"كوفيد –19" والحواس الخمس.. مضى الزلزال وبقيت التوابع

ربما يعد فقدان حاستي الشم والتذوق لدى الأشخاص المصابين بفيروس كورونا الأشهر, لكن هناك العديد من المؤشرات على تأثير الفيروس على حواس أخرى مثل السمع والبصر واللمس.

بالنظر إلى درجة شده إصابته بمرض "كوفيد -19 "، الذي يسببه فيروس كورونا المستجد، بدا "مايكل جولدسميث" كواحد من المحظوظين، لنجاته من الموت، بعد أن أمضى 22 يومًا على جهاز التنفس الصناعي بوحدة العناية المركزة.

"جولدسميث" الذي تم نقله إلى مستوى متوسط من الرعاية بالمستشفى, التي كان يعالج بها بعد استقرار المؤشرات الحيوية بجسمه، بدأ يدرك حينها أن نجاته من "كوفيد -19" ليست كاملة، فتوابعه لا تزال باقية معه، متمثلة في فقدان معظم السمع بأذنه اليسرى.

يقول "جولدسميث" صاحب الـ 35 عامًا "أي شيء أسمعه يبدو وكأنه مرتفعًا، وكان لديه أيضًا صوت ثابت في تلك الأذن تبين أنه طنين. وبعد مغادرته المستشفى إثر تعافيه تمامًا من العدوى وعودته إلى منزله، بدأ جولدسميث محلل أمن تكنولوجيا المعلومات والأب لطفلين، بزيارة طبيب تلو الآخر ، بحثًا عن علاج لمشاكل السمع التي يعاني منها، وجرب العديد من الأدوية الموصوفة، ولم تجدي نفعًا معه.

ربما لم يفكر الرجل يومًا ما في أهمية حواسه، فنحن جميعًا نتعامل معها كأمر مسلم به، حتى تحدث مشكلة مع إحداها، وهذا شيء اكتشفه الكثير من الأشخاص الذين عانوا من مرض "كوفيد –19 "عندما فقدوا بشكل غير متوقع حاسة الشم والتذوق، و في الآونة الأخيرة، أصبح من الواضح أن عدوى "كوفيد -19" يمكن أن تؤثر أيضًا على البصر والسمع واللمس. وعلى المدى القصير والطويل، يمكن أن يؤثر هذا الفيروس على جميع الطرق التي ندرك بها العالم ونتفاعل معه، و"على الرغم من أن المشاكل بالحواس ليست مهددة للحياة، إلا أنه من المزعج فقدان أي منها، خاصة عندما يحدث فجأة في سياق هذه العدوى"، كما تقول "جينيفر فرونتيرا" ، أستاذة علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة نيويورك جروسمان.

ضعف السمع

مثل "جولدسميث"، استمر العديد من الأشخاص الذين تعافوا من "كوفيد -19" في التعرض لبعض فقدان السمع، ويقدر الباحثون في المجلة الدولية لعلم السمع، أن فقدان السمع قد حدث في نحو 8 % من المرضى الذين أصيبوا به، بينما أصيب حوالي 15% بطنين الأذن.والآليات غير مفهومة تمامًا  لكن الخبراء يشكون في أن المرض قد يؤثر على قناة استاكيوس، التي تربط الأذن الوسطى بالحلق.

ويوضح "إلياس ميكايليدس"، الطبيب في المركز الطبي في شيكاغو أنه مع أي عدوى فيروسية، يمكن أن يكون لديك خلل في قناة استاكيوس، والذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى تراكم السوائل في الأذن الوسطى، وهذا يعمل كمثبط ميكانيكي على طبلة الأذن". وبمجرد أن يتعافى شخص ما من المرض، يتم تصريف السوائل ويعود السمع إلى طبيعته في معظم الحالات، وعلى الرغم من أن الأمر قد يستغرق أسبوعين، كما يقول "ميكايليدس"، فقد يساعد تناول مزيل الاحتقان عن طريق الفم واستخدام بخاخ الستيرويد الأنفي، في غضون ذلك، على تسريع التصريف.

ولكن تأتي المشكلة الأكبر، إذا أضر الفيروس بالخلايا العصبية الحسية في الأذن الداخلية أو القوقعة، فقد يحدث فقدان سمع مفاجئ ، وقد يكون دائمًا، وليس من الواضح بالضبط كيف يحدث هذا التلف للأعصاب، على الرغم من أنه قد يكون له علاقة بقدرة (كوفيد -19) على إطلاق سلسلة من التأثيرات الالتهابية وتلف الأوعية الدموية الصغيرة. ونظرًا لأن سمع "جولدسميث" لم يتحسن في أذنه اليسرى بعد أن تعافى تمامًا وجرب العديد من الأدوية الموصوفة، فقد ذهب لرؤية "توماس رولاند"، رئيس قسم طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة في جامعة نيويورك لانجون هيلث، وأخبره رولاند أنه مرشح لزراعة قوقعة الأذن، وهي جهاز إلكتروني صغير يمكنه تحفيز العصب السمعي بشكل مباشر وتوليد إشارات يسجلها الدماغ كصوت.

ويقول "رولاند": "الأذن الداخلية عضو حساس للغاية وعرضة لمشاكل الأوعية الدموية الدقيقة والالتهابات، لذا فأنا لست مندهشًا من تعرض الأشخاص لفقدان السمع أو الطنين المرتبط بـ (كوفيد -19) ".

وفي سبتمبر 2020 ، خضع "جولدسميث" لعملية جراحية لزراعة قوقعة الأذن في أذنه اليسرى، وشعر كثيرا بفائدتها. إذ يقول "لدي الآن 80% من التعرف على الكلمات الفردية، مع وجود جمل كاملة في أذني اليسرى، وعند تشغيل الجهاز، يختفي طنينه تمامًا".

رؤية مشوشة

وإلى جانب مشاكل السمع، أبلغ آخرون أصيبوا بـ "كوفيد -19" عن مشاكل في رؤيتهم. ووجدت دراسة نُشرت العام الماضي في مجلة "طب العيون المفتوح BMJ "، أن حساسية الضوء ، والتهاب العيون، وعدم وضوح الرؤية هي من بين اضطرابات العين الأكثر شيوعًا التي يعاني منها المرضى.وفي دراسة شملت 400 من مرضى "كوفيد -19" تم نقلهم إلى المستشفى، وجد الباحثون أن 10% يعانون من اضطرابات في العين، بما في ذلك التهاب الملتحمة وتغيرات في الرؤية وتهيج العين، كما تقول المؤلف المشارك بالدراسة "شاهزاد ميان"، أستاذ طب العيون والعلوم البصرية في كلية الطب بجامعة ميشيغان.

وفي محاولة لتفسير سبب ذلك، تقول "جوليا هالر"، طبيب عيون في مستشفى ويلز للعيون في فيلادلفيا، أن الفيروس يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بجلطات الدم في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الأوعية الدموية في شبكية العين، والتي يمكن أن تسبب رؤية ضبابية أو درجة ما من فقدان البصر. وتنصح "هالر " أي شخص يواجه أي تغييرات في الرؤية بعد تعافيه من المرض، بزيارة طبيب عيون في أقرب وقت ممكن، حيث يمكن علاج بعض أشكال فقدان البصر بالأدوية، اعتمادًا على مقدار الضرر الذي حدث.

وخز وخدر

 حاسة اللمس للمصابين بعدوى "كوفيد -19"، تتأثر أيضًا, حيث ثبت أن المرض يسبب أعراضًا عصبية مستمرة. وفي دراسة نُشرت في مايو 2021 ، قام الباحثون بتقييم 100 شخص لم يتم نقلهم إلى المستشفى بسبب (كوفيد -19)، ولكن لديهم أعراض مستمرة. ووجدوا أن 60 % أصيبوا بالخدر (التنميل) والوخز بعد ستة إلى تسعة أشهر من بداية مرضهم. ولا تزال الآليات الدقيقة وراء هذه الأعراض المستعصية غير مفهومة جيدًا، لكنها على الأرجح مرتبطة بالالتهابات والعدوى في أعصاب اليدين والقدمين المرتبطة بفيروس (كوفيد -19)، كما يوضح "إيغور كورالنيك"، رئيس قسم الأمراض المعدية العصبية في مستشفى نورث وسترن ميموريال في شيكاغو.

ويقول "كورالنيك" :"في معظم الحالات ،يتحسن (التنميل والوخز) بمرور الوقت، وفي بعض الحالات، يمكن علاج الوخز والأعراض الأخرى للاعتلال العصبي بأدوية مثل (الجابابنتين)، وهو دواء يستخدم لمنع النوبات وتخفيف آلام الأعصاب".

فقدان الشم والتذوق

ربما يكون التأثير الأكثر تمييزًا لـ (كوفيد -19) على الحواس هو تأثيره على حاسة الشم والذوق. ورغم أن فقدان الرائحة الناجم عن الفيروسات موجودًا قبل أن يسمع أي شخص عن (كوفيد -19) ، لكن النسبة المئوية للأشخاص الذين يعانون من خلل في الرائحة أو فقدانها أعلى بكثير مع هذا الفيروس مقارنة بأنواع العدوى الأخرى، كما يقول الخبراء.

ووجدت مراجعة للدراسات المنشورة في عام 2020 أنه من بين 8 آلاف شخص مصاب بفيروس (كوفيد -19 )المؤكد، عانى 41 % من مشاكل الرائحة و 38 % أبلغوا عن مشاكل في التذوق، وعندما يفقد الأشخاص المصابون حاسة الشم،  فإنهم يفقدونها في جميع الروائح، وليس فقط بنوع واحد من الرائحة. وبشكل عام، هناك نوعان رئيسيان من فقدان حاسة الشم، أحدهما له علاقة بمرض (كوفيد -19)، وهو فقدان الرائحة الموصلة عندما يمنع احتقان الأنف أو انسداده جزيئات الرائحة من المرور إلى تجويف الأنف، وينطوي فقدان الرائحة الحسية العصبية على تلف أو خلل في الخلايا العصبية الشمية .

ويقول "جاستن تورنر"، الأستاذ المساعد في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت ومدير مركز فاندربيلت للشم والتذوق "نعتقد أن هذا ينبع من الضرر الذي لحق بالخلايا الداعمة التي تعيش في الأنف والمعرضة بشكل خاص للإصابة بالفيروس". ويوضح تيرنر أنه مع تعافي الأشخاص من (كوفيد -19) ، يمكن للخلايا المتجددة أن تبدأ في العمل وتكوين خلايا عصبية وظيفية جديدة، ويسمح هذا لمعظم الناس باستعادة حاسة الشم بعد ستة إلى ثمانية أسابيع من الإصابة، قد يصف الأطباء الستيرويدات الجهازية أو الموضعية وأحيانًا تكييف الرائحة، والذي يتضمن التعرض المتكرر للزيوت الأساسية التي لها روائح مختلفة، فهذا مثل المعادل الشمي للعلاج الطبيعي.

ويوضح "تيرنر": "ما نفعله هو تعريض نظام الشم لهذه الروائح ومساعدة الدماغ على تكوين روابط جديدة، وبمجرد حدوث الضرر للخلايا العصبية، نعتمد على القدرة التجديدية في نظام حاسة الشم لمساعدة الأشخاص على استعادة حاسة الشم لديهم". وعادة ما يترافق فقدان حاسة التذوق مع فقدان حاسة الشم، كما يقول "مايكل بينينجر"، الأستاذ ورئيس قسم طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحة الرأس والعنق في كلية كليفلاند كلينيك ليرنر للطب. ويقول "نحن لا نرى أشخاصًا فقدوا بالفعل حاسة التذوق مع عدوى (كوفيد -19)، ولكن عندما يفقد الناس حاسة الشم، يتضاءل مذاقهم، مما يعني أن قدرتهم على التمييز بين النكهات المختلفة تضيع.

المصدر: Nationalgeographic

 

"كوفيد –19" والحواس الخمس.. مضى الزلزال وبقيت التوابع

ربما يعد فقدان حاستي الشم والتذوق لدى الأشخاص المصابين بفيروس كورونا الأشهر, لكن هناك العديد من المؤشرات على تأثير الفيروس على حواس أخرى مثل السمع والبصر واللمس.

بالنظر إلى درجة شده إصابته بمرض "كوفيد -19 "، الذي يسببه فيروس كورونا المستجد، بدا "مايكل جولدسميث" كواحد من المحظوظين، لنجاته من الموت، بعد أن أمضى 22 يومًا على جهاز التنفس الصناعي بوحدة العناية المركزة.

"جولدسميث" الذي تم نقله إلى مستوى متوسط من الرعاية بالمستشفى, التي كان يعالج بها بعد استقرار المؤشرات الحيوية بجسمه، بدأ يدرك حينها أن نجاته من "كوفيد -19" ليست كاملة، فتوابعه لا تزال باقية معه، متمثلة في فقدان معظم السمع بأذنه اليسرى.

يقول "جولدسميث" صاحب الـ 35 عامًا "أي شيء أسمعه يبدو وكأنه مرتفعًا، وكان لديه أيضًا صوت ثابت في تلك الأذن تبين أنه طنين. وبعد مغادرته المستشفى إثر تعافيه تمامًا من العدوى وعودته إلى منزله، بدأ جولدسميث محلل أمن تكنولوجيا المعلومات والأب لطفلين، بزيارة طبيب تلو الآخر ، بحثًا عن علاج لمشاكل السمع التي يعاني منها، وجرب العديد من الأدوية الموصوفة، ولم تجدي نفعًا معه.

ربما لم يفكر الرجل يومًا ما في أهمية حواسه، فنحن جميعًا نتعامل معها كأمر مسلم به، حتى تحدث مشكلة مع إحداها، وهذا شيء اكتشفه الكثير من الأشخاص الذين عانوا من مرض "كوفيد –19 "عندما فقدوا بشكل غير متوقع حاسة الشم والتذوق، و في الآونة الأخيرة، أصبح من الواضح أن عدوى "كوفيد -19" يمكن أن تؤثر أيضًا على البصر والسمع واللمس. وعلى المدى القصير والطويل، يمكن أن يؤثر هذا الفيروس على جميع الطرق التي ندرك بها العالم ونتفاعل معه، و"على الرغم من أن المشاكل بالحواس ليست مهددة للحياة، إلا أنه من المزعج فقدان أي منها، خاصة عندما يحدث فجأة في سياق هذه العدوى"، كما تقول "جينيفر فرونتيرا" ، أستاذة علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة نيويورك جروسمان.

ضعف السمع

مثل "جولدسميث"، استمر العديد من الأشخاص الذين تعافوا من "كوفيد -19" في التعرض لبعض فقدان السمع، ويقدر الباحثون في المجلة الدولية لعلم السمع، أن فقدان السمع قد حدث في نحو 8 % من المرضى الذين أصيبوا به، بينما أصيب حوالي 15% بطنين الأذن.والآليات غير مفهومة تمامًا  لكن الخبراء يشكون في أن المرض قد يؤثر على قناة استاكيوس، التي تربط الأذن الوسطى بالحلق.

ويوضح "إلياس ميكايليدس"، الطبيب في المركز الطبي في شيكاغو أنه مع أي عدوى فيروسية، يمكن أن يكون لديك خلل في قناة استاكيوس، والذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى تراكم السوائل في الأذن الوسطى، وهذا يعمل كمثبط ميكانيكي على طبلة الأذن". وبمجرد أن يتعافى شخص ما من المرض، يتم تصريف السوائل ويعود السمع إلى طبيعته في معظم الحالات، وعلى الرغم من أن الأمر قد يستغرق أسبوعين، كما يقول "ميكايليدس"، فقد يساعد تناول مزيل الاحتقان عن طريق الفم واستخدام بخاخ الستيرويد الأنفي، في غضون ذلك، على تسريع التصريف.

ولكن تأتي المشكلة الأكبر، إذا أضر الفيروس بالخلايا العصبية الحسية في الأذن الداخلية أو القوقعة، فقد يحدث فقدان سمع مفاجئ ، وقد يكون دائمًا، وليس من الواضح بالضبط كيف يحدث هذا التلف للأعصاب، على الرغم من أنه قد يكون له علاقة بقدرة (كوفيد -19) على إطلاق سلسلة من التأثيرات الالتهابية وتلف الأوعية الدموية الصغيرة. ونظرًا لأن سمع "جولدسميث" لم يتحسن في أذنه اليسرى بعد أن تعافى تمامًا وجرب العديد من الأدوية الموصوفة، فقد ذهب لرؤية "توماس رولاند"، رئيس قسم طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة في جامعة نيويورك لانجون هيلث، وأخبره رولاند أنه مرشح لزراعة قوقعة الأذن، وهي جهاز إلكتروني صغير يمكنه تحفيز العصب السمعي بشكل مباشر وتوليد إشارات يسجلها الدماغ كصوت.

ويقول "رولاند": "الأذن الداخلية عضو حساس للغاية وعرضة لمشاكل الأوعية الدموية الدقيقة والالتهابات، لذا فأنا لست مندهشًا من تعرض الأشخاص لفقدان السمع أو الطنين المرتبط بـ (كوفيد -19) ".

وفي سبتمبر 2020 ، خضع "جولدسميث" لعملية جراحية لزراعة قوقعة الأذن في أذنه اليسرى، وشعر كثيرا بفائدتها. إذ يقول "لدي الآن 80% من التعرف على الكلمات الفردية، مع وجود جمل كاملة في أذني اليسرى، وعند تشغيل الجهاز، يختفي طنينه تمامًا".

رؤية مشوشة

وإلى جانب مشاكل السمع، أبلغ آخرون أصيبوا بـ "كوفيد -19" عن مشاكل في رؤيتهم. ووجدت دراسة نُشرت العام الماضي في مجلة "طب العيون المفتوح BMJ "، أن حساسية الضوء ، والتهاب العيون، وعدم وضوح الرؤية هي من بين اضطرابات العين الأكثر شيوعًا التي يعاني منها المرضى.وفي دراسة شملت 400 من مرضى "كوفيد -19" تم نقلهم إلى المستشفى، وجد الباحثون أن 10% يعانون من اضطرابات في العين، بما في ذلك التهاب الملتحمة وتغيرات في الرؤية وتهيج العين، كما تقول المؤلف المشارك بالدراسة "شاهزاد ميان"، أستاذ طب العيون والعلوم البصرية في كلية الطب بجامعة ميشيغان.

وفي محاولة لتفسير سبب ذلك، تقول "جوليا هالر"، طبيب عيون في مستشفى ويلز للعيون في فيلادلفيا، أن الفيروس يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بجلطات الدم في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الأوعية الدموية في شبكية العين، والتي يمكن أن تسبب رؤية ضبابية أو درجة ما من فقدان البصر. وتنصح "هالر " أي شخص يواجه أي تغييرات في الرؤية بعد تعافيه من المرض، بزيارة طبيب عيون في أقرب وقت ممكن، حيث يمكن علاج بعض أشكال فقدان البصر بالأدوية، اعتمادًا على مقدار الضرر الذي حدث.

وخز وخدر

 حاسة اللمس للمصابين بعدوى "كوفيد -19"، تتأثر أيضًا, حيث ثبت أن المرض يسبب أعراضًا عصبية مستمرة. وفي دراسة نُشرت في مايو 2021 ، قام الباحثون بتقييم 100 شخص لم يتم نقلهم إلى المستشفى بسبب (كوفيد -19)، ولكن لديهم أعراض مستمرة. ووجدوا أن 60 % أصيبوا بالخدر (التنميل) والوخز بعد ستة إلى تسعة أشهر من بداية مرضهم. ولا تزال الآليات الدقيقة وراء هذه الأعراض المستعصية غير مفهومة جيدًا، لكنها على الأرجح مرتبطة بالالتهابات والعدوى في أعصاب اليدين والقدمين المرتبطة بفيروس (كوفيد -19)، كما يوضح "إيغور كورالنيك"، رئيس قسم الأمراض المعدية العصبية في مستشفى نورث وسترن ميموريال في شيكاغو.

ويقول "كورالنيك" :"في معظم الحالات ،يتحسن (التنميل والوخز) بمرور الوقت، وفي بعض الحالات، يمكن علاج الوخز والأعراض الأخرى للاعتلال العصبي بأدوية مثل (الجابابنتين)، وهو دواء يستخدم لمنع النوبات وتخفيف آلام الأعصاب".

فقدان الشم والتذوق

ربما يكون التأثير الأكثر تمييزًا لـ (كوفيد -19) على الحواس هو تأثيره على حاسة الشم والذوق. ورغم أن فقدان الرائحة الناجم عن الفيروسات موجودًا قبل أن يسمع أي شخص عن (كوفيد -19) ، لكن النسبة المئوية للأشخاص الذين يعانون من خلل في الرائحة أو فقدانها أعلى بكثير مع هذا الفيروس مقارنة بأنواع العدوى الأخرى، كما يقول الخبراء.

ووجدت مراجعة للدراسات المنشورة في عام 2020 أنه من بين 8 آلاف شخص مصاب بفيروس (كوفيد -19 )المؤكد، عانى 41 % من مشاكل الرائحة و 38 % أبلغوا عن مشاكل في التذوق، وعندما يفقد الأشخاص المصابون حاسة الشم،  فإنهم يفقدونها في جميع الروائح، وليس فقط بنوع واحد من الرائحة. وبشكل عام، هناك نوعان رئيسيان من فقدان حاسة الشم، أحدهما له علاقة بمرض (كوفيد -19)، وهو فقدان الرائحة الموصلة عندما يمنع احتقان الأنف أو انسداده جزيئات الرائحة من المرور إلى تجويف الأنف، وينطوي فقدان الرائحة الحسية العصبية على تلف أو خلل في الخلايا العصبية الشمية .

ويقول "جاستن تورنر"، الأستاذ المساعد في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت ومدير مركز فاندربيلت للشم والتذوق "نعتقد أن هذا ينبع من الضرر الذي لحق بالخلايا الداعمة التي تعيش في الأنف والمعرضة بشكل خاص للإصابة بالفيروس". ويوضح تيرنر أنه مع تعافي الأشخاص من (كوفيد -19) ، يمكن للخلايا المتجددة أن تبدأ في العمل وتكوين خلايا عصبية وظيفية جديدة، ويسمح هذا لمعظم الناس باستعادة حاسة الشم بعد ستة إلى ثمانية أسابيع من الإصابة، قد يصف الأطباء الستيرويدات الجهازية أو الموضعية وأحيانًا تكييف الرائحة، والذي يتضمن التعرض المتكرر للزيوت الأساسية التي لها روائح مختلفة، فهذا مثل المعادل الشمي للعلاج الطبيعي.

ويوضح "تيرنر": "ما نفعله هو تعريض نظام الشم لهذه الروائح ومساعدة الدماغ على تكوين روابط جديدة، وبمجرد حدوث الضرر للخلايا العصبية، نعتمد على القدرة التجديدية في نظام حاسة الشم لمساعدة الأشخاص على استعادة حاسة الشم لديهم". وعادة ما يترافق فقدان حاسة التذوق مع فقدان حاسة الشم، كما يقول "مايكل بينينجر"، الأستاذ ورئيس قسم طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحة الرأس والعنق في كلية كليفلاند كلينيك ليرنر للطب. ويقول "نحن لا نرى أشخاصًا فقدوا بالفعل حاسة التذوق مع عدوى (كوفيد -19)، ولكن عندما يفقد الناس حاسة الشم، يتضاءل مذاقهم، مما يعني أن قدرتهم على التمييز بين النكهات المختلفة تضيع.

المصدر: Nationalgeographic