جنون بأسماك القرش

شغف طويل الأمد بمفترسات بحرية يُطلق شرارة مسار مهني في التصوير الفوتوغرافي لأغراض حِفظ البيئة، وكذا رسالة لتشارك هذا الشغف.

تثير أسماك القرش انفعالات قوية عادةً ما تتجسد في الارتياع والذعر. لكن هذا المصور يسعى إلى تحويل الخوف إلى انبهار وإعجاب. في يوم كئيب من أيام منتصف فصل الشتاء، دفعتُ والدتي -وكان عمرها آنذاك 60 عامًا- وسط المياه الباردة للأطلسي. وبينما اتجهت نحونا سمكةُ قرش بيضاء كبيرة قريبة منا للاستطلاع، استدارت والدتي نحوها ثم اختفت تحت الماء مدة بدت كأنها الدهر. عادت إلى السطح وهي تحاول التقاط أنفاسها والابتسامة لا تفارقها. وأظن أن للقفص الفولاذي المجلفن الذي كان يفصل بينها وبين القرش علاقة بذلك.

لقد درجتُ، بقدر ما أستطيع التذكر، على حب أسماك القرش ووددت دائمًا تقاسم هذا الشغف مع الجميع، بمن فيهم والديَّ اللذين كانا ممانعين في البداية. ووقع بصري على أول سمكة قرش، عندما كان عمري 16 عامًا، قبالة شبه جزيرة سيناء المصرية. فقد كانت ثلاث أسماك قرش "سوداء الطرف" تسبح متموّجة وسط أسماك "بركودا" وهي تحوم فوق شِعب مرجاني.

حاولت الاقتراب وأنا أحرك ساقيَّ بقوة في عرض المياه، لكن تيارًا شديد القوة حملني إلى ذلك الشِّعب. وعندما عرضتُ صوري تحت الماء لهذه المواجهة غير القريبة موضحًا أن البقع الصغيرة هي أسماك قرش، قُوبلت برد تشوبه الريبة: "بالطبع إنها كذلك". ومنذ ذلك الحين، كان كل مرادي هو الاقتراب من أسماك القرش.

وبعد أن تحولتُ من عالم أحياء بحرية إلى مصور فوتوغرافي، كانت أسماك القرش هي مصدر إلهامي الأول. وقد أمضيت الآن أكثر من عقدين من الزمن في التوثيق لحياتها المعقدة والمحاطة بقدر من السرية. غالبًا ما يسألني الناس عن الجانب الخطير في عملي.. الذي ليس قَطعًا السباحة مع أسماك القرش. فمن الناحية الإحصائية، هذا أخطر ما أفعل: عبور الطريق، وقيادة سيارتي، وتحميص الخبز. أسماك القرش لا تثير الخوف كما يُصوَّر لنا، لكن بعضها يصنَّف في عِداد المفترسات ذات البأس الشديد. وتُعد ملاقاة أسماك القرش المفترسة في بيئتها شرفًا نادرًا.. أتعامل معه بكل احترام وتواضع وتفان.

جنون بأسماك القرش

شغف طويل الأمد بمفترسات بحرية يُطلق شرارة مسار مهني في التصوير الفوتوغرافي لأغراض حِفظ البيئة، وكذا رسالة لتشارك هذا الشغف.

تثير أسماك القرش انفعالات قوية عادةً ما تتجسد في الارتياع والذعر. لكن هذا المصور يسعى إلى تحويل الخوف إلى انبهار وإعجاب. في يوم كئيب من أيام منتصف فصل الشتاء، دفعتُ والدتي -وكان عمرها آنذاك 60 عامًا- وسط المياه الباردة للأطلسي. وبينما اتجهت نحونا سمكةُ قرش بيضاء كبيرة قريبة منا للاستطلاع، استدارت والدتي نحوها ثم اختفت تحت الماء مدة بدت كأنها الدهر. عادت إلى السطح وهي تحاول التقاط أنفاسها والابتسامة لا تفارقها. وأظن أن للقفص الفولاذي المجلفن الذي كان يفصل بينها وبين القرش علاقة بذلك.

لقد درجتُ، بقدر ما أستطيع التذكر، على حب أسماك القرش ووددت دائمًا تقاسم هذا الشغف مع الجميع، بمن فيهم والديَّ اللذين كانا ممانعين في البداية. ووقع بصري على أول سمكة قرش، عندما كان عمري 16 عامًا، قبالة شبه جزيرة سيناء المصرية. فقد كانت ثلاث أسماك قرش "سوداء الطرف" تسبح متموّجة وسط أسماك "بركودا" وهي تحوم فوق شِعب مرجاني.

حاولت الاقتراب وأنا أحرك ساقيَّ بقوة في عرض المياه، لكن تيارًا شديد القوة حملني إلى ذلك الشِّعب. وعندما عرضتُ صوري تحت الماء لهذه المواجهة غير القريبة موضحًا أن البقع الصغيرة هي أسماك قرش، قُوبلت برد تشوبه الريبة: "بالطبع إنها كذلك". ومنذ ذلك الحين، كان كل مرادي هو الاقتراب من أسماك القرش.

وبعد أن تحولتُ من عالم أحياء بحرية إلى مصور فوتوغرافي، كانت أسماك القرش هي مصدر إلهامي الأول. وقد أمضيت الآن أكثر من عقدين من الزمن في التوثيق لحياتها المعقدة والمحاطة بقدر من السرية. غالبًا ما يسألني الناس عن الجانب الخطير في عملي.. الذي ليس قَطعًا السباحة مع أسماك القرش. فمن الناحية الإحصائية، هذا أخطر ما أفعل: عبور الطريق، وقيادة سيارتي، وتحميص الخبز. أسماك القرش لا تثير الخوف كما يُصوَّر لنا، لكن بعضها يصنَّف في عِداد المفترسات ذات البأس الشديد. وتُعد ملاقاة أسماك القرش المفترسة في بيئتها شرفًا نادرًا.. أتعامل معه بكل احترام وتواضع وتفان.