فنون أميركا الأصلية

على مرّ آلاف السنين، نقشت الشعوب الأصلية ورسمت قصصها عبر المشهد الطبيعي لأميركا الشمالية الحالية. واليوم، إذ يُكشف النقاب عن مزيد من تلك الأعمال الفنية، يُبرز خبراءٌ محليون وغير محليين هذا التراث الثقافي الزاخر.

إننا لا نعرف على وجه اليقين الكثيرَ عن الأعمال الفنية القديمة للسكان الأصليين. متى أُنجزت تحديدًا؟ ماذا كانت تعني بالضبط لمن أبدعوها؟ ومع ذلك، لا يزال بإمكاننا أن نتعلم الكثير من هذه الأعمال المنحوتة في الصخر، أو المصبوغة على الحجر، أو المرسومة في الطين، أو المدمجة في سطح الأرض. ولعل الأمر الأهم هو أن مجتمعات الأميركيين الأصليين الغنية سكنت هذا الصقع الأرضي -جزيرة السلاحف، كما يفضل كثير من القبائل تسمية أميركا الشمالية- منذ عشرات الآلاف من السنين. وإذا نظرنا إلى هذه اللوحات الصخرية والصور التوضيحية والخدوش الأرضية المتطورة، جنبًا إلى جنب صحوة معاصرة للسكان الأصليين -بتجلياتها التاريخية في كل شيء، بدءًا من السياسة وحتى الثقافة الشعبية- فإننا نجدها تساعد على ربط الماضي بالحاضر بالمستقبل. ويمثل هذا الفن لدى المجتمعات المتحدرة من السكان الأصليين، عودةً إلى الوطن وإحياءً لأنماط الحياة التقليدية التي دمرها الاستعمار.. إلا قليلًا. يقول "بِن بارنز"، زعيم قبيلة "شاوني" الذي يرجَّح أن أسلافه قد بنوا "أكمة الأفعى" في ولاية أوهايو: "نحن محظوظون للغاية لأنه لا يزال لدينا ديننا وثقافتنا ولغتنا؛ وتعي كل قبيلة معنى الكفاح لصون ذلك كله". ويستطرد قائلًا: "لقد نسي كثير من الأميركيين أن الأرض نفسها يمكن أن تكون مقدسة، وأن الأماكن يمكن أن تكون مقدسة. هنا في الأميركيتين، أماكننا المقدسة هي أماكن السكان الأصليين". دأب المصور "ستيفن ألفاريز" على التوثيق للعجائب الطبيعية منذ زُهاء ثلاثة عقود. وفي عام 2016، أسس منظمة غير ربحية تدعى "أرشيف الفن العريق"، لتكون بمنزلة سجل حي لرسومات ونقوش عصور ما قبل التاريخ على صعيد العالم. واليوم ركز عدسته على الجداريات الصخرية الأميركية سعيًا لوضع الذكرى السنوية الـ250 لتأسيس الولايات المتحدة، في عام 2026، في سياق تاريخ يعود إلى آلاف السنين. يقول ألفاريز: "إن هذا المشهد الطبيعي يحكي قصته الخاصة.. ما حدث له عبر الزمن، ومن عاشوا فيه، وما صنعوا فيه. فلا يمكن فصل العمل الفني عن المشهد الطبيعي. وبالنسبة إلى الآثاريين والأنثروبولوجيين والإثنوغرافيين والفنانين وغيرهم من حفظة المعرفة -سواء من السكان الأصليين أو غير الأصليين- الذين أمضوا وقتًا طويلًا في دراسة هذه الأعمال الفنية وصونها، فإن هذه الأخيرة تُحف بديعة، بل معجزات، صمدت في وجه عوادي الطقس منذ قرون حتى نتمكن اليوم من تأمّل روعتها واستنطاقها. يقول عالم الآثار "جو واتكينز" (من قبيلة شوكتاو)، الذي يعمل في مشروع "جدارية أميركا" للمصور ألفاريز: "لا أحد منا يود مغادرة هذا العالم دون أن يترك بصمته على هذا المشهد الطبيعي. ويمنحنا الفن الصخري فرصة لتبادل أفكار أشخاص انقطع سيرهم على هذه الأرض".
وتُعد هذه الأعمال الفنية، لدى جميع الأميركيين، بمنزلة دعوة للتعرف إلى التراث الذي خلّفته الشعوب الأصلية القديمة وتثمينه وتبجيله. إنها تحريض وحضّ على الاعتراف بالفواجع التي عانتها مجتمعات القبائل في "جزيرة السلاحف" وما وراءها. وهي تذكرة أن الأميركيين الأصليين كانوا وما زالوا هنا منذ زمن بعيد.. وأن أصواتنا وقصصنا وفنوننا من الزمن الماضي مهمة على قدر أهمية ما نصنعه اليوم وما سنصنعه غدًا.

فنون أميركا الأصلية

على مرّ آلاف السنين، نقشت الشعوب الأصلية ورسمت قصصها عبر المشهد الطبيعي لأميركا الشمالية الحالية. واليوم، إذ يُكشف النقاب عن مزيد من تلك الأعمال الفنية، يُبرز خبراءٌ محليون وغير محليين هذا التراث الثقافي الزاخر.

إننا لا نعرف على وجه اليقين الكثيرَ عن الأعمال الفنية القديمة للسكان الأصليين. متى أُنجزت تحديدًا؟ ماذا كانت تعني بالضبط لمن أبدعوها؟ ومع ذلك، لا يزال بإمكاننا أن نتعلم الكثير من هذه الأعمال المنحوتة في الصخر، أو المصبوغة على الحجر، أو المرسومة في الطين، أو المدمجة في سطح الأرض. ولعل الأمر الأهم هو أن مجتمعات الأميركيين الأصليين الغنية سكنت هذا الصقع الأرضي -جزيرة السلاحف، كما يفضل كثير من القبائل تسمية أميركا الشمالية- منذ عشرات الآلاف من السنين. وإذا نظرنا إلى هذه اللوحات الصخرية والصور التوضيحية والخدوش الأرضية المتطورة، جنبًا إلى جنب صحوة معاصرة للسكان الأصليين -بتجلياتها التاريخية في كل شيء، بدءًا من السياسة وحتى الثقافة الشعبية- فإننا نجدها تساعد على ربط الماضي بالحاضر بالمستقبل. ويمثل هذا الفن لدى المجتمعات المتحدرة من السكان الأصليين، عودةً إلى الوطن وإحياءً لأنماط الحياة التقليدية التي دمرها الاستعمار.. إلا قليلًا. يقول "بِن بارنز"، زعيم قبيلة "شاوني" الذي يرجَّح أن أسلافه قد بنوا "أكمة الأفعى" في ولاية أوهايو: "نحن محظوظون للغاية لأنه لا يزال لدينا ديننا وثقافتنا ولغتنا؛ وتعي كل قبيلة معنى الكفاح لصون ذلك كله". ويستطرد قائلًا: "لقد نسي كثير من الأميركيين أن الأرض نفسها يمكن أن تكون مقدسة، وأن الأماكن يمكن أن تكون مقدسة. هنا في الأميركيتين، أماكننا المقدسة هي أماكن السكان الأصليين". دأب المصور "ستيفن ألفاريز" على التوثيق للعجائب الطبيعية منذ زُهاء ثلاثة عقود. وفي عام 2016، أسس منظمة غير ربحية تدعى "أرشيف الفن العريق"، لتكون بمنزلة سجل حي لرسومات ونقوش عصور ما قبل التاريخ على صعيد العالم. واليوم ركز عدسته على الجداريات الصخرية الأميركية سعيًا لوضع الذكرى السنوية الـ250 لتأسيس الولايات المتحدة، في عام 2026، في سياق تاريخ يعود إلى آلاف السنين. يقول ألفاريز: "إن هذا المشهد الطبيعي يحكي قصته الخاصة.. ما حدث له عبر الزمن، ومن عاشوا فيه، وما صنعوا فيه. فلا يمكن فصل العمل الفني عن المشهد الطبيعي. وبالنسبة إلى الآثاريين والأنثروبولوجيين والإثنوغرافيين والفنانين وغيرهم من حفظة المعرفة -سواء من السكان الأصليين أو غير الأصليين- الذين أمضوا وقتًا طويلًا في دراسة هذه الأعمال الفنية وصونها، فإن هذه الأخيرة تُحف بديعة، بل معجزات، صمدت في وجه عوادي الطقس منذ قرون حتى نتمكن اليوم من تأمّل روعتها واستنطاقها. يقول عالم الآثار "جو واتكينز" (من قبيلة شوكتاو)، الذي يعمل في مشروع "جدارية أميركا" للمصور ألفاريز: "لا أحد منا يود مغادرة هذا العالم دون أن يترك بصمته على هذا المشهد الطبيعي. ويمنحنا الفن الصخري فرصة لتبادل أفكار أشخاص انقطع سيرهم على هذه الأرض".
وتُعد هذه الأعمال الفنية، لدى جميع الأميركيين، بمنزلة دعوة للتعرف إلى التراث الذي خلّفته الشعوب الأصلية القديمة وتثمينه وتبجيله. إنها تحريض وحضّ على الاعتراف بالفواجع التي عانتها مجتمعات القبائل في "جزيرة السلاحف" وما وراءها. وهي تذكرة أن الأميركيين الأصليين كانوا وما زالوا هنا منذ زمن بعيد.. وأن أصواتنا وقصصنا وفنوننا من الزمن الماضي مهمة على قدر أهمية ما نصنعه اليوم وما سنصنعه غدًا.