منطقة الشفق

تطورت كائنات بحرية غريبة في أماكن عميقة تحت سطح الماء لتعيش في ظل ندرة الضوء؛ وقد تتوقف صحة محيطاتنا على وجودها.

كانت "كارين أوزبورن" تقف على سطح سفينة أبحاث يبلغ طولها 17 مترًا في "خليج مونتيري" بكاليفورنيا وهي تُحدق في برّاد مليء بمياه البحر وكوكبة من أشكال الحياة التي لا تكفّ عن الحركة. وقبل لحظات من ذلك، لاحت هذه الكوكبة الحية من شبكةٍ سُحبت على مَهل من عمق ناهز الـ450 مترًا، وسط عوالم معتمة يسودها ظلام شبه تام. "إنه صيد ثمين"، هكذا قالت أوزبورن. أكثر ما شد الانتباهَ ضمن تلك الكائنات، حبّارٌ بحجم اليد يلمع بلون أحمر ياقوتي. حبار الفراولة هذا، كما هو معروف، يتأقلم جيدًا مع بيئته. يتلاشى لونه الأحمر عندما تمتصه الأعماق المظلمة ليتحول إلى اللون الأسود المائل إلى البني، ويمتزج مع محيط عيشه. وعندما يُصدر ومضات من الضوء الحيوي عبر جسمه من حين إلى آخر، فإنه يروّع الدخلاء ويفزعهم. وتنظر عيناهُ غير المتطابقتين في اتجاهين مختلفين في وقت واحد: إحداهما ضخمة صفراء، تنظر إلى الأعلى، لترصد ظلال الكائنات التي تمر من فوقها؛ أما الأخرى، وهي أصغر وذات لون أزرق، فتنظر إلى الأسفل بحثًا عن فريسة متوهجة وسط الظلام. هذه العيّنة سليمة من الخدش بصورة تبعث على الدهشة؛ "فهي عادةً ما تتعرض جميعها للخدش"، كما تقول أوزبورن. فمن المرجَّح أن حبار الفراولة هذا قد تم اصطياده مباشرة قبل سحب الشبكة بعناية إلى السطح. أوزبورن عالمة حيوان متخصصة في اللافقريات لدى "المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي" التابع لـ"مؤسسة سميثسونيان" في العاصمة واشنطن، ولديها دراية بهذه المخلوقات الرائعة التي تعيش في ما يسمى "منطقة الشفق"، وهي طبقة أفقية معتمة من المحيط تقع على أعماق تتراوح ما بين 200 و1000 متر. إذ ظلت تَدرس هذه المنطقة على مرّ الأعوام الـ25 الماضية، من بُعد، باستخدام روبوتات مجهَّزة بكاميرات، وتنتقل بنفسها إلى هناك على متن غواصات أعماق. ومن الاكتشافات التي أسهمَت بإحرازها: الكيفية التي تجعل بها أسماك منطقة الشفق جلدَها شديد السواد، ودرجة الشفافية الكبيرة لأجسام قشريات تسمى "سايستيسوما" (Cystisoma)، تجعلها شبه خفية تمامًا. تقول أوزبورن: "كلما خرجنا للاستكشاف، نرى شيئًا جديدًا لم نره من قبل". تظل منطقة الشفق، بحكم طبيعتها، صعبة ومكلفة من حيث الوصول إليها ودراستها. تُعرف أيضًا باسم المنطقة متوسطة العمق، وتُشكل مل يصل إلى خُمس الحجم الإجمالي للمحيط، ولا يزال كثير منها غير مستكشف إلى حد كبير. وتبدأ هذه المنطقة عند عمق تتعذر فيه عملية التمثيل الضوئي وتمتد باتجاه الأسفل إلى أن تتلاشى آخر بقايا ضوء الشمس. ويبدو هذا العالَمُ حالكَ السواد لإنسانٍ داخل غواصة، لكن الحيوانات هناك طورت كل أنواع الحيّل للتغلب على قلة الضوء وفي الوقت نفسه تجنب المفترسات في أعالي المحيطات؛ إذ تقول أوزبورن: "إننا نرى كل هذه الأشكال والأحجام الرائعة: حيوانات شفافة، وحيوانات منعكسة، وحيوانات حمراء، وحيوانات شديدة السواد. وهي تتغلب على المشكلة نفسها بطرق متنوعة".

اقرأ التفاصيل الكاملة في النسخة الورقية من مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية"
أو عبر النسخة الرقمية من خلال الرابط التالي: https://linktr.ee/natgeomagarab

منطقة الشفق

تطورت كائنات بحرية غريبة في أماكن عميقة تحت سطح الماء لتعيش في ظل ندرة الضوء؛ وقد تتوقف صحة محيطاتنا على وجودها.

كانت "كارين أوزبورن" تقف على سطح سفينة أبحاث يبلغ طولها 17 مترًا في "خليج مونتيري" بكاليفورنيا وهي تُحدق في برّاد مليء بمياه البحر وكوكبة من أشكال الحياة التي لا تكفّ عن الحركة. وقبل لحظات من ذلك، لاحت هذه الكوكبة الحية من شبكةٍ سُحبت على مَهل من عمق ناهز الـ450 مترًا، وسط عوالم معتمة يسودها ظلام شبه تام. "إنه صيد ثمين"، هكذا قالت أوزبورن. أكثر ما شد الانتباهَ ضمن تلك الكائنات، حبّارٌ بحجم اليد يلمع بلون أحمر ياقوتي. حبار الفراولة هذا، كما هو معروف، يتأقلم جيدًا مع بيئته. يتلاشى لونه الأحمر عندما تمتصه الأعماق المظلمة ليتحول إلى اللون الأسود المائل إلى البني، ويمتزج مع محيط عيشه. وعندما يُصدر ومضات من الضوء الحيوي عبر جسمه من حين إلى آخر، فإنه يروّع الدخلاء ويفزعهم. وتنظر عيناهُ غير المتطابقتين في اتجاهين مختلفين في وقت واحد: إحداهما ضخمة صفراء، تنظر إلى الأعلى، لترصد ظلال الكائنات التي تمر من فوقها؛ أما الأخرى، وهي أصغر وذات لون أزرق، فتنظر إلى الأسفل بحثًا عن فريسة متوهجة وسط الظلام. هذه العيّنة سليمة من الخدش بصورة تبعث على الدهشة؛ "فهي عادةً ما تتعرض جميعها للخدش"، كما تقول أوزبورن. فمن المرجَّح أن حبار الفراولة هذا قد تم اصطياده مباشرة قبل سحب الشبكة بعناية إلى السطح. أوزبورن عالمة حيوان متخصصة في اللافقريات لدى "المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي" التابع لـ"مؤسسة سميثسونيان" في العاصمة واشنطن، ولديها دراية بهذه المخلوقات الرائعة التي تعيش في ما يسمى "منطقة الشفق"، وهي طبقة أفقية معتمة من المحيط تقع على أعماق تتراوح ما بين 200 و1000 متر. إذ ظلت تَدرس هذه المنطقة على مرّ الأعوام الـ25 الماضية، من بُعد، باستخدام روبوتات مجهَّزة بكاميرات، وتنتقل بنفسها إلى هناك على متن غواصات أعماق. ومن الاكتشافات التي أسهمَت بإحرازها: الكيفية التي تجعل بها أسماك منطقة الشفق جلدَها شديد السواد، ودرجة الشفافية الكبيرة لأجسام قشريات تسمى "سايستيسوما" (Cystisoma)، تجعلها شبه خفية تمامًا. تقول أوزبورن: "كلما خرجنا للاستكشاف، نرى شيئًا جديدًا لم نره من قبل". تظل منطقة الشفق، بحكم طبيعتها، صعبة ومكلفة من حيث الوصول إليها ودراستها. تُعرف أيضًا باسم المنطقة متوسطة العمق، وتُشكل مل يصل إلى خُمس الحجم الإجمالي للمحيط، ولا يزال كثير منها غير مستكشف إلى حد كبير. وتبدأ هذه المنطقة عند عمق تتعذر فيه عملية التمثيل الضوئي وتمتد باتجاه الأسفل إلى أن تتلاشى آخر بقايا ضوء الشمس. ويبدو هذا العالَمُ حالكَ السواد لإنسانٍ داخل غواصة، لكن الحيوانات هناك طورت كل أنواع الحيّل للتغلب على قلة الضوء وفي الوقت نفسه تجنب المفترسات في أعالي المحيطات؛ إذ تقول أوزبورن: "إننا نرى كل هذه الأشكال والأحجام الرائعة: حيوانات شفافة، وحيوانات منعكسة، وحيوانات حمراء، وحيوانات شديدة السواد. وهي تتغلب على المشكلة نفسها بطرق متنوعة".

اقرأ التفاصيل الكاملة في النسخة الورقية من مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية"
أو عبر النسخة الرقمية من خلال الرابط التالي: https://linktr.ee/natgeomagarab