعييني مساعدة رئيس تحرير الصحيفة؛ فكانت تلك سابقة في تاريخ الصحافة الإماراتية.
ما الذي ينبغي تغييره بشأن المرأة في الأعوام العشرة المقبلة؟
الرجل وصورته هما ما ينبغي تغييره في ذهنية المرأة؛ بعدم تصنيفه خصما يتربص بأي إنجاز لها بل شريكا مستفيدا من منجزها وعليه أن يحتفي معها. ويجب تمكين الرجل من رؤية معاناة النساء حوله بصورة عملية، وكذا توعيته بأن هناك أمورًا "مجتمعية" تعوقها ليست بالسهولة ذاتها التي يجدها هو.
ما أبرز نقاط قوتك؟
إصراري والتزامي بإقناع الرجل بكل ما سبق ذكره؛ تلك أبرز نقاط قوتي. فلطالما تعاملت مع كل رجل ذي قرار -كوالدِي وأشقائي ورؤسائي في العمل- بوصفه شريكًا وليس خصمًا، وظللتُ حريصة على إبراز الفائدة -سواء المادية أو المعنوية- التي سنجنيها معًا في حالة نجاحي.
ما النصيحة التي تُسدينها للشابات اليوم؟
أن يبقين على يقين أن لا حياة كاملة على هذا الكوكب من دون تضافر جهود المرأة.. والرجل.