أوقات عصيبة بانتظار الحوت الأحدب
بعد أن شارفت على الفناء وأوشكت على الانقراض إثر الصيد الجائر لقرون من الزمان، عادت الحيتان الحدباء بقوة إلى الساحة لتملأ محيطات كوكبنا مظهرةً تعافيًا غير مسبوق. لكنها اليوم تعود إلى دائرة الخطر؛ والمتسبب هذه المرة هو التغير المناخي الذي قد يدفع بها نحو الهاوية. تشتهر الحيتان الحدباء بصوت غنائها العذب وقفزاتها المذهلة فوق سطح الماء. ولعل ما يُسهل علينا مشاهدتها هو ترحالها الدائم بالقرب من السواحل، ما جعلها في السابق لقمة سائغة لصائدي الحيتان، والتي غدت تجارة مربحة من القرن السادس عشر حتى العشرين. أودت تجارة صيد الحيتان بنحو 250 ألف حوت أحدب في القرن العشرين لوحده، ولم يبق في المحيطات بعدئذ سوى بضعة آلاف. في حين واجهت أنواع الحيتان الأخرى صعوبة في التعافي من تلك الممارسات الجشعة، إلا أن أعداد الحوت الأحدب تتزايد بسرعة مذهلة.
خلال أشهر الصيف، تقضي الحيتان الحدباء وقتها في المياه الباردة حيث الغذاء الوفير قرب سواحل ألاسكا وكندا وأنتاركتيكا والنرويج وآيسلندا، وفي الشتاء تهاجر هجرة إلى المياه الدافئة قرب خط الاستواء حيث تتزاوج وتلد صغارها. لم يتوصل العلماء إلى تعليل دقيق لسبب هذه الهجرة السنوية المضنية، لكن الأسباب المتوقعة تشمل تجنيب صغارها خطر الحيتان القاتلة، أو لأن المياه الدافئة تساعدهم على تسخير طاقتهم للنمو عوضًا عن استهلاكها في تدفئة أجسامهم. بغض النظر عن الأسباب، فقد وجد العلماء أن حرارة سطح المياه في جميع مناطق تكاثر الحيتان الحدباء حول العالم تتراوح بين 21 إلى 28 درجة مئوية.
حسب مخرجات دراسة حديثة، لو سارت البشرية على منهج وسطي تتسارع فيه وتيرة نمو الاقتصاد عالميًا مع اتخاذ إجراءات وتدابير معتدلة للحد من التلوث وانبعاث غازات الدفيئة، فإن حرارة سطح المياه في 36 بالمئة من مناطق تكاثر الحيتان بالنصف الشمالي للكرة الأرضية، و38 بالمئة في النصف الجنوبي ستتجاوز 28 درجة مئوية بحلول نهاية القرن. هذه النسب المئوية ستزيد إلى 64 بالمئة في النصف الشمالي و69 بالمئة في النصف الجنوبي حال استمرار البشر في استهلاك الوقود الأحفوري بالوتيرة الحالية.
ليس من السهل إدراك الضرر الذي سيحدثه هذا التغير في درجات الحرارة على الحيتان وحياتها. ويأمل البعض في أن تتمكن الحيتان ببساطة من تغيير مواطن تكاثرها إلى أخرى حيث درجات الحرارة أكثر ملاءمة، لكن معظم العلماء يرون أن الأمر لن يكون بهذه السهولة، إذ إن الموائل عالميًا تتدهور بوتيرة غير مسبوقة. فبعض مواقع تكاثر الحيتان، مثل أرخبيل هاواي، تقع على بعد آلاف الكيلومترات من أقرب بقعة يابسة، فإلى أين يمكنها الانتقال؟
سوف تشهد موائل الحيتان الصيفية أيضًا تأثيرات التغير المناخي التي بدأت تتجلى بالفعل. فعلى سبيل المثال، شهدت سواحل جنوب شرق ألاسكا تَشكل حوض مياه دافئ أُطلق عليه اسم "ذا بلوب"، وقد تسبب هذا الحدث غير المألوف، والذي امتدت آثاره حتى سواحل المكسيك، بقلب موازين النظام البيئي وتجويع الأسماك والثدييات البحرية حتى نفقت أعداد كبيرة منها. في السنوات اللاحقة لهذا الحدث انخفضت مشاهدات الحيتان في هاواي وألاسكا، ولم تعد إلى سابق عهدها حتى الآن. تقول "ستيفاني ستاك"، عالمة أحياء بحرية: "لا نعلم ما إذا نفقت الحيتان بسبب هذا الحدث، أم أنها انتقلت إلى مناطق أخرى لا نعلم بها، أم أنه مزيج من الأمرين".
لربما أثبت الحوت الأحدب في الماضي قدرته على الصمود والتعافي في أحلك الظروف، لكن هذا لا يعني عدم حاجته إلى مساعدتنا لينهض بنوعه وأعداده، وذلك بتوفير الحماية لمناطق تكاثره والحد من انبعاثات الكربون لضمان مستقبل مشرق له وللعديد من المخلوقات المهددة على كوكب الأرض.
أوقات عصيبة بانتظار الحوت الأحدب
بعد أن شارفت على الفناء وأوشكت على الانقراض إثر الصيد الجائر لقرون من الزمان، عادت الحيتان الحدباء بقوة إلى الساحة لتملأ محيطات كوكبنا مظهرةً تعافيًا غير مسبوق. لكنها اليوم تعود إلى دائرة الخطر؛ والمتسبب هذه المرة هو التغير المناخي الذي قد يدفع بها نحو الهاوية. تشتهر الحيتان الحدباء بصوت غنائها العذب وقفزاتها المذهلة فوق سطح الماء. ولعل ما يُسهل علينا مشاهدتها هو ترحالها الدائم بالقرب من السواحل، ما جعلها في السابق لقمة سائغة لصائدي الحيتان، والتي غدت تجارة مربحة من القرن السادس عشر حتى العشرين. أودت تجارة صيد الحيتان بنحو 250 ألف حوت أحدب في القرن العشرين لوحده، ولم يبق في المحيطات بعدئذ سوى بضعة آلاف. في حين واجهت أنواع الحيتان الأخرى صعوبة في التعافي من تلك الممارسات الجشعة، إلا أن أعداد الحوت الأحدب تتزايد بسرعة مذهلة.
خلال أشهر الصيف، تقضي الحيتان الحدباء وقتها في المياه الباردة حيث الغذاء الوفير قرب سواحل ألاسكا وكندا وأنتاركتيكا والنرويج وآيسلندا، وفي الشتاء تهاجر هجرة إلى المياه الدافئة قرب خط الاستواء حيث تتزاوج وتلد صغارها. لم يتوصل العلماء إلى تعليل دقيق لسبب هذه الهجرة السنوية المضنية، لكن الأسباب المتوقعة تشمل تجنيب صغارها خطر الحيتان القاتلة، أو لأن المياه الدافئة تساعدهم على تسخير طاقتهم للنمو عوضًا عن استهلاكها في تدفئة أجسامهم. بغض النظر عن الأسباب، فقد وجد العلماء أن حرارة سطح المياه في جميع مناطق تكاثر الحيتان الحدباء حول العالم تتراوح بين 21 إلى 28 درجة مئوية.
حسب مخرجات دراسة حديثة، لو سارت البشرية على منهج وسطي تتسارع فيه وتيرة نمو الاقتصاد عالميًا مع اتخاذ إجراءات وتدابير معتدلة للحد من التلوث وانبعاث غازات الدفيئة، فإن حرارة سطح المياه في 36 بالمئة من مناطق تكاثر الحيتان بالنصف الشمالي للكرة الأرضية، و38 بالمئة في النصف الجنوبي ستتجاوز 28 درجة مئوية بحلول نهاية القرن. هذه النسب المئوية ستزيد إلى 64 بالمئة في النصف الشمالي و69 بالمئة في النصف الجنوبي حال استمرار البشر في استهلاك الوقود الأحفوري بالوتيرة الحالية.
ليس من السهل إدراك الضرر الذي سيحدثه هذا التغير في درجات الحرارة على الحيتان وحياتها. ويأمل البعض في أن تتمكن الحيتان ببساطة من تغيير مواطن تكاثرها إلى أخرى حيث درجات الحرارة أكثر ملاءمة، لكن معظم العلماء يرون أن الأمر لن يكون بهذه السهولة، إذ إن الموائل عالميًا تتدهور بوتيرة غير مسبوقة. فبعض مواقع تكاثر الحيتان، مثل أرخبيل هاواي، تقع على بعد آلاف الكيلومترات من أقرب بقعة يابسة، فإلى أين يمكنها الانتقال؟
سوف تشهد موائل الحيتان الصيفية أيضًا تأثيرات التغير المناخي التي بدأت تتجلى بالفعل. فعلى سبيل المثال، شهدت سواحل جنوب شرق ألاسكا تَشكل حوض مياه دافئ أُطلق عليه اسم "ذا بلوب"، وقد تسبب هذا الحدث غير المألوف، والذي امتدت آثاره حتى سواحل المكسيك، بقلب موازين النظام البيئي وتجويع الأسماك والثدييات البحرية حتى نفقت أعداد كبيرة منها. في السنوات اللاحقة لهذا الحدث انخفضت مشاهدات الحيتان في هاواي وألاسكا، ولم تعد إلى سابق عهدها حتى الآن. تقول "ستيفاني ستاك"، عالمة أحياء بحرية: "لا نعلم ما إذا نفقت الحيتان بسبب هذا الحدث، أم أنها انتقلت إلى مناطق أخرى لا نعلم بها، أم أنه مزيج من الأمرين".
لربما أثبت الحوت الأحدب في الماضي قدرته على الصمود والتعافي في أحلك الظروف، لكن هذا لا يعني عدم حاجته إلى مساعدتنا لينهض بنوعه وأعداده، وذلك بتوفير الحماية لمناطق تكاثره والحد من انبعاثات الكربون لضمان مستقبل مشرق له وللعديد من المخلوقات المهددة على كوكب الأرض.