دائمًا ما أُقيِّـم كل عـدد من المجلـة بمقدار الشغـف والإلـهام الـذي يثيره في نفسي، بصرف النظر عن كل ذلك القدر الكبير من الحقائق والأرقام والمعلومات التي تثبت -بما لا يدع مجالًا للشك- أن واقعنا الحالي ليس على أحسن ما يُرام، لا سيما فيما يخص تداعيات...
دائمًا ما أُقيِّـم كل عـدد من المجلـة بمقدار الشغـف والإلـهام الـذي يثيره في نفسي، بصرف النظر عن كل ذلك القدر الكبير من الحقائق والأرقام والمعلومات التي تثبت -بما لا يدع مجالًا للشك- أن واقعنا الحالي ليس على أحسن ما يُرام، لا سيما فيما يخص تداعيات التغير المناخي، واستنزاف موارد الأرض. إذ غالبًا ما تظهر بين سطور كل تحقيق -صَغُر أم كَبُر- حكايات وقصص عن أشخاص يبثون أنوار الأمل لتبديد ظلمة الواقع الحالكة عبر اختراعاتهم واستكشافاتهم ومبادراتهم النيّرة. ولطالما ظلت جهودهم تلك ملهمة في نظري؛ ولعلها أكبر مكاسبي الشخصية من عملي في مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية" منذ سبع سنوات "سِمان" أتممتها في هذا الشهر.
في عددكم هذا الخاص عن "سقف العالم"، تُشرق شموس دافئة ذات أشعة مُلهمة تهزم زمهرير الجليد وخطورة المرتفعات ووعورة الأجراف والوديان؛ أشعة ساطعة تخبرنا أنه على الرغم من كل المآسي أو الصعاب، ثمة سبيلٌ مَا ينبغي لنا اتّباعه بكل ما نمتلك من وسائل لتغيير واقعنا إلى الأفضل. وذلك السبيل حتمًا هو الذي أفضى بأحدهم إلى ابتكار "جبل" جليدي يضمن إمداد القرى بالماء حين القحط؛ وبآخرَ إلى استحداث نظام تأمين لمربّي الماشية يعوّضهم عن أنعامهم التي يلتهمها نمر الثلج ويحفظ لهذا الأخير حق البقاء؛ وبفريق من المستكشفين إلى ركوب مغامرة تسلق جبل "إيفرسـت" لإقامـة سلسلـة محطـات للأرصاد الجوية من شأنها جمع بيانات ستفيد في تحسين حال كوكبنا؛ وبآخر إلى الخوض في بحث ميداني "جنوني" للتأكد من معلومة قد تعيد كتابة تاريخ تسلق الجبال. إنهم بحقٍّ لَأناسٌ مغامرون ومبـتكرون وملهمون. إنهم يرعون هذا الكوكب بكل حب ورغبة لجعله مكانًا آمنًا للعيش. وإنهم ليَحملون شعلةً يصل وهجها إلينا.. لعل كلًّا منا يستنير به فيحذو حذوهم.