8 مليارات: الانفجار الديموغرافي البشري

يعيش على كوكبنا اليومَ عددٌ من البشر هو الأكبر على مرّ كل الأزمنة؛ لكن ذلك يخفي واقعًا جديدًا. ففي القرن الحالي، قد نصل إلى الذروة ثم نبدأ في التراجع. إذ ستواصل بعض الدول نموها الديموغرافي السريع، فيما يشهد بعضها الآخر انخفاضًا في أعداد السكان.

ها قد بلغنا محطة جديدة في رحلتنا البشرية. ففي نوفمبر 2022، وفقًا لمنظمة "الأمم المتحدة"، بلغ عدد سكان الأرض ثمانية مليارات نسمة. ولقد تضاعف عدد سكان كوكبنا في أقل من 50 عامًا، أي منذ عام 1974، وهو العام الذي جمعت فيه "الأمم المتحدة" دول العالم معًا في أول مؤتمر حكومي دولي للنظر في شأن النمو السكاني. في ذلك الوقت، كانت ثلاث حواضر كبرى فقط موطنًا لعشرة ملايين نسمة أو أكثر؛ وهي نيويورك وطوكيو ومدينة مكسيكو. أما اليوم فهناك أكثر من 30 حاضرة.
 أسباب هذا الانفجار السكاني معروفة: فالطب والقواعد الصحية والمحاصيل الزراعية لا تنفك تتحسن بقدر كبير للغاية. ونتيجة لذلك، فإن معدل وفيات الأطفال آخذ في الانخفاض بحدة، ومتوسط أمد العمر آخذ في الارتفاع. يتوقع علماء الديموغرافيا لدى "المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية" في النمسا و"معهد القياسات والتقييمات الصحية" في الولايات المتحدة أن تعداد البشر سيصل إلى 9.4 مليار و9.7 مليار تواليًا في وقت لاحق من القرن الحالي. ويعتقد خبراء "الأمم المتحدة" أننا قد نصل إلى 10.4 مليار نسمة.

  • العائد الديموغرافي: عندما تنخفض معدلات الخصوبة ويمثل العمال أكثر من ثلثي السكان، يكون لدى دولة ذات اقتصاد ناجع فرصة نادرة للاستثمار في مقدّراتها.

لكن تلك الأرقام تخفي تحولا مثيرًا للفضول. فبَين منتصف هذا القرن وعام 2100، يُتوقَّع أن يتوقف نمونا السكاني المستمر.. على نحو مفاجئ. يعنى ذلك أننا نأخذ منحى ما جديدًا. يقول "باتريك غيرلاند"، الذي يشرف على إنجاز التوقعات لدى "شُعبة السكان" في "الأمم المتحدة": "ثمة إجماع على أن عدد سكان العالم سيبلغ ذروته على الأرجح قبل نهاية القرن". حتى مع استمرار أعدادنا في التضخم اليوم، فقد يكون الأطفال وبعض البالغين الأحياء اليوم هم أول آدميين على مرّ مئات، وربما آلاف، السنين يَشهدون عدد سكان الأرض يحافظ على استقراره -أو حتى تراجعه- فترة من الزمن تكون لها نتائج مثيرة وغير قابلة للتوقع. في ثنايا البيانات الديموغرافية التي توثق للخصوبة وطول العمر، تَكمن مفارقات صارخة بشأن الكيفية التي سنبلغ بها تلك النقطة. فمن المتوقع أن يَحدث أكثر من نصف الزيادة السكانية المتوقعة لربع القرن المقبل في ثمانية بلدان فقط بآسيا وإفريقيا، وهي باكستان والفلبين والهند ومصر وإثيوبيا وتنزانيا ونيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. على أن نهاية القرن الحالي يمكن أن تَشهد انخفاض عدد السكان بمقدار النصف في نحو عشرين بلدًا آخر؛ ومنها تايلاند وإسبانيا واليابان. ماذا سيكون وَقع هذه التغيرات على قصتنا البشرية ذات الأحداث المتطورة باستمرار؟ في هذا الشأن، يمكن أن نعرف الكثير بالنظر في عالمين متباعدين يواجهان واقعين متناقضين تمامًا: الصين ونيجيريا.

  • عالم بخصوبة أقل: ساعد تحسين حصول المرأة على فرص التعليم والتوظيف وتحديد النسل في خفض معدل الخصوبة العالمي إلى النصف منذ عام 1950.

توقعت "الأمم المتحدة" أنه في وقتٍ ما من عام 2023، ولأول مرة منذ مئات السنين، لن تكون الصين أكثر دول العالم سكانًا؛ فالهند سوف تتجاوزها. حتى قبل اعتماد سياسة الطفل الواحد في الصين عام 1980، كان معدل الولادات فيها يتناقص سلفًا. فقد أدى النمو الاقتصادي منقطع النظير في هذا البلد إلى زيادة فرص التعليم والعمل للنساء، وزاد عدد اللواتي يؤجلن الأمومة أو يتخلين عنها، حتى مع انخفاض عدد اللواتي هن في سن الإنجاب. على الرغم من أن الناس في الصين يعيشون اليوم أمدًا أطول، إلا أن عدد سكانها -وهو الآن يناهز الـ 1.4 مليار- بدأ في الانخفاض. فالقوة العاملة التي جعلت من الصين "مَصنع" العالم قد بدأت تتقلص منذ عقد من الزمان. وفي أفق عام 2050، يمكن أن تؤوي الصين 500 مليون شخص تزيد أعمارهم على 60 عامًا. وهذا الاختلال في التوازن بين الشباب وكبار السن سيكون التحدي الأكبر للصين.
على بُعد قارة عن الصين، تبدو الأمور مختلفة. إذ لا يتجاوز متوسط العمر في نيجيريا 17 عامًا، أي أقل من نصف مثيله في الصين. كما أن معدل الخصوبة هناك يتراجع أيضًا، لكنه لا يزال أعلى بخمس مرات من مثيله في الصين. ويُحتمَل أن يزيد عدد سكان نيجيريا، الذي يبلغ الآن زُهاء 224 مليون نسمة، بأكثر من ثلاثة أضعاف في أفق نهاية القرن الحالي. يعيش نحو ثلث النيجيريين في فقر مدقع، أي ما يقرب من نصف عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع بالهند، والتي تفوق نيجيريا من حيث عدد السكان بستة أضعاف. الجوع ههنا مشكلة حقيقية: فملايين الناس في نيجيريا معرضون لخطر المجاعة.

  • فرملة النمو السكاني: يعيش الناس بنيجريا والصين -وفي الواقع بكل بلدان العالم- عمرًا أطول؛ ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا إلى تحسن الرعاية الصحية وارتفاع مستويات المعيشة. لكن انخفاض معدلات الخصوبة يكبح قليلًا هذا المنحى العالمي نحو العمر الأطول.

اقرأ التفاصيل الكاملة في النسخة الورقية من مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية" أو عبر النسخة الرقمية من خلال الرابط التالي: https://linktr.ee/natgeomagarab

 

8 مليارات: الانفجار الديموغرافي البشري

يعيش على كوكبنا اليومَ عددٌ من البشر هو الأكبر على مرّ كل الأزمنة؛ لكن ذلك يخفي واقعًا جديدًا. ففي القرن الحالي، قد نصل إلى الذروة ثم نبدأ في التراجع. إذ ستواصل بعض الدول نموها الديموغرافي السريع، فيما يشهد بعضها الآخر انخفاضًا في أعداد السكان.

ها قد بلغنا محطة جديدة في رحلتنا البشرية. ففي نوفمبر 2022، وفقًا لمنظمة "الأمم المتحدة"، بلغ عدد سكان الأرض ثمانية مليارات نسمة. ولقد تضاعف عدد سكان كوكبنا في أقل من 50 عامًا، أي منذ عام 1974، وهو العام الذي جمعت فيه "الأمم المتحدة" دول العالم معًا في أول مؤتمر حكومي دولي للنظر في شأن النمو السكاني. في ذلك الوقت، كانت ثلاث حواضر كبرى فقط موطنًا لعشرة ملايين نسمة أو أكثر؛ وهي نيويورك وطوكيو ومدينة مكسيكو. أما اليوم فهناك أكثر من 30 حاضرة.
 أسباب هذا الانفجار السكاني معروفة: فالطب والقواعد الصحية والمحاصيل الزراعية لا تنفك تتحسن بقدر كبير للغاية. ونتيجة لذلك، فإن معدل وفيات الأطفال آخذ في الانخفاض بحدة، ومتوسط أمد العمر آخذ في الارتفاع. يتوقع علماء الديموغرافيا لدى "المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية" في النمسا و"معهد القياسات والتقييمات الصحية" في الولايات المتحدة أن تعداد البشر سيصل إلى 9.4 مليار و9.7 مليار تواليًا في وقت لاحق من القرن الحالي. ويعتقد خبراء "الأمم المتحدة" أننا قد نصل إلى 10.4 مليار نسمة.

  • العائد الديموغرافي: عندما تنخفض معدلات الخصوبة ويمثل العمال أكثر من ثلثي السكان، يكون لدى دولة ذات اقتصاد ناجع فرصة نادرة للاستثمار في مقدّراتها.

لكن تلك الأرقام تخفي تحولا مثيرًا للفضول. فبَين منتصف هذا القرن وعام 2100، يُتوقَّع أن يتوقف نمونا السكاني المستمر.. على نحو مفاجئ. يعنى ذلك أننا نأخذ منحى ما جديدًا. يقول "باتريك غيرلاند"، الذي يشرف على إنجاز التوقعات لدى "شُعبة السكان" في "الأمم المتحدة": "ثمة إجماع على أن عدد سكان العالم سيبلغ ذروته على الأرجح قبل نهاية القرن". حتى مع استمرار أعدادنا في التضخم اليوم، فقد يكون الأطفال وبعض البالغين الأحياء اليوم هم أول آدميين على مرّ مئات، وربما آلاف، السنين يَشهدون عدد سكان الأرض يحافظ على استقراره -أو حتى تراجعه- فترة من الزمن تكون لها نتائج مثيرة وغير قابلة للتوقع. في ثنايا البيانات الديموغرافية التي توثق للخصوبة وطول العمر، تَكمن مفارقات صارخة بشأن الكيفية التي سنبلغ بها تلك النقطة. فمن المتوقع أن يَحدث أكثر من نصف الزيادة السكانية المتوقعة لربع القرن المقبل في ثمانية بلدان فقط بآسيا وإفريقيا، وهي باكستان والفلبين والهند ومصر وإثيوبيا وتنزانيا ونيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. على أن نهاية القرن الحالي يمكن أن تَشهد انخفاض عدد السكان بمقدار النصف في نحو عشرين بلدًا آخر؛ ومنها تايلاند وإسبانيا واليابان. ماذا سيكون وَقع هذه التغيرات على قصتنا البشرية ذات الأحداث المتطورة باستمرار؟ في هذا الشأن، يمكن أن نعرف الكثير بالنظر في عالمين متباعدين يواجهان واقعين متناقضين تمامًا: الصين ونيجيريا.

  • عالم بخصوبة أقل: ساعد تحسين حصول المرأة على فرص التعليم والتوظيف وتحديد النسل في خفض معدل الخصوبة العالمي إلى النصف منذ عام 1950.

توقعت "الأمم المتحدة" أنه في وقتٍ ما من عام 2023، ولأول مرة منذ مئات السنين، لن تكون الصين أكثر دول العالم سكانًا؛ فالهند سوف تتجاوزها. حتى قبل اعتماد سياسة الطفل الواحد في الصين عام 1980، كان معدل الولادات فيها يتناقص سلفًا. فقد أدى النمو الاقتصادي منقطع النظير في هذا البلد إلى زيادة فرص التعليم والعمل للنساء، وزاد عدد اللواتي يؤجلن الأمومة أو يتخلين عنها، حتى مع انخفاض عدد اللواتي هن في سن الإنجاب. على الرغم من أن الناس في الصين يعيشون اليوم أمدًا أطول، إلا أن عدد سكانها -وهو الآن يناهز الـ 1.4 مليار- بدأ في الانخفاض. فالقوة العاملة التي جعلت من الصين "مَصنع" العالم قد بدأت تتقلص منذ عقد من الزمان. وفي أفق عام 2050، يمكن أن تؤوي الصين 500 مليون شخص تزيد أعمارهم على 60 عامًا. وهذا الاختلال في التوازن بين الشباب وكبار السن سيكون التحدي الأكبر للصين.
على بُعد قارة عن الصين، تبدو الأمور مختلفة. إذ لا يتجاوز متوسط العمر في نيجيريا 17 عامًا، أي أقل من نصف مثيله في الصين. كما أن معدل الخصوبة هناك يتراجع أيضًا، لكنه لا يزال أعلى بخمس مرات من مثيله في الصين. ويُحتمَل أن يزيد عدد سكان نيجيريا، الذي يبلغ الآن زُهاء 224 مليون نسمة، بأكثر من ثلاثة أضعاف في أفق نهاية القرن الحالي. يعيش نحو ثلث النيجيريين في فقر مدقع، أي ما يقرب من نصف عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع بالهند، والتي تفوق نيجيريا من حيث عدد السكان بستة أضعاف. الجوع ههنا مشكلة حقيقية: فملايين الناس في نيجيريا معرضون لخطر المجاعة.

  • فرملة النمو السكاني: يعيش الناس بنيجريا والصين -وفي الواقع بكل بلدان العالم- عمرًا أطول؛ ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا إلى تحسن الرعاية الصحية وارتفاع مستويات المعيشة. لكن انخفاض معدلات الخصوبة يكبح قليلًا هذا المنحى العالمي نحو العمر الأطول.

اقرأ التفاصيل الكاملة في النسخة الورقية من مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية" أو عبر النسخة الرقمية من خلال الرابط التالي: https://linktr.ee/natgeomagarab