لماذا تغني هذه الثدييات بإيقاع يشبه أنغام البشر؟
حين ترتفع الشمس في كبد السماء، يتسلل الوبر الصخري إلى خارج جحره المظلم لدى البحر الميت قبل أن يبدأ بالغناء. قد يبدو صوته بالنسبة إلى الأذن البشرية كمزيج ما بين خفخفة الضبع وصرير الطبشور على لوح السبورة السوداء، أما بالنسبة إلى إناث الوبر الصخري فإن لغناء الذكر وقع أوركسترا موسيقية يصدح صداها في الأرجاء؛ وكلما أتقن الذكر أداءه كلما ازدادت الإناث انجذابًا وإعجابًا به.
يطمح الذكر الأعزب إلى إذهال الإناث الصغيرات بالسن واستقطابهن لمغادرة المجموعة والانضمام إليه، وقد ينجح في هذا المسعى.
بعد تحليل أغنيات الوبر الصخري، ومراقبة مواسم تزاوج عديدة ومتتالية، تبين للعلماء أن الذكور الذين يغنون بشكل متكرر ويحافظون على إيقاع متسق ومتناغم ينعمون بذرية ذات صحة أفضل وفرص أكبر للبقاء. يقول "فلاد ديمارتسيف"، عالم لدى "معهد ماكس بلانك لأبحاث سلوك الحيوان" وقائد الدراسة: "إن أبسط تفسير لذلك هو أن الحفاظ على إيقاع منتظم هو أمر جذاب، أو على الأقل يُظهر التمتع بخصال معينة ومرغوبة". كما هو حال الموسيقى البشرية، فإن أغنيات الوبر الصخري تزداد تعقيدًا وإثارة حتى تبلغ ذروتها عند الختام، فكأنها مصممة لإبقاء المستمع منصتًا ومستمتعًا حتى النهاية. يضيف ديمارتسيف: "إنها ليست إشارة باستعداده للتزاوج، بل ببساطة يقدم عرضًا جيدًا لجمهوره".
الأغنية أمضى من السيف
استمر العلماء في دراسة الوبر الصخري على مدى العقدين الماضيين، وهو حيوان ثديي بحجم الأرنب؛ لكن أقرب أقربائه جينيًا هو الفيل. حين يفوز ذكر بأحقية الزعامة على مجموعة من الإناث والصغار، فإنه قد يتقلد المنصب حتى آخر أيامه الممتدة إلى نحو 9 أعوام. لكن الذكر المقيم أحيانًا قد يخسر منصبه وتتم الإطاحة به من قبل ذكر أعزب. وقد يكون هذا سببًا لغناء الوبر الصخري طوال العام، وليس الغناء مقتصرًا على موسم التزاوج ما بين شهري يوليو وأغسطس. يقول ديمارتسيف: "إن المواجهة بين الذكور بالغناء تستعرض معدنهم الحقيقي دون الحاجة للجوء إلى العنف، فالقتال الجسدي قد يكون مكلفًا لكلا الطرفين".
المقيم في مواجهة الأعزب
لاحظ العلماء أيضًا خلال الدراسة اختلاف أساليب الغناء بين ذكور الوبر الصخري، فالذكر المقيم يؤدي أغنياته بشكل متكرر ووتيرة ثابتة، لكن مستوى التعقيد في غنائه ينحدر ما إن يصبح زعيمًا على مجموعته. يقول ديمارتسيف موضحًا: "كل الإناث يعرفنه ويعرفن مزاياه وخصاله، فهم بنهاية المطاف يعيشون في جحر واحد، لذا لا حاجة للذكر باستثمار وقته وجهده إذ وصل لغايته الأسمى". أما بالنسبة للذكر الأعزب فإن مستوى الغناء يزداد تعقيدًا وبراعة مع التقدم بالسن. ذلك أن الذكر الأعزب يطمح إلى إذهال الإناث الصغيرات بالسن واستقطابهن لمغادرة المجموعة والانضمام إليه، وقد ينجح في هذا المسعى؛ لكن الإناث الأصغر يفتقرن إلى خبرة الأمومة، وهذا يفسر نسبة النجاة الأعلى لصغار الذكر المقيم خلال السنة الأولى من حياتهم مقارنة بالذكر الأعزب.
أصول النغم العتيقة
"منذ عقود خلت، اعتقد العلماء أن الحيوانات تواصلت مع بعضها بعضا بأسلوب محدد لم يتغير منذ الأزل"، حسب تعبير عالمة الرئيسات "كيارا دي غريغوريو"، من "جامعة تورينو" في إيطاليا، ومؤلفة دراسة حول غناء الليمور. تقول دي غريغوريو: "ندرك الآن أن هذه الأنماط قابلة للتغيير، وتعتمد على السياق والظروف المحيطة مثل مزايا الذكر". أهمية هذه البحوث لا تكمن في فهم الوبر الصخري أو الليمور فحسب، بل في تتبع أثر استخدام حيوانات أخرى لأنماط تواصل عبر الإيقاع والنغم، ما قد يقودنا إلى أصول الإيقاع العتيقة، وكيف أحدثت أثرًا على حياة الإنسان أخيرًا حتى أصبح يستمتع بالإيقاع والموسيقى.
لماذا تغني هذه الثدييات بإيقاع يشبه أنغام البشر؟
حين ترتفع الشمس في كبد السماء، يتسلل الوبر الصخري إلى خارج جحره المظلم لدى البحر الميت قبل أن يبدأ بالغناء. قد يبدو صوته بالنسبة إلى الأذن البشرية كمزيج ما بين خفخفة الضبع وصرير الطبشور على لوح السبورة السوداء، أما بالنسبة إلى إناث الوبر الصخري فإن لغناء الذكر وقع أوركسترا موسيقية يصدح صداها في الأرجاء؛ وكلما أتقن الذكر أداءه كلما ازدادت الإناث انجذابًا وإعجابًا به.
يطمح الذكر الأعزب إلى إذهال الإناث الصغيرات بالسن واستقطابهن لمغادرة المجموعة والانضمام إليه، وقد ينجح في هذا المسعى.
بعد تحليل أغنيات الوبر الصخري، ومراقبة مواسم تزاوج عديدة ومتتالية، تبين للعلماء أن الذكور الذين يغنون بشكل متكرر ويحافظون على إيقاع متسق ومتناغم ينعمون بذرية ذات صحة أفضل وفرص أكبر للبقاء. يقول "فلاد ديمارتسيف"، عالم لدى "معهد ماكس بلانك لأبحاث سلوك الحيوان" وقائد الدراسة: "إن أبسط تفسير لذلك هو أن الحفاظ على إيقاع منتظم هو أمر جذاب، أو على الأقل يُظهر التمتع بخصال معينة ومرغوبة". كما هو حال الموسيقى البشرية، فإن أغنيات الوبر الصخري تزداد تعقيدًا وإثارة حتى تبلغ ذروتها عند الختام، فكأنها مصممة لإبقاء المستمع منصتًا ومستمتعًا حتى النهاية. يضيف ديمارتسيف: "إنها ليست إشارة باستعداده للتزاوج، بل ببساطة يقدم عرضًا جيدًا لجمهوره".
الأغنية أمضى من السيف
استمر العلماء في دراسة الوبر الصخري على مدى العقدين الماضيين، وهو حيوان ثديي بحجم الأرنب؛ لكن أقرب أقربائه جينيًا هو الفيل. حين يفوز ذكر بأحقية الزعامة على مجموعة من الإناث والصغار، فإنه قد يتقلد المنصب حتى آخر أيامه الممتدة إلى نحو 9 أعوام. لكن الذكر المقيم أحيانًا قد يخسر منصبه وتتم الإطاحة به من قبل ذكر أعزب. وقد يكون هذا سببًا لغناء الوبر الصخري طوال العام، وليس الغناء مقتصرًا على موسم التزاوج ما بين شهري يوليو وأغسطس. يقول ديمارتسيف: "إن المواجهة بين الذكور بالغناء تستعرض معدنهم الحقيقي دون الحاجة للجوء إلى العنف، فالقتال الجسدي قد يكون مكلفًا لكلا الطرفين".
المقيم في مواجهة الأعزب
لاحظ العلماء أيضًا خلال الدراسة اختلاف أساليب الغناء بين ذكور الوبر الصخري، فالذكر المقيم يؤدي أغنياته بشكل متكرر ووتيرة ثابتة، لكن مستوى التعقيد في غنائه ينحدر ما إن يصبح زعيمًا على مجموعته. يقول ديمارتسيف موضحًا: "كل الإناث يعرفنه ويعرفن مزاياه وخصاله، فهم بنهاية المطاف يعيشون في جحر واحد، لذا لا حاجة للذكر باستثمار وقته وجهده إذ وصل لغايته الأسمى". أما بالنسبة للذكر الأعزب فإن مستوى الغناء يزداد تعقيدًا وبراعة مع التقدم بالسن. ذلك أن الذكر الأعزب يطمح إلى إذهال الإناث الصغيرات بالسن واستقطابهن لمغادرة المجموعة والانضمام إليه، وقد ينجح في هذا المسعى؛ لكن الإناث الأصغر يفتقرن إلى خبرة الأمومة، وهذا يفسر نسبة النجاة الأعلى لصغار الذكر المقيم خلال السنة الأولى من حياتهم مقارنة بالذكر الأعزب.
أصول النغم العتيقة
"منذ عقود خلت، اعتقد العلماء أن الحيوانات تواصلت مع بعضها بعضا بأسلوب محدد لم يتغير منذ الأزل"، حسب تعبير عالمة الرئيسات "كيارا دي غريغوريو"، من "جامعة تورينو" في إيطاليا، ومؤلفة دراسة حول غناء الليمور. تقول دي غريغوريو: "ندرك الآن أن هذه الأنماط قابلة للتغيير، وتعتمد على السياق والظروف المحيطة مثل مزايا الذكر". أهمية هذه البحوث لا تكمن في فهم الوبر الصخري أو الليمور فحسب، بل في تتبع أثر استخدام حيوانات أخرى لأنماط تواصل عبر الإيقاع والنغم، ما قد يقودنا إلى أصول الإيقاع العتيقة، وكيف أحدثت أثرًا على حياة الإنسان أخيرًا حتى أصبح يستمتع بالإيقاع والموسيقى.