لماذا تنفض الثعابين ألسنتها؟

اكتشف العالم الأهمية الحقيقية لألسنة الثعابين متأخرًا مع ملاحظة عضوين شبيهين بالبصيلات يقعان مباشرة فوق فم الثعبان.

نجحت الثعابين قبل أكثر من 180 مليون سنة في تطوير واحدة من أهم سماتها شهرة وهي لسانها الطويل النفضي المتشعب، هذه الألسنة الغريبة لعبت دورًا رئيسيًا في بقاء الثعابين على كوكب الأرض. 

كان هناك اعتقاد لدى البشر أن الثعابين تستخدم ألسنتها كمصدر للسم وهو الاعتقاد الذي ترسخه عشرات الأساطير في الحضارات والأديان القديمة، فقد كان الاعتقاد الثابت أن اللسان المندفع من الثعبان هو لدغة سامة. ثم ظهرت نظريات في القرنين السابع عشر والثامن عشر تتحدث عن استخدام الثعابين ألسنتها من أجل التقاط الأوساخ من أنوفها كما كتب "جيوفاني باتيستا" عالم الفلك والطبيعة في القرن السابع عشر الميلادي. في المقابل، كان "جان بابتيست لامارك"، عالم الطبيعة الفرنسي، يرى أن الرؤية المحدودة للثعابين أجبرتها على استخدام ألسنتها، اعتقادًا منه أن اللسان يعمل كأداة اتصال، وظل هذا الرأي سائدًا حتى حلول نهاية القرن التاسع عشر الميلادي.

ولكن الحقيقة تبدو مغايرة تمامًا، فالثعبان يمرر لسانه للتعرف على محيطه من خلال تذوق الهواء لتعويض ضعف البصر والسمع لديه، فهذه الوظيفة الغريبة للسان طورها أسلاف الثعابين قبل ملايين السنوات في وقت كانت الديناصورات تتنقل عبر الغابات الرطبة، ليختار أجداد الثعابين الاختباء تحت الأرض والتأقلم مع الشقوق الضيقة عبر الجسم الطويل والنحيل، ونجحت الثعابين خلال هذه الفترة في تطوير واحدة من أكثر سماتها شهرة، وهي لسانها الطويل النفضي المتشعب. 

يقول "كورت شوينك"، أستاذ علم البيئة وعلم الأحياء التطوري بجامعة كونيتيكت،:" بصفتي عالم أحياء تطوريًا، فأنا مفتون بهذه الألسنة الغريبة، والدور الذي لعبته في نجاح الثعابين في البقاء" ويشير" شوينك" إلى أن الدلائل على الأهمية الحقيقية لألسنة الثعابين قد بدأت في الظهور في أوائل القرن 20 عندما حوّل العلماء انتباههم إلى عضوين شبيهين بالبصيلات يقعان مباشرة فوق فم الثعبان، أسفل أنفه. تُعرف بأعضاء "جاكوبسون"، كل منها يفتح على الفم من خلال ثقب صغير.  وقد وجد العلماء أن هذه الأعضاء الأنفية هي في الواقع فرع من الأنف، مبطنة بخلايا حسية مماثلة ترسل نبضات إلى نفس الجزء من الدماغ مثل الأنف، واكتشفوا أن الجسيمات الدقيقة التي تلتقطها أطراف اللسان انتهى بها الأمر داخل أعضاء جاكوبسون وأن الثعابين تستخدم ألسنتها لتجميع ونقل الجزيئات إلى أعضائها الكيسية الأنفية ليس لتذوقها، ولكن لشمها.

في عام 1994، استخدم "شوينك" أدلة الأفلام والصور لإظهار أنه عندما تقوم الثعابين بأخذ عينات من المواد الكيميائية على الأرض، فإنها  تفصل أطراف ألسنتها عن بعضها تمامًا كما تلامس الأرض. ما يسمح لهم بأخذ عينات من جزيئات الرائحة من نقطتين منفصلتين على نطاق واسع في وقت واحد. ويتم توصيل كل طرف إلى أعضاء جاكوبسون الخاص به بشكل منفصل، مما يتيح لدماغ الثعبان بالتقييم الفوري للجانب الذي يحتوي على رائحة أقوى. وللثعابين طرفان لسان لنفس السبب الذي يجعلك تمتلك أذنين - فهي تزودهم برائحة اتجاهية أو "ستيريو" مع كل نقرة - وهي مهارة تبين أنها مفيدة للغاية عند تتبع آثار الرائحة التي خلفتها فريسة محتملة أو رفقاء.

السحالي ذات اللسان الشوكي، أبناء عمومة الثعابين ذات الأرجل، تفعل شيئًا مشابهًا جدًا. لكن الثعابين تأخذها خطوة أبعد. فعلى نقيض السحالي، عندما تجمع الثعابين جزيئات الرائحة في الهواء لتشمها، فإن ألسنتها المتشبعة تتأرجح لأعلى ولأسفل. ولتصور كيف يؤثر ذلك على حركة الهواء، استخدم "شوينك" ليزر مركّز في ورقة رقيقة من الضوء لإلقاء الضوء على جزيئات صغيرة معلقة في الهواء. ليكتشف أن لسان الأفعى يولد زوجين من كتل صغيرة من الهواء، أو دوامات تتحرك مثل المراوح الصغيرة وتسحب الروائح من كل جانب وتحركها مباشرة إلى مسار كل طرف لسان. ونظرًا لأن جزيئات الرائحة في الهواء قليلة ومتباعدة، يعتقد "شوينك" أن نقرة اللسان تعمل على تركيز الجزيئات وتسريع تجميعها على أطراف اللسان. إذ تشير البيانات الأولية أيضًا إلى أن تدفق الهواء على كل جانب يظل منفصلًا بدرجة كافية حتى تستفيد الثعابين من نفس رائحة "الاستريو" التي تحصل عليها من الروائح على الأرض وهي سمة لا تمتلكها الكثير من الحيوانات. 

المصدر: The Conversation

لماذا تنفض الثعابين ألسنتها؟

اكتشف العالم الأهمية الحقيقية لألسنة الثعابين متأخرًا مع ملاحظة عضوين شبيهين بالبصيلات يقعان مباشرة فوق فم الثعبان.

نجحت الثعابين قبل أكثر من 180 مليون سنة في تطوير واحدة من أهم سماتها شهرة وهي لسانها الطويل النفضي المتشعب، هذه الألسنة الغريبة لعبت دورًا رئيسيًا في بقاء الثعابين على كوكب الأرض. 

كان هناك اعتقاد لدى البشر أن الثعابين تستخدم ألسنتها كمصدر للسم وهو الاعتقاد الذي ترسخه عشرات الأساطير في الحضارات والأديان القديمة، فقد كان الاعتقاد الثابت أن اللسان المندفع من الثعبان هو لدغة سامة. ثم ظهرت نظريات في القرنين السابع عشر والثامن عشر تتحدث عن استخدام الثعابين ألسنتها من أجل التقاط الأوساخ من أنوفها كما كتب "جيوفاني باتيستا" عالم الفلك والطبيعة في القرن السابع عشر الميلادي. في المقابل، كان "جان بابتيست لامارك"، عالم الطبيعة الفرنسي، يرى أن الرؤية المحدودة للثعابين أجبرتها على استخدام ألسنتها، اعتقادًا منه أن اللسان يعمل كأداة اتصال، وظل هذا الرأي سائدًا حتى حلول نهاية القرن التاسع عشر الميلادي.

ولكن الحقيقة تبدو مغايرة تمامًا، فالثعبان يمرر لسانه للتعرف على محيطه من خلال تذوق الهواء لتعويض ضعف البصر والسمع لديه، فهذه الوظيفة الغريبة للسان طورها أسلاف الثعابين قبل ملايين السنوات في وقت كانت الديناصورات تتنقل عبر الغابات الرطبة، ليختار أجداد الثعابين الاختباء تحت الأرض والتأقلم مع الشقوق الضيقة عبر الجسم الطويل والنحيل، ونجحت الثعابين خلال هذه الفترة في تطوير واحدة من أكثر سماتها شهرة، وهي لسانها الطويل النفضي المتشعب. 

يقول "كورت شوينك"، أستاذ علم البيئة وعلم الأحياء التطوري بجامعة كونيتيكت،:" بصفتي عالم أحياء تطوريًا، فأنا مفتون بهذه الألسنة الغريبة، والدور الذي لعبته في نجاح الثعابين في البقاء" ويشير" شوينك" إلى أن الدلائل على الأهمية الحقيقية لألسنة الثعابين قد بدأت في الظهور في أوائل القرن 20 عندما حوّل العلماء انتباههم إلى عضوين شبيهين بالبصيلات يقعان مباشرة فوق فم الثعبان، أسفل أنفه. تُعرف بأعضاء "جاكوبسون"، كل منها يفتح على الفم من خلال ثقب صغير.  وقد وجد العلماء أن هذه الأعضاء الأنفية هي في الواقع فرع من الأنف، مبطنة بخلايا حسية مماثلة ترسل نبضات إلى نفس الجزء من الدماغ مثل الأنف، واكتشفوا أن الجسيمات الدقيقة التي تلتقطها أطراف اللسان انتهى بها الأمر داخل أعضاء جاكوبسون وأن الثعابين تستخدم ألسنتها لتجميع ونقل الجزيئات إلى أعضائها الكيسية الأنفية ليس لتذوقها، ولكن لشمها.

في عام 1994، استخدم "شوينك" أدلة الأفلام والصور لإظهار أنه عندما تقوم الثعابين بأخذ عينات من المواد الكيميائية على الأرض، فإنها  تفصل أطراف ألسنتها عن بعضها تمامًا كما تلامس الأرض. ما يسمح لهم بأخذ عينات من جزيئات الرائحة من نقطتين منفصلتين على نطاق واسع في وقت واحد. ويتم توصيل كل طرف إلى أعضاء جاكوبسون الخاص به بشكل منفصل، مما يتيح لدماغ الثعبان بالتقييم الفوري للجانب الذي يحتوي على رائحة أقوى. وللثعابين طرفان لسان لنفس السبب الذي يجعلك تمتلك أذنين - فهي تزودهم برائحة اتجاهية أو "ستيريو" مع كل نقرة - وهي مهارة تبين أنها مفيدة للغاية عند تتبع آثار الرائحة التي خلفتها فريسة محتملة أو رفقاء.

السحالي ذات اللسان الشوكي، أبناء عمومة الثعابين ذات الأرجل، تفعل شيئًا مشابهًا جدًا. لكن الثعابين تأخذها خطوة أبعد. فعلى نقيض السحالي، عندما تجمع الثعابين جزيئات الرائحة في الهواء لتشمها، فإن ألسنتها المتشبعة تتأرجح لأعلى ولأسفل. ولتصور كيف يؤثر ذلك على حركة الهواء، استخدم "شوينك" ليزر مركّز في ورقة رقيقة من الضوء لإلقاء الضوء على جزيئات صغيرة معلقة في الهواء. ليكتشف أن لسان الأفعى يولد زوجين من كتل صغيرة من الهواء، أو دوامات تتحرك مثل المراوح الصغيرة وتسحب الروائح من كل جانب وتحركها مباشرة إلى مسار كل طرف لسان. ونظرًا لأن جزيئات الرائحة في الهواء قليلة ومتباعدة، يعتقد "شوينك" أن نقرة اللسان تعمل على تركيز الجزيئات وتسريع تجميعها على أطراف اللسان. إذ تشير البيانات الأولية أيضًا إلى أن تدفق الهواء على كل جانب يظل منفصلًا بدرجة كافية حتى تستفيد الثعابين من نفس رائحة "الاستريو" التي تحصل عليها من الروائح على الأرض وهي سمة لا تمتلكها الكثير من الحيوانات. 

المصدر: The Conversation