رمـوز، أساطير، محتالة.. وسارقة
على طول أنهار حوض الأمازون، يروي شعب "تيكونا" الأصلي قصصًا عن الدلافين. وتقول إن هذه المخلوقات التي تعيش في المياه العذبة ما هي في الواقع إلا مجموعة حراس أشقياء لمملكة تحت الماء، يمكن أن يتحولوا إلى بشر، ويخفوا خياشيمهم تحت القبعات، ويسحروا النساء ليأخذوهن إلى مدنهم تحت الماء. كما أنهم يترددون إلى المياه الضحلة المشوبة بالعفص على مقربة من الشط ليسرقوا الأسماك من شباك الصيادين. من بين أنواع الدلافين الستة التي تعيش في المياه العذبة، يوجد اثنان فقط خارج آسيا. كلاهما متوطن في أميركا الجنوبية، وتحديدًا في حوض نهرَي الأمازون وأورينوكو. وهذان الدلفينان هما دلفين نهر الأمازون (Inia geoffrensis) المعروف باسم دلفين النهر الوردي وبالإسبانية بلقب "بوتو" أو "بوفيو" (يَظهر نطاق وجوده على الخريطة أدناه)، وقريبه الأصغر الرمادي، دلفين "توكوكسي" (Sotalia fluviatilis). وكلاهما مصنف أيضًا على أنه كائن مهدد بالانقراض، إذ تعرضا لانخفاض حاد في أعدادهما خلال الأعوام الأخيرة نتيجة للصيد وبناء السدود، والجفاف. على أنّ دلفين "بوتو" المميز هو الأشهر، ربما بسبب مظهره غير المعتاد؛ إذ يتميز بجسم وردي اللون ورأس مدور كالبطيخ وخطم مسنَّن باسم. ويمكنه التنقل برشاقة عبر متاهات الأشجار التي تغمرها المياه خلال موسم الأمطار في الأمازون، حين ترتفع مستويات المياه إلى 12 مترًا. كما أنه أكبر أنواع الدلافين التي تعيش في المياه العذبة بالعالم، إذ يصل طول بعض الذكور منه إلى 2.7 متر وقد يزن 180 كيلوجرامًا. وتعتمد هذه الدلافين على حدة البصر وتحديد المواقع بالصدى للتنقل بحثًا عن فرائسها. وتساعدها الشعيرات الصغيرة الموجودة في الخطم أيضًا على معرفة طريقها في الأماكن الضيقة، وبخاصة عندما تصبح المياه عكرة. وقد كرّس عالم الأحياء البحرية "فرناندو تروخيو"، الحاصل على "جائزة أفضل مستكشف" لعام 2024، الممنوحة من "الجمعية الجغرافية الوطنية" بشراكة مع شركة "روليكس"، حياته لدراسة دلافين الأنهار في أميركا الجنوبية وحمايتها. ويقود تروخيو، بالتعاون مع زميلتَيه المستكشفتَين لدى ناشيونال جيوغرافيك، "ماريانا باشواليني فرياس"، المُحللة في مجال صون الطبيعة و"ماريا خيمينا فالديراما"، الطبيبة البيطرية، رحلات جماعية لإجراء تقييمات صحية ومراقبة حالة مجموعات الدلافين ضمن نطاق وجودها الأوسع، وبالتالي مراقبة صحة المنظومة البيئية التي تعيش فيها. فحيث تزدهر مجموعات الدلافين، فذلك يعني أن ثمة مجموعات أسماك سليمة تُشكل قوْتَها. وحيث تعاني الدلافين، فذلك يعني وجود أمر سيء في الغالب؛ سواء أكان ارتفاع درجات حرارة السطح، أم السدود حديثة البناء التي تمنع هجراتها، أم تصريف مادة الزئبق التي تلوث موئلها. ولذلك كله، يحب تروخيو أن يلقب دلافين النهر باسم "سفراء الأمازون". وعلى المستوى المحلي والعالمي، يعمل على ترسيخ شعور بالمسؤولية الجماعية عن حفظ سلامة وازدهار هذه الحيوانات وبيئتها. وفي مجتمعات الصيد الصغيرة، يتعلق الأمر أيضًا بتغيير التصورات المسبقة عن هذه الكائنات. إذ يقول تروخيو: "عندما نُشرك الصيادين في عملية إمساك الدلافين لتقييم صحتها، تتغير نظرتهم السلبية إزاءها تمامًا؛ لأنهم يعرفون أننا نمسك بها بعناية شديدة". ويختم كلامه قائلًا: "إننا ننسج علاقة تعاطف بين الصيادين والدلافين".
رمـوز، أساطير، محتالة.. وسارقة
على طول أنهار حوض الأمازون، يروي شعب "تيكونا" الأصلي قصصًا عن الدلافين. وتقول إن هذه المخلوقات التي تعيش في المياه العذبة ما هي في الواقع إلا مجموعة حراس أشقياء لمملكة تحت الماء، يمكن أن يتحولوا إلى بشر، ويخفوا خياشيمهم تحت القبعات، ويسحروا النساء ليأخذوهن إلى مدنهم تحت الماء. كما أنهم يترددون إلى المياه الضحلة المشوبة بالعفص على مقربة من الشط ليسرقوا الأسماك من شباك الصيادين. من بين أنواع الدلافين الستة التي تعيش في المياه العذبة، يوجد اثنان فقط خارج آسيا. كلاهما متوطن في أميركا الجنوبية، وتحديدًا في حوض نهرَي الأمازون وأورينوكو. وهذان الدلفينان هما دلفين نهر الأمازون (Inia geoffrensis) المعروف باسم دلفين النهر الوردي وبالإسبانية بلقب "بوتو" أو "بوفيو" (يَظهر نطاق وجوده على الخريطة أدناه)، وقريبه الأصغر الرمادي، دلفين "توكوكسي" (Sotalia fluviatilis). وكلاهما مصنف أيضًا على أنه كائن مهدد بالانقراض، إذ تعرضا لانخفاض حاد في أعدادهما خلال الأعوام الأخيرة نتيجة للصيد وبناء السدود، والجفاف. على أنّ دلفين "بوتو" المميز هو الأشهر، ربما بسبب مظهره غير المعتاد؛ إذ يتميز بجسم وردي اللون ورأس مدور كالبطيخ وخطم مسنَّن باسم. ويمكنه التنقل برشاقة عبر متاهات الأشجار التي تغمرها المياه خلال موسم الأمطار في الأمازون، حين ترتفع مستويات المياه إلى 12 مترًا. كما أنه أكبر أنواع الدلافين التي تعيش في المياه العذبة بالعالم، إذ يصل طول بعض الذكور منه إلى 2.7 متر وقد يزن 180 كيلوجرامًا. وتعتمد هذه الدلافين على حدة البصر وتحديد المواقع بالصدى للتنقل بحثًا عن فرائسها. وتساعدها الشعيرات الصغيرة الموجودة في الخطم أيضًا على معرفة طريقها في الأماكن الضيقة، وبخاصة عندما تصبح المياه عكرة. وقد كرّس عالم الأحياء البحرية "فرناندو تروخيو"، الحاصل على "جائزة أفضل مستكشف" لعام 2024، الممنوحة من "الجمعية الجغرافية الوطنية" بشراكة مع شركة "روليكس"، حياته لدراسة دلافين الأنهار في أميركا الجنوبية وحمايتها. ويقود تروخيو، بالتعاون مع زميلتَيه المستكشفتَين لدى ناشيونال جيوغرافيك، "ماريانا باشواليني فرياس"، المُحللة في مجال صون الطبيعة و"ماريا خيمينا فالديراما"، الطبيبة البيطرية، رحلات جماعية لإجراء تقييمات صحية ومراقبة حالة مجموعات الدلافين ضمن نطاق وجودها الأوسع، وبالتالي مراقبة صحة المنظومة البيئية التي تعيش فيها. فحيث تزدهر مجموعات الدلافين، فذلك يعني أن ثمة مجموعات أسماك سليمة تُشكل قوْتَها. وحيث تعاني الدلافين، فذلك يعني وجود أمر سيء في الغالب؛ سواء أكان ارتفاع درجات حرارة السطح، أم السدود حديثة البناء التي تمنع هجراتها، أم تصريف مادة الزئبق التي تلوث موئلها. ولذلك كله، يحب تروخيو أن يلقب دلافين النهر باسم "سفراء الأمازون". وعلى المستوى المحلي والعالمي، يعمل على ترسيخ شعور بالمسؤولية الجماعية عن حفظ سلامة وازدهار هذه الحيوانات وبيئتها. وفي مجتمعات الصيد الصغيرة، يتعلق الأمر أيضًا بتغيير التصورات المسبقة عن هذه الكائنات. إذ يقول تروخيو: "عندما نُشرك الصيادين في عملية إمساك الدلافين لتقييم صحتها، تتغير نظرتهم السلبية إزاءها تمامًا؛ لأنهم يعرفون أننا نمسك بها بعناية شديدة". ويختم كلامه قائلًا: "إننا ننسج علاقة تعاطف بين الصيادين والدلافين".