قمة المناخ: البحث عن خفض انبعاثات الميثان وحماية "رئة الكوكب"

تواصل قمة المناخ المنعقدة في غلاسكو أهدافها من أجل وقف الاحترار العالمي وخفض معدلات غازات الدفيئة.

نجحت قمة (كوب 26) المنعقدة في غلاسكو في التوصل إلى اتفاقات رئيسة تستهدف احتواء غازات الدفيئة المسببة للاحترار العالمي وحماية الغابات، وسط آمال بإمكانية حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية. 

خلال مؤتمر الاطراف للمناخ تعهد أكثر من 80 بلدًا، خفض انبعاثات الميثان (أحد غازات الدفيئة الرئيسة المسببة للاحترار العالمي) بنسبة 30٪ بحلول عام 2030. وهو أحد الغازات التي يمكننا خفضها بشكل أسرع من غيره ومسؤول عن "نحو 30٪ من احترار الكوكب منذ الثورة الصناعية. والميثان الذي ينبعث من الزراعة وتربية المواشي والوقود الأحفوري والنفايات، هو ثاني غاز  مرتبط بالنشاط البشري بعد ثاني أوكسيد الكربون. ورغم أنه لا يتم الحديث عنه كثيرًا فإن تأثيره على الاحترار أكبر بنحو 29 مرة لكل كيلوغرام من تأثير ثاني أوكسيد الكربون على مدى 100 عام، ونحو 82 مرة خلال فترة 20 عامًا. وتقليل الانبعاثات ليس الهدف الوحيد وإنما أيضَا التخلص من المزيد منها. من ثم فإن الغابات التي تمثل رئة الكوكب إلى جانب المحيطات تؤدي دورًا أساسيًا في مكافحة تغير المناخ من خلال امتصاص جزء كبير من مليارات الأطنان من غازات الدفيئة التي تطلقها الأنشطة البشرية في الغلاف الجوي كل عام.

إلى ذلك، وبهدف وقف تدهور الغابات واستصلاحها أقر قادة أكثر من 100 دولة تضم 85٪ من الغابات العالمية من بينها غابة كندا البوريالية وغابة الأمازون في البرازيل وغابة حوض الكونغو المدارية، الإعلان المشترك خلال (كوب 26).  وبحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة يتعيّن خفض كل الانبعاثات بنسبة 45٪ بحلول عام 2030 لإبقاء الاحترار ضمن هامش 1.5 درجة مئوية. وستستفيد المبادرة من تمويل رسمي وخاص قدره 19.2 مليار دولار على مدى سنوات.

وفقًا لمنظمة "غلوبل فورست واتش" غير الحكومية، تسارعت وتيرة إزالة الغابات في العالم في السنوات الأخيرة، إذ ازداد تدمير الغابات الأصلية بنسبة 12٪ خلال عام 2020 مقارنة بالعام السابق. والتعهد الجديد لمكافحة قطع أشجار الغابات يلتقي مع "إعلان نيويورك حول الغابات "في عام 2014 الذي التزمت الكثير من الدول في إطاره بخفض هذه الظاهرة إلى لنصف بحلول 2020 والقضاء عليها في 2030.
لكن تعتبر منظمات غير حكومية مثل "غرينبيس" أن هدف 2030 بعيد جدًا ويعطي الضوء الأخضر "لقطع أشجار الغابات لمدة عقد إضافي".

وانضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى التعهد العالمي للميثان، مستفيدةً من مكانتها كواحدة من أقل الدول في العالم من حيث انبعاثات الميثان. وعززت دولة الإمارات ريادتها الإقليمية في مجال الحد من غاز الميثان، فخلال خمسة عقود نجحت الدولة في خفض معدلات حرق الغاز الطبيعي في قطاع الطاقة المحلي بأكثر من 90%. كما تعد الإمارات واحدة من أقل دول العالم في معدلات كثافة الميثان في الصناعات الهيدروكربونية بنسبة 0.01%. وفي نفس الوقت، طالب زعماء أفارقة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ الدول الغنية المسؤولة عن غالبية انبعاثات الكربون بأن تفي بوعودها لتقديم 100 مليار دولار سنويًا لمساعدة الدول الأكثر فقرًا في التغلب على آثارها.  وينظر إلى إفريقيا، المسؤولة عن 3٪ فقط من الانبعاثات العالمية، على أنها المنطقة الأكثر تضررًا من تغير المناخ، وهو ما ظهر جليًا في موجات جفاف حادة في مدغشقر هذا العام، اعتبرتها الأمم المتحدة "مجاعة ناتجة عن تغير المناخ". 

وفي هذا السياق، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية مبادرة "الابتكار الزراعي للمناخ" بهدف توجيه تمويل لجعل قطاع الزراعة قادرًا على التأقلم مع تغير المناخ وخفض الانبعاثات.  وقال وزير الزراعة الأميركي "توم فيلساك": "تهدد أزمة المناخ بتعطيل النظم الغذائية في أنحاء العالم وتفاقم انعدام الأمن الغذائي وتؤثر سلبًا على مصادر أرزاق المزارعين"، مضيفًا أن هناك حاجة إلى استثمارات لمساعدة القطاع على التكيف. وحظت المبادرة بدعم أكثر من 30 دولة و40 منظمة غير حكومية.

وافقت الحكومات المشاركة، ومنها أوروبية وآسيوية وإفريقية، على زيادة الاستثمار العام والخاص في "الزراعة الذكية مناخيًا" في بلدانهم، وتبلغ التعهدات حتى الآن، وكلها تقريبا من الحكومات، 4 مليارات دولار بشكل جماعي. وسيتم استخدام الأموال المتاحة، التي تتحكم فيها الحكومات منفردة، لدعم إجراء البحوث في مجالات الحد من الانبعاثات الزراعية وتعزيز التنوع البيولوجي، فضلًا تحسين قدرة المَزارع على التأقلم مع تغير المناخ. وأعلنت عشرات الدول دعمها لطلب دولة الإمارات لاستضافة الدورة الـ28 من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ المنتظر عقده عام 2023. وقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس وفد الإمارات إلى مؤتمر "كوب 26": "نعرب عن عميق الامتنان للدول الأعضاء في مجموعة دول آسيا والمحيط الهادئ، ولجميع شركائنا في المجتمع الدولي على دعمهم لطلب دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف ’COP28‘ في عام 2023 والدفع قدماً بجهود التصدي لتداعيات تغير المناخ. وانطلاقًا من هذه الثقة وتماشيًا مع سجل دولة الإمارات الحافل بالعمل المناخي على مدى 30 عامًا، والذي تكلل مؤخراً بالإعلان عن مبادرة الإمارات الاستراتيجية سعياً لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، سيزداد تركيزنا على إبرام الشراكات، وابتكار تقنيات وحلول جديدة لبناء مستقبل أكثر استدامة لأجيال الحاضر والمستقبل من أبناء وبنات دولة الإمارات، وللبشرية في جميع أنحاء العالم". 

وأضاف: "واليوم ومع احتفال الإمارات بالذكرى الخمسين لتأسيسها، نؤكد مجدداً التزامنا التام باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، الأمر الذي يعكس رؤيتنا بأن الشراكة هي سر النجاح والتقدم، والركيزة الأساسية في إيجاد حلول عملية فعّالة للتحديات العالمية في هذا المجال، ونتطلع إلى تعزيز الشراكة مع جميع الدول لتحقيق الفوائد الاقتصادية الناتجة عن العمل المناخي". 

 وتحرص دولة الإمارات على دعم المجتمع الدولي وإيجاد طرق عملية لتعزيز الحراك المناخي. كما تدعو إلى تحليل أعمق للمخاطر المستقبلية المرتبطة بتغير المناخ، وتبنّي مفهوم "العمل الاستباقي" لتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة للحد من تداعيات تغير المناخ. واستثمرت دولة الإمارات في السنوات الأخيرة ما يقارب 17 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة في 70 دولة مع التركيز بصورة خاصة على الدول النامية. كما صادقت الإمارات على اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون في عام 1989، وانضمت إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (عام 1995)، كما وقعت على اتفاق باريس (عام 2015)، وصادقت على بروتوكول كيوتو (2005)، و نظمت واستضافت اجتماع أبوظبي للمناخ قبل عامين. علاوةً على ذلك، افتتحت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في عام 2015 مقرها الرسمي الدائم في مدينة مصدر في أبوظبي، وهو مشروع عمراني منخفض الكربون يتبنى حلولًا مبتكرة في مجال كفاءة الطاقة والمياه، والتنقل، وتقليل النفايات. 

 

قمة المناخ: البحث عن خفض انبعاثات الميثان وحماية "رئة الكوكب"

تواصل قمة المناخ المنعقدة في غلاسكو أهدافها من أجل وقف الاحترار العالمي وخفض معدلات غازات الدفيئة.

نجحت قمة (كوب 26) المنعقدة في غلاسكو في التوصل إلى اتفاقات رئيسة تستهدف احتواء غازات الدفيئة المسببة للاحترار العالمي وحماية الغابات، وسط آمال بإمكانية حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية. 

خلال مؤتمر الاطراف للمناخ تعهد أكثر من 80 بلدًا، خفض انبعاثات الميثان (أحد غازات الدفيئة الرئيسة المسببة للاحترار العالمي) بنسبة 30٪ بحلول عام 2030. وهو أحد الغازات التي يمكننا خفضها بشكل أسرع من غيره ومسؤول عن "نحو 30٪ من احترار الكوكب منذ الثورة الصناعية. والميثان الذي ينبعث من الزراعة وتربية المواشي والوقود الأحفوري والنفايات، هو ثاني غاز  مرتبط بالنشاط البشري بعد ثاني أوكسيد الكربون. ورغم أنه لا يتم الحديث عنه كثيرًا فإن تأثيره على الاحترار أكبر بنحو 29 مرة لكل كيلوغرام من تأثير ثاني أوكسيد الكربون على مدى 100 عام، ونحو 82 مرة خلال فترة 20 عامًا. وتقليل الانبعاثات ليس الهدف الوحيد وإنما أيضَا التخلص من المزيد منها. من ثم فإن الغابات التي تمثل رئة الكوكب إلى جانب المحيطات تؤدي دورًا أساسيًا في مكافحة تغير المناخ من خلال امتصاص جزء كبير من مليارات الأطنان من غازات الدفيئة التي تطلقها الأنشطة البشرية في الغلاف الجوي كل عام.

إلى ذلك، وبهدف وقف تدهور الغابات واستصلاحها أقر قادة أكثر من 100 دولة تضم 85٪ من الغابات العالمية من بينها غابة كندا البوريالية وغابة الأمازون في البرازيل وغابة حوض الكونغو المدارية، الإعلان المشترك خلال (كوب 26).  وبحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة يتعيّن خفض كل الانبعاثات بنسبة 45٪ بحلول عام 2030 لإبقاء الاحترار ضمن هامش 1.5 درجة مئوية. وستستفيد المبادرة من تمويل رسمي وخاص قدره 19.2 مليار دولار على مدى سنوات.

وفقًا لمنظمة "غلوبل فورست واتش" غير الحكومية، تسارعت وتيرة إزالة الغابات في العالم في السنوات الأخيرة، إذ ازداد تدمير الغابات الأصلية بنسبة 12٪ خلال عام 2020 مقارنة بالعام السابق. والتعهد الجديد لمكافحة قطع أشجار الغابات يلتقي مع "إعلان نيويورك حول الغابات "في عام 2014 الذي التزمت الكثير من الدول في إطاره بخفض هذه الظاهرة إلى لنصف بحلول 2020 والقضاء عليها في 2030.
لكن تعتبر منظمات غير حكومية مثل "غرينبيس" أن هدف 2030 بعيد جدًا ويعطي الضوء الأخضر "لقطع أشجار الغابات لمدة عقد إضافي".

وانضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى التعهد العالمي للميثان، مستفيدةً من مكانتها كواحدة من أقل الدول في العالم من حيث انبعاثات الميثان. وعززت دولة الإمارات ريادتها الإقليمية في مجال الحد من غاز الميثان، فخلال خمسة عقود نجحت الدولة في خفض معدلات حرق الغاز الطبيعي في قطاع الطاقة المحلي بأكثر من 90%. كما تعد الإمارات واحدة من أقل دول العالم في معدلات كثافة الميثان في الصناعات الهيدروكربونية بنسبة 0.01%. وفي نفس الوقت، طالب زعماء أفارقة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ الدول الغنية المسؤولة عن غالبية انبعاثات الكربون بأن تفي بوعودها لتقديم 100 مليار دولار سنويًا لمساعدة الدول الأكثر فقرًا في التغلب على آثارها.  وينظر إلى إفريقيا، المسؤولة عن 3٪ فقط من الانبعاثات العالمية، على أنها المنطقة الأكثر تضررًا من تغير المناخ، وهو ما ظهر جليًا في موجات جفاف حادة في مدغشقر هذا العام، اعتبرتها الأمم المتحدة "مجاعة ناتجة عن تغير المناخ". 

وفي هذا السياق، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية مبادرة "الابتكار الزراعي للمناخ" بهدف توجيه تمويل لجعل قطاع الزراعة قادرًا على التأقلم مع تغير المناخ وخفض الانبعاثات.  وقال وزير الزراعة الأميركي "توم فيلساك": "تهدد أزمة المناخ بتعطيل النظم الغذائية في أنحاء العالم وتفاقم انعدام الأمن الغذائي وتؤثر سلبًا على مصادر أرزاق المزارعين"، مضيفًا أن هناك حاجة إلى استثمارات لمساعدة القطاع على التكيف. وحظت المبادرة بدعم أكثر من 30 دولة و40 منظمة غير حكومية.

وافقت الحكومات المشاركة، ومنها أوروبية وآسيوية وإفريقية، على زيادة الاستثمار العام والخاص في "الزراعة الذكية مناخيًا" في بلدانهم، وتبلغ التعهدات حتى الآن، وكلها تقريبا من الحكومات، 4 مليارات دولار بشكل جماعي. وسيتم استخدام الأموال المتاحة، التي تتحكم فيها الحكومات منفردة، لدعم إجراء البحوث في مجالات الحد من الانبعاثات الزراعية وتعزيز التنوع البيولوجي، فضلًا تحسين قدرة المَزارع على التأقلم مع تغير المناخ. وأعلنت عشرات الدول دعمها لطلب دولة الإمارات لاستضافة الدورة الـ28 من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ المنتظر عقده عام 2023. وقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس وفد الإمارات إلى مؤتمر "كوب 26": "نعرب عن عميق الامتنان للدول الأعضاء في مجموعة دول آسيا والمحيط الهادئ، ولجميع شركائنا في المجتمع الدولي على دعمهم لطلب دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف ’COP28‘ في عام 2023 والدفع قدماً بجهود التصدي لتداعيات تغير المناخ. وانطلاقًا من هذه الثقة وتماشيًا مع سجل دولة الإمارات الحافل بالعمل المناخي على مدى 30 عامًا، والذي تكلل مؤخراً بالإعلان عن مبادرة الإمارات الاستراتيجية سعياً لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، سيزداد تركيزنا على إبرام الشراكات، وابتكار تقنيات وحلول جديدة لبناء مستقبل أكثر استدامة لأجيال الحاضر والمستقبل من أبناء وبنات دولة الإمارات، وللبشرية في جميع أنحاء العالم". 

وأضاف: "واليوم ومع احتفال الإمارات بالذكرى الخمسين لتأسيسها، نؤكد مجدداً التزامنا التام باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، الأمر الذي يعكس رؤيتنا بأن الشراكة هي سر النجاح والتقدم، والركيزة الأساسية في إيجاد حلول عملية فعّالة للتحديات العالمية في هذا المجال، ونتطلع إلى تعزيز الشراكة مع جميع الدول لتحقيق الفوائد الاقتصادية الناتجة عن العمل المناخي". 

 وتحرص دولة الإمارات على دعم المجتمع الدولي وإيجاد طرق عملية لتعزيز الحراك المناخي. كما تدعو إلى تحليل أعمق للمخاطر المستقبلية المرتبطة بتغير المناخ، وتبنّي مفهوم "العمل الاستباقي" لتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة للحد من تداعيات تغير المناخ. واستثمرت دولة الإمارات في السنوات الأخيرة ما يقارب 17 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة في 70 دولة مع التركيز بصورة خاصة على الدول النامية. كما صادقت الإمارات على اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون في عام 1989، وانضمت إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (عام 1995)، كما وقعت على اتفاق باريس (عام 2015)، وصادقت على بروتوكول كيوتو (2005)، و نظمت واستضافت اجتماع أبوظبي للمناخ قبل عامين. علاوةً على ذلك، افتتحت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في عام 2015 مقرها الرسمي الدائم في مدينة مصدر في أبوظبي، وهو مشروع عمراني منخفض الكربون يتبنى حلولًا مبتكرة في مجال كفاءة الطاقة والمياه، والتنقل، وتقليل النفايات.