الدندر: كنز الحياة البرية في السودان

محمية الدندر: كنز الحياة البرية في السودان
أكبر محمية سودانية وإحدى أكبر محميات إفريقيا تواجه ضغوطًا بسبب زيادة عدد سكان المناطق المحيطة بها، مع بحث القرويين عن أراضٍ زراعية جديدة.

في عام 2020 زُف إلى العالم خبر نجاة لبؤة من الموت بل وإنجابها 4 من الأشبال، كانت هذه اللبؤة سعيدة الحظ بعد أن تم نقلها من "حديقة حيوان القرشي" بوسط الخرطوم إلى "محمية الدندر الطبيعية" لتتلقى العلاج والرعاية الطبية.

الدندر، هي أكبر محمية في السودان وإحدى أكبر محميات إفريقيا، حيث تتجاوز مساحتها 10 آلاف كيلومتر مربع وتقع في ولاية سنار على بعد 400 كلم جنوب شرق الخرطوم بالقرب من "محمية ألاتاش" الإثيوبية. هذا الموقع المتميز بين الأراضي العشبية الشاسعة في منطقة الساحل والغابات الجبلية على مرتفعات إثيوبيا، ساهم في إثراء الحياة البرية في الدندر، إذ تعد المحمية موطن لأكثر من 40 نوعًا من الحيوانات و 260 نوعًا من الطيور ومحطة مهمة للطيور المهاجرة سنويًا.

منذ إعلان الدندر عام 1935 محمية طبيعية وحتى اليوم تغيرت كثيرًا التركيبة السكانية المحيطة بالمحمية، وزاد عدد السكان بشكل مطرد، ارتفع عدد أهالي القرى المنتشرة داخل المحمية وحتى المنطقة العازلة المحيطة بها، ما شكّل ضغطا كبيرا على الحياة البرية خاصة مع بحث هؤلاء السكان عن أراضي جديدة لزراعة المحاصيل. من جهة أخرى، تزداد تعديات الرعاة على أراضي المحمية، بحثا عن مراعٍ طبيعية تتغذى عليها ماشيتهم، وبات البشر يزاحمون الكائنات البرية في حياتها.

محمية الدندر تضم أكثر من 40 نوعًا من الحيوانات و260 نوعًا من الطيور على مساحة تتجاوز 10 آلاف كيلومتر.

هذه الضغوط البشرية تهدد الحياة البرية في الدندر، وفقًا لـ "عمر محمد"، مسؤول محطة أبحاث الحياة البرية في المحمية، مضيفًا أن الزرافات تقع أيضًا ضحية للاعتداءات على المحمية بسبب "الصيد الممنوع". وبحسب عدد من القرويين فإنهم يحاولون اتباع القيود التي تنظم الحياة في المحميات الطبيعية، لكنهم يؤكدون حاجتهم الملحة إلى مزيد من الأراضي لتوفير الطعام. ويقول "أبو بكر إبراهيم"، مزارع سوداني من قرية ماي كاراتو الواقعة على الضفة الغربية لنهر الرهد الذي يجري عبر المحمية: "نحن نستخدم الزراعة الطبيعية ونحاول جعل مواشينا ترعى داخل القرى"، إلا أنه يشكو صعوبة البقاء داخل حيز القرى "لأن المساحة [في القرية] صغيرة جدًا ونحتاج مساحات أكبر". ويوضح إبراهيم أن "عدد سكان قريتنا وحدها يقرب من ألفي شخص"، مضيفًا أن الأراضي التي تبلغ مساحتها خمسة كيلومترات مربعة تُعد "صغيرة جدًا"، مشيرًا إلى أن المحمية شاسعة لذا "فإن منحنا مساحة أكبر لن يضر". لكن حماة البيئة لهم رأي مختلف، إذ يقول عمر محمد: "توسيع القرى سيكون له تأثير سلبي للغاية وضار بالمحمية، ويزعج الحيوانات، ويقلل من مساحات الرعي الخاصة بها". ويرى محمد أن "أفضل شيء هو نقل القرى التي تقع داخل المحمية إلى أماكن بها خدمات خارجها. لكن هذا ليس سهلًا لأن الناس سوف يرفضون ترك قراهم".


ولا تقف تعديات البشر عند الزحف على الأراضي فغالبًا ما يجمع القرويون العسل البري من غابات المحمية لسد جوعهم، عن طريق إضرام النيران في الأشجار وانتشار الأدخنة لإبعاد النحل في انتهاك صريح لقواعد المحمية. ويبحث حارسو الغابات والمحميات من جانبهم عن المخالفين الذين قد تصل عقوباتهم إلى الغرامات الباهظة أو ستة أشهر في السجن حسب حجم المخالفة. ويقول الحارس "محمد ماكي": "نحاول ملاحقتهم لكنهم يهربون في بعض الاحيان قبل وصولنا". ورغم ما تعانيه الدندر من تعديات بشرية إلا أنها ما تزال تحتفظ برونقها البري، فهي لم تفقد كل شيء فمشاهدة قطيع من الضباع والأسود والقطط البرية ليلًا في ضوء القمر هو مشهد يومي مألوف.

المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية

الدندر: كنز الحياة البرية في السودان

محمية الدندر: كنز الحياة البرية في السودان
أكبر محمية سودانية وإحدى أكبر محميات إفريقيا تواجه ضغوطًا بسبب زيادة عدد سكان المناطق المحيطة بها، مع بحث القرويين عن أراضٍ زراعية جديدة.

في عام 2020 زُف إلى العالم خبر نجاة لبؤة من الموت بل وإنجابها 4 من الأشبال، كانت هذه اللبؤة سعيدة الحظ بعد أن تم نقلها من "حديقة حيوان القرشي" بوسط الخرطوم إلى "محمية الدندر الطبيعية" لتتلقى العلاج والرعاية الطبية.

الدندر، هي أكبر محمية في السودان وإحدى أكبر محميات إفريقيا، حيث تتجاوز مساحتها 10 آلاف كيلومتر مربع وتقع في ولاية سنار على بعد 400 كلم جنوب شرق الخرطوم بالقرب من "محمية ألاتاش" الإثيوبية. هذا الموقع المتميز بين الأراضي العشبية الشاسعة في منطقة الساحل والغابات الجبلية على مرتفعات إثيوبيا، ساهم في إثراء الحياة البرية في الدندر، إذ تعد المحمية موطن لأكثر من 40 نوعًا من الحيوانات و 260 نوعًا من الطيور ومحطة مهمة للطيور المهاجرة سنويًا.

منذ إعلان الدندر عام 1935 محمية طبيعية وحتى اليوم تغيرت كثيرًا التركيبة السكانية المحيطة بالمحمية، وزاد عدد السكان بشكل مطرد، ارتفع عدد أهالي القرى المنتشرة داخل المحمية وحتى المنطقة العازلة المحيطة بها، ما شكّل ضغطا كبيرا على الحياة البرية خاصة مع بحث هؤلاء السكان عن أراضي جديدة لزراعة المحاصيل. من جهة أخرى، تزداد تعديات الرعاة على أراضي المحمية، بحثا عن مراعٍ طبيعية تتغذى عليها ماشيتهم، وبات البشر يزاحمون الكائنات البرية في حياتها.

محمية الدندر تضم أكثر من 40 نوعًا من الحيوانات و260 نوعًا من الطيور على مساحة تتجاوز 10 آلاف كيلومتر.

هذه الضغوط البشرية تهدد الحياة البرية في الدندر، وفقًا لـ "عمر محمد"، مسؤول محطة أبحاث الحياة البرية في المحمية، مضيفًا أن الزرافات تقع أيضًا ضحية للاعتداءات على المحمية بسبب "الصيد الممنوع". وبحسب عدد من القرويين فإنهم يحاولون اتباع القيود التي تنظم الحياة في المحميات الطبيعية، لكنهم يؤكدون حاجتهم الملحة إلى مزيد من الأراضي لتوفير الطعام. ويقول "أبو بكر إبراهيم"، مزارع سوداني من قرية ماي كاراتو الواقعة على الضفة الغربية لنهر الرهد الذي يجري عبر المحمية: "نحن نستخدم الزراعة الطبيعية ونحاول جعل مواشينا ترعى داخل القرى"، إلا أنه يشكو صعوبة البقاء داخل حيز القرى "لأن المساحة [في القرية] صغيرة جدًا ونحتاج مساحات أكبر". ويوضح إبراهيم أن "عدد سكان قريتنا وحدها يقرب من ألفي شخص"، مضيفًا أن الأراضي التي تبلغ مساحتها خمسة كيلومترات مربعة تُعد "صغيرة جدًا"، مشيرًا إلى أن المحمية شاسعة لذا "فإن منحنا مساحة أكبر لن يضر". لكن حماة البيئة لهم رأي مختلف، إذ يقول عمر محمد: "توسيع القرى سيكون له تأثير سلبي للغاية وضار بالمحمية، ويزعج الحيوانات، ويقلل من مساحات الرعي الخاصة بها". ويرى محمد أن "أفضل شيء هو نقل القرى التي تقع داخل المحمية إلى أماكن بها خدمات خارجها. لكن هذا ليس سهلًا لأن الناس سوف يرفضون ترك قراهم".


ولا تقف تعديات البشر عند الزحف على الأراضي فغالبًا ما يجمع القرويون العسل البري من غابات المحمية لسد جوعهم، عن طريق إضرام النيران في الأشجار وانتشار الأدخنة لإبعاد النحل في انتهاك صريح لقواعد المحمية. ويبحث حارسو الغابات والمحميات من جانبهم عن المخالفين الذين قد تصل عقوباتهم إلى الغرامات الباهظة أو ستة أشهر في السجن حسب حجم المخالفة. ويقول الحارس "محمد ماكي": "نحاول ملاحقتهم لكنهم يهربون في بعض الاحيان قبل وصولنا". ورغم ما تعانيه الدندر من تعديات بشرية إلا أنها ما تزال تحتفظ برونقها البري، فهي لم تفقد كل شيء فمشاهدة قطيع من الضباع والأسود والقطط البرية ليلًا في ضوء القمر هو مشهد يومي مألوف.

المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية