نساء.. وعسل
من المذهل للوهلة الأولى أن يرى المرء أيقونة جمال يتجمع النحل حولها. لكن نظرة متفحصة تكشف لنا حكاية أعمق عن التوازن الهش بين البشر وهذه الحشرات التي تلقح كثيرًا من طعامنا. فقد سعت "أنجلينا جولي" للفت الانتباه إلى ضرورة حماية النحل وإلى برنامـج "نسـاء مـن أجل النحل"، وهو برنامج أطلقته منظمة "اليونسكو" بشراكة مع شركة العطور الفرنسية "غيرلان"، ويتولى تدريب النساء على تربية النحل في 25 محمية من محميات المحيط الحيوي من إثيوبيا إلى الصين. واستوحى المصور "دان وينترز"، وهو أحد هواة تربية النحل، الفكرة من صورة التقطها "ريتشارد أفيدون" في عام 1981 لنحّال كان صدره العاري مغطى بالنحل. أما جولي، فقد استمدت الفكرة من منظورات مختلفة: النحل بوصفه ركيزة لا غنى عنها لإمداداتنا الغذائية، وتعرضه لتهديد الطفيليات والمبيدات الحشرية وفقدان الموائل وتغير المناخ.. والشبكة العالمية للنساء اللواتي ستحميه.
وتعتمد ثلاثة من أصل كل أربعة محاصيل غذائية رئيسة اعتمادًا جزئيًا على الكائنات الملقّحة، ومنها نحل العسل، الذي عانى نفوقًا جماعيًا خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية. وترى جولي أن ثمة روابط بين البيئة السليمة والأمن الغذائي وتمكين المرأة. "ففي خضم الكثير مما يثير قلقنا في جميع أنحاء العالم ومع سيادة شعور العجز لدى العديد من الناس جرّاء الأنباء السيئة"، تقترح جولي حلولًا ملموسة لهذا التحدي. "إنه تحدٍّ يمكننا مجابهته".
أنت نصيرة منذ 20 عامًا للفئات الضعيفة من السكان، وخاصة النساء والأطفال. ما الصلة بين الأشخاص المعرضين للخطر والتهديدات التي يتعرض لها النحل؟
يُجبَر كثيرٌ من الأشخاص المعرضين للخطر على النزوح بسبب التغير المناخي أو الحروب التي ربما اندلعت من جرّاء صراع على تناقص الموارد الطبيعية. فتدمير البيئة وسلب مصادر العيش من بين الأسباب العديدة التي تدفع الناس إلى الهجرة أو النزوح أو القتال. فهذه كلها عناصر مترابطة.
وتضطلع الملقِّحات -بطبيعة الحال- بدور حيوي للغاية في حياتنا وبيئتنا. ولذا ينبغي لنا أن نفهم بطريقة علمية ما سيحدث إن فقدناها.
إن ما يعجبني هو أنه بدلًا من أن نقول: "نحن ماضون نحو فقدان النحل، وثمة أنواع معينة انقرضت أو ستنقرض"، نصرح علنًا فنقول "نعم، هذه هي الطريقة التي ينبغي للمرء أن يتبعها في الحماية". ينبغي أن يسود وعي أكبر بشأن المواد الكيميائية وإزالة الغابات. إن ما يبعث على الحماس هو أننا نعالج هذا الأمر بحلول ونمكِّن النساء من أجل كسب سبل عيشهن.
هناك بعض الطرق البسيطة التي يمكن لكل واحد منا أن يساعد بها: زراعة النباتات المحلية، وعدم استخدام المواد الكيميائية الضارة في أفنية بيوتنا وحدائقنا العامة.
لا أعتقد أن كثيرًا من الناس يدركون حجم الضرر الذي يتسببون فيه. فكثير منهم يتصرفون على سجيّتهم ويريدون فعل الخير لا إحداث الدمار. لكنهم ليسوا على علم تام بما يشترون ولا ما يستخدمون. لذلك أعتقد أن جزءًا من الحلول التي نحتاج إليها يتمثل في تيسير المعلومة للجميع؛ وأنا واحدة منهم أيضًا. لدي ستة أطفال والعديد من المشاغل، ولا أدَّعي إتقان كل شيء. ولذلك، إذا استطعنا مساعدة بعضنا بعضًا إلى الحد الذي نصل فيه إلى القول: "هذا تصرف سليم وبسيط، وهذه أمور يمكنك القيام بها مع أطفالك".
هل كان أطفالك وراء اهتمامك بالحفاظ على البيئة؟
من المؤكد أن وعيَهم بالبيئة يكبر مع تقدمهم في السن. إنها مشكلة في صميم مسؤوليات جيلهم. لكننا الآن على المحك. فالقرارات التي سنتخذها والأمور التي سنقوم بها في الأعوام العشرة أو العشرين المقبلة ستحدد ما إذا سيكون بإمكاننا العيش في هذا الكوكب. ومن المؤسف أنهم يدركون ذلك. فهو أمر صعب جدًا بالنسبة إليهم. لا أستطيع تخيل نفسي طفلة صغيرة مرة أخرى. فلم أكن أفكر، عندما كنت في سن الثانية عشرة تقريبًا، بشأن ما إذا كانت الأرض ستحافظ على وجودها بالطريقة نفسها وما إذا كان النحل سيظل حيًا ليواصل التلقيح.
يمارس نحل العسل شكلا من أشكال الديمقراطية إذ يقرر أفراده اختيار موقع عش جديد. ويبدو أنه أحد أوجه التماثل الرائع مع برنامج "نساء من أجل النحل". ما الداعي إلى إشراك النساء في تربية النحل، وكيف سيمنحهن ذلك صوتًا مسموعًا وقيادة ونفوذًا اقتصاديًا؟
تمتلك النساء القدرات الكافية. وهناك كثيرٌ من النساء في مجالات لا تتيح لهن الفرص. لكنهن متعطشات للتعلم؛ ولهن قدرات هائلة لاتخاذ القرارات المتصلة بالأعمال التجارية: تكوين شبكة أعمال، واكتساب أفضل سبُل لتربية النحل بالاستفادة من أحدث العلوم والأساليب، والقدرة على صنع منتج وبيعه.
وعندما تتعلم المرأة مهارةً، فإنها تُعلم النساء الأخريات والرجال الآخرين وأطفالها. ولذلك إذا كنت تريد القيام بشيء والترويج له، فعليك بالبحث عن امرأة ومساعدتها على فهم المشكلة، وستعمل بجد حتى يدرك كل فرد في المجتمع ما تريد.
لالتقاط هذه الصورة المذهلة، كان النحل يغطي جسمك فعليًا ويحوم أمام وجهك. كيف كان إحساسك؟
أخشى أن أبدو كمبَشِّرة لممارساتي البوذية، لكنني شعرت أنه من الرائع أن أكون على تواصل مع هذه الكائنات الجميلة. نعم، كان هناك طنين. وعلى المرء أن يكون ثابتًا ومدركًا لكل إحساس في جسمه في تلك اللحظة، وهو الأمر الذي لم يكن بالهيّن بالنسبة إلي. وأعتقد أن جزءًا مما كنت أفكر فيه عند التقاط الصورة هو النظرة التي يُنظر بها إلى هذا الكائن بوصفه خطيرًا في بعض الأحيان أو لاسعًا؛ فكيف لنا أن نتعايش معه؟ الفكرة من وراء الصورة هي أننا نتشارك وإيّاه هذا الكوكب ونؤثر في بعضنا بعضًا؛ وهذا ما ينبغي أن تكون عليه علاقتنا، وهو ما كانت عليه بالفعل؛ وقد شعرت بالفخر الشديد وبأنني جد محظوظة لأنني عشت هذه التجربة.
تسللت نحلة تحت فستاني وظلت معي طيلة الوقت. كان الأمر أشبه ما يكون بالأفلام الكوميدية القديمة. ظللت أشعر بها وهي تحط على ركبتي، ثم على ساقي.. حينها قلت في نفسي: يا إلهي، هذا أسوأ مكان يُلسع فيه المرء! ثم ظلت تقترب أكثر فأكثر. مكثَت هناك طيلة مدة التصوير. وبعدما أزيل النحل كله عني، رفعتُ التنورة فذهبت إلى حال سبيلها.
نساء.. وعسل
من المذهل للوهلة الأولى أن يرى المرء أيقونة جمال يتجمع النحل حولها. لكن نظرة متفحصة تكشف لنا حكاية أعمق عن التوازن الهش بين البشر وهذه الحشرات التي تلقح كثيرًا من طعامنا. فقد سعت "أنجلينا جولي" للفت الانتباه إلى ضرورة حماية النحل وإلى برنامـج "نسـاء مـن أجل النحل"، وهو برنامج أطلقته منظمة "اليونسكو" بشراكة مع شركة العطور الفرنسية "غيرلان"، ويتولى تدريب النساء على تربية النحل في 25 محمية من محميات المحيط الحيوي من إثيوبيا إلى الصين. واستوحى المصور "دان وينترز"، وهو أحد هواة تربية النحل، الفكرة من صورة التقطها "ريتشارد أفيدون" في عام 1981 لنحّال كان صدره العاري مغطى بالنحل. أما جولي، فقد استمدت الفكرة من منظورات مختلفة: النحل بوصفه ركيزة لا غنى عنها لإمداداتنا الغذائية، وتعرضه لتهديد الطفيليات والمبيدات الحشرية وفقدان الموائل وتغير المناخ.. والشبكة العالمية للنساء اللواتي ستحميه.
وتعتمد ثلاثة من أصل كل أربعة محاصيل غذائية رئيسة اعتمادًا جزئيًا على الكائنات الملقّحة، ومنها نحل العسل، الذي عانى نفوقًا جماعيًا خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية. وترى جولي أن ثمة روابط بين البيئة السليمة والأمن الغذائي وتمكين المرأة. "ففي خضم الكثير مما يثير قلقنا في جميع أنحاء العالم ومع سيادة شعور العجز لدى العديد من الناس جرّاء الأنباء السيئة"، تقترح جولي حلولًا ملموسة لهذا التحدي. "إنه تحدٍّ يمكننا مجابهته".
أنت نصيرة منذ 20 عامًا للفئات الضعيفة من السكان، وخاصة النساء والأطفال. ما الصلة بين الأشخاص المعرضين للخطر والتهديدات التي يتعرض لها النحل؟
يُجبَر كثيرٌ من الأشخاص المعرضين للخطر على النزوح بسبب التغير المناخي أو الحروب التي ربما اندلعت من جرّاء صراع على تناقص الموارد الطبيعية. فتدمير البيئة وسلب مصادر العيش من بين الأسباب العديدة التي تدفع الناس إلى الهجرة أو النزوح أو القتال. فهذه كلها عناصر مترابطة.
وتضطلع الملقِّحات -بطبيعة الحال- بدور حيوي للغاية في حياتنا وبيئتنا. ولذا ينبغي لنا أن نفهم بطريقة علمية ما سيحدث إن فقدناها.
إن ما يعجبني هو أنه بدلًا من أن نقول: "نحن ماضون نحو فقدان النحل، وثمة أنواع معينة انقرضت أو ستنقرض"، نصرح علنًا فنقول "نعم، هذه هي الطريقة التي ينبغي للمرء أن يتبعها في الحماية". ينبغي أن يسود وعي أكبر بشأن المواد الكيميائية وإزالة الغابات. إن ما يبعث على الحماس هو أننا نعالج هذا الأمر بحلول ونمكِّن النساء من أجل كسب سبل عيشهن.
هناك بعض الطرق البسيطة التي يمكن لكل واحد منا أن يساعد بها: زراعة النباتات المحلية، وعدم استخدام المواد الكيميائية الضارة في أفنية بيوتنا وحدائقنا العامة.
لا أعتقد أن كثيرًا من الناس يدركون حجم الضرر الذي يتسببون فيه. فكثير منهم يتصرفون على سجيّتهم ويريدون فعل الخير لا إحداث الدمار. لكنهم ليسوا على علم تام بما يشترون ولا ما يستخدمون. لذلك أعتقد أن جزءًا من الحلول التي نحتاج إليها يتمثل في تيسير المعلومة للجميع؛ وأنا واحدة منهم أيضًا. لدي ستة أطفال والعديد من المشاغل، ولا أدَّعي إتقان كل شيء. ولذلك، إذا استطعنا مساعدة بعضنا بعضًا إلى الحد الذي نصل فيه إلى القول: "هذا تصرف سليم وبسيط، وهذه أمور يمكنك القيام بها مع أطفالك".
هل كان أطفالك وراء اهتمامك بالحفاظ على البيئة؟
من المؤكد أن وعيَهم بالبيئة يكبر مع تقدمهم في السن. إنها مشكلة في صميم مسؤوليات جيلهم. لكننا الآن على المحك. فالقرارات التي سنتخذها والأمور التي سنقوم بها في الأعوام العشرة أو العشرين المقبلة ستحدد ما إذا سيكون بإمكاننا العيش في هذا الكوكب. ومن المؤسف أنهم يدركون ذلك. فهو أمر صعب جدًا بالنسبة إليهم. لا أستطيع تخيل نفسي طفلة صغيرة مرة أخرى. فلم أكن أفكر، عندما كنت في سن الثانية عشرة تقريبًا، بشأن ما إذا كانت الأرض ستحافظ على وجودها بالطريقة نفسها وما إذا كان النحل سيظل حيًا ليواصل التلقيح.
يمارس نحل العسل شكلا من أشكال الديمقراطية إذ يقرر أفراده اختيار موقع عش جديد. ويبدو أنه أحد أوجه التماثل الرائع مع برنامج "نساء من أجل النحل". ما الداعي إلى إشراك النساء في تربية النحل، وكيف سيمنحهن ذلك صوتًا مسموعًا وقيادة ونفوذًا اقتصاديًا؟
تمتلك النساء القدرات الكافية. وهناك كثيرٌ من النساء في مجالات لا تتيح لهن الفرص. لكنهن متعطشات للتعلم؛ ولهن قدرات هائلة لاتخاذ القرارات المتصلة بالأعمال التجارية: تكوين شبكة أعمال، واكتساب أفضل سبُل لتربية النحل بالاستفادة من أحدث العلوم والأساليب، والقدرة على صنع منتج وبيعه.
وعندما تتعلم المرأة مهارةً، فإنها تُعلم النساء الأخريات والرجال الآخرين وأطفالها. ولذلك إذا كنت تريد القيام بشيء والترويج له، فعليك بالبحث عن امرأة ومساعدتها على فهم المشكلة، وستعمل بجد حتى يدرك كل فرد في المجتمع ما تريد.
لالتقاط هذه الصورة المذهلة، كان النحل يغطي جسمك فعليًا ويحوم أمام وجهك. كيف كان إحساسك؟
أخشى أن أبدو كمبَشِّرة لممارساتي البوذية، لكنني شعرت أنه من الرائع أن أكون على تواصل مع هذه الكائنات الجميلة. نعم، كان هناك طنين. وعلى المرء أن يكون ثابتًا ومدركًا لكل إحساس في جسمه في تلك اللحظة، وهو الأمر الذي لم يكن بالهيّن بالنسبة إلي. وأعتقد أن جزءًا مما كنت أفكر فيه عند التقاط الصورة هو النظرة التي يُنظر بها إلى هذا الكائن بوصفه خطيرًا في بعض الأحيان أو لاسعًا؛ فكيف لنا أن نتعايش معه؟ الفكرة من وراء الصورة هي أننا نتشارك وإيّاه هذا الكوكب ونؤثر في بعضنا بعضًا؛ وهذا ما ينبغي أن تكون عليه علاقتنا، وهو ما كانت عليه بالفعل؛ وقد شعرت بالفخر الشديد وبأنني جد محظوظة لأنني عشت هذه التجربة.
تسللت نحلة تحت فستاني وظلت معي طيلة الوقت. كان الأمر أشبه ما يكون بالأفلام الكوميدية القديمة. ظللت أشعر بها وهي تحط على ركبتي، ثم على ساقي.. حينها قلت في نفسي: يا إلهي، هذا أسوأ مكان يُلسع فيه المرء! ثم ظلت تقترب أكثر فأكثر. مكثَت هناك طيلة مدة التصوير. وبعدما أزيل النحل كله عني، رفعتُ التنورة فذهبت إلى حال سبيلها.