جدري القردة.. هل يواجه العالم جائحة جديدة؟

في عام 1970، ظهرت أول إصابة بشرية معروفة بجدري القردة لطفل في الكونغو، وقد تفشى المرض بشدة عالية خلال عامي 1996 و 1997.

ما إن اقترب العالم من تجاوز محنة جائحة "كوفيد-19" حتى ظهر خطر جديد يلوح في الأفق: فيروس جدري القردة. وهو ما يطرح تساؤلات مثيرة حول مدى خطورة هذا الفيروس وطرق انتشاره. في عام 1985، تم الكشف للمرة الأولى في "المعهد الحكومي للأمصال" في الدنمارك، أثناء التحري عن أحد الأمراض الشبيهة بالجدري يتفشى بين القردة، رغم أن الجدري كان قد استُؤصِل في عام 1980، إلا أن جدري القردة ما يزال يظهر بشكل متفرق في بعض أجزاء قارة إفريقيا. وفي عام 1970 ظهرت أول إصابة بشرية معروفة لطفل في الكونغو، وقد تفشى المرض بشدة عالية خلال عامي 1996 و 1997. وأُبلغ في عام 2003 عن وقوع حالات مؤكّدة من جدري القردة في المنطقة الغربية الوسطى من الولايات المتحدة، وهي أولى الحالات المُبلّغ عنها للإصابة بالمرض خارج نطاق إفريقيا، وكان معظم المصابين بالفيروس قد خالطوا كلاب البراري الأليفة، ومن خلالها انتقل الفيروس إليهم. وفي عام 2005، تفشت موجة لجدري القردة في ولاية "الوحدة" بالسودان، وأُبلِغ عن وقوع حالات متفرقة في أجزاء أخرى من إفريقيا.

ما هو جدري القردة؟
مرض فيروسي نادر حيواني المنشأ ينتقل من الحيوانات إلى البشر وتماثل أعراض إصابته للإنسان تلك التي كان يشهدها في الماضي المرضى المصابون بالجدري، ولكنها أقل حدة. حتى الآن يبلغ عدد حالات الإصابة بالفيروس نحو 700 حالة، بما في ذلك الدول التي لم يكن من المتوقع ظهور الفيروس فيها مثل فرنسا وكندا وأميركا وبريطانيا؛ إذ أن الفيروس ينتشر في أغلب الأحيان في المناطق النائية بوسط وغرب إفريقيا بالقرب من المناطق الاستوائية وهناك سلالتان من هذا الفيروس؛ هما وسط إفريقيا وغرب إفريقيا. إذن كيف تحدث الإصابة؟ في هذه المناطق النائية تنتقل العدوى عن طريق ملامسة شخص لأحد الحيوانات الحاملة للفيروس مثل الفئران والقردة والسناجب، كما أنه من المحتمل أن يكون تناول اللحوم غير المطبوخة جيدًا لحيوان حامل للفيروس عامل خطر أيضًا. وتبدأ الأعراض المتمثلة في طفح جلدي وتشققات وبثور في الظهور في اليدين والقدمين ثم ينتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم، مع حدوث صداع وآلام في العضلات وخمول وارتفاع في درجة حرارة الشخص المصاب، وتستمر هذه الأعراض خلال فترة تتراوح بين 14 يوم إلى 21 يوم. وقد تنتقل العدوى من شخص لآخر عن طريق مجرى التنفس، وتشققات البشرة، والأنف، والعينين.

حتى الآن لا توجد أي أدوية أو لقاحات مُحدّدة لمكافحة عدوى جدري القردة، ولكن يمكن مكافحة انتشاره. وقد ثبت في الماضي أن التطعيم ضد الجدري ناجع بنسبة 85 بالمئة في الوقاية من جدري القردة، غير أن هذا اللقاح لم يعد متاحًا لعامة الجمهور بعد أن أُوقِف التطعيم به في أعقاب استئصال الجدري من العالم قبل سنوات.

انتقال المرض؟
يمكن أن ينتقل المرض على المستوى الثانوي أو عبر إنسان إلى آخر عن طريق المخالطة الحميمة لإفرازات السبيل التنفسي لشخص مصاب بعدوى المرض أو لآفاته الجلدية أو عن ملامسة أشياء لُوِّثت مؤخرًا بسوائل المريض أو بمواد تسبب الآفات. وينتقل المرض في المقام الأول عن طريق جزيئات الجهاز التنفسي التي تتخذ شكل قطيرات تستدعي عادةً فترات طويلة من التواصل وجهًا لوجه، مما يعرّض أفراد الأسرة من الحالات النشطة لخطر الإصابة بعدوى المرض بشكل كبير. كما يمكن أن ينتقل المرض عن طريق التلقيح أو عبر المشيمة. وحدّدت الدراسات التي أُجرِيت مؤخرًا عن الحيوانات في إطار بحث نموذج انتقال جدري القردة من كلاب البراري إلى الإنسان طورين مختلفين من الفيروسات؛ ألا وهما طور فيروسات حوض نهر الكونغو، وطور فيروسات غرب إفريقيا. ويمكن تقسيم مرحلة العدوى إلى فترتين هما فترة الغزو، وخلالها تظهر الحمى والصداع المبرح، وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات. والفترة الثانية هي فترة ظهور الطفح الجلدي، في غضون مدة تتراوح بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى، والتي تتبلور فيها مختلف مراحل ظهور الطفح الذي يبدأ على الوجه في أغلب الأحيان ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، وعلى راحتي اليدين والقدمين. ويتطوّر الطفح في غضون 10 أيام من حطاطات بقعية -آفات ذات قواعد مسطّحة- إلى حويصلات -فقاعات صغيرة مليئة بسائل- وبثرات قد يلزمها ثلاثة أسابيع لكي تختفي تمامًا. ويُصاب بعض المرضى بتضخّم وخيم في العقد اللمفاوية قبل ظهور الطفح، وهي سمة تميّز جدري القردة عن باقي الأمراض المماثلة. ولا يمكن تشخيص جدري القردة بشكل نهائي إلا في المختبر حيث يمكن تشخيص عدوى الفيروس بواسطة عدد من الاختبارات المختلفة.

الوقاية من الفيروس
قد يسهم تقييد عمليات نقل الثدييات الإفريقية الصغيرة والقردة أو فرض حظر على نقلها في إبطاء وتيرة اتساع نطاق انتشار الفيروس. وينبغي ألا تُطعّم الحيوانات المحبوسة ضد الجدري، بل ينبغي عوضًا عن ذلك عزل تلك التي يُحتمل أن تكون مصابة منها بعدوى المرض عن الحيوانات الأخرى ووضعها قيد الحجر الصحي فورًا. فضلًا عن وضع جميع الحيوانات التي قد تخالط أخرى مصابة بعدوى المرض قيد الحجر الصحي وملاحظتها في غضون 30 يومًا من أجل الوقوف على أعراض إصابتها بجدري القردة. وفي ظل غياب محدد لعلاج جدري القردة يظل عدم مخالطة المرضى الحاملين للفيروس والحيوانات عاملًا موثرًا في الحد من تفشي المرض.

جدري القردة.. هل يواجه العالم جائحة جديدة؟

في عام 1970، ظهرت أول إصابة بشرية معروفة بجدري القردة لطفل في الكونغو، وقد تفشى المرض بشدة عالية خلال عامي 1996 و 1997.

ما إن اقترب العالم من تجاوز محنة جائحة "كوفيد-19" حتى ظهر خطر جديد يلوح في الأفق: فيروس جدري القردة. وهو ما يطرح تساؤلات مثيرة حول مدى خطورة هذا الفيروس وطرق انتشاره. في عام 1985، تم الكشف للمرة الأولى في "المعهد الحكومي للأمصال" في الدنمارك، أثناء التحري عن أحد الأمراض الشبيهة بالجدري يتفشى بين القردة، رغم أن الجدري كان قد استُؤصِل في عام 1980، إلا أن جدري القردة ما يزال يظهر بشكل متفرق في بعض أجزاء قارة إفريقيا. وفي عام 1970 ظهرت أول إصابة بشرية معروفة لطفل في الكونغو، وقد تفشى المرض بشدة عالية خلال عامي 1996 و 1997. وأُبلغ في عام 2003 عن وقوع حالات مؤكّدة من جدري القردة في المنطقة الغربية الوسطى من الولايات المتحدة، وهي أولى الحالات المُبلّغ عنها للإصابة بالمرض خارج نطاق إفريقيا، وكان معظم المصابين بالفيروس قد خالطوا كلاب البراري الأليفة، ومن خلالها انتقل الفيروس إليهم. وفي عام 2005، تفشت موجة لجدري القردة في ولاية "الوحدة" بالسودان، وأُبلِغ عن وقوع حالات متفرقة في أجزاء أخرى من إفريقيا.

ما هو جدري القردة؟
مرض فيروسي نادر حيواني المنشأ ينتقل من الحيوانات إلى البشر وتماثل أعراض إصابته للإنسان تلك التي كان يشهدها في الماضي المرضى المصابون بالجدري، ولكنها أقل حدة. حتى الآن يبلغ عدد حالات الإصابة بالفيروس نحو 700 حالة، بما في ذلك الدول التي لم يكن من المتوقع ظهور الفيروس فيها مثل فرنسا وكندا وأميركا وبريطانيا؛ إذ أن الفيروس ينتشر في أغلب الأحيان في المناطق النائية بوسط وغرب إفريقيا بالقرب من المناطق الاستوائية وهناك سلالتان من هذا الفيروس؛ هما وسط إفريقيا وغرب إفريقيا. إذن كيف تحدث الإصابة؟ في هذه المناطق النائية تنتقل العدوى عن طريق ملامسة شخص لأحد الحيوانات الحاملة للفيروس مثل الفئران والقردة والسناجب، كما أنه من المحتمل أن يكون تناول اللحوم غير المطبوخة جيدًا لحيوان حامل للفيروس عامل خطر أيضًا. وتبدأ الأعراض المتمثلة في طفح جلدي وتشققات وبثور في الظهور في اليدين والقدمين ثم ينتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم، مع حدوث صداع وآلام في العضلات وخمول وارتفاع في درجة حرارة الشخص المصاب، وتستمر هذه الأعراض خلال فترة تتراوح بين 14 يوم إلى 21 يوم. وقد تنتقل العدوى من شخص لآخر عن طريق مجرى التنفس، وتشققات البشرة، والأنف، والعينين.

حتى الآن لا توجد أي أدوية أو لقاحات مُحدّدة لمكافحة عدوى جدري القردة، ولكن يمكن مكافحة انتشاره. وقد ثبت في الماضي أن التطعيم ضد الجدري ناجع بنسبة 85 بالمئة في الوقاية من جدري القردة، غير أن هذا اللقاح لم يعد متاحًا لعامة الجمهور بعد أن أُوقِف التطعيم به في أعقاب استئصال الجدري من العالم قبل سنوات.

انتقال المرض؟
يمكن أن ينتقل المرض على المستوى الثانوي أو عبر إنسان إلى آخر عن طريق المخالطة الحميمة لإفرازات السبيل التنفسي لشخص مصاب بعدوى المرض أو لآفاته الجلدية أو عن ملامسة أشياء لُوِّثت مؤخرًا بسوائل المريض أو بمواد تسبب الآفات. وينتقل المرض في المقام الأول عن طريق جزيئات الجهاز التنفسي التي تتخذ شكل قطيرات تستدعي عادةً فترات طويلة من التواصل وجهًا لوجه، مما يعرّض أفراد الأسرة من الحالات النشطة لخطر الإصابة بعدوى المرض بشكل كبير. كما يمكن أن ينتقل المرض عن طريق التلقيح أو عبر المشيمة. وحدّدت الدراسات التي أُجرِيت مؤخرًا عن الحيوانات في إطار بحث نموذج انتقال جدري القردة من كلاب البراري إلى الإنسان طورين مختلفين من الفيروسات؛ ألا وهما طور فيروسات حوض نهر الكونغو، وطور فيروسات غرب إفريقيا. ويمكن تقسيم مرحلة العدوى إلى فترتين هما فترة الغزو، وخلالها تظهر الحمى والصداع المبرح، وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات. والفترة الثانية هي فترة ظهور الطفح الجلدي، في غضون مدة تتراوح بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى، والتي تتبلور فيها مختلف مراحل ظهور الطفح الذي يبدأ على الوجه في أغلب الأحيان ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، وعلى راحتي اليدين والقدمين. ويتطوّر الطفح في غضون 10 أيام من حطاطات بقعية -آفات ذات قواعد مسطّحة- إلى حويصلات -فقاعات صغيرة مليئة بسائل- وبثرات قد يلزمها ثلاثة أسابيع لكي تختفي تمامًا. ويُصاب بعض المرضى بتضخّم وخيم في العقد اللمفاوية قبل ظهور الطفح، وهي سمة تميّز جدري القردة عن باقي الأمراض المماثلة. ولا يمكن تشخيص جدري القردة بشكل نهائي إلا في المختبر حيث يمكن تشخيص عدوى الفيروس بواسطة عدد من الاختبارات المختلفة.

الوقاية من الفيروس
قد يسهم تقييد عمليات نقل الثدييات الإفريقية الصغيرة والقردة أو فرض حظر على نقلها في إبطاء وتيرة اتساع نطاق انتشار الفيروس. وينبغي ألا تُطعّم الحيوانات المحبوسة ضد الجدري، بل ينبغي عوضًا عن ذلك عزل تلك التي يُحتمل أن تكون مصابة منها بعدوى المرض عن الحيوانات الأخرى ووضعها قيد الحجر الصحي فورًا. فضلًا عن وضع جميع الحيوانات التي قد تخالط أخرى مصابة بعدوى المرض قيد الحجر الصحي وملاحظتها في غضون 30 يومًا من أجل الوقوف على أعراض إصابتها بجدري القردة. وفي ظل غياب محدد لعلاج جدري القردة يظل عدم مخالطة المرضى الحاملين للفيروس والحيوانات عاملًا موثرًا في الحد من تفشي المرض.