أبناء الاتحـاد

اشتعل شغفُ ابن إمارة الشارقة "عبد الله محمد البقيش" بعوالم الكاميرا في مستهلّ العشرينات من عمره، حين كان يلتقط صورا لكل شيء.. في كل مكان. ولكنه في لحظةٍ ما وجَّه عدستَه وولعَه اللامحدود إلى اقتناص جماليات المشهد العمراني. والحقيقة أن ذلك يبدو لي غريبا؛...
اشتعل شغفُ ابن إمارة الشارقة "عبد الله محمد البقيش" بعوالم الكاميرا في مستهلّ العشرينات من عمره، حين كان يلتقط صورا لكل شيء.. في كل مكان. ولكنه في لحظةٍ ما وجَّه عدستَه وولعَه اللامحدود إلى اقتناص جماليات المشهد العمراني. والحقيقة أن ذلك يبدو لي غريبا؛ فمصور صفحات التحقيق الرئيس لهذا العدد، "دبي.. تفتح نافذتها للعالم"، من أبناء جيل نشأ في غمرة التحولات العمرانية التي شهدتها دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي يُفتَرَض أنها مشاهد "عادية" له، على خلاف جيلنا نحن الذي ما فتئ ينبهر بها ويندهش إذْ يراها بعين المقارنة مع ما كان في الماضي.
إذن.. فلقد نسف البقيش فرضيتي. إذ يبدو أن كثيرًا من أبناء الإمارات يثبتون اليوم أن مصطلح "العادي" لم يعد له محلٌّ في قاموسنا، بل حلَّت محلَّه كل مفردات الدهشة والتميز والإثارة والريادة. عندما انطلق البقيش بكاميرته هائمًا وسط البنايات الشاهقة، وجد باكورةَ عشقه في "برج خليفة" الذي لا يزال مصورنا إلى اليوم، ورغم مُضي تسعة أعوام على إنشائه، يُبدع له صورًا من زوايا جديدة لم تُطرَق قَط من قبل؛ ما جعل أعماله تحظى باهتمام خاص.  ويُظهر حسابُه على "إنستغرام" فلسفتَه الفوتوغرافية القائمة على تناول نقاط مختلفة وجديدة لكل مَعلم يقوم بتصويره، سواء من حيث الزمن أو حالة الطقس أو زوايا الرؤية، وغيرها من العناصر.
لم يكتفِ مصورنا بذلك، بل نقل شغفه إلى آخرين؛ فاستحق الدخول إلى "موسوعة غينيس" بعد تقديمه "ورشة أساسيات التصوير" التي حطم من خلالها رقمًا قياسيا من حيث أعداد الحضور من فئة اليافعين. هذا إلى جانب نيله عددًا كبيرًا من الجوائز الدولية منها "جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي" (HIPA) عن فيديو بتقنية "الفاصل الزمني" عام 2018. كما اختير البقيش ضمن مشروع "الملهمون الـ 49" الذين دعتهم حكومة دولة الإمارات للعمل على تصميم هوية إعلامية مرئية للإمارات، تعبر عن ستة عناصر مختلفة تحكي قصة الإمارات الملهمة للعالم. عندها سيطرح البقيش وغيره من بني وطنه الذين سيشكلون هويتنا الإعلامية المرئية، رؤيتهم الخاصة في تصوير منجز دولة الإمارات انطلاقًا من خصوصيتهم الواعية تماما بما يحمله المستقبل من تحديات.
يتصـدر التحقيق عن "برواز دبي" عددنَا  المتزامن مع احتفالاتنا باليوم الوطني الـ 48؛ ونحن نقدمه بفخر كبير، كونه يوثق إنجازات إماراتية نقلتها إليكم أنامل إماراتية وصورتها عدسات إماراتية. إنها حالة عربية فريدة لم تبدأ فقط بأقوى اتحاد عربي في العصر الحديث، وإنما أيضا بأكثر نموذج عربي بعثًا للإلهام.. نموذج يتطلع إلى مستقبل زاهر ومشـرق.