مايدينـا فيتريانـا

تَسَلَّحَت بعشقها البريةَ ووحيشها فكسرَت قيود الأعراف ونسفَت الصور النمطية عن المرأة، وانطلقت تجوب أدغال إندونيسيا طولًا وعرضًا.

"لقد كان حُبًا من النظرة الأولى"، هكذا قالت "مايدينا فيتريانا" مستذكرةً لحظةَ اقتحامها أول مرة -في عام 2017- أدغالَ "منظومة لاوسر البيئية" بجزيرة سومطرة التي تؤوي إحدى أكبر الغابات المطرية في العالم. كان ذلك بُعيد حصولها على فترة تدريب لدى "محطة أبحاث سُرايا". بعدها، ظلت فيتريانا تبحث عن فرصة للعمل بصفة دائمة وميدانية في مجال صون الطبيعة، لكن كل الأبواب كانت دائمًا ما تُصدُّ في وجهها، لا لشيء إلا لكونها امرأة ولا ينبغي أن تقتحم مجالًا محفوظًا للرجل، حسب التقاليد والأعراف الإندونيسية، ولا سيما في البلدات والأرياف.ثم جاء الخبر السار في عام 2021، يومَ تم تعيينها موظفة اتصال لدى "مؤسسة سينتاس إندونيسيا" المعنية بتدبير الموارد الطبيعية وصونها في هذا البلد الآسيوي. صحيحٌ أن مهام عمل فيتريانا كانت مكتبية صِرفة ولا تتطلب أي عمل ميداني، لكن طموحها الجامح تجاوز جدران مكتبها إذ التحقت بفرق حراس الغابات في رحلاتهم الدورية لأداء مهام ميدانية. ومُذّاك وهي تُبلي البلاء الحسن في العمل، من تحمل عناء الدروب الوعرة ونقل الأمتعة والتجهيزات، إلى نصب الكاميرات الآلية وجمع البيانات وتوعية السكان المحليين بشأن الحياة البرية. ومن بين المشروعات المهمة التي تنخرط فيها فيتريانا، مشروعٌ يروم الحفاظ على السنوريات الكبرى في منظومة لاوسر البيئية، وتحديدًا الببر السومطري، أو نمر سومطرة (Panthera tigris sumatrae). وتُشرف منظمة "بانثيرا" الدولية على تنفيذ المشروع ميدانيًا بتمويل جزئي من "مبادلة"، شركة استثمار سيادية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبإدارة "صندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية". فلقد تراجعت أعداد هذا النوع من السنوريات كثيرًا حتى إنه صُنِّف ضمن الحيوانات "المهددة بخطر انقراض أقصى" من قِبَل "الاتحاد الدولي لصون الطبيعة". فأما الأسباب الرئيسة لذلك فتشمل الاحتطاب غير المشروع والصيد الجائر وتدمير الغابات. وقد تحدت فيتريانا وفريقها وُعورة التضاريس لإجراء استطلاعات ميدانية عن الببر السومطري وجمع بيانات من خلال الكاميرات الآلية التي تلتقط صورا له. وتقول هذه الباحثة الشابة إن من شأن هذه المعلومات أن تساعد صانعي القرار البيئي في التخطيط السليم ووضع الاستراتيجيات الفعّالة الكفيلة بصون هذا النوع. على أنّ عمل فيتريانا لا يخلو من صعوبات وتحديات؛ فبوصفها المرأة الوحيدة ضمن فريق يتألف بالكامل من الرجال، فإنها تُجهد نفسها لمواكبتهم في الميدان أيامًا متتالية، مِن قطع المسافات الطويلة وحمل الأثقال إلى التأقلم مع كميات الطعام القليلة ونوعيتها. لكنها ما فتئت تقهر هذه الصعوبات بفضل عزيمتها القوية؛ إذ تقول: "كنت أُدرك الثمن الذي يؤديه كل من يسعى إلى التغيير. وأنا هنا أقوم بعملي في مجال صون الطبيعة وأحاول تبديد صورة المرأة بوصفها عاجزة عن فعل ما يفعله الرجل.. وأنا أثبت ذلك". وتأمَل فيتريانا أن يتوسع المشروع ليشمَل مناطق أكبر في الجزيرة حتى يتسنى جمع معلومات أوفى وأشمل عن التوزيع الجغرافي لمجموعات السنوريات الكبرى وتعدادها. كما ترجو أن ينجح حُماة الطبيعة في تطوير نهج فعال لحل الصراع الدامي المستمر بين أهالي الجزيرة والسنوريات الكبرى التي تهاجم محاصيلهم الزراعية.

مايدينـا فيتريانـا

تَسَلَّحَت بعشقها البريةَ ووحيشها فكسرَت قيود الأعراف ونسفَت الصور النمطية عن المرأة، وانطلقت تجوب أدغال إندونيسيا طولًا وعرضًا.

"لقد كان حُبًا من النظرة الأولى"، هكذا قالت "مايدينا فيتريانا" مستذكرةً لحظةَ اقتحامها أول مرة -في عام 2017- أدغالَ "منظومة لاوسر البيئية" بجزيرة سومطرة التي تؤوي إحدى أكبر الغابات المطرية في العالم. كان ذلك بُعيد حصولها على فترة تدريب لدى "محطة أبحاث سُرايا". بعدها، ظلت فيتريانا تبحث عن فرصة للعمل بصفة دائمة وميدانية في مجال صون الطبيعة، لكن كل الأبواب كانت دائمًا ما تُصدُّ في وجهها، لا لشيء إلا لكونها امرأة ولا ينبغي أن تقتحم مجالًا محفوظًا للرجل، حسب التقاليد والأعراف الإندونيسية، ولا سيما في البلدات والأرياف.ثم جاء الخبر السار في عام 2021، يومَ تم تعيينها موظفة اتصال لدى "مؤسسة سينتاس إندونيسيا" المعنية بتدبير الموارد الطبيعية وصونها في هذا البلد الآسيوي. صحيحٌ أن مهام عمل فيتريانا كانت مكتبية صِرفة ولا تتطلب أي عمل ميداني، لكن طموحها الجامح تجاوز جدران مكتبها إذ التحقت بفرق حراس الغابات في رحلاتهم الدورية لأداء مهام ميدانية. ومُذّاك وهي تُبلي البلاء الحسن في العمل، من تحمل عناء الدروب الوعرة ونقل الأمتعة والتجهيزات، إلى نصب الكاميرات الآلية وجمع البيانات وتوعية السكان المحليين بشأن الحياة البرية. ومن بين المشروعات المهمة التي تنخرط فيها فيتريانا، مشروعٌ يروم الحفاظ على السنوريات الكبرى في منظومة لاوسر البيئية، وتحديدًا الببر السومطري، أو نمر سومطرة (Panthera tigris sumatrae). وتُشرف منظمة "بانثيرا" الدولية على تنفيذ المشروع ميدانيًا بتمويل جزئي من "مبادلة"، شركة استثمار سيادية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبإدارة "صندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية". فلقد تراجعت أعداد هذا النوع من السنوريات كثيرًا حتى إنه صُنِّف ضمن الحيوانات "المهددة بخطر انقراض أقصى" من قِبَل "الاتحاد الدولي لصون الطبيعة". فأما الأسباب الرئيسة لذلك فتشمل الاحتطاب غير المشروع والصيد الجائر وتدمير الغابات. وقد تحدت فيتريانا وفريقها وُعورة التضاريس لإجراء استطلاعات ميدانية عن الببر السومطري وجمع بيانات من خلال الكاميرات الآلية التي تلتقط صورا له. وتقول هذه الباحثة الشابة إن من شأن هذه المعلومات أن تساعد صانعي القرار البيئي في التخطيط السليم ووضع الاستراتيجيات الفعّالة الكفيلة بصون هذا النوع. على أنّ عمل فيتريانا لا يخلو من صعوبات وتحديات؛ فبوصفها المرأة الوحيدة ضمن فريق يتألف بالكامل من الرجال، فإنها تُجهد نفسها لمواكبتهم في الميدان أيامًا متتالية، مِن قطع المسافات الطويلة وحمل الأثقال إلى التأقلم مع كميات الطعام القليلة ونوعيتها. لكنها ما فتئت تقهر هذه الصعوبات بفضل عزيمتها القوية؛ إذ تقول: "كنت أُدرك الثمن الذي يؤديه كل من يسعى إلى التغيير. وأنا هنا أقوم بعملي في مجال صون الطبيعة وأحاول تبديد صورة المرأة بوصفها عاجزة عن فعل ما يفعله الرجل.. وأنا أثبت ذلك". وتأمَل فيتريانا أن يتوسع المشروع ليشمَل مناطق أكبر في الجزيرة حتى يتسنى جمع معلومات أوفى وأشمل عن التوزيع الجغرافي لمجموعات السنوريات الكبرى وتعدادها. كما ترجو أن ينجح حُماة الطبيعة في تطوير نهج فعال لحل الصراع الدامي المستمر بين أهالي الجزيرة والسنوريات الكبرى التي تهاجم محاصيلهم الزراعية.