عـام العـزلة

عامٌ بالصورة: إغلاق وإجهاد وتوتر.. عالمنا المتباعد اجتماعيًا.

ثمة أنواع من العزلة تكون مقصودة، كالتي يعيشها رواد الفضاء ومتسلقو الجبال والرهبان؛ ولكن بالنسبة إلى معظمنا، يُعدّ التفاعل الاجتماعي شحنة كهربائية مانحة للحياة. وفي عام 2020، تم فصل التيار عن تلك الشحنة. ففي شهر مارس، تحول العالم شيئًا فشيئا إلى حالة عزلة: إذ تم حظر التجمعات، وإغلاق المدارس والمكاتب. وخيمت أوامر المكوث في المنزل بصمت رهيب على العالم؛ وأصبح أي مكان يعزز التفاعل الاجتماعي مُشبعًا بالخوف والاحتراس. وقد جعلنا عصر فيروس "كورونا" نعيد الاعتبار في تعريفاتنا للعزلة: هل يتعلق الأمر بانفصالنا عن أصدقائنا وعائلتنا؟ أم بكوننا عالقين خارج بلداننا؟ أم بابتعادنا عن أماكن عملنا ومؤسساتنا التعليمية؟
لمّا أصبحت البرازيل بؤرة للوباء، أغلق قاطنو مبنى "كوبان" السكني في ساو باولو على أنفسهم بالداخل خوفًا من انتشار الفيروس في هذا المبنى السكني الأكبر بأميركا اللاتينية. فحتى في وجود 1160 منزلًا مليئًا بالفنانين والمهندسين المعماريين والمصممين، غلب على الحياة في المبنى طابع الهدوء والوحدة. كان البقاء في المنزل امتيازًا. وأجبرت الوظائف الأساسية والضرورات المطلقة كثيرًا من الناس على الاختيار بين صحتهم ومسؤولياتهم. في مدينة بيرغامو بإيطاليا -إحدى بؤر انتشار "كوفيد19-" المبكرة- كان مدير الجنائز، "أنطونيو ريكياردي"، يخشى بشدة إصابة عائلته بالفيروس حتى إنه كان ينام على الأريكة في مكتبه شهرين كاملين. يتذكر ذلك قائلًا: "كنت أخشى الموت. لم أشعر بهذا الخوف قَط من قبل".
وأصبح الموت أيضًا حدثًا وحيدًا معزولًا. إذ أقيمت جنازة "ماري تيريز واسمير" (89 عامًا) خارج مدينة مولهاوس الصغيرة، والتي شكلت بؤرة لتفشي الجائحة في فرنسا. لم يُجرَ لها اختبار للكشف عن إصابتها بالفيروس، لكنها دفنت بوصفها ضحية له. في ظل الإغلاق، لم يحضر أصدقاؤها ولا عائلتها الجنازة. وعندما قام كاهن وأربعة من متعهدي دفن الموتى بوضعها في نعش مختوم، صلى المتعهّدون عليها وكأنهم من أفراد العائلة. 

عـام العـزلة

عامٌ بالصورة: إغلاق وإجهاد وتوتر.. عالمنا المتباعد اجتماعيًا.

ثمة أنواع من العزلة تكون مقصودة، كالتي يعيشها رواد الفضاء ومتسلقو الجبال والرهبان؛ ولكن بالنسبة إلى معظمنا، يُعدّ التفاعل الاجتماعي شحنة كهربائية مانحة للحياة. وفي عام 2020، تم فصل التيار عن تلك الشحنة. ففي شهر مارس، تحول العالم شيئًا فشيئا إلى حالة عزلة: إذ تم حظر التجمعات، وإغلاق المدارس والمكاتب. وخيمت أوامر المكوث في المنزل بصمت رهيب على العالم؛ وأصبح أي مكان يعزز التفاعل الاجتماعي مُشبعًا بالخوف والاحتراس. وقد جعلنا عصر فيروس "كورونا" نعيد الاعتبار في تعريفاتنا للعزلة: هل يتعلق الأمر بانفصالنا عن أصدقائنا وعائلتنا؟ أم بكوننا عالقين خارج بلداننا؟ أم بابتعادنا عن أماكن عملنا ومؤسساتنا التعليمية؟
لمّا أصبحت البرازيل بؤرة للوباء، أغلق قاطنو مبنى "كوبان" السكني في ساو باولو على أنفسهم بالداخل خوفًا من انتشار الفيروس في هذا المبنى السكني الأكبر بأميركا اللاتينية. فحتى في وجود 1160 منزلًا مليئًا بالفنانين والمهندسين المعماريين والمصممين، غلب على الحياة في المبنى طابع الهدوء والوحدة. كان البقاء في المنزل امتيازًا. وأجبرت الوظائف الأساسية والضرورات المطلقة كثيرًا من الناس على الاختيار بين صحتهم ومسؤولياتهم. في مدينة بيرغامو بإيطاليا -إحدى بؤر انتشار "كوفيد19-" المبكرة- كان مدير الجنائز، "أنطونيو ريكياردي"، يخشى بشدة إصابة عائلته بالفيروس حتى إنه كان ينام على الأريكة في مكتبه شهرين كاملين. يتذكر ذلك قائلًا: "كنت أخشى الموت. لم أشعر بهذا الخوف قَط من قبل".
وأصبح الموت أيضًا حدثًا وحيدًا معزولًا. إذ أقيمت جنازة "ماري تيريز واسمير" (89 عامًا) خارج مدينة مولهاوس الصغيرة، والتي شكلت بؤرة لتفشي الجائحة في فرنسا. لم يُجرَ لها اختبار للكشف عن إصابتها بالفيروس، لكنها دفنت بوصفها ضحية له. في ظل الإغلاق، لم يحضر أصدقاؤها ولا عائلتها الجنازة. وعندما قام كاهن وأربعة من متعهدي دفن الموتى بوضعها في نعش مختوم، صلى المتعهّدون عليها وكأنهم من أفراد العائلة.