هل تضرب الانفجارات الشمسية كوكب الأرض من جديد؟
بين الحين والآخر، تنتج الشمس اندفاعات هائلة من الجسيمات والإشعاعات التي يمكن أن تُلحق أضرارًا كبيرة بكوكب الأرض. على مدار أكثر من 150 عامًا، ركز العلماء الذين يدرسون هذه الانفجارات وكيفية تأثيرها على كوكبنا على مثال واحد هو الأبرز: حدث "كارينغتون" عام 1859. إذ حدث ثوران بركاني من الشمس غطى الأرض، وضخ طاقة كافية في كوكبنا. لإطلاق عاصف مغناطيسية أرضية ضخمة خلقت عروض شفقية جميلة، ولكنها أيضًا أشعلت حرائق كهربائية في خطوط التلغراف في ذلك الوقت. كانت بنيتنا التحتية الإلكترونية أنذاك بدائية للغاية لدرجة أن العاصفة كان يُنظر إليها على أنها مجرد عاصفة ثانوية غريبة، ولكن إلى جانب عاصفة أخرى ذات قوة مماثلة في عام 1921، بات الباحثون يدركون اليوم أن حدث "كارينجتون" ربما بات نذير شؤم لكوارث مستقبلية. ومع ذلك، فإن كلا العاصفتين ضعيفتين مقارنة بحدث قديم تم اكتشافه في عام 2012، وهو عاصفة تاريخية ضخمة حدثت نحو عام 775 ميلاديًا، والتي كانت على الأرجح أقوى من 10 أضعاف إلى 100 ضعف. يقول "نيكولاس بريهم" من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ: "لقد كان أمرًا مذهلاً حقًا، لم نعتقد أن شيئًا بهذا الحجم يمكن أن يحدث".
كانت العاصفة القديمة قوية جدًا لدرجة أن العلماء اعتقدوا أنها قد تكون ناتجة عن اندلاع انفجار فائق القوة، انطلق من الشمس ولا يحدث سوى مرة واحدة كل 10000 عام، وهو حدث أقوى آلاف المرات من مجرد انفجار شمسي عادي، في حين أنه من المحتمل أن يكون لضربة مباشرة من مثل هذا التوهج الفائق اليوم عواقب وخيمة على مجتمعنا الحديث. في الواقع، هذه الأحداث ربما لا تكون نادرة، فبعض الباحثين الذين يتفحَّصون السجلات الجيوكيميائية لتاريخ الأرض الحديث توصلوا إلى أدلة تُشير إلى وقوع حدثين آخرين مشابهين.
كان الحدث الأول قد وقع عام 7176 قبل الميلاد، عندما بدأت المستوطنات الزراعية تحل محل المجتمعات البدوية التي كانت تعيش على الصيد وجمع الثمار، أما الآخر فقد وقع عام 5259 قبل الميلاد، مع خروج الكوكب من المخاض الأخير لآخر العصور الجليدية. وبذلك فمن الممكن أن تكون هذه الأحداث، هي أقوى الانفجارات الشمسية المسجّلة المعروفة حتى اليوم، وعلى مدار العقد الماضي، انخرط الباحثون في البحث عن أحداث أخرى بالغة القوة مثل سابقتها، ومنها الحدث الذي وقع عام 775 ميلادية، والذي عرف موخرًا باسم أحداث مياكي" نسبة إلى مكتشفته " فوسا مياكي".
ومن أجل النظر في الماضي البعيد، يعتمد الباحثون على التحليلات الكيميائية لعينات من القمم الجليدية القطبية، وكذلك من الأشجار القديمة المحفوظة في مستنقعات مشبعة بالمياه أو أعلى قمم الجبال، فحينما تصطدم الجسيمات الشمسية بغلافنا الجوي، يُمكن أن تُنتج أشكالًا مشعة غير مستقرة من عناصر متنوعة تتراكم في مثل هذه الأماكن، ففي حالة الكربون على سبيل المثال، يُمكن للنشاط الشمسي أن يُشكل أحد نظائر الكربون المشعة وهو الكربون-14، الذي تمتصه حلقات جذوع الأشجار أثناء نموها، ونظرًا إلى أن كل حلقة تعادل عامًا واحدًا من أعوام النمو، فإن هذا يعطينا تاريخًا دقيقًا لأي طفرات سببتها زيادة النشاط الشمسي في أي نظير، فكلما كانت كمية الكربون-14 الموجودة في إحدى الحلقات أكبر، يدل ذلك على أن عدد الجسيمات الشمسية التي كانت تضرب غلافنا الجوي في وقت معين كان أكبر، وبحسب "شارلوت بيرسون"، من مختبر أبحاث حلقات الأشجار في جامعة أريزونا، فإن مثل هذه الحلقات تتيح لنا إعداد نماذج لأنماط الكربون المُشع عبر الزمن، والنشاط الشمسي أحد العوامل الرئيسة التي تسبب هذه التقلبات.
كما أن العينات الجوفية الأسطوانية المأخوذة من الجليد تتيح إجراء قياس مشابه، وإن كان أقل دقة بدرجة طفيفة، وذلك من خلال ما تحويه من تركيزات البريليوم-10 والكلور-36، عند الجمع بينها، يُمكن أن تتيح لنا سردًا دقيقًا للأحداث التاريخية، فتتوافر لدينا بيانات حلقات جذوع الأشجار لمعظم فترات الحقبة الهولوسينية، ( الحقبة الجيولوجية الحالية التي بدأت منذ نحو 12 ألف عام) ، غير أنَّ فحصها بحثًا عن أحداث معينةٍ مثل فرات ارتفاع نسبة نظير الكربون-14 يستغرق وقتًا طويلًا؛ على سبيل المثال فإن تفحص سنة واحدة يستغرق أسابيع يُجرى خلالها تحليل لعدة عينات مأخوذة من حلقات جذوع الأشجار كما يُقاس الارتباط المتبادل بينها.
حتى وقت قريب استبعد العلماء الأحداث الشمسية، ومع ذلك، أظهرت دراسة أُجريت عام 2013، أن الانفجارات الشمسية هي السبب الأرجح وراء تلك زيادات نظير الكربون-14. إذ كان بعض الأشخاص يقترحون أن طفرة عام 775 من الممكن أن تكون ناتجة من مُستعر أعظم أو حتى دفقة من أشعة جاما، لكن هذه الظواهر أكثر ندرة من أن تُسبب تكرارًا مثل هذا، للكن رجح البعض أن هذه الطفرات الكبيرة المتكررة نتجت عن نشاطٍ شمسي زائد، وربما صاحب تلك الطفرات عاصفة مغناطيسية أرضية مشابهة لحدث "كارينجتون" لكنها أقوى بكثير.
ومع ذلك، لم تتضح بعد ماهية العلاقة بالتحديد بين الطفرات المفاجئة في الجسيمات الشمسية وشدة أي عاصفة مغناطيسية أرضية مصاحبة لها، إذ أنه من الوارد أن العواصف المغناطيسية الأرضية، مثل حَدَث كارينجتون، لا تسبب أي طفرات في نسب الكربون-14 على الإطلاق، وهو ما يُوضح عدم وجود دلائل تُشير إلى هذا الحدث في بيانات حلقات جذوع الأشجار وعينات الجليد، إلا أن حدث عام 775 كان مصحوبًا بشفق قطبي قوي، سُجِّل في الصين، وهو ما يُشير إلى حدوث عاصفة مغناطيسية أرضية قوية بالتزامن مع هذا التدفق الهائل للجسيمات الشمسية.
إذا صح وجود هذه العلاقة، فهذا يُشير إلى أن كوكب الأرض تعرّض لما لا يقل عن ثلاثة انفجارات شمسية بالغة القوة، في العشرة آلاف سنة الماضية وحدها، و ربما تكشف أدلةٌ على مزيد من هذه الانفجارات في الأخماس الأربعة التي لم تُحلل بَعد من بيانات حلقات جذوع الأشجار المتاحة بهدف رصد طفرات الكربون-14)، يقول "بيرسون": "حدوث انفجار واحد فقط في العشرة آلاف سنة الماضية لا يبدو منطقيًا في واقع الأمر، ولكن قبل أن نبلغ المرحلة الحالية، كان من الوارد أن يكون الأمر مقتصرًا على حدث واحد دون تكرار، الآن بعد أن رصدنا حدثين آخرين، لست متأكدًا من كون هذا شيئًا مفاجئًا، لكنه قد يكون مثيرًا للقلق". وأبرز ما يستدعي القلق أنَّ حدثًا كهذا، لو وقع في الوقت الحاضر، فمن الممكن أن يدمر الأقمار الصناعية في مداراتها والبنية التحتية على الأرض".
وفقًا للباحثة "سانجيتا عبده جيوتي"، من جامعة كاليفورنيا في إيرفاين، فإن حدوث عاصفة في الوقت الحالي، تضاهي في شدتها حدث "كارينجتون"، يُمكن أن يسفر عن دمار في شبكة الإنترنت، لأن الجسيمات عالية النشاط المنطلقة من مثل هذه العاصفة يُمكن أن تسبب تلفًا في الكابلات الممتدة في أعماق البحار بين البلدان، مما سيُعطل حركة الإنترنت في كل أنحاء العالم لأسابيع وربما لشهور، ووفق تقديرات سانجيتا جيوتي، فإن الولايات المتحدة وحدها يُمكن أن تتكبد بسبب كارثة كهذه نحو سبعة مليارات دولار أميركي يوميًا وإذ وقع حدث بقوة" كارينجتون"، تقول " جيوتي": من الممكن أن نتعافى، لأن بياناتنا نفسها لن تُمحى، أما إذا وقع حدث أقوى 10 مرات أو 100 مرة، فلا أعرف كيف ستكون النتيجة، أظن أن هذا سيسبب فقدان كميات هائلة من البيانات، فقد نفقد كل سجلاتنا ومعلوماتنا البنكية ومعلوماتنا الصحية بالغة الأهمية، ولن يتبقى لدينا أي مرجع".
تشير بعض التقديرات إلى أنّ احتمالات وقوع حدث بنفس مستوى "كارينجتون" قد تصل إلى 12% خلال العقد المقبل، ولمواجهة ذلك علينا مراقبة النشاط الشمسي وإغلاق الأقمار الصناعية وشبكات الطاقة قبل وصول الانفجار الفائق والعاصفة المغناطيسية الأرضية لكن شيئًا أقوى بكثير، مثل حدث مياكي، قد يكون من الصعب الحماية منه. بينما نستمر في العثور على أدلة على أحداث متطرفة إضافية في حلقات الأشجار القديمة ولب الجليد، لا ينبغي استبعاد احتمال حدوث أحدها في المستقبل القريب. لقد بدأ العلماء للتو في إدراك أن الشمس يمكن أن تكون أكثر نشاطًا وحيوية بكثير مما كانوا يعتقدون". فعندما كان الناس يدرسون هذه الانفجارات على نجوم أخرى، كانت إحدى المناقشات تدور حول ما إذا كانت الشمس قادرة على فعل ذلك. واستنادًا إلى هذه السجلات التاريخية، يبدو أن الشمس قادرة على بلوغ هذا المدى، الأمر الذي يستدعي القلق.
المصدر: scientificamerican
هل تضرب الانفجارات الشمسية كوكب الأرض من جديد؟
بين الحين والآخر، تنتج الشمس اندفاعات هائلة من الجسيمات والإشعاعات التي يمكن أن تُلحق أضرارًا كبيرة بكوكب الأرض. على مدار أكثر من 150 عامًا، ركز العلماء الذين يدرسون هذه الانفجارات وكيفية تأثيرها على كوكبنا على مثال واحد هو الأبرز: حدث "كارينغتون" عام 1859. إذ حدث ثوران بركاني من الشمس غطى الأرض، وضخ طاقة كافية في كوكبنا. لإطلاق عاصف مغناطيسية أرضية ضخمة خلقت عروض شفقية جميلة، ولكنها أيضًا أشعلت حرائق كهربائية في خطوط التلغراف في ذلك الوقت. كانت بنيتنا التحتية الإلكترونية أنذاك بدائية للغاية لدرجة أن العاصفة كان يُنظر إليها على أنها مجرد عاصفة ثانوية غريبة، ولكن إلى جانب عاصفة أخرى ذات قوة مماثلة في عام 1921، بات الباحثون يدركون اليوم أن حدث "كارينجتون" ربما بات نذير شؤم لكوارث مستقبلية. ومع ذلك، فإن كلا العاصفتين ضعيفتين مقارنة بحدث قديم تم اكتشافه في عام 2012، وهو عاصفة تاريخية ضخمة حدثت نحو عام 775 ميلاديًا، والتي كانت على الأرجح أقوى من 10 أضعاف إلى 100 ضعف. يقول "نيكولاس بريهم" من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ: "لقد كان أمرًا مذهلاً حقًا، لم نعتقد أن شيئًا بهذا الحجم يمكن أن يحدث".
كانت العاصفة القديمة قوية جدًا لدرجة أن العلماء اعتقدوا أنها قد تكون ناتجة عن اندلاع انفجار فائق القوة، انطلق من الشمس ولا يحدث سوى مرة واحدة كل 10000 عام، وهو حدث أقوى آلاف المرات من مجرد انفجار شمسي عادي، في حين أنه من المحتمل أن يكون لضربة مباشرة من مثل هذا التوهج الفائق اليوم عواقب وخيمة على مجتمعنا الحديث. في الواقع، هذه الأحداث ربما لا تكون نادرة، فبعض الباحثين الذين يتفحَّصون السجلات الجيوكيميائية لتاريخ الأرض الحديث توصلوا إلى أدلة تُشير إلى وقوع حدثين آخرين مشابهين.
كان الحدث الأول قد وقع عام 7176 قبل الميلاد، عندما بدأت المستوطنات الزراعية تحل محل المجتمعات البدوية التي كانت تعيش على الصيد وجمع الثمار، أما الآخر فقد وقع عام 5259 قبل الميلاد، مع خروج الكوكب من المخاض الأخير لآخر العصور الجليدية. وبذلك فمن الممكن أن تكون هذه الأحداث، هي أقوى الانفجارات الشمسية المسجّلة المعروفة حتى اليوم، وعلى مدار العقد الماضي، انخرط الباحثون في البحث عن أحداث أخرى بالغة القوة مثل سابقتها، ومنها الحدث الذي وقع عام 775 ميلادية، والذي عرف موخرًا باسم أحداث مياكي" نسبة إلى مكتشفته " فوسا مياكي".
ومن أجل النظر في الماضي البعيد، يعتمد الباحثون على التحليلات الكيميائية لعينات من القمم الجليدية القطبية، وكذلك من الأشجار القديمة المحفوظة في مستنقعات مشبعة بالمياه أو أعلى قمم الجبال، فحينما تصطدم الجسيمات الشمسية بغلافنا الجوي، يُمكن أن تُنتج أشكالًا مشعة غير مستقرة من عناصر متنوعة تتراكم في مثل هذه الأماكن، ففي حالة الكربون على سبيل المثال، يُمكن للنشاط الشمسي أن يُشكل أحد نظائر الكربون المشعة وهو الكربون-14، الذي تمتصه حلقات جذوع الأشجار أثناء نموها، ونظرًا إلى أن كل حلقة تعادل عامًا واحدًا من أعوام النمو، فإن هذا يعطينا تاريخًا دقيقًا لأي طفرات سببتها زيادة النشاط الشمسي في أي نظير، فكلما كانت كمية الكربون-14 الموجودة في إحدى الحلقات أكبر، يدل ذلك على أن عدد الجسيمات الشمسية التي كانت تضرب غلافنا الجوي في وقت معين كان أكبر، وبحسب "شارلوت بيرسون"، من مختبر أبحاث حلقات الأشجار في جامعة أريزونا، فإن مثل هذه الحلقات تتيح لنا إعداد نماذج لأنماط الكربون المُشع عبر الزمن، والنشاط الشمسي أحد العوامل الرئيسة التي تسبب هذه التقلبات.
كما أن العينات الجوفية الأسطوانية المأخوذة من الجليد تتيح إجراء قياس مشابه، وإن كان أقل دقة بدرجة طفيفة، وذلك من خلال ما تحويه من تركيزات البريليوم-10 والكلور-36، عند الجمع بينها، يُمكن أن تتيح لنا سردًا دقيقًا للأحداث التاريخية، فتتوافر لدينا بيانات حلقات جذوع الأشجار لمعظم فترات الحقبة الهولوسينية، ( الحقبة الجيولوجية الحالية التي بدأت منذ نحو 12 ألف عام) ، غير أنَّ فحصها بحثًا عن أحداث معينةٍ مثل فرات ارتفاع نسبة نظير الكربون-14 يستغرق وقتًا طويلًا؛ على سبيل المثال فإن تفحص سنة واحدة يستغرق أسابيع يُجرى خلالها تحليل لعدة عينات مأخوذة من حلقات جذوع الأشجار كما يُقاس الارتباط المتبادل بينها.
حتى وقت قريب استبعد العلماء الأحداث الشمسية، ومع ذلك، أظهرت دراسة أُجريت عام 2013، أن الانفجارات الشمسية هي السبب الأرجح وراء تلك زيادات نظير الكربون-14. إذ كان بعض الأشخاص يقترحون أن طفرة عام 775 من الممكن أن تكون ناتجة من مُستعر أعظم أو حتى دفقة من أشعة جاما، لكن هذه الظواهر أكثر ندرة من أن تُسبب تكرارًا مثل هذا، للكن رجح البعض أن هذه الطفرات الكبيرة المتكررة نتجت عن نشاطٍ شمسي زائد، وربما صاحب تلك الطفرات عاصفة مغناطيسية أرضية مشابهة لحدث "كارينجتون" لكنها أقوى بكثير.
ومع ذلك، لم تتضح بعد ماهية العلاقة بالتحديد بين الطفرات المفاجئة في الجسيمات الشمسية وشدة أي عاصفة مغناطيسية أرضية مصاحبة لها، إذ أنه من الوارد أن العواصف المغناطيسية الأرضية، مثل حَدَث كارينجتون، لا تسبب أي طفرات في نسب الكربون-14 على الإطلاق، وهو ما يُوضح عدم وجود دلائل تُشير إلى هذا الحدث في بيانات حلقات جذوع الأشجار وعينات الجليد، إلا أن حدث عام 775 كان مصحوبًا بشفق قطبي قوي، سُجِّل في الصين، وهو ما يُشير إلى حدوث عاصفة مغناطيسية أرضية قوية بالتزامن مع هذا التدفق الهائل للجسيمات الشمسية.
إذا صح وجود هذه العلاقة، فهذا يُشير إلى أن كوكب الأرض تعرّض لما لا يقل عن ثلاثة انفجارات شمسية بالغة القوة، في العشرة آلاف سنة الماضية وحدها، و ربما تكشف أدلةٌ على مزيد من هذه الانفجارات في الأخماس الأربعة التي لم تُحلل بَعد من بيانات حلقات جذوع الأشجار المتاحة بهدف رصد طفرات الكربون-14)، يقول "بيرسون": "حدوث انفجار واحد فقط في العشرة آلاف سنة الماضية لا يبدو منطقيًا في واقع الأمر، ولكن قبل أن نبلغ المرحلة الحالية، كان من الوارد أن يكون الأمر مقتصرًا على حدث واحد دون تكرار، الآن بعد أن رصدنا حدثين آخرين، لست متأكدًا من كون هذا شيئًا مفاجئًا، لكنه قد يكون مثيرًا للقلق". وأبرز ما يستدعي القلق أنَّ حدثًا كهذا، لو وقع في الوقت الحاضر، فمن الممكن أن يدمر الأقمار الصناعية في مداراتها والبنية التحتية على الأرض".
وفقًا للباحثة "سانجيتا عبده جيوتي"، من جامعة كاليفورنيا في إيرفاين، فإن حدوث عاصفة في الوقت الحالي، تضاهي في شدتها حدث "كارينجتون"، يُمكن أن يسفر عن دمار في شبكة الإنترنت، لأن الجسيمات عالية النشاط المنطلقة من مثل هذه العاصفة يُمكن أن تسبب تلفًا في الكابلات الممتدة في أعماق البحار بين البلدان، مما سيُعطل حركة الإنترنت في كل أنحاء العالم لأسابيع وربما لشهور، ووفق تقديرات سانجيتا جيوتي، فإن الولايات المتحدة وحدها يُمكن أن تتكبد بسبب كارثة كهذه نحو سبعة مليارات دولار أميركي يوميًا وإذ وقع حدث بقوة" كارينجتون"، تقول " جيوتي": من الممكن أن نتعافى، لأن بياناتنا نفسها لن تُمحى، أما إذا وقع حدث أقوى 10 مرات أو 100 مرة، فلا أعرف كيف ستكون النتيجة، أظن أن هذا سيسبب فقدان كميات هائلة من البيانات، فقد نفقد كل سجلاتنا ومعلوماتنا البنكية ومعلوماتنا الصحية بالغة الأهمية، ولن يتبقى لدينا أي مرجع".
تشير بعض التقديرات إلى أنّ احتمالات وقوع حدث بنفس مستوى "كارينجتون" قد تصل إلى 12% خلال العقد المقبل، ولمواجهة ذلك علينا مراقبة النشاط الشمسي وإغلاق الأقمار الصناعية وشبكات الطاقة قبل وصول الانفجار الفائق والعاصفة المغناطيسية الأرضية لكن شيئًا أقوى بكثير، مثل حدث مياكي، قد يكون من الصعب الحماية منه. بينما نستمر في العثور على أدلة على أحداث متطرفة إضافية في حلقات الأشجار القديمة ولب الجليد، لا ينبغي استبعاد احتمال حدوث أحدها في المستقبل القريب. لقد بدأ العلماء للتو في إدراك أن الشمس يمكن أن تكون أكثر نشاطًا وحيوية بكثير مما كانوا يعتقدون". فعندما كان الناس يدرسون هذه الانفجارات على نجوم أخرى، كانت إحدى المناقشات تدور حول ما إذا كانت الشمس قادرة على فعل ذلك. واستنادًا إلى هذه السجلات التاريخية، يبدو أن الشمس قادرة على بلوغ هذا المدى، الأمر الذي يستدعي القلق.
المصدر: scientificamerican