مصر.. حصاد "الذهب الأبيض"

تحول موسم جني القطن في شهري أغسطس وسبتمبر من كل عام إلى عيد في الريف المصري.

قبل نحو 200 عام، كان "مسيو جوميل" يتجول في الريف المصري ضمن مهمته لتنظيم مصانع النسيج في مصر، التي أوكلها له محمد علي حاكم مصر أنذاك، وفي أحد المنازل شاهد نبتة قطن للزينة وأعجب بمواصفاتها ليقترح زراعة مساحة صغيرة من هذا النوع من القطن.. لتبدأ قصة القطن المصري الشهير "طويل التيلة".

عبر هذه السنوات، تحول موسم حصاد "الذهب الأبيض" في شهري أغسطس وسبتمبر من كل عام إلى عيد في الريف المصري، حيث يشارك الجميع في الحصاد لتمتد الأيادي لقطف القطن. ولكن قليلون يعرفون قصة "مسيو جوميل". فمع بداية حكم محمد علي بدأ الاهتمام بزراعة القطن بإشراف الخبير الفرنسي "جوميل" الذي استقدم من الهند أفضل بذور القطن في عشرينيات القرن التاسع عشر قبل إدخال نوع من القطن الأميركي ولكن يظل الأشهر هو "قطن جوميل". وبدأ تصدير القطن المصري عام 1827 وتضاعفت مساحته المزروعة بنحو 400٪ ليصبح قبل نهاية القرن التاسع عشر المصدر الرئيس للدخل في مصر.

قبل نحو نصف قرن كان هناك نحو مليوني فدان في مصر مزروعة بالقطن، ولكن هذه المساحة تقلصت إلى نحو 250 فدان فقط مع التوسع في صناعة الملابس من الألياف وتراجع الطلب على القطن طويل التيلة. ولكن تظل سمعة القطن المصري هي الأشهر إلى اليوم وبقت لافتة "مصنوع من القطن المصري" تزين المتاجر العالمية للملابس. 

 أما عن حصاد القطن  فالكثيرون لا يعرفون أن المزارعون يجنون القطن على مرتين، الأولى عند تفتح 50٪ إلى 60٪ من إجمالي اللوز والثانية عندما يتفتح باقي اللوز بعد عملية "التصويم" لتبدأ عملية الجني الرئيسة. ويفضل الفلاح المصري جني القطن بعد شروق الشمس ليكون القطن به نسبة رطوبة أقل وبالتالي زيادة جودته. 

ويعتقد بعض المؤرخين أن مصر عرفت زراعة القطن قبل 3500 عام، ودللوا على ذلك باكتشاف مومياوات بها طبقة من القطن. ولكن هذه الرأي لم يجد أسانيد دقيقة لإثباته حتى اليوم. وخلال القرن التاسع عشر، جعلت جودة القطن العالية مصر مرجعًا للعالم لهذا "الذهب الابيض"، أما اليوم فهناك دول أخرى تنتج نفس النوع من القطن تحت مسمى "القطن المصرى".
وتدخل بذور القطن في صناعة الزيوت، ويستخرج من الأوراق حمض الليمون وحمض التفاح.. كما أن لب البذور يستخدم في صناعة استخراج الزيت للتغذية، وصناعة الصابون والدهان، والكُسب، وصناعة دقيق بذرة القطن لتحضير بعض أنواع الخبز والحلويات، وكبديل للكاكاو. وتعد أزهار القطن مصدرا غذائيًا جيدًا للنحل، ما ينعكس على جودة العسل. ويستعمل القطن المحلوج بصفة أساسية في صناعة الغزل والنسيج.
ووسط الريف المصري، مع أفول فصل الصيف لا تزال كلمات أغاني الحصاد باللهجة العامية المصرية مثل "نورت يا قطن النيل، يا حلاوة عليك يا جميل، اجمعوا يا بنات النيل يلا، دا قطن جميل ألف ماشالله" يرددها الكبار والصغار خلال عملية الحصاد المضنية.

مصر.. حصاد "الذهب الأبيض"

تحول موسم جني القطن في شهري أغسطس وسبتمبر من كل عام إلى عيد في الريف المصري.

قبل نحو 200 عام، كان "مسيو جوميل" يتجول في الريف المصري ضمن مهمته لتنظيم مصانع النسيج في مصر، التي أوكلها له محمد علي حاكم مصر أنذاك، وفي أحد المنازل شاهد نبتة قطن للزينة وأعجب بمواصفاتها ليقترح زراعة مساحة صغيرة من هذا النوع من القطن.. لتبدأ قصة القطن المصري الشهير "طويل التيلة".

عبر هذه السنوات، تحول موسم حصاد "الذهب الأبيض" في شهري أغسطس وسبتمبر من كل عام إلى عيد في الريف المصري، حيث يشارك الجميع في الحصاد لتمتد الأيادي لقطف القطن. ولكن قليلون يعرفون قصة "مسيو جوميل". فمع بداية حكم محمد علي بدأ الاهتمام بزراعة القطن بإشراف الخبير الفرنسي "جوميل" الذي استقدم من الهند أفضل بذور القطن في عشرينيات القرن التاسع عشر قبل إدخال نوع من القطن الأميركي ولكن يظل الأشهر هو "قطن جوميل". وبدأ تصدير القطن المصري عام 1827 وتضاعفت مساحته المزروعة بنحو 400٪ ليصبح قبل نهاية القرن التاسع عشر المصدر الرئيس للدخل في مصر.

قبل نحو نصف قرن كان هناك نحو مليوني فدان في مصر مزروعة بالقطن، ولكن هذه المساحة تقلصت إلى نحو 250 فدان فقط مع التوسع في صناعة الملابس من الألياف وتراجع الطلب على القطن طويل التيلة. ولكن تظل سمعة القطن المصري هي الأشهر إلى اليوم وبقت لافتة "مصنوع من القطن المصري" تزين المتاجر العالمية للملابس. 

 أما عن حصاد القطن  فالكثيرون لا يعرفون أن المزارعون يجنون القطن على مرتين، الأولى عند تفتح 50٪ إلى 60٪ من إجمالي اللوز والثانية عندما يتفتح باقي اللوز بعد عملية "التصويم" لتبدأ عملية الجني الرئيسة. ويفضل الفلاح المصري جني القطن بعد شروق الشمس ليكون القطن به نسبة رطوبة أقل وبالتالي زيادة جودته. 

ويعتقد بعض المؤرخين أن مصر عرفت زراعة القطن قبل 3500 عام، ودللوا على ذلك باكتشاف مومياوات بها طبقة من القطن. ولكن هذه الرأي لم يجد أسانيد دقيقة لإثباته حتى اليوم. وخلال القرن التاسع عشر، جعلت جودة القطن العالية مصر مرجعًا للعالم لهذا "الذهب الابيض"، أما اليوم فهناك دول أخرى تنتج نفس النوع من القطن تحت مسمى "القطن المصرى".
وتدخل بذور القطن في صناعة الزيوت، ويستخرج من الأوراق حمض الليمون وحمض التفاح.. كما أن لب البذور يستخدم في صناعة استخراج الزيت للتغذية، وصناعة الصابون والدهان، والكُسب، وصناعة دقيق بذرة القطن لتحضير بعض أنواع الخبز والحلويات، وكبديل للكاكاو. وتعد أزهار القطن مصدرا غذائيًا جيدًا للنحل، ما ينعكس على جودة العسل. ويستعمل القطن المحلوج بصفة أساسية في صناعة الغزل والنسيج.
ووسط الريف المصري، مع أفول فصل الصيف لا تزال كلمات أغاني الحصاد باللهجة العامية المصرية مثل "نورت يا قطن النيل، يا حلاوة عليك يا جميل، اجمعوا يا بنات النيل يلا، دا قطن جميل ألف ماشالله" يرددها الكبار والصغار خلال عملية الحصاد المضنية.