اللمحـةالأولـى

في غرفة مُعقَّمة نظيفة بجامعة ستانفورد، يعاين الباحث المساعد، جون مارك كريكباوم، أقراص سيلكون من شأنها يوماً ما أن تسجل الإشارة الدقيقة لطاقة جزيئات المادة المظلمة التي يُعتقد أنها موجودة في كل مكان، لكنها لم تُرصد بعد. ولحماية الأقراص من صخب الأشعة...
بقلم: تيموثي فيريسعدسة: روبرت كلارككان يُقال في السابق إن علماء الكونيات، وهم المتخصصون في دراسة الكون من مهده إلى لحده، "عادةً ما يكونون على خطأ، لكن الشكوك لا تساورهم على الإطلاق". أما في زمننا الراهن فإنهم صاروا أقل ارتكاباً للخطأ، لكن دائرة شكوكهم...
بقلم: تيموثي فيريس
عدسة: روبرت كلارك

كان يُقال في السابق إن علماء الكونيات، وهم المتخصصون في دراسة الكون من مهده إلى لحده، "عادةً ما يكونون على خطأ، لكن الشكوك لا تساورهم على الإطلاق". أما في زمننا الراهن فإنهم صاروا أقل ارتكاباً للخطأ، لكن دائرة شكوكهم اتّسعت للغاية. فبعد عقود من البحث باستخدام مُعدات متطورة -من مَراقب (تلسكوبات) وحواسيبَ وأجهزة استشعار للضوء- يستطيع علماء الكونيات الآن القول بقدرٍ من الثقة إن الكون على الأرجح وُلد قبل 13 مليار و820 مليون سنة في شكل فقاعة فضاء لا تزن مثقال ذرة. كما تمكنوا من وضع أول خريطة تفوق دقتها عُشُر واحد بالمئة (0.001) لإشعاع الخلفية الكوني، وهو ضوء أُطلق عندما كان عُمر الكون لا يتجاوز 378 ألف سنة.
وخلص هؤلاء العلماء أيضاً إلى أن جميع النجوم والمجرات التي يرونها في السماء (اعتماداً على الأجهزة المتطورة وليس العين المجردة) لا تشكل سوى 5 بالمئة من جزء الكون المرئي. أما الجزء الكبير غير المرئي فيتشكّل من المادة المظلمة بنسبة 27 بالمئة ومن الطاقة المظلمة بنسبة 68 بالمئة. وتعد هاتان الأخيرتان لغزاً غامضاً. إذ يُعتقد أن المادة المظلمة مسؤولة عن "نحت" المجرات التي تشكل بنية الكون واسعة النطاق؛ لكن لا أحد يعرف ماهية تلك المادة. أما الطاقة المظلمة فهي أكثر غموضا، وقد استحدث مصطلحها العلمي هذا للدلالة على الشيء -أيا كانت ماهيته- الذي يُسَرّع معدل تمدد الكون واتساعه؛ ولذا اتفق العلماء على إنه "اسمٌ عامّ لما نجهله عن خصائص كوننا واسعة النطاق".
ونتيجة لذلك الغموض المزدوج، يجد علماء الكون أنفسهم اليوم في وضع شبيه بنوبة الجهل التي ابتلي بها الرئيس الأميركي الأسبق توماس جيفرسون عام 1804، عندما أرسل كُلاً من لويس و كلارك إلى صقع مجهول بأميركا الشمالية بحثاً عن فيَلة الماموث الصوفي (المنقرضة أصلاً). فلقد كان جيفرسون وصاحبَيه يعلمون أن تلك المنطقة، من نهر مسيسيبي إلى المحيط الهادي، كانت شاسعة ومهمة، لكن لم تكن لديهم سوى فكرة مبهمة عن طبيعة المخلوقات التي يُفترض أنها تعيش هناك.

التتمة في النسخة الورقية

اللمحـةالأولـى

في غرفة مُعقَّمة نظيفة بجامعة ستانفورد، يعاين الباحث المساعد، جون مارك كريكباوم، أقراص سيلكون من شأنها يوماً ما أن تسجل الإشارة الدقيقة لطاقة جزيئات المادة المظلمة التي يُعتقد أنها موجودة في كل مكان، لكنها لم تُرصد بعد. ولحماية الأقراص من صخب الأشعة...
بقلم: تيموثي فيريسعدسة: روبرت كلارككان يُقال في السابق إن علماء الكونيات، وهم المتخصصون في دراسة الكون من مهده إلى لحده، "عادةً ما يكونون على خطأ، لكن الشكوك لا تساورهم على الإطلاق". أما في زمننا الراهن فإنهم صاروا أقل ارتكاباً للخطأ، لكن دائرة شكوكهم...
بقلم: تيموثي فيريس
عدسة: روبرت كلارك

كان يُقال في السابق إن علماء الكونيات، وهم المتخصصون في دراسة الكون من مهده إلى لحده، "عادةً ما يكونون على خطأ، لكن الشكوك لا تساورهم على الإطلاق". أما في زمننا الراهن فإنهم صاروا أقل ارتكاباً للخطأ، لكن دائرة شكوكهم اتّسعت للغاية. فبعد عقود من البحث باستخدام مُعدات متطورة -من مَراقب (تلسكوبات) وحواسيبَ وأجهزة استشعار للضوء- يستطيع علماء الكونيات الآن القول بقدرٍ من الثقة إن الكون على الأرجح وُلد قبل 13 مليار و820 مليون سنة في شكل فقاعة فضاء لا تزن مثقال ذرة. كما تمكنوا من وضع أول خريطة تفوق دقتها عُشُر واحد بالمئة (0.001) لإشعاع الخلفية الكوني، وهو ضوء أُطلق عندما كان عُمر الكون لا يتجاوز 378 ألف سنة.
وخلص هؤلاء العلماء أيضاً إلى أن جميع النجوم والمجرات التي يرونها في السماء (اعتماداً على الأجهزة المتطورة وليس العين المجردة) لا تشكل سوى 5 بالمئة من جزء الكون المرئي. أما الجزء الكبير غير المرئي فيتشكّل من المادة المظلمة بنسبة 27 بالمئة ومن الطاقة المظلمة بنسبة 68 بالمئة. وتعد هاتان الأخيرتان لغزاً غامضاً. إذ يُعتقد أن المادة المظلمة مسؤولة عن "نحت" المجرات التي تشكل بنية الكون واسعة النطاق؛ لكن لا أحد يعرف ماهية تلك المادة. أما الطاقة المظلمة فهي أكثر غموضا، وقد استحدث مصطلحها العلمي هذا للدلالة على الشيء -أيا كانت ماهيته- الذي يُسَرّع معدل تمدد الكون واتساعه؛ ولذا اتفق العلماء على إنه "اسمٌ عامّ لما نجهله عن خصائص كوننا واسعة النطاق".
ونتيجة لذلك الغموض المزدوج، يجد علماء الكون أنفسهم اليوم في وضع شبيه بنوبة الجهل التي ابتلي بها الرئيس الأميركي الأسبق توماس جيفرسون عام 1804، عندما أرسل كُلاً من لويس و كلارك إلى صقع مجهول بأميركا الشمالية بحثاً عن فيَلة الماموث الصوفي (المنقرضة أصلاً). فلقد كان جيفرسون وصاحبَيه يعلمون أن تلك المنطقة، من نهر مسيسيبي إلى المحيط الهادي، كانت شاسعة ومهمة، لكن لم تكن لديهم سوى فكرة مبهمة عن طبيعة المخلوقات التي يُفترض أنها تعيش هناك.

التتمة في النسخة الورقية