عزلـة، وحظـر تجـول، وهلع، وترقب مشوب بالقلق على مستقبل غامض مشوَّش.. هي حالات ومشاعر يتشاركها سكان الأرض اليوم؛ وما زال يعيشها في كل ساعة أولئك الذين ذاقت دولهم ويلات الحرب. صحيح أن عددكم هذا من "مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية" يحكي بالأساس عن شهادات...
عزلـة، وحظـر تجـول، وهلع، وترقب مشوب بالقلق على مستقبل غامض مشوَّش.. هي حالات ومشاعر يتشاركها سكان الأرض اليوم؛ وما زال يعيشها في كل ساعة أولئك الذين ذاقت دولهم ويلات الحرب. صحيح أن عددكم هذا من "مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية" يحكي بالأساس عن شهادات من قلب معارك الحرب العالمية الثانية، إلا أن كل الحروب لها أهوالها المؤلمة جدا والقاسية؛ وما انفكت تتكرر في كل مكان وزمان.. من دون أن يَعتبر بها الإنسان. ويمثل الرسم التوضيحي الأحداثَ المئة الأشد فتكا على مرّ الأعوام الـ2500 الماضية، مبرزًا حجم الدمار الذي خلّفته الحروب والثورات والغزوات وحركات التمرد التي شهدتها البشرية وما تزال.
عانى الإنسان كثيرا -وما يزال- طغيانَ هذه الفئة أو تلك وجنوحَها للسيطرة والاستعلاء على مَن هم دونها، بسبب اختلافات ذات أساس ديني أو عرقي أو غير ذلك. ولذا فإني لا أتصور أن الأرقام المليونية المهولة لضحايا النزاعات المسلحة الواردة في التحقيق الرئيس للعدد، ستتقلص. إننا نعيش زمنا يظهر فيه ذلك الجنوح البشري بأشكال أخرى أكثر تطورا، وإن بدت أقل عنفًا وقسوة؛ فما يشهده العالم الآن من تداعيات العزل المنزلي، ومخاوف انتشار الوباء، وغموض المستقبل.. هو أشد إيلاما.
أَعلمُ تماما أني وكثيرين غيري نعيش أغرب فترات حياتنا بفعل وباء "كوفيد19-". والحال أننا -ومن خلال شهادات آخر الجنود الناجين من الحرب العالمية الثانية- سنكتشف ظروفًا كانت أغرب وأشد مضاضة وقسوة مما عاشته البشرية على مر التاريخ الحديث. ومن خلال مقارنة أوضاعنا اليوم مع أوضاع الذين عانوا تلك الحرب، قد يرى بعضنا أن مخاوفنا ونحن نعيش العزل المنزلي -والتي تسببت لدى كثيرين في مشاكل نفسية وجسدية- ربما واهية ومُبالَغٌ فيها إلى حد كبير.. ولكن هل هي حقًا كذلك؟