في الحقيقة لا تبدو لي الكتابة في هذا الوقت عن تصورنا لمستقبلٍ أفضل، مفعمةً بالإيجابية والطاقة اللتين يجب أن يتحلى بهما أي شخص يحمل هَم الحفاظ على البيئة؛ وذلك رغم كوني من المتحمسين المتشبثين بـ "دليل المتفائلين" في عددكم هذا من "مجلة ناشيونال جيوغرافيك...
في الحقيقة لا تبدو لي الكتابة في هذا الوقت عن تصورنا لمستقبلٍ أفضل، مفعمةً بالإيجابية والطاقة اللتين يجب أن يتحلى بهما أي شخص يحمل هَم الحفاظ على البيئة؛ وذلك رغم كوني من المتحمسين المتشبثين بـ "دليل المتفائلين" في عددكم هذا من "مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية" الخاص عن "يوم الأرض". يقودنا هذا الدليل المتفائل إلى عالم سنتخطى فيه كل الصعاب ونعيد إلى الأرض عافيتها بفضل التطور التقني والقرارات السياسية الشجاعة التي من شأنها الحد من الاحتباس الحراري.. منطلق كل المشاكل. لكن ثمة أيضًا "دليل المتشائمين"، الذي يرسم صورة قاتمة عن حال كوكبنا الأزرق خلال السبعين عامًا المقبلة.
أكتب هذه الكلمات من المنزل بعد اضطراري -أنا وفريق المجلة كافة- للعمل من بعد، وفقًا للإجراءات الحكومية الرشيدة التي اعتمدتها دولة الإمارات العربية المتحدة؛ ما يجعلنا نعيش لحظات استثنائية لم نشهد لها مثيلًا من قبل.. لحظات تبدو المشاعرُ فيها متضاربةً وعصية على الفهم والتعريف. ولكن الأكيد فيها هو أننا نحن البشر في هذه اللحظة بالذات نتشارك جميعًا الخوفَ على أحبائنا والقلق والترقب بشأن مستقبل غامض في كل المجالات: الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.. والبيئية بكل تأكيد.
ليس ذلك فحسب، فنحن اليوم نتشارك، ولأول مرة، شكلًا يكاد يكون موحدًا ومتطابقا من التغيرات العامة على سلوكنا -دولًا أو أفرادًا- في التعامل مع فيروس "كورونا" المستجد، وفي كل عاداتنا الخاصة العملية وحتى الترفيهية والاجتماعية. ومن شأن هذا التطابق أن يجعل المستقبل مختلفًا بكل تأكيد؛ فسواء طال أمر هذه الأزمة أم انتهى عاجلًا -بإذن الله-، فإنه سيخلف تداعيات لا يمكن تحديد شكلها تماما. ولكن يمكننا أن نتدارك سلبياتها مبكرًا ونَغنم إيجابياتها مستقبلًا، عبر وعينا اليوم بنوعية هذه التداعيات وحدودها وآثارها التي ستتركها فينا.. والتي سنتركها بدورنا في الأرض.