انضمام مؤقت إلى ميليشيا البالونات في كوريا الجنوبية
"هل يمكنك الجري بسرعة؟". سألني شخص سأُسميه "بارك". كان بارك يقود بنا السيارة بحذرٍ عند ساعة الغسق، وبسرعةٍ أقل بكثير من الحدّ المسموح به، متجهينَ من العاصمة الكورية، سيول، نحو "المنطقة منزوعة السلاح" سيئة السمعة، وهي منطقة حدودية تعج بالألغام بين كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية. كانت أمسيةً صيفيةً دافئة. كان بارك، المنشقّ الكوري الشمالي الذي سُمح لي بمرافقته شريطة أن يستخدم اسمًا مستعارًا، يُراقب مرآته الخلفية بحذرٍ خشيةَ أن تلاحقه الشرطة. لحسن الحظ، كانت السيارة الوحيدة التي تُلاحقنا، شاحنةً صغيرةً عاديةً يقودها أحد مساعدي بارك. وقد كانت الشاحنة تحمل، تحت غطاءٍ أزرق، ما يكفي من عبوات الهيدروجين الفولاذية لتفجير منزلٍ كبير. لم يكن موكب بارك المُكوّن من مَركبتين مُتجهًا لتنفيذ عملية إرهابية. بل كان هو ومجموعته المكونة من أربعة نشطاء يتجولون بتؤدة بين متاجر (7-Eleven) الصغيرة، والكنائس الريفية المُزينة بصلبان النيون الحمراء، ومزارع تربية الماشية، ضمن عملية مقاومة سياسية غريبة لم يشهدها من قبل سوى قلة من الصحافيين الأجانب، إن وُجدوا أصلًا. إليكم العملية: إطلاقٌ سِرّي تحت جنح الظلام لبالونات ضخمة مصنوعة يدويًا في سماء كوريا الشمالية. على مرّ الاثنتي عشرة سنة الماضية، قطعتُ آلاف الكيلومترات سيرًا على القدمين حول العالم من أجل مشروع لسرد القصص تابع لناشيونال جيوغرافيك يُسمى "رحلة الخروج من جنة إفريقيا". عادةً، أُمضي أيامي أُحدق في قدمَيّ وهي تسير بخطى مُتثاقلة. الليلة، سيكون انتباهي مُنصبًا على مجموعة من البالونات بسيطة الصنع وهي تحلق شمالًا مدفوعة برياح صيفية مُواتية، حاملةً معها مواد تُعدّ إما هدامة أو نادرة الوجود في أكثر المجتمعات انغلاقًا على وجه الأرض. حذرني بارك من أن شرطة كوريا الجنوبية قد تُوقفنا؛ وفي حال حدث ذلك، نصحني أن أهرب إلى الغابة. قال لي: "لقد غُرِّمتُ من قبل، لكنني لا أُبالي"، مضيفًا بالقول: "الناس في الشمال لا يعرفون شيئًا عن حقوق الإنسان. ومن شأن بالوناتنا أن تُساعدهم على أن يفيقوا من غفلتهم". بعد ساعات، وبينما كنتُ متوقفًا بسيارتي وسط حقلٍ من الأعشاب على مقربة من المنطقة منزوعة السلاح، شاهدتُ مُطْلقي البالونات الأشاوس وهم يتجولون في الظلام بمصابيحهم، ثم طفقوا يفتحون أسطوانات الهيدروجين لنفخ بالوناتهم. انبعث الغاز من صمامات الأسطوانات مُصْدرًا أزيزًا عاليًا ومُفاجئًا. كانت البالونات مُحمّلة بأشياء مثل كتب التوراة الدينية، وأوراق الدولار النقدية، والمنشورات المُؤيدة للديمقراطية، والأرز، ومنتجات النظافة الشخصية النسائية؛ ولم تكن تُشبه البالونات المُلونة في مهرجانات المناطيد. بل كانت بالونات ضخمة بلاستيكية شفافة وطويلة، تَراوح ارتفاعها ما بين 12 و15 مترًا. وسرعان ما برز 25 بالونًا في سماء الليل المُضاءة بنور القمر كعلامات تعجبٍ ضخمة، كانت واضحةً للعيان من مسافة كيلومتر أو اثنين. لعلكم تتذكرون التقارير الإعلامية من كوريا الجنوبية في صيف 2024 التي ذكرت أن آلاف البالونات الكبيرة التي تحمل أكياسًا بلاستيكية مليئة بأعقاب السجائر والملابس المتعفنة والديدان وحتى البراز، كانت قد أطلقت من كوريا الشمالية نحو المجال الجوي لكوريا الجنوبية. تَسبب ذلك السيل من القمامة في إطلاق تحذيرات صحية واندلاع حرائق وإلغاء رحلات جوية في المطارات. وقد هبط أحد أكياس القمامة على مقربة من مكتب رئيس كوريا الجنوبية في العاصمة سيول. غالبًا ما غطت الصحافة هذا الأسطول من البالونات بسخرية، بوصفها مناوشات جانبية تُبرز التنافس المحتدم بين الدولتين الشقيقتين اللتين ما تزالان عدوتين لدودتين بعد 72 عامًا على توقف الحرب الأهلية الكورية بوقف إطلاق النار. ومع ذلك، نادرًا ما يسمع الجمهور عن الجانب الآخر من القصة؛ فهجمات القمامة الكورية الشمالية كانت ردًا على بالونات الدعاية الكورية الجنوبية مثل بالونات بارك.
انضمام مؤقت إلى ميليشيا البالونات في كوريا الجنوبية
"هل يمكنك الجري بسرعة؟". سألني شخص سأُسميه "بارك". كان بارك يقود بنا السيارة بحذرٍ عند ساعة الغسق، وبسرعةٍ أقل بكثير من الحدّ المسموح به، متجهينَ من العاصمة الكورية، سيول، نحو "المنطقة منزوعة السلاح" سيئة السمعة، وهي منطقة حدودية تعج بالألغام بين كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية. كانت أمسيةً صيفيةً دافئة. كان بارك، المنشقّ الكوري الشمالي الذي سُمح لي بمرافقته شريطة أن يستخدم اسمًا مستعارًا، يُراقب مرآته الخلفية بحذرٍ خشيةَ أن تلاحقه الشرطة. لحسن الحظ، كانت السيارة الوحيدة التي تُلاحقنا، شاحنةً صغيرةً عاديةً يقودها أحد مساعدي بارك. وقد كانت الشاحنة تحمل، تحت غطاءٍ أزرق، ما يكفي من عبوات الهيدروجين الفولاذية لتفجير منزلٍ كبير. لم يكن موكب بارك المُكوّن من مَركبتين مُتجهًا لتنفيذ عملية إرهابية. بل كان هو ومجموعته المكونة من أربعة نشطاء يتجولون بتؤدة بين متاجر (7-Eleven) الصغيرة، والكنائس الريفية المُزينة بصلبان النيون الحمراء، ومزارع تربية الماشية، ضمن عملية مقاومة سياسية غريبة لم يشهدها من قبل سوى قلة من الصحافيين الأجانب، إن وُجدوا أصلًا. إليكم العملية: إطلاقٌ سِرّي تحت جنح الظلام لبالونات ضخمة مصنوعة يدويًا في سماء كوريا الشمالية. على مرّ الاثنتي عشرة سنة الماضية، قطعتُ آلاف الكيلومترات سيرًا على القدمين حول العالم من أجل مشروع لسرد القصص تابع لناشيونال جيوغرافيك يُسمى "رحلة الخروج من جنة إفريقيا". عادةً، أُمضي أيامي أُحدق في قدمَيّ وهي تسير بخطى مُتثاقلة. الليلة، سيكون انتباهي مُنصبًا على مجموعة من البالونات بسيطة الصنع وهي تحلق شمالًا مدفوعة برياح صيفية مُواتية، حاملةً معها مواد تُعدّ إما هدامة أو نادرة الوجود في أكثر المجتمعات انغلاقًا على وجه الأرض. حذرني بارك من أن شرطة كوريا الجنوبية قد تُوقفنا؛ وفي حال حدث ذلك، نصحني أن أهرب إلى الغابة. قال لي: "لقد غُرِّمتُ من قبل، لكنني لا أُبالي"، مضيفًا بالقول: "الناس في الشمال لا يعرفون شيئًا عن حقوق الإنسان. ومن شأن بالوناتنا أن تُساعدهم على أن يفيقوا من غفلتهم". بعد ساعات، وبينما كنتُ متوقفًا بسيارتي وسط حقلٍ من الأعشاب على مقربة من المنطقة منزوعة السلاح، شاهدتُ مُطْلقي البالونات الأشاوس وهم يتجولون في الظلام بمصابيحهم، ثم طفقوا يفتحون أسطوانات الهيدروجين لنفخ بالوناتهم. انبعث الغاز من صمامات الأسطوانات مُصْدرًا أزيزًا عاليًا ومُفاجئًا. كانت البالونات مُحمّلة بأشياء مثل كتب التوراة الدينية، وأوراق الدولار النقدية، والمنشورات المُؤيدة للديمقراطية، والأرز، ومنتجات النظافة الشخصية النسائية؛ ولم تكن تُشبه البالونات المُلونة في مهرجانات المناطيد. بل كانت بالونات ضخمة بلاستيكية شفافة وطويلة، تَراوح ارتفاعها ما بين 12 و15 مترًا. وسرعان ما برز 25 بالونًا في سماء الليل المُضاءة بنور القمر كعلامات تعجبٍ ضخمة، كانت واضحةً للعيان من مسافة كيلومتر أو اثنين. لعلكم تتذكرون التقارير الإعلامية من كوريا الجنوبية في صيف 2024 التي ذكرت أن آلاف البالونات الكبيرة التي تحمل أكياسًا بلاستيكية مليئة بأعقاب السجائر والملابس المتعفنة والديدان وحتى البراز، كانت قد أطلقت من كوريا الشمالية نحو المجال الجوي لكوريا الجنوبية. تَسبب ذلك السيل من القمامة في إطلاق تحذيرات صحية واندلاع حرائق وإلغاء رحلات جوية في المطارات. وقد هبط أحد أكياس القمامة على مقربة من مكتب رئيس كوريا الجنوبية في العاصمة سيول. غالبًا ما غطت الصحافة هذا الأسطول من البالونات بسخرية، بوصفها مناوشات جانبية تُبرز التنافس المحتدم بين الدولتين الشقيقتين اللتين ما تزالان عدوتين لدودتين بعد 72 عامًا على توقف الحرب الأهلية الكورية بوقف إطلاق النار. ومع ذلك، نادرًا ما يسمع الجمهور عن الجانب الآخر من القصة؛ فهجمات القمامة الكورية الشمالية كانت ردًا على بالونات الدعاية الكورية الجنوبية مثل بالونات بارك.