هل يصبح التلقيح اليدوي بديلًا للحشرات؟
في عام 1841 اكتشف شاب في جزيرة رينيون طريقة بسيطة نسبيًا تساعد على تلقيح النبات يدويًا باستخدام عصا خشبية صغيرة، ولا تزال هذه الطريقة مستخدمة حتى اليوم في تلقيح الفانيلا في مدغشقر التي تعد المصدر الرئيسي لنبات الفانيلا اليوم. ولا يعد هذا المثال دليلًا نادرًا على مثل هذا الشكل الغريب لزراعة النبات.
بحسب دراسة أجراها باحثون في مدينتي "جوتينجن" و"هونهايم" الألمانيتين، فإن طريقة التلقيح اليدوي أكثر انتشارًا على نحو كبير مما قد يعتقد المرء إذ أن 20% من النباتات يتم تخصيبها بالكامل أو جزئيًا بشكل يدوي، ومن هذه النباتات أنواع لها أهمية اقتصادية مثل التفاح والكاكاو والطماطم ونخيل الزيت، والتي يتجاوز حجم إنتاجها 4 ملايين طن سنويًا وكذلك نباتات ذات كميات إنتاج أقل مثل نبات الماراجويا والفستق والفانيلا. وتقول "انيماري فورتس"، المؤلفة الأولى للدراسة من جامعة جوتينجن،:" كنا قد افترضنا أن التلقيح اليدوي مستخدم بشكل أساسي في زراعة النباتات، لكن كان من المدهش بالنسبة لنا أن نجد مثل هذا الكم الكبير من الأمثلة بين النباتات المفيدة".
الملقحات الحيوانية من نحل وحشرات أخرى وطيور أو خفافيش تؤمن نحو 75% من أهم 115 محاصيل غذائية على مستوى العالم
ما السبب الذي يجعل الناس يقومون بمهام تؤديها الطبيعة من تلقاء نفسها؟ يعد السبب الأكثر شيوعًا في ذلك الأمر هو نقص الملقحات الطبيعية. وقد انتهت دراسة للعالمة البيئية "الكسندرا-ماريا كلاين" من جامعة فرايبورج الألمانية عام 2007 إلى أن الملقحات الحيوانية من نحل وحشرات أخرى وطيور أو خفافيش تؤمن نحو 75% من أهم 115 محاصيل غذائية مفيدة على مستوى العالم.
وأظهر فريق بقيادة "كلاين" أن اعتماد إنتاج المواد الغذائية على الملقحات الحيوانية ارتفع في الفترة بين عامي 1961 و2006، بسبب الزيادة الكبيرة في نسبة مساحة الأراضي المزروعة بمحاصيل تعتمد على الملقحات. وفي الوقت نفسه، تزايد عدد الدراسات التي تظهر أن عدد وتنوع الحشرات تراجع في العديد من مناطق العالم وعزا الخبراء هذا التراجع إلى تدمير العديد من الموائل لأسباب من بينها تكثيف الزراعة "مع تزايد اختفاء المساحات المخصصة للزهور، وقد أدى هذا العامل بالإضافة إلى استخدام المبيدات إلى تراجع الحشرات والملقحات الأخرى.
هل توجد علاقة بين اختفاء الحشرات من ناحية وتزايد التلقيح اليدوي من ناحية أخرى؟ تقول"كلاين" :"تنقصنا قاعدة بيانات لهذا". إذ كثيرًا ما يجري الاستشهاد في هذا السياق بمثال "النحل البشري" في الصين حيث كان إقليم شيوان قد توسع في زراعة التفاح بشكل كبير في ثمانينيات القرن الماضي وعلى إثر ذلك زاد استخدام المبيدات الحشرية في المزارع وهو ما أدى بدوره إلى تراجع قوي للحشرات الملقحة كما فصل الباحثون في دراستهم.
وأضاف الخبراء أن النحالين صاروا يرفضون إقامة خلايا النحل الخاصة بهم بالقرب من المزارع بسبب التلوث بالمبيدات. وانخفضت المحاصيل وأدى هذا في النهاية إلى تسلق البشر للأشجار من أجل التلقيح وهو الأمر الذي انطوى على جهد كبير ما جعل المزارعين يتحولون سريعًا إلى محاصيل أخرى يمكنها أن تقوم بالتلقيح ذاتيًا. ولا يعد النقص في الحشرات والملقحات الحيوانية نتيجة حتمية لنقص الأنواع، فبعض النباتات المفيدة يتم زراعتها خارج بيئة انتشارها الذاتية كما حدث في مثال نبات الفانيلا. ويمكن فهم مثل هذه التطورات الخاصة بالتلقيح اليدوي من خلال ارتفاع الطلب على أنواع كثيرة من الثمار التي يفضل الناس توافرها على مدار العام وترى "كلاين" أن هذا الأمر يزيد من المتطلبات التي يجب توافرها في النباتات المزروعة، فالنباتات يجب أن تكون مقاومة للآفات ويجب تكييفها مع تغير المناخ مع إنتاج أكبر كمية ممكنة من المحصول الأمر الذي يصل بعملية زراعة النباتات إلى أقصى حدود طاقتها".
من الممكن للتغيرات المناخية أن تؤدي إلى تباعد السبل بين النباتات والملقحات الحيوانية ما يصعب من عملية التلقيح الطبيعي
ويرى الباحثون أن التغير المناخي يمكن أن يزيد من أهمية التلقيح اليدوي على نحو واسع في المستقبل. وهناك مزارعون يرون اليوم بالفعل أن الظروف المناخية السيئة هي السبب في استخدام مثل هذه الطرق. فالعواصف في وقت الإزهار يمكنها أن تؤدي إلى منع الحشرات من الطيران وقد ينجم عن هذا الأمر فقدان كامل للمحصول في حال كانت فترة الإزهار قصيرة للغاية. وأضاف الباحثون أن التزايد المتوقع لأحوال الطقس المتطرفة يُمكن أن يهيئ الظروف لمثل هذه المواقف كما أن من الممكن للتغيرات المناخية أن تؤدي إلى تباعد السبل بين النباتات والملقحات الحيوانية ما يصعب من عملية التلقيح الطبيعي.
وأعرب فريق البحث بقيادة "فورتس" عن اعتقادهم بأن التوسع العام في التلقيح اليدوي للنباتات هو الطريق الخطأ، تقول "فورتس":" في أي مكان يكون فيه التلقيح الطبيعي متاحًا أو يمكن استعادته، يجب أن يكون لهذا النوع الأولوية لأنه يمثل خيار التلقيح الأكثر كفاءة والأنسب كلفة والأكثر مناسبة للتنوع البيولوجي". وأضافت: "يمكن فهم طريقة التلقيح اليدوي على أنها من قبيل الإسعافات الأولية التي يمكن توافرها في حال تعذر التلقيح الطبيعي لأي سبب". واستبعدت "كلاين" أن يتم استخدام التلقيح اليدوي على نطاق واسع مستقبلًا، مشيرة إلى أن هذه الطريقة يمكن أن تنطوي على تأثيرات سلبية، إذ قد يؤدي هذا إلى الإفراط في تلقيح الأزهار (يدويًا) ما يؤثر سلبًا على جودة الثمار، وهذا أمر معقد على نحو لا يمكن تصديقه كما أنه باهظ التكلفة في نهاية الأمر.
المصدر: وكالة الأنباء الألمانية
هل يصبح التلقيح اليدوي بديلًا للحشرات؟
في عام 1841 اكتشف شاب في جزيرة رينيون طريقة بسيطة نسبيًا تساعد على تلقيح النبات يدويًا باستخدام عصا خشبية صغيرة، ولا تزال هذه الطريقة مستخدمة حتى اليوم في تلقيح الفانيلا في مدغشقر التي تعد المصدر الرئيسي لنبات الفانيلا اليوم. ولا يعد هذا المثال دليلًا نادرًا على مثل هذا الشكل الغريب لزراعة النبات.
بحسب دراسة أجراها باحثون في مدينتي "جوتينجن" و"هونهايم" الألمانيتين، فإن طريقة التلقيح اليدوي أكثر انتشارًا على نحو كبير مما قد يعتقد المرء إذ أن 20% من النباتات يتم تخصيبها بالكامل أو جزئيًا بشكل يدوي، ومن هذه النباتات أنواع لها أهمية اقتصادية مثل التفاح والكاكاو والطماطم ونخيل الزيت، والتي يتجاوز حجم إنتاجها 4 ملايين طن سنويًا وكذلك نباتات ذات كميات إنتاج أقل مثل نبات الماراجويا والفستق والفانيلا. وتقول "انيماري فورتس"، المؤلفة الأولى للدراسة من جامعة جوتينجن،:" كنا قد افترضنا أن التلقيح اليدوي مستخدم بشكل أساسي في زراعة النباتات، لكن كان من المدهش بالنسبة لنا أن نجد مثل هذا الكم الكبير من الأمثلة بين النباتات المفيدة".
الملقحات الحيوانية من نحل وحشرات أخرى وطيور أو خفافيش تؤمن نحو 75% من أهم 115 محاصيل غذائية على مستوى العالم
ما السبب الذي يجعل الناس يقومون بمهام تؤديها الطبيعة من تلقاء نفسها؟ يعد السبب الأكثر شيوعًا في ذلك الأمر هو نقص الملقحات الطبيعية. وقد انتهت دراسة للعالمة البيئية "الكسندرا-ماريا كلاين" من جامعة فرايبورج الألمانية عام 2007 إلى أن الملقحات الحيوانية من نحل وحشرات أخرى وطيور أو خفافيش تؤمن نحو 75% من أهم 115 محاصيل غذائية مفيدة على مستوى العالم.
وأظهر فريق بقيادة "كلاين" أن اعتماد إنتاج المواد الغذائية على الملقحات الحيوانية ارتفع في الفترة بين عامي 1961 و2006، بسبب الزيادة الكبيرة في نسبة مساحة الأراضي المزروعة بمحاصيل تعتمد على الملقحات. وفي الوقت نفسه، تزايد عدد الدراسات التي تظهر أن عدد وتنوع الحشرات تراجع في العديد من مناطق العالم وعزا الخبراء هذا التراجع إلى تدمير العديد من الموائل لأسباب من بينها تكثيف الزراعة "مع تزايد اختفاء المساحات المخصصة للزهور، وقد أدى هذا العامل بالإضافة إلى استخدام المبيدات إلى تراجع الحشرات والملقحات الأخرى.
هل توجد علاقة بين اختفاء الحشرات من ناحية وتزايد التلقيح اليدوي من ناحية أخرى؟ تقول"كلاين" :"تنقصنا قاعدة بيانات لهذا". إذ كثيرًا ما يجري الاستشهاد في هذا السياق بمثال "النحل البشري" في الصين حيث كان إقليم شيوان قد توسع في زراعة التفاح بشكل كبير في ثمانينيات القرن الماضي وعلى إثر ذلك زاد استخدام المبيدات الحشرية في المزارع وهو ما أدى بدوره إلى تراجع قوي للحشرات الملقحة كما فصل الباحثون في دراستهم.
وأضاف الخبراء أن النحالين صاروا يرفضون إقامة خلايا النحل الخاصة بهم بالقرب من المزارع بسبب التلوث بالمبيدات. وانخفضت المحاصيل وأدى هذا في النهاية إلى تسلق البشر للأشجار من أجل التلقيح وهو الأمر الذي انطوى على جهد كبير ما جعل المزارعين يتحولون سريعًا إلى محاصيل أخرى يمكنها أن تقوم بالتلقيح ذاتيًا. ولا يعد النقص في الحشرات والملقحات الحيوانية نتيجة حتمية لنقص الأنواع، فبعض النباتات المفيدة يتم زراعتها خارج بيئة انتشارها الذاتية كما حدث في مثال نبات الفانيلا. ويمكن فهم مثل هذه التطورات الخاصة بالتلقيح اليدوي من خلال ارتفاع الطلب على أنواع كثيرة من الثمار التي يفضل الناس توافرها على مدار العام وترى "كلاين" أن هذا الأمر يزيد من المتطلبات التي يجب توافرها في النباتات المزروعة، فالنباتات يجب أن تكون مقاومة للآفات ويجب تكييفها مع تغير المناخ مع إنتاج أكبر كمية ممكنة من المحصول الأمر الذي يصل بعملية زراعة النباتات إلى أقصى حدود طاقتها".
من الممكن للتغيرات المناخية أن تؤدي إلى تباعد السبل بين النباتات والملقحات الحيوانية ما يصعب من عملية التلقيح الطبيعي
ويرى الباحثون أن التغير المناخي يمكن أن يزيد من أهمية التلقيح اليدوي على نحو واسع في المستقبل. وهناك مزارعون يرون اليوم بالفعل أن الظروف المناخية السيئة هي السبب في استخدام مثل هذه الطرق. فالعواصف في وقت الإزهار يمكنها أن تؤدي إلى منع الحشرات من الطيران وقد ينجم عن هذا الأمر فقدان كامل للمحصول في حال كانت فترة الإزهار قصيرة للغاية. وأضاف الباحثون أن التزايد المتوقع لأحوال الطقس المتطرفة يُمكن أن يهيئ الظروف لمثل هذه المواقف كما أن من الممكن للتغيرات المناخية أن تؤدي إلى تباعد السبل بين النباتات والملقحات الحيوانية ما يصعب من عملية التلقيح الطبيعي.
وأعرب فريق البحث بقيادة "فورتس" عن اعتقادهم بأن التوسع العام في التلقيح اليدوي للنباتات هو الطريق الخطأ، تقول "فورتس":" في أي مكان يكون فيه التلقيح الطبيعي متاحًا أو يمكن استعادته، يجب أن يكون لهذا النوع الأولوية لأنه يمثل خيار التلقيح الأكثر كفاءة والأنسب كلفة والأكثر مناسبة للتنوع البيولوجي". وأضافت: "يمكن فهم طريقة التلقيح اليدوي على أنها من قبيل الإسعافات الأولية التي يمكن توافرها في حال تعذر التلقيح الطبيعي لأي سبب". واستبعدت "كلاين" أن يتم استخدام التلقيح اليدوي على نطاق واسع مستقبلًا، مشيرة إلى أن هذه الطريقة يمكن أن تنطوي على تأثيرات سلبية، إذ قد يؤدي هذا إلى الإفراط في تلقيح الأزهار (يدويًا) ما يؤثر سلبًا على جودة الثمار، وهذا أمر معقد على نحو لا يمكن تصديقه كما أنه باهظ التكلفة في نهاية الأمر.
المصدر: وكالة الأنباء الألمانية